Skip to main content

Full text of "154 Pdf كتاب يوسف القرضاوي في فقه الأولويات"

See other formats




LY MIG 
4 


pe فى م‎ ines 
صو من"‎ a 
tls) 


وروس فلم ضاری 
ركو راوس 


ae 


re 
7 5 Iso SIRE 


: 61 
a oe 
uate a 
عاد‎ . re j 
عر‎ sy agin) 
ravens gi 
القاهرة_ تا‎ 


الطبعة الثانية 


٦١٤۱ھ‏ _ 5ام 


حقوق الطبع محفوظة 


مقدمة 


الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات GU.‏ هدانا لهذا . وما كنا لنهتدى 
لولا أن هدانا الله » وصلوات الله وتسليماته على رحمته المهداة للعالمين » 
سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا محمد » وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان 
إلى يوم الدين . 


فهذه الدراسة التى أقدمها اليوم تتحدث عن موضوع أعتبره غاية فى الأهمية › 
لأنه يعالج قضية اختلال GUI‏ واضطراب الموازين - من الوجهة الشرعية - 
فى تقدير الأمور والأفكار والأعمال » وتقديم بعضها على بعض » وأيها 
يجب أن يقم ٠‏ وأيها ينبغى أن يؤخر » وأيها ترتيبه الأول » وأيها ترتيبه 
السبعين » فى سلم الأوامر الإلّهية والتوجيهات النبوية . ولا سيما مع ظهور 
ptt‏ فى ميزان الأولويات عند المسلمين فى عصرنا . 

وقد كنت أطلقت عليه من قبل اسم ١‏ فقه مراتب الأعمال » » واخترت له 
اليوم ومنذ سنوات مصطلح « فقه الأولويات » ؛ لأنه أشمل وأوسع وأدل على 
القصوة » 

وتحاول هذه الدراسة أن تلقى الضوء على مجموعة من الأولويات التى tle‏ 
بها الشرع » وقامت عليها الأدلة » عسى أن تقوم بدورها فى تقويم الفكر »› 
وتسديد المنهج « وتأصيل هذا النوع من الفقه . وحتى يهتدى بها العاملون فى 
الساحة الإسلامية والمنظّرون لهم > فيحرصوا على jot‏ ما قدمه الشرع 
وما tl‏ ه٠‏ وما شد فة وما ية +-ؤما عطمه الدين وما هون من أمره :+ 


لعل فى هذا ما يحد من غلو الغالين » وما يقابله من تفريط المفرطين » 
iS Gees cay‏ وى اا eee‏ 

ولا أزعم أن هذه دراسة كاملة مستوعبة » فهى فتح للباب . وتمهيد للطريق 
وقد يوفق الله لها من يزيدها تعميقاً وتأصيلاً . ولكل مجتهد نصيب . 

وأختم هذه الكلمات با قاله نبى الله شعيب عليه السلام فيما حكاه القرآن 
عنه را الس eg‏ 


5 
oe we ا‎ OC ww 


توکلت وإليه أن aor aoe‏ 
الدوحة : a‏ الآخر ١510‏ ه الموافق ( سبتمبر سنة ١494‏ م) . 
الفقير إلى عفو ربه 


3 ع 2 





۸ : هود‎ )١( 


(\) 


حاجة أمتنا إلى فقه الأولويات 


* 


A gt 


ما أسميته « فقه الأولويات » » وكنت أطلقت عليه قبل - وخصوصا فى كتابى ؛ 

1 الصحوة الإسلامية بين الححود والتطرف ) —» فقه wl‏ الأعمال ١‏ . 
وأعنى به : وضع كل شئ فى مرتبته بالعدل » من الأحكام والقيم 

والأعمال » ثم pa‏ الأولى فالأولى » بناء على معابير شرعية صحيحة » 


مړ اي no‏ 
7 


يهدى إليها نور الوحى ٠‏ ونور العقل : # نور على نور 4 237 . 
الراجح » ولا المفضول على الفاضل ٠»‏ أو الأفضل . 

بل يقدم ما حقه التقديم » ويؤخر ما حقه التأخير » ولا يكبّر الصغير › 
ولا oye:‏ الخطير » بل يوضع كل شئ فى موضعه بالقسطاس المستقيم » بلا 
طغيان ولا إخسار » كما قال تعالى : آ والسماء رفعها ووضع الميزان * 
ألا Gals‏ الميزان * وأقيموا الوزن بالقسط ولا Sealy att‏ 294 . 

وأساس هذا : أن al‏ والأحكام والأعمال والتكاليف متفاوتة فى نظر 
الشرع تفاوتا LL‏ » وليست كلها فى رتبة واحدة » فمنها الكبير ومنها الصغير › 
ومنها اللأصلى ومنها الفرعى . ومنها الأركان ومنها المكملاات » ومنها 
ما موضعه فى Chall‏ » وما موضعه فى الهامش ٠»‏ وفيها الأعلى والأدنى › 
والفاضل والمفضول . 

وهذا واضح من النصوص نفسها » كما فى قول الله تعالى : 8 أجعلتم 


4- ۷ : الرحمن‎ )۲( Yo: النور‎ )١( 


ales بالله واليوم الآخر‎ Gal الحرام كمن‎ eddies aes الْحَاجَ‎ alas 
* لا يهدى القوم الظالمين‎ ably > فی سبيل الله 6 لا يستوون عند اللّه‎ 
م عع و وي هدمو‎ ie 8 be ae ا‎ a gy SO te م‎ a 
وا .وجاهدرا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم‎ ola: | gale الله‎ 
1  € عند الله » وأولتك هم الْفَاعرُونَ‎ 5 

وقول الرسول الكريم : ١‏ الإيمان بضع وسبعون شعبة : أعلاها « لا إِلّه إلا 
الله ؛ » وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق » 29 . 

وقد كان الصحابة رضى الله عنهم حريصين كل الحرص على أن يعرفوا 
الأولى من الأعمال » ليتقربُوا إلى الله تعالى به » ولهذا كثرت أسئلتهم عن 
أفضل العمل » وعن أحب الأعمال إلى الله تعالى » كما فى سوال ابن مسعود 
وأبى ذر وغيرهما » وجواب النبى BE‏ عن أسئلتهم . ولذا كثر فى الأحاديث : 
أفضل الأعمال كذا » أو أحب الأعمال إلى الله كذا وكذا 9© . 

وأكتفى هنا بذكر حديث واحد : 

عن عمرو بن عبسة - رضى الله عنه - قال : قال رجل : يا رسول الله ؛ 
ما الإسلام ؟ قال : « أن يسلم لله قلبك ¢ وأن يسلم المسلمون من لسانك 
ويدك ct‏ قال : فأى الإسلام أفضل ؟ قال : « الإيمان » » قال : وما الإيمان؟ 
قال : « أن تؤمن dl‏ » وملائكته » وكتبه » ورسله > والبعث بعد الموت » » 





۲١ - 1۹ : التوبة‎ )١( 

» 8 يصع وستون‎  : الجماعة عن أبى هريرة : البخارى بلفظ‎ oly, الحديث‎ (Y) 
وفى رواية : « أو بضع وستون » » والترمذى : « بضع‎ ٠ بضع وسبعون ؛‎ ١ : ومسلم‎ 
BLM « وأبو داود فى‎ . ٠ والنسائى كلهم فى كتاب « الإيمان‎ ٠ وسبعون ؛‎ 
. » المقدمة‎ ١ وابن ماجه فى‎ 

(۳) مثل : « أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح » تخشى الفقر وتأمل 
الغنى ٠‏ . « أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر » » « أحب الأعمال إلى الله أدومها 
إن قل Pe ٩‏ خير دينكم أيسره » . 


قال : فا الإيمان أفضل ؟ قال : « الهجرة » ١‏ قال : وما الهسجرة ؟ قال : 
ob : aie ١‏ الهجرة أفضل ؟ قال : ٠‏ الجهاد » » قال : 
وما الجهاد ؟ قال : ١‏ أن ple‏ الكفار إذا لقيتهم » ٠»‏ قال : فأى الجهاد 
أفضل ؟ قال : ١‏ من عقر جواده وأهريق دمه mor‏ 
ومن تتبع ما جاء فى القرآن الكريم اجا الطيرة فی هذا 
bell‏ » جواباً عن سؤال » أو بياناً لحقيقة » رأى أنها قد وضعت أمامنا 
جملة معايير لبيان الأفضل والأولى والأحب إلى الله تعالى من الأعمال والقيم 
والتكاليف ٠.‏ وبيان ما بينها من تفاوت كبير »> ذكرت بعض الأحاديث نسبه » 
مثل : « صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ ( الفرد ) بسبع وعشرين درجة » ١‏ 
« سبق درهم BL‏ ألف درهم ١ »  »‏ رباط يوم وليلة خير من صيام شهر 
وقيامه » ۶ » ١‏ إن مقام أحدكم فى سبيل الله أفضل من صلاته فى بيته سبعين 
عاما» (°) . 


وفى الحانب المقابل وضعت معايير old‏ الأعمال السيئة » كما بينت تقاوتها 


)١(‏ قال المنذرى فى الترغيب والترهيب : رواه أحمد بإسناد صحيح ٠‏ ورواته محتج 
بهم فى الصحيح . والطبرانى وغيره » وقال الهيثمى (۳/ ۲۰۷) : رواه أحمد والطبرانى 
ورجاله رجال الصحيح . 

)1( متفق عليه عن ابن عمر ء كما فى اللؤلؤ والمرجان )۴۸١(‏ . 

)1( تتمة الحديث : « رجل له درهمان أخل أحدهما فتصدق به ( يعنى : تصدق 
بنصف ماله » وهو أحوج ما يكون Ca‏ ورجل له مال كثير » فأخذ من عرضه مائة 
ألف . فتصدق بها » oly)‏ النسائى : 16/05 » وابن خزيمة (MEET)‏ © وابن حبان 
(YTEY)‏ والحاكم عن أبى هريرة وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبى (11/1) . 

oly) (£)‏ أحمد ومسلم والترمذى عن سلمان » وأحمد عن عبد الله بن عمرو 6 كما 
فى صحيح الجامع الصغير ( PEAT (0) ۳٤۸۱ (.) ۳٤۸۰‏ 

)0( رواه الترمذى عن أبى هريرة وحسنه )٠١١١(‏ . والحاكم وصححه على شرط 
مسلم ووافقه الذهبى : 1۸/۲ ٠‏ وفيه : « ستين عام » » ورواه أحمد عن أبى آمامة . 


\\ 


عند الله »> من كبائر وصغائر 3 وشبهات ومكروهات ¢ وذكرت tli‏ بعضص 
النسب بين بعضها وبعض » مثل : ١‏ درهم ربا يأكله الرجل » وهو يعلم › 
ane atl‏ الله مق ستعة ولان ON 6 ass‏ 

ودرک فق :اعمال ا ا قرا مو ضرعا راسو ا ها eee alg‏ 
حديث : « شر ما فى الرجل : شح هالع yey‏ خالع 6 

, مط‎ Yad c adily يساق‎ gal ذفن الاس‎ 

« شرار أمتى : الثرثارون المتشدقون المتفيهقون » وخيار أمتى : أحاستهم 
BE‏ » 29 , 
وأبخل الناس : من بخل بالسلام » (° . 

كما بين القرآن أن الئاس ليسوا متساوين فى منازلهم » وإن كانوا متساوين 
فى إنسانيتهم بأصل الخلقة » وإنما هم متفاوتون بعلومهم وأعمالهم تفاوتاً بعيداً . 

ت 2 Ff 02 vag‏ 6 عرس وس لو - 074 ص ل one‏ 0 

يقول القرآن  :‏ يا أيها التاس Cy‏ خلقتاكم من IS‏ وأنتى وجعلتاكم 

شعوباً وقبائل لتعارفوا 1 إن أكرمكم عند الله oe 4 Stal‏ 


4 8 سر 3 ر قم a‏ ص اس قرا I pry Pa i 2 JS‏ ص (Vv)‏ 
BP‏ هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلّمون € . 


)\( رواه أحمد والطبرانى عن عبد الله بر حنظلة . كماد 7 الحا | 9 
wn‏ فى C co‏ 2 
(TTY0)‏ . 


00 رواه البخارى فى التاريخ gly‏ داود عن أبى هريرة ( المصدر السابق : ۳۷٠۹‏ ). 
)1 رواه أحمد والشيخان والترمذى وابن حبان عن ابن عباس ( المصدر نفسه : 04ا”) . 
)2( رواه البخارى فى الأدب المفرد عن أبى هريرة ( المصدر نفسه : 7/085؟) . 

oly (0)‏ الطبرانى فى الأوسط عن عبد الله بن مغفل ( المصدر نفسه : 455) . 

4 : الزمر‎ CY) ١۳ : إلحجرات‎ CV) 


۱۲ 


For سے‎ 


Sg Y $‏ القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى 
سَبيل الله ؛ بأمراليم Ja eh‏ الله المجاهدين بأمواليم ee‏ 
على القَاعدِينَ درجة » وكلا وعد الله الْحستّى » Pad,‏ الله المجاهدين 
على pst‏ أجراً عظيماً * درجات iia ‘ae‏ تحن ركان اللا 
tae) Lyte‏ 4 27 . 

> وما يستوى الأعمى والتصير ؛ # ولا oth‏ ولا ‘el‏ * ولا “fh‏ 
Vs‏ ابعر ور وا Sgt‏ الأحيّاء ولا الأموات » 29 . 

7 م I‏ الكتاب الَّذِينَ اصطفيتا من Cals‏ « فَمنهم ظالم لُنفْسه 
wht) “uate gees‏ سابق of sdb‏ بإذن الله € . 

وهكذا نجد أن الئاس يتفاوتون ويتفاضلون » LS‏ تتفاوت الأعمال 


: ولكن تفاضلهم إنما هو بالعلم والعمل والتقوى والجهاد‎ 2 poles 





YY - ۱۹ : bb )۲( 45-96 : الساء‎ (1) 
۲ : فاطر‎ )۳( 


1 


حاجة أمتنا اليوم إلى فقه الأولويات 


0 اختلال ميزان الأولويات فى الأمة : 
من نظر إلى حياتنا فى جوانبها المختلفة - مادية كانت أو معنوية » فكرية 
أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو غيرها - وجد ميزان الأولويات فيها 
مختلاً كل الاختلال . 
نجد فى كل أقطارنا العربية والإسلامية مفارقات عجيبة : 
ما يتعلق بالفن والترفيه مقدّم أبداً على ما يتعلق بالعلم والتعليم . 
وفى الأنشطة الشبابية : نجد الاهتمام برياضة الأبدان Lads‏ على الاهتمام 
برياضة العقول » وكأن معنى رعاية الشباب : رعاية GILL‏ اللسمانى 
فيهم لا غير » فهل الإنسان بجسمه أو بعقله ونفسه ؟ 
كنا نحفظ قديماً من قصيدة أبى الفتح البستى الشهيرة : 
يا pole‏ الجسم كم تسعى لخدمته أتطلب الربح مما فيه خسران ؟ 
أقبل على النفس ٠‏ واستكمل فضائلها فأنت بالنفس - لا بالجسم - إنسان ! 
وقبله حفظنا عن زهير بن أبى سلمة فى معلقته : 
لسان الفتى نصف » ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللّحم والدم ! 
LE,‏ نرى اليوم : أن الإنسان بجسمه وعضلاته قبل كل شى . 
وفى الصيف الماضى (سنة ۱۹۹۳) لم يكن pal‏ كلها حديث » إلا عن 
اللاعب الذى ؛ يعرّض ؛ للبيع ٠‏ وارتفع سعره فى سوق المساومة بين الأندية 
حتى بلغ نحو BU‏ أرباع المليون من الجنيهات ! 


14 


وليتهم اهتموا بكل أنواع الرياضة 6 Le pars‏ التى ينتفع بها جماهير 
القدم » التى يلعب فيها عدة أفراد » وسائر الناس متفرجون !! 

إن نجوم المجتمع ¢ els‏ الأسماء فيه » ليسوا هم العلماء ولا الأدباء 3 ولا أهل 
الفكر أو الدعوة » بل هم الذين يسمونهم « الفنانين والفنانات » ولاعبو 
الكرة 6 وأمثالهم : 

الصحف والمجلات ¢ والتليفزيونات والإذاعات لا حديث لها إلا عن 
هو لاء وأعمالهم 0 وبطولاتهم « ومغامراتهم وأخبارهم مهما تكن تافهة 
أما غيرهم فهم فى ظل الظل ٠»‏ بل فى أودية الصمت والنسيان . 

يموت الفنان » فترتج الأرض لوته 3 وتمتلئ أنهار الصحف بالحديث عنه i‏ 

ويمحوت العالم أو الأديب أو الأستاذ الكبير 4 فلا يكاد يحس به أحد ! 

وفى الجانب المالى : ترصد المبالغ الهائلة » والأموال الطائلة للرياضة 
والفن ورعاية الإعلام وحماية أمن الحاكم 0 الذى يسمونه زوراً « أمن الدولة » 

فى حين تشكو الحوانب التعليمية والصحية والدينية والخدمات الأساسية 6 
من التقتير عليها » وادعاء العجز والتقشف إذا طلبت بعض ما تريد لتطوير 
نفسها © ومواكبة عصرها » فالأمر كما قيل : تقتير هنا » وإسراف هناك ! 
على نحو ما قاله ابن المقفع قديماً : ما رأيت إسرافاً إلا وبجانبه حق مضيع ! 

2 a 

© إخلال المتدينين اليوم بفقه الأولويات : 

منهم 2 بل الإخلال واقع من المنتسبين إلى التدين ذاته » لفقدان الفقه 


الرشيد 2 والعلم الصحيح . 


إن العلم هو الذى يبين راجح الأعمال من مرجوحها . وفاضلها من 
مفضولها » كما يبين صحيحها من فاسدها ¢ ومقبولها من مردودها » 
ومسنونها من مبتدعها » ويعطى كل عمل ١‏ سعره ٩‏ وقيمته فى نظر الشرع . 

وكثيراً ما نجد الذين حرموا نور العلم ورشد الفقه » يذيبون الحدود بين 
الأعمال فلا تتمايز » أو ييحكمون عليها بغير ما حكم الشرع ٠»‏ فيفرطون 
أو Usb si‏ » وهنا يضيع الدين بين الغالى فيه والجافى عنه . 

وكثير ما رأينا مثل هؤلاء - مع إخلاصهم - يشتغلون بمرجوح العمل »› 
ويدعون راجحه » وينهمكون فى المفضول ¢ ويغفلون الفاضل . 

وقد يكون العمل الواحد فاضلاً فى وقت مفضولاً فى وقت آخحر » راجحا 
فى حال مرجوحا فى آخر » ولكنهم - لقلة علمهم وفقههم - لا يفرقون بين 
الوقتين » ولا يميزون بين الحالين . 

رأيت من المسلمين الطيبين فى أنفسهم من يتبرع ببناء مسجد فى بلد حافل 
بالمساجد » قد يتكلف نصف مليون أو مليوناً أو أكثر من الجنيهات أو الدولارات » 
فإذا طالبته ببذل مثل هذا المبلغ أو نصفه أو نصف نصفه فى نشر الدعوة إلى 
الإسلام » أو مقاومة الكفر والإلحاد » أو فى تأييد العمل الإسلامى لوقامة 
الشرع وتمكين الدين » أو نحو ذلك من الأهداف الكبيرة التى قد تجد الرجال 
ولا تجد المال « فهيهات of‏ تجد أذنآً صاغية » أو إجابة ملبية » لأنهم يؤمنون 
ببناء الأحجار » ولا يؤمنون ببناء الرجال ! 

وفى موسم الج من كل عام أرى أعداداً غفيرة من المسلمين الموسرين 
يحرصون على شهود الموسم متطوعين » وكثيراً ما يضيفون إليه العمرة فى 
رمضان » ينفقون فى ذلك عن سخاء » وقد يصطحبون معهم أناساً من الفقراء 
على نفقتهم » وما ds‏ الله بالحج ولا العمرة هؤلاء . 

فإذا طالبتهم ببذل هذه النفقات السنوية ذاتها لمحاربة اليهود فى فلسطين » 
أو الصرب فى البوسنة والهرسك ٠‏ أو لمقاومة الغزو التنصيرى فى أندوئيسيا » 
1 


أو بنجلاديش ٠‏ أو غيرها من بلاد آسيا وإفريقيا ٠‏ أو إنشاء مركز للدعوة › 
أو تجهيز دعاة متخصصين متفرغين ٠‏ أو تأليف أو ترجمة ونشر كتب إسلامية 
نافعة » لوو رؤوسهم ١»‏ ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون . 

هذا مع أن الثابت بوضوح فى القرآن الكريم أن جنس أعمال الجهاد أفضل 
من جنس أعمال الحج . كما قال تعالى : 8 أجعلتم سقَاية cel‏ 
وعمارة المسجد cial‏ كمن Gol‏ بالله وَالْيُوم الآخر a ee‏ 
aes‏ لا وون عند الله وله لا يهدى pall‏ الظالمين * 


آمنواً وهاجروأ وجاهدواً فی سبل الله بأموالهم وأنفسهم 0 
الله sels‏ و ری را oles‏ لهم 
Og"‏ 


هذا مع أن حجهم واعتمارهم من باب التطوع والتنفل » أما جهاد الكفر 
والإلحاد والعلمانية والتحلل . وما يسندها من قوى داخلية وخارجية » فهو 
الآن فريضة العصر . وواجب اليوم . 

ومنذ ما يقرب من سنتين قبل موسم الحج . كتب صديقنا الكاتب 
الإسلامى المعروف الأستاذ فهمى هويدى » فى مقال الثلاثاء الأسبوعى › 
يقول للمسلمين بصراحة : إن انقاذ البوسنة مقدّم على فريضة الحج ! 

وقد سألنى كثيرون من قرأوا المقال عن مدى صحة هذا الكلام من الناحية 
الشرعية والفقهية . وقلت لهم حينذاك : إن لكلام الكاتب وجهاً صحيحاً 
ومعتبراً من ناحية الفقه » فإن من المقرر شرعاً : أن الواجبات المطلوبة فوراً 
مقدّمة على الواجبات التى تحتمل التأخير . وفريضة الحج تحتمل التأخير » 
وهو واجب على التراخى عند بعض الاأئمة . أما إنقاذ البوسنة من هلاك 
الجوع والبرد والمرض من ناحية » ومن خطر الإبادة الجماعية التى تحضر لها 


٣١ - 1۹ : التوبة‎ )١( 


) الآولويات‎ aaa - ۲ ) 


من ناحية أخرى » فهى فريضة فورية ناجزة » لا تقبل التأخير » ولا تحتمل 
التراخى » فهى فريضة الوقت » وواجب اليوم على الأمة الإسلامية كلها . 

ولا ريب أن إقامة شعيرة الحج » وعدم تعطيل الموسم - فريضة Lal‏ لا 
نزاع فيها » ولكنها تتم بأهل الحرمين ومن حولهم من لا يكلفهم الحج كثيراً 
من النفقات . 

ومع هذا أرى أن ما قصد إليه الأستاذ هويدى يمكن أن يتحقق بما دون هذا 
. فإن أكثر الذين يزحمون موسم الحج كل عام هم من الذين أسقطوا عنهم 
القريضة rey‏ :من قبل. . والذين لم يحجوا قبل ذلك لا يكونون من 
مجموع الحجيج أكثر من ٠١‏ / فإذا كان الحجاج نحو مليونين 
)++ ٠ر٠٠‏ ٠ر٠‏ ) فإن الذين يحجون منهم - عادة - لأول مرة » لا يزيدون 
غالبا عن ثلاثمئة ألف P(N. e+)‏ 

فليت الذين يتطوعون بالحج - وهم الأكثرية ! - ومثلهم الذين يتطوعون 
بالعمرة طوال العام » وخصوصاً فى شهر رمضان » يتنازلون عن حجهم 
وعمرتهم © ويبذلون نفقاتهما فى سبيل الله » أى فى إنقاذ إخواتهم المسلمين 
والمسلمات » الذين يتعرضون للهلاك المادى والمعنوى » وللعدوان الغاشم 2 
الذى يستبيح كل pg‏ ولا يريد أن يبقى لهم من باقية »> والعالّم 
المتقدم! يرى ويسمع » ولا يحرك ساكناً ؛ OY‏ الغلبة لحق القوة » وليس لقوة 
الل 

ولقد عرفت بعض المتدينين الطيبين فى قَطَّر » وفى غيرها من بلاد الخليج . 
وفى مصر » يحرصون غاية الحرص على أداء شعيرة الحج كل عام » وأعرف 
بعضهم يحج سنوياً منذ أربعين سنة » وهم مجموعة كبيرة هن came‏ 
والأصدقاء والشركاء ٠‏ ربا يصلون إلى مائة شخص . وقد ذكرت لهم فى 
سنة ما » وكنت حاضراً لتوى من أندونيسيا » وشاهدت ما يصنعه التنصير 
هناك من أعمال هائلة » وحاجة المسلمين الماسة إلى مؤسسات مقابلة » تعليمية 
وطبية واجتماعية .. وقلت لهؤلاء الإخوة الطيبين : ما رأيكم لو نويتم هذا 
العام ترك الحج ٠‏ والتبرع بنفقاته لمقاومة التنصير ٠ ٠‏ شخص كل شخص 


\A 


يتتكلف ۰۰ ۰ر۰ جنيه = ( ٠٠ر٠٠ )١2٠‏ مليون جنيه 6 يمكن أن تكون 
نواة قوية لمشروع كبير » ولعلنا لو بدأنا مثل هذا العمل وأعلناه Lad‏ آخرون» 
فكان لنا أجر من تبعنا . 

ولكن الإخوة قالوا : إننا كلما جاء ذو الحجة أحسسنا برغبة - لا نستطيع 
مقاومتها - للحج والمناسك » ونحس بأرواحنا تحلق هناك . ونشعر بسعادة 
غامرة كلما شهدنا الموسم مع الشاهدين . 

وهذا ما قاله من قاله لبشر الحافى من قديم . ولو صح الفهم » وصدق 
الإيمان > وعرف المسلم معنى فقه الأولويات ٠»‏ لكان عليه أن يشعر بسعادة 
أكبر » وروحانية أقوى > كلما استطاع أن يقيم بنفقات الحج مشروعاً إسلامياً » 
يكفل الأيتام ٠‏ أو يطعم الجائعين . أو يؤوى المشردين ٠‏ أو يعالج المرضى › 
أو يعلّم الجاهلين ٠‏ أو يشعّل العاطلين . 

ولقد رأيت ULE‏ مخلصين كانوا يدرسون فى كليات جامعية فى الطب › 
أو الهندسة ». أو الزراعة › أو الآداب » أو غيرها من الكليات النظرية » 
أو العلمية » وكانوا من الناجحين بل المتفوقين فيها » فما لبثوا إلا أن أداروا 
ظهورهم لكلياتهم ٠‏ وودعوها غير آسفين » بحجة التفرغ للدعوة والإرشاد 
والتبايغ » مع أن عملهم فى تخصصاتهم هو من فروض الكفاية » التى تأثم 
الأمة ييا إذا فرظت فيها : ويستطيعون أن ينتغلوا من عملهم Sole‏ وجهادا 
إذا il‏ بإتقان » وصحّت فيه النية ‏ والتزمت حدود الله تعالى . 

ولو ترك كل مسلم مهنته فمن ذا يقوم بمصالح المسلمين ؟ ولقد بعث 
الرسول BE‏ وأصحابه يعملون فى مهن شتى ٠‏ فلم يطلب من أحد منهم أن 
يدع مين ane E‏ كل معزت AE‏ دور Pe‏ 
الهجرة أم بعدها . فإذا دعا داعى الجهاد » واستنفروا » نفروا Vu, Gus‏ 
مجاهدين بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله . 

ولقد أنكر الإمام الغزالى على أهل زمنه توجه جمهور متعلميهم إلى الفقه 
ونحوه » على حين لا يوجد فى البلد من بلدان المسلمين إلا طبيب يهودى 


19 


أو نصرانى » يوكل ad}‏ علاج المسلمين والمسلمات » وتوضع بين يديه الأرواح 
والعررات » وتؤخذ عنه الأمور المتعلقة بالأحكام الشرعية » مثل جواز الفطر 
للصائم « والتيمم للجريح ! 

ورأيت آخرين يقيمون معارك يومية يحمى وطيسها من أجل مسائل جزئية 
أو خلافية » مهملين معركة الإسلام الكبرى مع أعدائه الحاقدين عليه » 
والكارهين له » والطامعين فيه . والخائفين منه » والمتربصين به . 

حتى الأقليات والجاليات التى تعيش هناك فى ديار الغرب : فى أمريكا 
وكندا وأوروبا » وجدت من جعلوا أكبر همهم : الساعة أين تلبس ٠‏ أفى اليد 
ال ا 

ولبس الثوب الأبيض بدل ١‏ القميص والبنطلون » : واجب أم سثة ؟ 

ودخول المرأة فى المسجد : حلال أم حرام ؟ 

والأكل على المنضدة » والجلوس على الكرسى للطعام » واستخدام الملعقة 
والشوكة : هل يدخل فى التشبه بالكفار أو لا ؟ 

وغيرها .. وغيرها من المسائل التى تأكل الأوقات » وتمزق الجماعات 
وتخلق الحزازات » وتضيع الجهود والجهاد .» لأنها جهود فى غير هدف 
وجهاد مع غير عدو . 

ورأيت CLS‏ ملتزمين متعبدين يعاملون آباءهم بقسوة » وأمهاتهم بغلظة › 
وإخوانهم وأخواتهم بعنف » وحجتهم أنهم عصاة أو منحرفون عن الدين 
ناسين أن الله تعالى أوصى بالوالدين Lae‏ » وإن كانا مشركين يمجاهدان 
ولدهما على الشرك » ويحاولان JS‏ جهدهما فتنته عن إسلامه . 

بقول تعالى : ا وإن Je Bate‏ أن تشرك بى ما ed‏ لَك به fede‏ 


co ee fo, woe 


لا Cbd‏ » وصَاحبْهُمَا Clb‏ مروا 213 . 


a 


c 


o 





١6 : لقمان‎ (1) 


فرغم المحاولة المصرة من الأبوين » التى سماها القرآن مجاهدة على الشرك › 
أمر بمصاحبتهما بالمعروف » OY‏ للوالدين حقا لا يفوقه إلا حق الله عر وجل ء 
ولهذا قال تعالى : # أن اشكر لى ولوالديك إلى الْمَصِير # ) 

أما الطاعة لهما فى الشرك فهى مرفوضة . ولا طاعة لمخلوق فى 
معصية الخالق . وأما المصاحبة بالمعروف فلا مناص منها » ولا عذر فى 
التخلى عنها . 

كما أوصى تعالى بالأرحام وذوى القربى » كما قال تعالى  :‏ وانقوا الله 
oi‏ تَسَالُونَ به والأرحَام » إن الله كان عليكم رقا 4 0 1 

ونما وقع فيه المسلمون فى عصور الانحطاط ولا زال قائماً إلى اليوم : 

-١‏ أنهم أهملوا - إلى حد كبير - فروض الكفاية المتعلقة بمجموع الأمة: 
كالتفوق العلمى والصناعى والحربى » الذى يجعل الأمة مالكة لأمر نفسها 
وسيادتها Te‏ وفعلاً » لا دعوى وقولاً .. ومثل الاجتهاد فى الفقه واستنباط 
الأحكام » ومثل نشر الدعوة إلى الإسلام ٠‏ ومثل إقامة الحكم الشورى القائم 
على البيعة والاختيار الحر » ومثل مقاومة السلطان الجائر » والمنحرف عن 
الإسلام » ناهيك بالمعادى له ! 

؟ - وأهملوا بعض الفرائض العينية » أو أعطوها دون قيمتها » مثل فريضة 
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر » التى قدّمها القرآن على الصلاة والزكاة فى 
وصف مجتمع الإيمان . قال تعالى : > والمۇمتون والْمؤْمنّات بعضهم 


موري ع سوس 


أوليَاء van‏ ( يأمرون بالمعروف Ogee‏ عن الْمنكر ويقيمون الصَلاء 


رو 30 - 


ويؤتوت iG Si‏ ...6 + وععليا ا ی SP‏ 


op +o 


- 3S Of, - 96 fe gr Owes fo, - So, Pd o 85 
للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنود‎ ee dol > 
١ : agi) ١ : النساء‎ )۲( ١5 : لقمان‎ )١( 


۲١ 


بالله  )‏ » وجعل إهمال هذه الفريضة عند بنى إسرائيل سبيلا إلى لعتتهم 
کک ey‏ داود 


e ae 
من بعض › فاهتموا بالصوم أكثر من‎ AST واهتموا ببعض الأركان‎ - ۳ 


Se ee ae مدير عن مدل بلط‎ OS 
ولكن وجد من المسلمين - والمسلمات خاصة‎ ٠ وخصوصاً فى القرى والريف‎ 
من يتكاسل عن الصلاة > ووجد من ينقضى عمره دون أن ينحنى الله راكعا‎ - 
بالصلاة أكثر مما اهتموا بالزكاة » مع أن‎ Per الناس‎ gsi ساجداً » كما أن‎ 
موضعآ » حتى قال‎ (YA) الله تعالى قرن بينهما فى كتابه الكريم فى‎ 
. ©! ابن مسعود : أمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومن لم يزك فلا صلاة له‎ 
YAS ily فرق يت الضلاة‎ gg SEY وال‎ Sol Gull du, 
وأجمع الصحابة على قتال مانعى الزكاة » كما قاتلوا أدعياء النبوة ومن اتبعهم‎ 
من المرتدين » وكانت الدولة المسلمة أول دولة فى التاريخ تقاتل من أجل‎ 
! حقوق الفقراء‎ 
واهتموا ببعض النوافل أكثر من اهتمامهم بالفرائض والواجبات » كما‎ - ٤ 
الذين أكثروا من الأذكار والتسابيح‎ ٠» هو ملاحظ عند كثير من المتدينين‎ 
والأوراد » ولم يولوا هذا الاهتمام لكثير من الفرائض » وخصوصاً‎ 


)١(‏ آل عمران : ١١١‏ (؟) المائدة : VA‏ - كلا 

(۳) أورده الهيثمى فى المجمع (57:1) وقال : زواه الطبرانى فى الكبير ٠‏ وله إسناد 
سح ٠.‏ 

)2( متفق عليه عن أبى هريرة » كما فى « اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان». 
حديث (۱۳) . 


YY 


الاجتماعية » مثل : بر الوالدين > they‏ الأرحام » والإحسان MLL‏ © 
والرحمة بالضعفاء » ورعاية اليتامى والمساكين » وإنكار المتكر »> ومقاومة 
الظلم الاجتماعى والسياسى . 

ه - واهتموا بالعبادات الفردية » كالصلاة والذكر > أكثر من اهتمامهم 
بالعبادات الاجتماعية التى يتعدى نفعها » كالجهاد » والفقه > والإصلاح بين 
الناس » والتعاون على البر والتقوى » والتواصى بالصبر والمرحمة ٠‏ والدعوة 
إلى العدل والشورى . ورعاية حقوق الإنسان عامة 6 والإنسان الضعيف 
خاصة . 

١‏ - وأخيراً اهتم كثير من الناس بفروع الأعمال ¢ وأهملوا Apel‏ مع 
قول الأقدمين : من aed‏ الأصول › حرم الوصول" . وَأغملوا أساس البناء 
كله » وهو العقيدة والإيمان والتوحيد » وإخلاص الدين لله . 

۷ - ومما وقع فيه الخلل والاضطراب : اشتغال كثير من الناس بمحاربة 
المكروهات » أو الشبهات » أكثر مما اشتغلوا بحرب المحرمات المنتشرة » 
أو الواجبات المضيعة » ومثل ذلك : الاشتغال با اختلف فى حلّه وحرمته عما 
هو مقطوع بتحريمه . وهناك أناس مولعون بهذه الخلافيات » مثل مسائل 
التصوير والغناء والنقاب ونحوها » وكأنما لا هم لهم إلا إدارة المعارك الملتهبة 
حولها » ومحاولة سوق الناس قسراً إلى رأيهم فيها » فى حين هم غافلون 
عن القضايا المصيرية الكبرى التى تتعلق بوجود الأمة ومصيرها وبقائها على 
alg‏ 7 

ومن ذلك : انصراف الكثيرين إلى مقاومة الصغائر مع إغفال الكبائر 
الموبقات » سواء أكانت موبقات دينية ٠‏ كالعرافة > والسحر » والكهانة » 
واتخاذ القبور مساجد » والنذر . والذبح للموتى © والاستعانة بالمقبورين » 
وسؤالهم قضاء الحاجات . وكشف الكربات » ونحو ذلك ما كدر صفاء 


YY 


عقيدة التوحيد . أم موبقات اجتماعية وسياسية » مثل : ضياع الشورى › 
والعدالة الاجتماعية » وغياب الحرية » وحقوق الشعوب ٠»‏ وكرامة الإنسان » 
وتوسيد الأمر إلى غير أهله ٠»‏ وتزوير الانتخابات » ونهب ثروة الأمة » وإقرار 
الامتيازات الأسرية والطبقية » وشيوع السرف والترف المدمر . 

هذا الخلل الكبير الذى أصاب أمتنا اليوم فى معايير أولوياتها ٠‏ حتى 
أصبحت تصغر الكبير » وتكبّر الصغير » وتعظّم الهين > وتهون الخطير » 
SH‏ الأول » ونقدم الأخير » وتهمل الفرض وتحرص على النفل » 
وتكترث للصغائر » وتستهين بالكبائر » وتعترك من أجل المختلّف فيه » 
وتصمت عن تضييع Gill‏ عليه .. كل هذا يجعل الأمة اليوم فى أمس 
الاه بل "فى asl‏ الضوورة إلى 9 aad‏ الأزلريات © لعدئ daly ad‏ + 
وتناقش وتحاور » وتستوضح وتتبين » حتى يقتنع عقلها » ويطمئن قلبها » 
وتستضىء بصيرتها » وتتجه إرادتها بعد ذلك إلى عمل الخير وخير العمل . 


3 co ste 


۲٤ 


(۲) 


بأنواع أخرى من الفقه 


علاقة فقه الأولويات بفقه الموازنات 


وفقه الأولويات هذا يرتبط بأنواع أخرى من الفقه نبهنا على أشياء منها فى 
بعض ما کتبناه من قبل . 

فهو boy‏ « فقه الموازنات »© » وقد تحدثت عنه فى كتابى « أولويات 
الحركة الإسلامية » » ونقلت عن شيخ الإسلام ابن تيمية فيه كلاماً نافعا . 

وأهم ما يقوم عليه فقه الموازنات : 

. الموازنة بين المصالح أو المنافع أو الخيرات المشروعة بعضها وبعض‎ - ١ 

۲ - والموازنة كذلك بين المفاسد أو المضار أو الشرور الممنوعة بعضها 
وبعض . 

۳ - والموازنة أيضاً بين المصالح والمفاسد أو الخيرات والشرور إذا تصادمت 
وتعارض بعضها ببعض . 

« الموازنة بين المصالح بعضها وبعض : 

ففى القسم الأول - المصالح - نجد أن المصالح التى أقرّها الشرع ليست فى 
Se AS‏ مني هوج كماد رن ees lee‏ اناس Oe‏ 
الضروريات ٠‏ والحاجيات » والتحسينات . فالضروريات : ما لا حياة بغيره . 


والحاجيات : ما يمكن العيش بغيره ولكن مع مشقة وحرج 3 والتتحسينات : 
ما يزين ltl‏ ويجملها › زهو ها سمه عرفا ت الكماليات » . 


YV 


وفقه الموازنات - وبالتالى فقه الأولويات - يقتضى منا : 

تقديم الضروريات على الحاجيات ٠‏ ومن باب أولى على التحسينات . 

وتقديم الحاجيات على التحسينات والمكملات . 

كما أن الضروريات فى نفسها متفاوتة » فهى كما ذكر العلماء خمس 
الدين » والنفس » والنسل ٠‏ والعقل © ولمال . وبعضهم أضاف إليها 


سادسة» وهى : العرض . 


5 


فالدين هو أولها وأهمها » وهو ple‏ على كل الضروريات الأخرى › 
حتى النفس . 

كما أن النفس مقدّمة على ما عداها . 

وفى الموازنة بين المصالح : 

تدم المصلحة المتيقنة على المصلحة المظنونة أو الموهومة . 

- وتقدم المصلحة الكبيرة على المصلحة الصغيرة . 

. مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد‎ pully 

. مصلحة الكثرة على مصلحة القلّة‎ py 

وتقدّم المصلحة الدائمة على المصلحة العارضة أو المنقطعة . 

. المصلحة الجوهرية والأساسية على المصلحة الشكلية والهامشية‎ pas, 

. المصلحة المستقبلية القوية على المصلحة الآنية الضعيفه‎ plas 

وفى صلح الحديبية : رأينا النبى ٠ BB‏ يغاب المصالح الجوهرية والأساسية 
والمستقبلية » على المصالح والاعتبارات الشكلية » التى يتشبث بها بعض 
YA‏ 


الناس. فقبل من الشروط ما قد يظن - لأول وهلة - أن فيه إجحافا بالجماعة 
الله Wey. ah,‏ بالدوة:< : ورضى أن تخذف: 9 ago‏ 4 العهودة من dats‏ 
الصلح » ويكتب بدلها : باسمك اللّهم » . وأن يحذف وصف الرسالة 
الملاصق لاسمه الكريم : « محمد رسول الله ؛ » ويكتفى باسم ١‏ محمد بن 
عبد الله » ! ليكسب من وراء ذلك « الهدنة » التى يتفرغ فيها لنشر الدعوة › 
ومخاطبة ملوك العالم . ولا غرو أن سمّاها القرآن : ١‏ فتحا مبيناً ؛ . 
والأمثلة على ذلك كثيرة . 


ه الموازنة بين المفاسد أو المضار بعضها وبعض : 


وفى القسم الثانى - المفاسد والمضار - نجد أنها كذلك متفاوتة كما تفاوتت 


المصالح . 
فالمفسدة التى تعطل ضرورياً » غير التى تعطل حاجياً » غير التى تعطل 


م« 


والمفسدة التى تضر JUL‏ دون المفسدة التى تضر بالنفس » وهذه دون التى 
تضر بالدين والعقيدة . 


والمفاسد أو المضار متفاونة فى أحجامها وفى آثارها وأخطارها 1 
لا ضرر ولا ضرار . 
all‏ يرال يقن الأمكان:. 
الضرر لا يزال بضرر مثله أو أكبر منه . 


۲۹ 


يرتكب أخف الضررين وأهون الشرين . 
يتحمل الضرر الأدنى لدفع الضرر الأعلى . 
يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام . 


4 1 
3 we 


ه الموازنة بين المصالح والمفاسد عند التعارض : 

وإذا اجتمع فى أمر من الأمور مصلحة ومفسدة » أو 7 ومنفعة ٠‏ قلا بد 
من الموازنة بينهما . والعبرة للأغلب والأكثر » OB‏ للأكثر حكم الكل . 

فإذا كانت المفسدة أكثر وأغلب على الأمر من المنفعة أو المصلحة التى فيه - 
وجب منعه . لغلبة مفسدته » ولم تعتبر المنفعة القليلة الموجودة فيه . وهذا 
ما ذكره القرآن فى قضية الخمر والميسر فى إجابته عن السائلين عنهما : 
« يتلود عن انر لبر ٠‏ فل oh Oye‏ كير نع نر 
ES‏ 

وبالعكس إذا كانت المنفعة هى الأكبر والأغلب ٠‏ فيجاز الأمر ويشرع » 
وتهدر المفسلة القليلة الموجودة به . 

ومن القواعد المهمة هنا : 

أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . 

يكمل هذه قاعدة أخرى مهمة » وهى : 

أن BLL‏ لقي :شن بن fot‏ ل ا 


وتفش الع العازضة من Jot‏ اة USL‏ + 


8١94 : البقرة‎ Cy) 


ولا ترك Inlias‏ محقفة من أجل Blade‏ مره . 

إن فقه الموازنات هذا له أهمية كبيرة فى واقع ltl‏ » وخصوصاً فى باب 
السياسة الشرعية 6 لأنها أساساً تقوم على رعايته 2 وهو فى غاية الأهمية لفقه 
الأولويات 3 


© كيف نعرف المصالح والمفاسد : 
والمصالح المرعية : إما مصالح دنيوية » أو مصالح أخروية » أو مصالح 
eas‏ وأخروية ها وس GUS‏ الغا جن gb‏ كيلف 5 
وكل منها له طريق إلى معرفته من العقل أو من الشرع أو من كليهما . 


© كلام ابن عبد السلام : 
وقد فصّل الإمام عز الدين بن عبد السلام « فيما تُعرف به المصالح 
والمفاسد وفى تفاوتهما ) : 
وما abi‏ ما قاله هنا فى كتابه الفريد ‏ قواعد الأحكام فى مصالح الأنام » : 
J‏ ومعظم مصالح الدنيا ومناسدها معروف بالعقل ¢ وذلك معظم الشرائع ؛ 
إذ لا يخفى على عاقل قبل ورود الشرع أن نحصيل المصالح المحضة » ودرء 
المفاسد المحضة عن .نفس الإنسان وعن غيره محمود حسن > Oly‏ تقديم أرجح 
المصالح فأرجحها محمود حسن 6 وأن درء أفسد المفاسد فأفسدها محمود 
حسن » وأن تقديم المصالح الراجحة على المرجوحة محمود حسن 6 وأن درء 
المفاسد الراجحة على المصالح المرجوحة محمود حسن . 
والأموال والأعراضى » وعلى تحصيل الأفضل فالأفضل من الأقوال والأعمال . 
وإن اختلف فى بعض ذلك ٠‏ فالغالب أن ذلك لأجل الاختلاف فى 


۳١ 


التساوى والرجحان ٠‏ فيتحير العباد عند التساوى ويتوقفون إذا تحيروا فى 
التفاوت والتساوى 

وكذلك الأطباء يدفعون أعظم المرضين بالتزام بقاء أدناهما » ويجلبون أعلى 
السلامتين والصحتين ولا يبالون بفوات أدناهما » ويتوقفون عند الحيرة فى 
التساوى والتفاوت » Ob‏ الطب كالشرع وضع لجلب مصالح السلامة والعافية » 
ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام » ولدرء ما أمكن درؤه من ذلك > ولخلب 
ما أمكن جلبه من ذلك . OB‏ تعذر درء الجميع أو جلب الجميع ٠‏ فإن تساوت 
CTI‏ تخير » وإن تفاوتت استعمل الترجيح عند عرفانه » والتوقف عند 
الجهل به . والذى وضع الشرع هو GH‏ وضع الطب ٠»‏ فإن كل واحد منهما 
موضوع ld‏ مصالح العباد ودرء مفاسدهم . 

وكما لا يحل الإقدام للتوقف فى الرجحان فى المصالح الدينية حتى يظهر 
له الراجح » فكذلك لا يحل للطبيب الإقدام مع التوقف فى الرجحان إلى أن 
يظهر له الراجح » وما يحيد عن ذلك فى الغالب إلا جاهل بالصالح 
والأصلح » والفاسد والأفسد » فإن الطباع مجبولة على ذلك بحيث لا يخرج 
عنه إلا جاهل غلبت عليه الشقاوة أو أحمق زادت عليه الغباوة . فمن حرم 
ذبح الحيوان من الكفرة » رام ذلك مصلحة للحيوان فحاد عن الصواب ؛ لأنه 
قدم مصلحة حيوان خسيس على مصلحة حيوان نفيس » ولو خلوا عن الجهل 
والهؤق لد ما الأحسن على الأخس › Ler‏ الأقبح بالتزا ele‏ 
« فمن يهدى من أضل الله » وما لهم من تاصرین ي O18‏ . فمن وقّقه 
الله وعصمه أطلعه على دق ذلك وجله » ووفقه للعمل بمقتضى ما أطلعه عليه › 
فقد فاز » وقليل ما هم . قال ( الشاعر ) : 

وقد كنا نغدهمو قليلاً فقد صاروا أقل من القليل ! 

وكذلك المجتهدون فى الأحكام » من addy‏ الله وعصمه من الزلل أطلعه الله 

على الأدلة الراجحة فأصاب الصواب »> فأجره على قصده وصوابه ؛ بخلاف 


)\( الروم :4 


YY 


من أخخطأ الرجحان فإن أجره على قصده واجتهاده » ويعفى عن خطئه وزلله . 
plist,‏ من ذلك الخطأ فيما يتعلق Spel‏ 1 
واعلم أن تقديم الأصلح فالأصلح ودرء الأفسد فالأفسد مركوز فى طبائع 
العباد » نظراً لهم من رب الأرباب » كما ذكرنا فى هذا الكتاب » فلو خيرت 
الصبى الصغير بين اللذيذ والألذ لاختار الآلذء ولو ae‏ بين الحسن والأحسن 
Gee BEY‏ ولو حير بين Gol‏ ودره REY‏ الدرهع + ولو pe‏ بن 
درهم ودينار لاحختار الدينار . ولا بقدم الصالح على الاصلح إلا حاهل Lab‏ 
الاصلح . أو شقى متجاهل لا ينظر إلى ما بين المرتبتين من التفاوت » 217 . 
وأما مصالح الآخرة ومفاسدها فلا تُعرف إلا fall‏ . 
ومصالح الدارين ومفاسدهما فى رتب متفاوتة . فمنها ما هو فى أعلاها › 
ومنها ما هو فى أدناها » ومنها ما يتوسط بينهما ٠‏ وهو منقسم إلى متفق عليه 
Walesa‏ فيه . 
فكل مأمور به ففيه مصلحة الدارين أو إحداهما » وكل منهى عنه ففيه 
مفسدة فيهما أو فى إحذاهما . فما كان من الاكتساب محصلاً لأحسن 
المصالح فهو أفضل الأعمال . وما كان منها محصلا لأقبح المفاسد فهو أرذل 
الأعمال . فلا سعادة أصلح من العرفان والإيمان وطاعة الرحمن . ولا شقاوة 
أقبح من الجهل بالديان والكفر والفسوق والعصيان . 
ويتفاوت ثواب الآخرة بتفاوت المصالح فى الأغلب ٠‏ ويتفاوت عقابها 
بتفاوت المفاسد فى الأغلب » ومعظم مقاصد القرآن الأمر باكتساب المصالح 
وأسبابها » والزجر عن اكتساب المفاسد وأسبابها ٠‏ فلا نسبة بمصالح الدنيا 
ومفاسدها إلى مصالح الآخرة ومفاسدها » OY‏ مصالح الآخرة خلود الجنان 
ورضا الرحمن » مع النظر إلى وجهه الكريم ٠»‏ فيا له من نعيم مقيم ! 


)1( قواعد الأحكام فى مصالح الأنام : ٥/١‏ - ۷ 


ry 
) فقه الأولويات‎ - ۳ ) 


ومفاسدها خلود النيران وسخط الديّان مع الحجب عن النظر إلى وجهه الكريم , 
فيا له من عذاب أليم ! 

والمصالح aye‏ أنواع : أحدها مصالح المباحات 6 الثانى مصالح المندوبات ( 
الثالث مصالح الواجبات . 

والمغاسد نوعان : أحدهما مفاسد المكروهات » الثانى مفاسد المحرمات . 

و 

© ما تعرف به مصالح الدارين ومفاسدهما : 

أما مصالح الدارين وأسبابها ومفاسدهما فلا تعرف إلا بالشرع 6 فإن خفى 
gus‏ شی طُلب من أدلة الشرع 4 وهی الكتاب وال والإجماع والقياس 
المعتبر والاستدلال الصحيح > وأما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها فمعروفة 
بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات » فإن خفى شى من ذلك 
5 من أدلته » ومن أراد أن يعرف المتناسبات والمصالح والمفاسد راجحهما 
ومرجوحهما فليعرض ذلك على عقله » بتقدير أن الشرع لم يرد به » ثم يبنى 
عليه الأحكام » فلا يكاد حكم منها يخرج عن ذلك » إلا ما تعبد الله به 
عباده » ولم يقفهم على مصلحته أو مفسدته » وبذلك تعرف حسن الأعمال 
وقبحها » مع أن الله عر وجل لا يجب عليه جلب مصالح الحسن » ولا درء 
مفاسد القبيح » كما لا يجب عليه GE‏ ولا رزق ولا تكليف ولا إثابة ولا 
عقوبة » وإنما يجلب مصالح الحسن ويدراً مفاسد القبيح طلا منه على عباده 
Wad,‏ . 

aie a 

© المقصد من OLS‏ قواعد الأحكام : 

قال الإمام ابن عبد السلام فى بيان المقصد من كتابه : 

« الغرض بوضع هذا الكتاب : بيان مصالح الطاعات والمعاملات وسائر 


ve 


التصرفات ليسعى العباد فى تحصيلها » وبيان مقاصد المخالفات ليسعى العباد فى 
درئها » وبيان مصالح العبادات ليكون العباد على خبر منها » وبيان ما يقدّم 
من بعض المصالح على بعض » وما يؤخر من بعض المفاسد على بعض › 
وما يدخل تحت اكتساب العبيد دون ما لا قُدرة لهم عليه ولا سبيل لهم إليه » 
eee‏ : إما تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح » فإذا سمعت الله 

 :‏ يا GT‏ الَذِينَ آمُوأ 4 فتأمل وصيته بعد ندائه » فلا تجد إلا خيراً 
محر الحا الاح ب mn‏ ب Pe‏ 
كتابه ما فى بعض الأحكام من المفاسد حثاً على اجتناب المفاسد » وما فى 
بعض الأحكام من المصالح حثا على إتيان المصالح Ot‏ 


: علاقة فقه الأولويات بفقه المقاصد‎ ٠ 

ويرتبط فقه الأولويات كذلك ب ١‏ فقه مقاصد الشريعة ؛ ذ فمن Gall‏ عليه › 
أن أحكام الشريعة فى مجموعها معللة © وأن وراء ظواهرها مقاصد هدف 
الشرع إلى تحقيقها . فإن من أسماء الله تعالى « الحكيم » الذى تكرر فى 
القرآن بضعاً وتسعين مرة . والحكيم لا يشرع Rye Ket‏ ولا اعتباطا » كما 

حتى التعبديات المحضة فى aah‏ لها مقاصدها » ولهذا ple‏ القرآن 
العبادات ذاتها » فالصلاة # 5 عن الفحشاء والمنكر & ey‏ 
والزكاة $ تطهرهم وتركيهم يها 4 والصيام O 4585 I>‏ 
والحج > ليشهدواً متافع لهم ويذكرواً el‏ / الله 4 OO)‏ 


ومن حسن الفقه فى دين الله أن ندرك مقصود الشرع من التكليف » حتى 


)1( من كتاب ١‏ قواعد الأحكام فى مصالح الأثام ؛ : (VD ١١ - 5/١‏ العنكبوت : ٠‏ 
)1( التوبة : ٠١‏ )£( البقرة : ۱۸۳ )0( الج : ۸ 


نعمل على تحقيقه » وحتى لا نشدد على أنفسنا وعلى الناس فيما لا يتصل 

ومن هنا لا أرى مبرراً للتشديد فى ضرورة إخراج صدقة الفطر من الأطعمة 
فى كل البيئات فى عصرنا . حتى المدنية والحضرية منها » فليست هى مقصودة 
لذاتها » إنما المقصود إغناء الفقير فى هذا اليوم الأغر عن السؤال والطواف . 

ولا أرى معنى للتشديد فى رمى الجمار فى الحج قبل الزوال + oly‏ ترتب 
على ذلك شدة الزحام وموت الات تحت الأقدام 4 كما حدث فى الموسم 
الماضى ٠‏ فليس فى الشرع ما يدل على أن هذا أمر مقصود لذاته . بل 
المقصود هو ذكر الله 6 والمطلوب هو التيسير ورفع cot‏ : 

ومن المهم هنا : التفريق بين المقاصد الثابتة والوسائل المتغيرة » فنكون فى 
كتابنا ١‏ كيف نتعامل مع EL‏ النبوية © © . 

te ae 

© علاقة فقه الأولويات بفقه النصوص : 

كما يرتبط فقه الأولويات من غير شك ١ Lal‏ فقه نصوص الشريعة » 
الحزئية 6 aes‏ يربط بينها وبين المقتاصد الكلية 2 والقواعد العامة 2 فترد 
الجزئيات إلى كلياتها ٠‏ والفروع إلى أصولها . 

ومن الضرورى هنا : التمييز بين القطعى والظنى من النصوص © وبين 
المحكم والمتشابه منها . وفهم الظنى فى ضوء القطعى ٠‏ والمتشابه فى إطار 
المحكم . 

)1( انظر : فصل « التمييز بين الوسيلة المتغيرة والهدف الثابت ELM‏ 


ry 


وآلزم ما يكون هذا الفقه بالنسبة إلى EL‏ التبوية » فهى التى كثيراً ما يقع 
ا nail) Gaya Lass STAI ge AST‏ واعولها دن 
الكثير من الحزئيات والتطبيقات . ولآن فيها ما هو للتشريع وهو الآصل › 
وما ليس للتشريع كحديث تأبير النخل وما على شاكلته . وفيها ما هو 
للتشريع الدائم » وما هو للتشريع الطارىء ٠‏ وما هو للتشريع العام وما هو 
للتشريع الخاص » وقد فصل ذلك المحققون من العلماء . 

وقد بيا ذلك فى حديثنا عن الجانب التشريعى BEI‏ مجلة مركز 
بحو ٹ السّة والسيرة . وفى كتابنا « rca‏ .. مصدراً للمعرفة 
والحضارة Ve‏ فليرجع إليهما من أراد التوسع .. وبالله التوفيق . 


3 


U 
3 ae 


. والسيرة النبوية بجامعة قطر‎ BOM نشره مركز بحوث‎ )١( 


۳۷ 


)۳( 
أولوية الكيف على الكم 


أولوية الكيف على الكم 


من الأولويات المهمة شرعاً : تقديم الكيف والنوع على الكم والحجم »› 
فليست العبرة بالكثرة فى العدد » ولا بالضخامة فى الحجم : إنما المدار على 
النوعية والكيفية . 

لقد ذم القرآن الأكثرية إذا كان أصحابها ممن لا يعقلون أو لا يعلمون أو 
لا يؤمنون أو لا يشكرون : كما نطقت بذلك آيات وفيرة من كتاب الله : 
بل أكترهم لا يَعقلُونَ 4 217 STS be‏ النّاس لا يَعلَمُونَ # 29 , 
> وکن St‏ اس لا BAGS 8 » ٩ ELE‏ الاس لا 
يشكرون 4 240 . ١‏ 1 1 

> وإن تطع oe BT‏ فى الأرض Blas‏ عن سيل الله © 00 . 

حر اع a‏ اجلة eee rial‏ اقول ا و 
> إلا الذين آمنوا وعَملوا الصالحات وقليل اهم © 7 < 3 anes‏ 
من عبادی TY LEG « ٠ € 5 Sti‏ قليل مستضعفون فى 
YB € onl‏ 38 قر cl op‏ 


weg Ge ع‎ 


ساد فى الأرض إلا قليلاً be Ao‏ 0© . 
ولهذا ليس المهم أن يكثر عدد الناس ٠‏ ولكن المهم أن يكثر عدد المؤمنين 


الصالحين منهم 
)١(‏ العنكبوت : ٦۳‏ (۲) الأعراف : ۱۸۷ (Y)‏ هود ' ۷ 
(5) البقرة : ۲٤۳‏ )0( الأنعام : ١١١‏ )1( سورة ص : ١4‏ 
(A) ۱۳ : te )۷(‏ الأنفال Yu:‏ )4( هود : ٦‏ 


يذكر كثيرون الحديث النبوى : « تناكحوا تناسلوا تكثروا فإنى مكاثر بكم 
الأمم » 2١(‏ » ولكن الرسول الكريم لن يباهى الأمم بالجهلة ولا بالفسقة ولا 
بالظالمين ٠‏ إنما يباهى بالطيبين العاملين النافعين . 
وقد قال عليه الصلاة والسلام : « الناس كإبل Ble‏ لا تجد فيها راحلة » (5) 
دلالة على نذرة النوع الجيد فى الناس 4 كندرة الراحلة ital‏ للسقر 
والركوب bth‏ فى الإبل » حتى إن المائة لا يكاد يوجد فيها واحدة من هذا 
النوع . 
والتفاوت فى بنى الإنسان أكثر منه فى جميع الفصائل والأنواع الأخرى من 
الحيوان وغيره . حتى جاء فى الحديث : « ليس شي خيراً من ألف مثله 
إلا الإنسان » 9© . 
إننا مولعون بالكم وبالكثرة فى كل شئ » وإبراز الأرقام بالألوف والملايين » 
ولا يعنينا كثيراً ما وراء هذه الكثرة » ولا ماذا تحمل هذه الأرقام 5 
لقد أدرك الشاعر العربى الجاهلى أهمية النوع على الكم فقال : 
ie‏ سويت فقلت لها : إن الكرام قليل 
وما ضرا Uf‏ قليل » وجارنا عزيز » وجار الأكثرين ذليل 


والقرآن ذكر لنا كيف انتصر جنود طالوت » وهم DE‏ على جنود جالوت » 


eee bee 


ve - در و‎ “sy a “Va و 0 رو‎ ae 2 04 e 
الله مبتليكم بنهر فمن‎ Of وهم كثرة : * فلما فصل طالوت بالجنود قال‎ 
one مير‎ 


2 م , A‏ ص 0 OF ee‏ س ودس a ied FO‏ 2 5 م م أن 


)١(‏ رواه أبو داود والنسائى عن معقل بن يسار » كما فى صحيح الجامع الصغير 
(Y4E-)‏ . 
(۲) متفق عليه عن ابن عمر . انظر اللؤلؤ والمرجان (VION)‏ 


oly )۳(‏ الطبرانى فى الكبير والضياء عن سلمان » وحسته فى صحيح الجامع الصغير 
(O48)‏ . 


۲ 


Bre iw 


3 س م و ك0 مو * 2 ي يزه براه Gian‏ ت ae‏ ہے اس ير د Beer‏ 
بيده » فشربوا منه إلا قليلاً منهم » فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه 


2ه os 2 dae Bee gee a ote Bae ee! an‏ 
1,16 لا pel OBL‏ بجالوت وجنوده » قال Guill‏ يظنون أنهم ملاقوا 
الله كم من BE AGB‏ كير بإذن الله » وال مع الصابرين © ... 


إلى أن قال : > aa‏ يان الله 4 (1) 1 

وذكر W‏ القرآن كيف انتصر الرسول وأصحابه فى بدر » وهم di‏ على 
المشركين وهم كثرة كما قال تعالى : p‏ ولقد تصركم الله ببدر وانتم OS‏ 
Lf‏ لله لمكم ANY LG pO 4 os‏ قليل مستضعفون فى 
الأرْض 305 SASS of‏ لاس واكم SN,‏ بتصره 4 © ٠.‏ 

على حين كاد المسلمون يخسرون المعركة فى حنين » إذ نظروا إلى الكم 
لا الكيف وغرّتهم الكثرة » وأهملوا القوة الروحية » والحيطة العسكرية › 
فدارت الدائرة عليهم Vol‏ > حتى يتعلموا وینتبهوا أو يتوبوا » ثم فتح الله 
عليهم وأیدهم بجنود لم يروها . 

يقول الله تعالى : ١‏ لَقَد Spd‏ الله فى مواطن كتير ويوم o>‏ إِذ 
ae ie eee‏ 


أعجبتكم OS‏ فلم ht‏ عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض Cy‏ رحبت 


a سے ص‎ ogo eee Sv we Dae Fy ne. oe م‎ od Sone os 

ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وآنزل 

2 م ےا م‎ or $y, ر‎ G+ Ben vr vr OB ہے‎ oa 

جنودا لم تروها وعدب الذين كفروا ¢ وذلك جزاء الْكافريه # )( . 
ولقد بين القرآن أن الإنسان إذا اجتمع له الإيمان وقوة OLY‏ المعبّر عنها 

بالصبر » يمكن أن تتضاعف ظاقته إلى عشرة أضعاف أعدائه oye‏ لا يملك ale]‏ 


ae 


د ody‏ @ و a ofe‏ 
وإرادته : يقول تعالى GIG  :‏ الى حَرض المؤمنين deal Jo‏ » إن 


۱۲۳ : آل عمران‎ )۲( Yo\ - ۲٤۹ : البقرة‎ )١( 
۲١٣ - Yo: التوبة‎ )٤( ۲٣ : الأنفال‎ )( 


AJ 


يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ‘ وإن يكن منكم Ble‏ 
شفع 2 BLD a ar wig‏ 8 ا aes Yon.‏ ار 
يغلبوا الفا من الّذين كفروا باهم قوم لا يفقَهون 4 ( . 

وهذا فى حالة القوة » أما فى حالة الضعف فيمكن أن تكون طاقته ضعف 
طاقة خصمه » كما أشارت إلى ذلك الآية اللاحقة فى سورة الأنفال : ل OVI‏ 
خحفف الله عنكم وعلم OF‏ فيكم ضعفاً » lb‏ يكن منكم alle‏ صابرة يغلبوا 
مائتين » وإن يكن منكم Lbs LT‏ ألمين بن الله # 229 . 

المدار إذن على الإيمان والإرادة لا على العدد والكثرة . 

ومن قرأ سيرة الرسول BE‏ علم أن عنايته كانت بالنوع لا بالكم . 

ومن قرأ سير أصحابه وخلفائه ¢ رأى ذلك بجلاء ووضوح Lal‏ 5 
جندى فقط » ثم طلب منه مدداً » فأمده بأربعة آلاف » ومعهم أربعة قال 
عمر : كل واحد منهم بألف » واعتبر المجموع اثنى عشر آلفا ! . ولن يغلب 
اثنا عشر Wt‏ من قلّة . 

لقد كان عمر مؤمناً بأن العبرة بنوع الرجال وقدراتهم ومواهبهم لا بأعدادهم 

روى عنه أنه جلس by‏ مع بعض أصحابه فى دار رحبة » فقال لهم : تمنوا » 
فقال أحدهم : أتمنى أن يكون لى ملء هذه الدار دارهم من فضة أنفقها فى 
سبيل الله » وتمنى آخر أن يكون له ملؤها Lad‏ ينفقه فى سبيل الله » أما عمر 
فقال : لكنى أتمنى ملء هذه الدار رجالا مثل أبى عبيدة بن الجراح » ومعاذ بن 

وفى عصرنا بلغ عدد المسلمين فى العالّم ما يجاوز المليار وربع المليار من 


55 : الأنفال‎ )۲( yo: SW )١( 


£2 


البشر . ولكنهم للأسف الشديد كما وصفهم الحديث الذى رواه أحمد 
gly‏ داود عن ثوبان : ١‏ يوشك أن LS > NE gE‏ 
abi oe Sele tesa E‏ نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال : 
« بل أنتم كثير » ولكنكم غثاء كغثاء ا ولينزعن الله من صدور عدوكم 
المهابة منكم » وليقذفن فى قلوبكم الوهن » » قالوا : وما الوهن يا رسول 
اله ؟ قال : « حب الدنيا وكراهية الموت » ( 

نقد من هذا الخديث أن الككرة وها لا Be‏ ع اذا كانت مشفعة هذا 
الخارج . واهنة من الداخل ٠‏ كما فى المراحل « الغثائية ٠‏ من حياة الأمة » 
التى تتصف الأآمة فيها با يتصف به الغثاء من الخفة »> وعدم التجانس ٠»‏ 
وفقدان الهدف والطريق » كما هو شأن غثاء السيل . 


العناية إذن يحب آن تتجه إلى الكيف والنوع لا مجرد الكم . والمقصود 
ب « الكم » هنا : كل ما يعبر عن مقدار الجانب المادى وحده » من كثرة العددء 
أو سعة المساحة » أو كبر كبر الحجم ٠‏ أو ثقل ثقل الوزن ce‏ أو طول المدة » أو غير 
ذلك غا يدخل فى هذا المجال . 

وما قلناه فى كثرة العدد نقوله فى الأمور الأخرى . 

فالإنسان We‏ لا يقاس بطول قامته » أو قوة عضلاته » أو ضخامة جسمه »› 
أو جمال صورته 2 فهذه كلها خارجة عن جوهره وحقيقة انسانيته ٠»‏ فما 
الجسم - فى النهاية - إلا غلاف الإنسان ومطيته ٠‏ أما حقيقة الإنسان فما هو 
إلا العقل والقلب . 


5 1 2 5 5 موا ا 
وقد و صف الله تعالى المنافقين بقوله # وإذا رايتهم تعجبك 
احا AMS‏ 
rele!‏ 
)\( رواه pls dal‏ داود کن obs‏ اكت ele! es‏ الصغير (AAT)‏ - 
)1( المنافشور + 


£6 


كما وصف عاداً على لسان نبيه هود بقوله : # وزادكم فى الخلق 
بسطةٌ » 20 , 

ولكن هذه البسطة فى الخلق جعلتهم يخترون ويستكبرون كما قال 

oe - مره .ساس لماع ه‎ o سر فو ر افر هار م‎ Gee 

تعالى OB:‏ عاد فاستكبرواً فى الأرض بغير الحق وقالوا من 


S‏ ت 


عد من ة » ) . 


وفى الحديث الصحيح : « إنه ليأتى الرجل العظيم السمين يوم القيامة ٠‏ 
فلا يزن عند الله جناح بعوضة . اقرأوا إن شئتم : « قلا تقيم لهم يوم 
القيامة ورا re‏ 0 

وصعد ابن مسعود یوما شجرة » فظهرت ساقاه » وكانتا دقيقتين نحيلتين » 
فضحك بعض الصحابة من ذلك > فقال النبى BB‏ : « أتضحكون من دقة 
ly‏ وی ی يتنه + ليها نانفل فى الميز انا مق عل ا 

ليس المهم إذن ضخامة الجسم » إذا لم يكن يسكنه عقل ذكى » وفؤاد 
نقى » وقديماً قال العرب : « ترى الفتيان كالنخل » وما يدريك ما الدخل » . 


وقال حسان بن ثابت يهجو قوماً : 
لا بأس بالقوم من طول ومن قصر جسم البغال وأحلام العصافير ! 
ليس معنى هذا : أن الإسلام لا يقيم وزناً لصحة الجسم وقوته cM.‏ 


ayo 7 Fe wn 


فهو يهتم بذلك غاية الاهتمام . وقد مدح الله طالوت بقوله : # وزاده بسطة 


)١(‏ الأعراف : 19 (؟) فصلت : Yo‏ (۳) الكهف : ه 

)4( متفق عليه عن أبى هريرة » كما فى اللؤلؤ والمرجان (۱۷۷۳) . 

)0( صح هذا الحديث من رواية على © رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى ورجالهم 
رجال الصحيح ٠‏ غير أم موسى وهى ثقة » ومن رواية ابن مسعود نفسه رواه أحمد 
وأبو يعلى البزار والطبرانى من طرق » ومن رواية قرة بن إياس رواه البزار والطبرانى 
ورجالهما رجال الصحيح ( ممجمع الزوائد :4/4 2 (YA‏ . 


£1 


فى pall‏ والجسم ‏ () . وفى الصحيح : ١‏ إن لبدنك عليك حقا » ) » 
cago‏ القوى. ير east ga abl Scots‏ الشف > 
LS;‏ أن ضخامة الجسم وقوته ليست هى مقياس الرجولة » ولا معيار 
الفضل فى الإنسان 2 AUIS‏ جمال الوجه وحسن الصورة . 
وفى الحديث : « إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم » ولكن 


ينظر إلى قلوبكم » () . 
وقد مدح أحد الشعراء عبد الملك بن مروان بقوله : 
يأتلق التاج فوق مفرقه على جبين كأنه الذهب ! 


فلام الشاعر » لأنه مدحه بما يشبه مدح الغيد الحسان . وقال له : هلا 
قلت فى ما IG‏ الشاعر فى مصعب بن الزبير : 
LY}‏ مصعب شهاب من الله تَجلّت بنوره الظلمساء 
حكمه حكم قوة ليس فيه جبروت منه ولا كبرياء 
أجل .. إنما يقاس الرجال با فى رؤوسهم من علم » وما فى قلوبهم من 


OLE]‏ » وما يثمره الإيمان من عمل » على أن العمل فى نظر الإسلام لا يقاس 
بحجمه ولا عدده ¢ als Le]‏ بمدى إحسانه وإتقانه » وإحسان العمل فى 


الإسلام ليس نافلة » بل هو فريضة كتبها الله على المؤمنين » كما كتب عليهم 
الصيام وغيره من الفرائض 5 
يقول الرسول BE‏ : « إن الله كتب الإحسان على كل شئ » BB‏ قتلتم 


. متفق عليه عن عبد الله بن عمرو‎ )۲( ۲٤۷ : البقرة‎ )١( 
(VOTE) رواه مسلم عن أبى هريرة‎ )٤( . رواه مسلم عن أبى هريرة‎ (1) 


۷ 


فأحسنوا القتلة » واذا ذبحتهم فأحسنوا الذبحة 3 وليحد أحدكم شفرته 6 
وليرح ذبيحته » (' . 
والأصل فى كلمة « كتب » : أنها تفيد الوجوب والفرضية . 


٤‏ 75 و 
So By‏ ® اله يعن من اا ا ies‏ ان ی 


فكما أن av!‏ تعالى كتب الإحسان ف فى العمل وأوجبه . فهو يحبه ويحب 


بل إن القرآن لا a‏ من nil ١‏ بعمل « الحسن » . بل يدعوهم إلى 
عمل ١‏ الأ ٩‏ . قال تعالى واا اجن ما ارت الکو مرخ 
ek OCS‏ 


} فبشر عباد * الَدِينَ يستمعون القول فيتبعون أحسته ‏ *) . 


بل القرآن يأمر بجدال المخالفين بالتى هى أحسن : 8 وجادلّهم cal‏ هى 
ne 53 /‏ 5 )0( 
٠. Ta aoe‏ 


ays ~ Bow 2 Ps aes 5‏ 
ويأمر بدفع السيئة بالتى هى أحسن : ا ولا تستوى الحسنة ولا السيئة » 


ادقع Og ote ly‏ 
وی OF‏ قراب مال اليتيم aby‏ هى أحسن : ¥ ولا ربوا مال الح 
1 بلغ اشد 4 9 , ae‏ 


إلا Jb‏ هى أحسن حتى يبلغ أشده 
بل حعل القران الغاية من خلق الأرض Es‏ 
وخلق السموات والأرض وما سهما : ايتلاء المكلفين 8 أيهم م اخس ع 0:4 


. )١108( رواه مسلم من حديث شداد بن أوس‎ )١( 

)1( رواه البیهقی فى شعب الإيمان عن كليب . وحسنه فى صحيح الجامع الصغير (1491) . 
(۳) الزمر : ٥١‏ (4) الزمر : ۱۷ - ۱۸ (5) النحل : هم 

)1( فصلت : YE‏ (۷) الأنعام : (A) ١65‏ الكهف : لا 


tA 


كما نطقت بذلك عدة OUT‏ فى كتاب الله : ( هود : ۷ › والملك : 5 2 
والكهف : ۷ ) . فكأن التسابق بينهم ليس بين الحسن والسئ » بل بين 
الحسن والأحسن . وينبغى أن يكون هم الإنسان المؤمن التطلع أبداً إلى 
الأحسن والأرفع . وفى الحديث : ١‏ إذا سألتم الله الجنة »> فاسألوه 
الفردوس » فإنه أوسط الجنة » وأعلى EL‏ » وفوقه عرش الرحمن ONG‏ 

وفى حديث جبريل المشهور تفسير ١‏ الإحسان » حين سأل عنه جبريل فقال 
النبى عليه الصلاة والسلام : « الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه » فإن لم 
تكن تراه فإنه يراك » sO‏ 

وهذا تفسير لمعنى الإحسان فى العبادة » وأنه يعنى المراقبة والإخلاص لله 
تعالى » فالأعمال المقبولة عند الله تعالى لا ينظر إلى صورتها ولا إلى 
كمها » بل إلى جوهرها وكيفها . فكم من عمل مستوف لظاهر الشكل › 
ولكنه فاقد للروح الذى يهبه الحياة . ولذا لا يعتد به الدين » ولا يضعه فى 
ميزان القبول . 

يقول الله تعالى : # فويل لَلْمصلّين * الّذِينَ هم عن صلاتهم yale‏ 
pal‏ هم يرآاءُونَ 4 29 . : 

ويقول الرسول BB‏ فى شأن الصوم : ١‏ من لم يدع قول الزور والعمل به » 
فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه » ) » ويقول : « رب صائم ليس 
له من صيامه إلا الجوع » ورب قائم ليس من قيامه إلا السهر » 20 . 


Well رواه اليخارى فى كتاب التوحيد من صحيحه » باب : « وكان عرشه على‎ )١( 
(ENT: الفتح‎ ( 

(۲) متفق عليه عن أبى هريرة كما فى اللؤلؤ والمرجان رقم )0( © ورواه مسلم من 
حديث عمر رقم OA)‏ (۳) الماعون : 5 - ۷ 

(4) رواه البخارى عن أبى هريرة فى كتاب الصوم » كما رواه أصحاب الستن الأربعة . 

)0( قال المنذرى فى الترغيب : رواه ابن ماجه واللفظ له » والنسائى ٠»‏ وابن خزيمة = 


5 ) فقه الأولويات‎ -  ( 


7 


ey‏ : ® وما أمرواً إلا ليعبدوا الله مخلصين 1 له الدين 
dua a. E‏ الرسزن aN‏ : « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل 

so Wipes all تيضر نه إلى‎ wis, فمن كانت هجرته إلى الله‎ ms 
فهجرته إلى ما هاجر‎ ٠» ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها » أو امرأة يتزوجها‎ 
. 29 » إليه‎ 

ولهذا عنى علماء الإسلام بهذا الحديث ٠‏ وبدأ به البخارى جامعه الصحيح ٠‏ 
واعتبره بعضهم ربع الإسلام © وبعضهم ثلث الإسلام » لا للنية من أهمية فى 
قبول الأعمال » واعتبروه Lilie‏ لباطن الأعمال » كما أن حديث : « من 
عمل Sue‏ ليس عليه أمرنا فهو رد » ۳ EE‏ و ور 
ميزاناً لظاهر العمل . 

وسل gh‏ على الفضيل بن عياض عن « أحسن العمل » فى قوله تعالى : 

UOT SI >‏ عَمَّلاَ 4 © فقال : أحسن العمل : أخلصه وأصوبه . قيل 
له : ما أخلصه وما أصوبه ؟ فقال : إن الله لا يقبل العمل ما لم يكن خالصاً 
صواباً » BB‏ كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل » وإذا كان خالصاً ولم 
كن سوا wesley LS‏ ان يكرة ape 6 db‏ أن بكرن امل BO‏ 

وهذا معنى أحسن العمل فى أمر الدين والتعبد » وأما الإحسان فى أمر 
الدنيا » فهو الوصول به إلى درجة الجودة التى ينافس فيها غيره » بل يتفوق 
عليه » فلا مجال فى الحياة إلا للمتقنين . 


ومن الأحاديث النبوية التى لها دلالة فى هذا المقام : ما رواه مسلم وغيره 


= فى صحيحه » والحاكم وقال a‏ ا a‏ 
حظه من صيامه الجوع والعطش 6 ورب قائم دي tar one yee‏ 
oe‏ ا ا pS SGC‏ 
۳ برقم (۱۹۹۷) . )١(‏ البينة : 

Na RE سن عله‎ 

(۳) رواه مسلم عن عائشة بهذا اللفظ » وهو متفق عليه بلفظ : ١‏ من أحدث فى 
ااا لیر فيو رد 4ن )£( هود : ۷ 


عن أبى هريرة مرفوعاً : « من قتل وزغا فى أول ضربة كتبت له مائة حسنة ١‏ 
وفى الثانية دون ذلك » وفى الثالثة دون ذلك » 2١(‏ . 
فالحديث يرشد إلى أهمية إتقان العمل oes‏ أدائه » ولو كان فى أمر 
صغير كقتل الوزغة ( ما يسميه العامة : البِرْص ) » فهذا من إحسان القتل : ٠‏ 
« فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة » . وفى القتل السريع إراحة للمقتول أيأ كان . 
[pads deel pls V Las‏ وها الك jel Y‏ اعبار gol‏ بطرلها:: 
فقد يعمر الإنسان عمراً طويلاً > ولكن لا بركة فيه . وقد لا يطول عمره › 
ولكنه حافل بأعمال الخير » وخير العمل . 
وفى هذا يقول ابن عطاء الله فى حكمه : رب عمر اتسعت آماده + وقلّت 
أمداده » ورت فض فلا gst‏ » كثيرة أمداده ! من بورك له فى عمره 3 أدرك 
فى يسير من الزمن من منن الله تعالى » ما لا يدخل تحت دوائر العبارة » ولا 
تلحقه الإشارة ! 
وحسبنا أن BE‏ فى ثلاث وعشرين سنة - هى كل زمن البعثة - بارك 
لله فى حياته فأسس أعظم دين › oy‏ أفضل جيل » وأنشأ خير أمة » وأقام 
أعذل patil) « Uys‏ على الو تة الكافرة > واليهودية الغادرة > وورث aad‏ = 
يعد Obs‏ الله تة هاده > وميزة اة 
وأبو بكر رضى الله عنه فى سنتين ونصف استطاع أن يسحق المتنبئين 
الكذابين » ويعيد المرتدين إلى حظيرة الإسلام » ويجندهم فى فتح فارس 
والروم > وأن يؤدب مانعى الزكاة » ويحفظ للفقراء حقوقهم التى فرض الله 
لهم فى أموال الأغنياء » ويسجل التاريخ أن الدولة الإسلامية هى أول من 
قاتل من أجل حقوق الفقراء . 
(۱) رواه أحمد ومسلم ply‏ داود والترمذى وابن ماجه عن أبى هريرة - كما فى 
وتعليقنا على الحديث )۱۸١١(‏ . 


۵۱ 


وعمر بن الخطاب فى عشر سنوات : فتح الفتوح فى الخارج © وأرسى 
قواعد Uys‏ العدل والشورى فى الذاخل + وسن سنا نة لن بده أوليات 
عمر 21 ورسخ دعائم الفقه الجماعى > وخصوصاً فقه الدولة » القائم على 
اعتبار المقاصد » والموازنة بين المصالح « tl eye SLY Ge Jilly‏ 
على النصح للحاكم ونقده : « لا خير فيكم إذا لم تقولوها » ولا خير فينا 
إذا لم نسمعها » مع زهد فى الدنيا » وقوة فى الحق . وتحقيق للعدالة 
والمساواة بين الناس جميعاً » إلى حد الاقتصاص من ولاة الأقاليم وأبنائهم . 

وعمر بن عبد العزيز فى ثلاثين شهراً ( هى كل مدة خلافته ) : أحيا الله به 
من سان العدل والهدى » وأمات به من بدع الجور والضلالة » ورد من 
المظالم » وأقر من الحقوق » ما أعاد للناس الثقة بالإسلام » فأمنت الأنفس 
من خوف » وطعم الناس من جوع » وانتشر الرخاء » حتى أصبح صاحب 
الملل يهمه : أين يضع زكاته » فقد أغنى الله الناس . 

والإمام الشافعى عاش أربعاً وخمسين سنة - قمرية - (504-1900 ه ) 
وخلّف وراءه هذه الكنوز العلمية الجليلة الأصيلة . 

والإمام الغزالى عاش خمساً وخمسين سنة (450 - ٠٠۵‏ ه ) » وترك 
للأمة هذه الثرورة العلمية المتنوعة الهائلة . 

والإمام النووى عاش خمساً وأربعين سنة ( 1۷١ 511١‏ ه ) ترك فيها 
تراثا نفع الله به المسلمين كافة : فى الحديث وفى الفقه » من الأربعين النووية 
فى الحديث إلى شرح مسلم 6 ومن المنهاج فى الفقه إلى روضة الطالبين 
الجر :د وف clan Gud Sud ne‏ رالغات : 

والأئمة الآخرون مثل : ابن العربى والسرخحسى وابن الجوزى وابن قدامة 
والقرافى وابن تيمية وابن القيم والشاطبى وابن خلدون وابن حجر وابن الوزير 


oY 


وابن الهمام والسيوطى والدهلوى والشوكانى وغيرهم ملئوا الأرض علماً 
وفضلاً . 

إن من الناس من يموت قبل موته > وينتهى عمره وهو محسوب على 
الأحياء . ومنهم من يحيا بعد موته » ويخلف من صالح الأعمال ١‏ أو نافع 
العلم » أو صالح الذرية والتلاميذ ما يضيف إلى عمره أعماراً تطول 
gles‏ 


oY 


(¢) 


الأولويات .. فى مجال العلم 
والفكر 


أولوية العلم على العمل 


من أهم الأولويات المعتبرة شرعاً : أولوية تقديم العلم على العمل . 
فالعلم يسبق العمل 3 وهو دليله ومرشده : وفى حديث معاد J:‏ العلم 
إمام » والعمل تابعه » ° . 

ولهذا وضع الإمام البخارى UL‏ فى كتاب العلم من جامعه الصحيح جعل 
عنوانه « باب : العلم قبل القول والعمل » » وقال شرآحه : أراد به أن العلم 
شرط فى صحة القول والعمل » فلا يعتبران إلا به » فهو متقدم عليهما ٠‏ 
مصحح للنية » المصححة للعمل . قالوا : فنبّه البخارى على ذلك » حتى 
لا يسبق إلى الذهن - من قولهم : بأن العلم لا ينفع إلا بالعمل - تهوين أمر 
ae‏ ا 

واحتج البخارى ا ذكره ببعض بيعص الآيات والأّحاديث الدالة على دعواه . 


فمن الآيات قوله تعالى  :‏ فَاعلم 8 Y‏ إله إلا “asl‏ واستغفر لذنبك 
وللمؤمنين والمؤمتات ¢ (Y)‏ : فأمر رسوله بالعلم بالتوحيد NV‏ ٹم تی 
بالاستخفار ع وهو عمل . والخطاب وإن كان للنبى BE‏ فهو متناول لأمته . 

ومنها قوله تعالى : 8 إِنَّمَا یخشی الله من عباده الْعلَمَاء Og‏ > فالعلم 
هو الذى يورث الخشية 3 الدافعة إلى العمل 8 

ومن الأحاديث : قوله صلى الله عليه وسلم : ١‏ من يرد الله به خيراً يفقهه 
فى الدين Og‏ لأنه إذا فقه عمل » وأحسن ما عمل . 


)\( رواه ابن عبد البر وغيره عن معاذ مرفوعاً وموقوفاً 3 والصواب وقفه ‘ 


YA : فاطر‎ )۳( ١9 : محمد‎ (Y) 
طبعة دار الفكر‎ CNTY - ١04/١ : انظر : صحيح البخارى مع فتح البارى‎ )٤( 
. المصورة عن السلفية‎ 


oV 


: يستأنس به لتقديم العلم على العمل : أن أول ما نزل من القرآن‎ ley 


“we 


a>‏ ل oe‏ . ثم نزل العمل فى مثل LP:‏ يا أيها 


المد * قم فأنذر # وربك فكبر * * SL‏ فطهر ‏ 217 . 

وإنما كان العلم Late‏ على العمل > لأنه هو الذى بيز الحق من الباطل فى 
الاعتقادات » والصواب من الخطأ فى المقولات ٠‏ والمسئون من المبتدع فى 
العبادات » والصحيح من الفاسد فى المعاملات » والحلال من الحرام فى 
التصرفات ٠»‏ والفضيلة من الرذيلة فى الأخلاق © والمقبول من المردود فى 
المعايير » والراجح من المرجوح فى الأقوال والأعمال . 

ولهذا وجدنا كثيراً من المصنفين من علمائنا السايقين يبدأون مصنفاتهم 
ب « كتاب العلم ) . 

مثل ما صنع الإمام الغزالى فى كتابيه : ١‏ إحياء علوم الدين » » و« منهاج 
العابدين « . وكذلك فعل الحافظ المنذرى فى als‏ ) الترغيب والترهيب لك 
فبعد ذكر أحاديث فى النية والإخلاص واتباع الكتاب ا ج بدا بكتاب 
« العلم ٠‏ . 

وفقه الأولويات الذى نتتحدث عنه مبناه ومداره على العلم . فبه تعرف 
ما حقه أن يقدم ‘ وما كانه أن وخر . وبدون هذا العلم نخبط خبط عشواء . 

وما أصدق ما قاله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز : من عمل فى غير 
علم كان ما يفسد أكثر ما يصلح "° . 


() المدئر : ٤-١‏ 
(۲) انظر : جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر : ۲۷/١‏ » طبعة دار الكتب 
العلمية ببيروت . 


OA 


التقوى أو الإخلاص والحماس » وإنما كان ينقصهم العلم والفهم بمقاصد 
الشرع » وحقائق الدين 7 

وهذا ما وُصف به الخوارج الذين قاتلوا على بن أبى طالب رضى الله عنه » 
على فضله ومكانته فى نصرة الإسلام » وقربه من رسول الله نسب وصهراً 
وحباً » واستحلوا دمه ودماء من سواهم من المسلمين » يتقربون بذلك إلى 
الله !! 

وهؤلاء امتداد لمن اعترض على قسمة رسول الله BE‏ بعض الأموال » فقال 
له بجلافة وجهالة : اعدل ! فقال : ١‏ ويلك ! ومن يعدل إذا لم أعدل ؟ قد 
حبت إذن وحسرت إن لم أكن أعدل «! 

وفى رواية : أن هذا الجلف الجافى قال له : يا رسول الله ؛ اتق الله ! 
قال : ١‏ أو لست got‏ أهل الأرض أن يتقى الله » ؟! 

لم يفقه هذا ومثله سياسة تأليف القلوب » وما تجلبه من مصالح عظيمة 
udu‏ » وقد شرعها الله فى abs‏ » وأجاز الصرف فيها من الصدقات » 

ولما سأل بعض الصحابة قتل هذا المتطاول منعه الرسول الكريم . وحذر 
من ظهور طائفة على شاكلته وصفهم بقوله : « تحقرون صلاتكم مع صلاتهم » 
وصيامكم مع صيامهم 3 وعملكم مع عملهم 3 يقرأون القرآن لا يجاوز 
حناجرهم » يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية » . 

> ومعنى « لا يجاوز حناجرهم » : أى لا تفقهه قلوبهم » ولا تستضىء به 
عقولهم » ولا ينتفعون Le‏ تلوا منه » رغم كثرة الصلاة والصيام . 

Ley‏ وصفهم به كذلك : أنهم ١‏ يقتلون fal‏ الإسلام » ويدعون أهل 
الأوثان » © , ْ 


(1) انظر أوصافهم فى ١‏ اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان » أحاديث جابر 
وأبى Law‏ وعلى وسهل بن حنیف CEE - WA)‏ . 


64 


فآفة هؤلاء ليست فى ضمائرهم ولا نياتهم » بل فى عقولهم وأفهامهم . 
ولهذا وصفوا فى حديث آخر بأنهم : « حدثاء الآسنان »> سفهاء 
الأحلام mor‏ 

» هؤلاء من قَلَّة العلم » ونقص الفقه » فلم ينتفعوا بكتاب الله‎ UI LL, 
لكنها تلاوة بلا فقه » وربما فقهوه فقهاً أعوج » يناقض ما‎ » Lb, مع أنه يتلونه‎ 
5 أراد به منزله تبارك وتعالى‎ 

ولهذا حذر الإمام الجليل الحسن البصرى من الإيغال فى التعبد والعمل » 

oe‏ العام رالا جر تالو ace‏ العامل 

على غير ple‏ كالسالك على غير طريق » والعامل على غير علم يفسد أكثر مما 
يصلح » فاطلبوا العلم Ub‏ لا يضر بالعبادة » واطلبوا العبادة طلباً لا يضر 
بالعلم » فإن قوم طلبوا العبادة وتركوا العلم » حتى خرجوا بأسيافهم على 
أمة محمد BE‏ > ولو طلبوا العلم لم يدلهم على ما فعلوا » 29 . 


2 a 


© العلم شرط فى كل عمل قيادى ( سياسى أو عسكرى أو قضائى ) : 

ومن هنا كان العلم شرطا فى كل عمل Gold‏ » سواء IST‏ عملا سياسياً 
إدارياً > مثل عمل يوسف عليه السلام الذى قال له ملك مصر EY  :‏ 
ليدم Gal‏ مكين أمين * قال اجعلنى على ae‏ الأرض » Al‏ حفيظ 
عليم 4 OM‏ . فأشار إلى مؤهلاته الخاصة التى تر gee‏ العمل الكبير 
Gill‏ كان يشمل الالية والاقتصاد والتخطيط والزراعة والتموين فى ذلك 
الحين. وقوام هذه المؤهلات أمران : الحفظ ( وهو يعنى الأمانة ) » والعلم » 
ويراد بالعلم هنا : الخبرة به والكفاية فيه . 


)1( حديث على - المصدر السابق VEN)‏ . 
(؟) نقله ابن القيم فى مفتاح دار السعادة ص AY‏ )1( يوسف : ٥٤‏ - وه 


as 


وهذا Gily‏ ما جاء على OLS‏ ابنة الشيخ الكبير فى سورة القصص : 
OY‏ خير من اسا ت القری الأ 74 
أم کان العمل عسكرياً : كما قال تعالى فی تعليل اختيار طالوت ملكا على 
أولئك الملا من بنى إسرائيل : # قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطًةٌ فى 
العلم onli,‏ ي ٠ , ١‏ 
أم كان هذا العمل قضائياً » حتى إنهم اشترطوا فى القاضى - كما اشترطوا 
فى الخليفة - أن يكون مجتهداً » فلم يكتفوا فى مثله أن يكون (ales Whe‏ لغيره 
> لأن الأصل فى العلم هو معرفة الحق بدليله > دون التزام بموافقة زيد أو 
oe‏ عن النامن افا رن فلن قير و ال ن عر أن كر ceed‏ أو 
كانت له حجة واهية غير ناهضة » فليس هذا من العلم فى شئ . 
وإنما قبلوا قضاء المقلّد » مثلما قبلوا ولاية من لا فقه له » للضرورة . غير 
أن هناك حداً أدنى من العلم لا بد أن يكون لديه » وإلا قضى على جهل فكان 
من أهل النار . 
وفى الحديث GU‏ رواه بريدة عن رسول الله Be‏ أنه قال : « القضاة 
ثلاثة : اثنان فى النار » وواحد فى الجنة » رجل علم الحق فقضى به فهو فى 
الجنة » ورجل قضى للناس على جهل فهو فى النار > ورجل عرف الحق 
فجار فى الحكم » فهو فى النار » " . 


)1( القصص : ۲١‏ (۲) البقرة : ۲٤۷‏ 
)۳( رواه أصحاب Ce‏ الأربعة والحاكم عن بريدة 1 كما رواه الطبرانى gly‏ يعلى 
والبيهقى عن ابن عمر » كما فى صحيح الحامع الصغير (5555) 6 )٤٤٤۷(‏ . 


11. 


© ضرورة العلم للمفتى 

ومثل القضاء : الفتوى » فلا يجوز أن يفتى الناس إلا عالم متمكن فى 
علمه » فقيه فى دينه » وإلا حرم الحلال » وأحل الحرام » وأسقط الواجبات » 
أو en‏ الناس Le‏ لم يلزمهم الله » “aly‏ المبتدعات 2 أو بدع المشروعات 3 
وكفّر أهل الإيمان » أو برر كفر أهل الكفر . Wing‏ كله أو بعضه يقع ثمرة 
لغياب العلم والفقه » ولا سيما مع sel Al‏ على الفتيا »> واستباحة ee oo‏ 
لكل من هب Lay‏ . كما نرى ذلك فى عصرنا ٠‏ الذى أصبح أمر الدين فيه 
A era eae‏ لان قلق يالل قلت خط 
مع شدة pad‏ القرآن “on,‏ وساف الأأمة من اقتحام هذا الحمى الخطير > 
دون مؤهلاته وشروطه » وما أصعب استجماعها والتمكن منها ! 

ولقد ous‏ النبى BE‏ النكير على من Lye ped‏ بالفتوى فى عهده ٠»‏ فأفتوا 
رجلاً به جراحة أصابته جنابة أن يغتسل » دون رعاية لما به من جراح » فكان 
ذلك سببا فى موته » فقال عليه الصلاة والسلام : « قتلوه قتلهم الله ! 
ألا سألوا إذ لم يعلموا » فإنما شفاء العى السؤال KE] ٠»‏ كان يكفيه أن 
3 )\( 
يتيمم ... )` . 

فانظر كيف اعتبر النبى َيه فتواهم قتلاً له » ودعا عليهم بقوله : ١‏ قتلهم 
الله ٠‏ ! الفتوى الجاهلة إذن قد تقتل » وقد تدمر . ولهذا نقل ابن القيم وغيره 
الإجماع على تحريم الإفتاء فى دين الله بغير علم » وأدخله فى ضمن قوله 
تعالى : # ihe of‏ عَلَى الله YG‏ يَعلَمُونَ # ) . 

ونقل من الأحاديث وآثار الصحابة وأقوال GALS‏ ما يسد الطريق على 
الأدعياء والمتطفلين » وأنصاف العلماء 


)١(‏ روآه أبو داود عن جابر . ورواه أحمد وأبو داود والحاكم عن ابن عباس . انظر 
صحيح alt‏ الصغير (ETT) . ) ery)‏ . زفق الأعراف : ry‏ 


1۲ 


قال ابن سيرين : لأن يموت الرجل جاهلاً خير له من أن يقول ما لا يعلم . 
وقال أبو حصين الأشعرى : إن أحدهم ليفتى فى المسألة » ولو وردت على 
عمر لجمع لها أهل بدر ! 
فكيف لو رأى جرأة أهل عصرنا ؟! 
وقال ابن مسعود وابن عباس : من أفتى الناس فى كل ما يسألونه عنه فهو 
مجنون ! 
وقال أبو بكر : أى سماء تقلنى » وأى أرض تظلنى : إذا قلت ما لا أعلم ؟! 
وقال على + وابردها على GAS‏ = .ثلاث مرات - أن يسال الرجل Las‏ 
يعلم » فيقول : الله أعلم ! 
وكان ابن المسيب سيد التابعين لا يكاد يفتى إلا قال : اللّهم سلّمنى » 
0000 
وهذا كله دليل على خطر الفتوى » وضرورة التأهل لها بالعلم الراسخ » 
والأفق الواسع » مع الورع العاصم من اتباع هوى النفس أو أهواء الغير . 
ومن هنا يعجب المرء غاية العجب من شبان من Ob‏ العلم الشرعى - 
وكثيراً ما يكونون دخلاء عليه - يفتون باستعجال واستعلاء فى أعوص المسائل » 
est,‏ القضايا « Lela le wy) len,‏ الكان 6 بل يتاطون الاقينة 
العظام » والصحابة الأعلام » ويقولون فى غرور وانتفاخ : هم رجال » 
ونحن رجال !! 
وأول ما يفتقرون إليه هو معرفة قدر أنفسهم 6 ثم فقه مقاصد الشرع › وفقه 
حقائق الواقع » ولكن الغرور حجاب كثيف دون ذلك » ولا حول ولا قوة 
إلا al‏ . 


0 2 


)١(‏ انظر : إعلام الموقعين لابن القيم : 179/7 - 178 ٠»‏ طبعة السعادة بتحقيق 
محمد محيى الدين عبد الحميد . 


1۳ 


© ضرورة العلم للداعية والمعلّم : 
وإذا كان العلم مطلوباً للقضاء والفتوى » فهو مطلوب كذلك للدعوة 

والتربية . فقد قال الله تعالى لرسوله  :‏ فل هذه سبيلى أدعواً إلى الله » 
على ر 

فكل داع إلى الله - من أتباع محمد BE‏ - يجب أن تكون دعوته على 
فة ومع هذا أن ايكون على Gro‏ فو دعؤتة + ومغرقة رة با 
يدعو إليه . فيعلم : إلام يدعو ؟ ومن يدعو ؟ وكيف يدعو ؟ 

gs زليه شين‎ ley iene et نعو الى‎ cab eG als 
CD UB oD + 
: 9 8 ۹ 1 7 5 رەو‎ 


رو Oe‏ ع موسر ابوه عافن Galas: Alla Gal‏ 

ويقال : الربانى : الذى يربى الناس بصغار العلم قبل كباره . 

قالوا : والمراد بصغار العلم 1 ما وضح من مسائله » وبكباره : ما دق منها . 
وقيل : .يعلمهم جزئياته قبل كلياته » أو فروعه قبل أصوله ٠‏ أو مقدماته قبل 
ts‏ 

والمقصود هو : التدرج فى التعليم 6 ومراعاة ظروف المتعلمين ¢ وقدراتهم ¢ 
والترقى بهم من درجة إلى أخرى . 

وتما يوجبه العلم فى مقام الدعوة والتعليم : أن يأخذ الداعية والمعلّم الناس 

)1( يوسفا : ۱۰۸ (۲) آل عمران : ۷۹ 

(۳) ذكره البيخارى معلقاً فی كتاب العلم من صحيحه . وقال الحافظ فى الفتح : 


وصله ابن أبى عاصم بإسناد حسن » والخطيب پإسناد آخر حسن : 131/1 
)2( الفتح : ١7/١‏ 


1٤ 


بالتشر لا التعسيز + tsb‏ الا العتفير + كماافن Gall Et‏ غلية.: 
ly pa?‏ ولا Ly puss‏ > وبشّروا ولا es‏ , 

قال الحافظ فى شرح الحديث : المراد تأليف من قرب إسلامه » وترك 
التشديد عليه فى الابتداء » وكذلك الزجر عن المعاصى © ينبغى أن يكون 
بالتدريج . لأن الشئ إذا كان فى ابتدائه سهلاً » حبّب إلى من يدخل فيه » 
وتلقاه BLL‏ » وكانت عاقبته غالبا الازدياد » بخلاف ضده 9) . 

وليس التيسير مقصوراً على قريب العهد بالإسلام » كما قد يفهم من كلام 
الحافظ . بل هو أمر عام ودائم » ولكنه ألزم ما يكون لحديث العهد 
بالإسلام أو بالتوبة » أو بكل من يحتاج إلى التخفيف من مريض أو كبير سن 
أو ذى حاجة . 

ومن مقتضيات العلم : أن يجرعوا من المعارف الدينية ما يطيقونه » وتسيغه 
معدتهم العقلية » ولا يُحدنُوا ا تنكره عقولهم » فيكون ذلك فتنة عليهم 
أو على بعضهم . 

وفى هذا يقول على رضى الله عنه : Lge‏ الناس Le‏ يعرفون » ودعوا 
ما يتكرون : أتريدون أن CIS‏ الله ورسوله ؟! 9 . 

ويقول ابن مسعود رضى الله عنه : ما أنت بمحدث قوماً hte‏ لا تبلغه 


عقولهم » إلا كان لبعضهم فتنة ) . 


* om at 


)1( رواه الشيخان عن أنس ء كما فى اللؤلؤ والمرجان )11١1(‏ . 

(؟) الفتح : ۱١۳/۱‏ 
. (۳) رواه البخارى فى « كتاب العلم ٠‏ موقوفاً على على رضى الله عنه ( انظر الفتح : 
۲۵/۱ ). 

. رواه مسلم فى مقدمة الصحيح موقوفا على ابن مسعود - المصدر السابق‎ )٤( 


5 10 
(0- فقه الأولويات ) 


أولوية الفهم على مجرد الحفظ 


وأحب أن أنبه هنا - ونحن نتحدث عن أسبقية العلم على العمل - على 
أمر مهم > يدخل فى فقه الأولويات أيضاً . وهو : أولوية علم الدراية على 
علم الرواية » وبعبارة أخرى ٠‏ أولوية الفهم والفقه على مجرد الاستيعاب 
والحفظ : والعلم الحقيقى هو الذى يتمثل فى الفهم والهضم . 

والإسلام Le]‏ يريد منا : التفقه فى quill‏ » لا مجرد تعلم الدين » كما فى 
قوله تعالى : TH VED‏ من كل فركة مهم طائقة Lee‏ فى coil‏ 
ولينذروا قَومَهُم إا رجعوأ إليهم لَعَلّهُم يَحَدَرُونَ چ (2© . 

وفى الحديث الصحيح : ١‏ من يرد الله به خيراً يفقهه فى الدين » 

والفقه شئ أعمق وأخص من العلم ٠‏ إنه الفهم ٠‏ والفهم الدقيق 6 
ولذا نفاه الله تعالى عن الكفار والمنافقين » حين وصفهم بأنهم : «9 قوم 
لا يفقهون 4 29 . 

وفى حديث أبى هريرة عند مسلم  :‏ الناس oles‏ كمعادن الذهب والفضة › 
خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا » . 


0 


وفى حديث أبى موسى فى الصحيحين : ١‏ مثل ما بعثنى الله به من الهدى 
والعلم » كمثل الغيث الكثير » أصاب Lat‏ فكان منها نقية قبلت الماء » 
فأنبتت الكل والعشب الكثير » وكان منها أجادب أمسكت الماء » فنفع الله بها 
الناس » فشربوا وسقوا وزرعوا » وأصابت منها طائفة أخرى » إنما هى قيعان 


. )516( متفق عليه عن معاوية - اللؤلؤ والمرجان‎ (Y) ١77 : التوبة‎ )١( 
١ : الأنفال : 56 .> والحشر‎ )۳( 


11 


lee Ws ES EES CS Nye hee v 
لم يرفع بذلك رأساً » ولم يقبل هدى الله‎ oe الله به » فعلم وعلّم . ومثل‎ 
OY » الذى أرسلت به‎ 

فالحديث يمثل ما جاءت به النبوة من الهدى والعلم بالغيث العام الذى 
يحيى الأرض الميتة » كما God‏ علوم الدين القلوب الميتة . كما fhe‏ أنواع 
الناس فى تلقيهم لهذا العلم بأنواع الأرض المختلفة . فأعلى الأصناف هو 
الذى يفقه العلم pity‏ به ويعَلّمه » فهو کالأرض الطيبة النقية التى تشرب الماء ١‏ 
فتنتفع به وثنبت الكل والعشّب الكثير . وأدنى من ذلك - النوع الثانى : من 
لهم قلوب حافظة » وليست لهم أفهام ثاقبة » ولا رسوخ لهم فى العقل 
يستنبطون به المعانى والأحكام . . فهؤلاء يحفظونه حتى يأتى طالب محتاج 
متعطش لما عندهم من العلم falc‏ للنفع والانتفاع » فيأخذه منهم » فينتفع به . 
فهؤلاء نفعوا بما بلغوا . فهذا الصنف Apc‏ الأرض الحدباء التى يستقر فيها 
الماء فتمسکه » حتى يأتى من يشرب منها ويسقى ويزرع . وهذا هو الشار إليه فى 
الحديث المشهور : « نضر الله امرءاً سمع مقالتى فوعاها , Wal‏ كما سمعها » 
ا ا 

والنوع الثالث : هم الذين ليس لهم فهم ولا حفظ » ولا علم ولا عمل . 
فهم كالأرض السبخة التى لا تقبل الماء » ولا تمسكه لغيرها "° . 


. CVEVY) متفق عليه كما فى اللؤلؤ والمرجان . حديث‎ )١( 

(۲) الحديث مروى بصيغ مختلفة عن زيد بن ثابت » وابن مسعود ؛ وأنس وغيرهم » 
كما فى صحيح الجامع الصغير CIAL = WY)‏ . 

)1( انظر شرح الحديث فى الفتح : ۱۷۷/١‏ » والنووى على مسلم » نقله صاحب 
«اللؤلؤ والمرجان ٠‏ ص 1٠0١‏ 


W 


هم أهل الفهم والفقه 6 وبعدهم أهل الحفظ « E‏ الدراية 0 
على « الرواية » » وفضل ١‏ الفقهاء » على « الحفاظ » . 

وفى خير قرون UV‏ - القرون BI‏ الأولى - كانت المكانة والصدارة ‏ للفقيه» 
وفى عصور الانحدار والتراجع كانت المكانة والصدارة » للحافظ « ! 

لا أريد أن أقول : إن الحفظ ليس له أى قيمة مطلقاً » وإن الذاكرة فى 
الإنسان لا جدوى لها » فهذا غير صحيح ‘ ولكن أقول : إن الحفظ هو 
جرد ate ol) 6 legal, Goliad Oye‏ يعد ab. US‏ لس 
مقصوداً لذاته » وإنما هو وسيلة لغيره . والخطأ الذى وقع فيه المسلمون هو 
اهتمامهم بالحفظ أكثر من الفهم » وإعطاؤه أكثر من حقه وقدره : 

ولهذا نجد مبالغة فى تكريم BUD‏ القرآن الكريم » على ما لذلك من فضل » 
حتى إن مسابقات تُعقد فى عدد من الأقطار pao‏ فيها جوائز قيّمة » تبلغ 
عشرات الآلاف للشخص الواحد » وهذا أمر يقدر ويشكر . 

و 5 

ولكن لم يرصد مثل هذه الجوائز ولا نصفها ولا ربعها للنابغين فى العلوم 
الشرعية المختلفة من التفسير والحديث والفقه pels‏ والعقيدة والدعوة » مع 
أن حاجة الأمة إلى هؤلاء أكثر » ونفعهم أعظم وأغزر . 

وما Gly‏ به التعليم العام فى أوطاننا : أنه يعتمد على الحفظ وه الصمّ » 
لا على الفهم والهضم . ولهذا ينسى المرء WE‏ ما تعلّمه بعد أداء الامتحان 6 
ولو أن ما تعلّمه كان مني على الفهم والفقه والتمثل لرسخ فى ذهنه » ولم 
يتعرض بهذه السرعة للزوال . 


VA 


أولوية المقاصد على الظواهر 


وما يدخل فى « الفقه » المراد : الغوص فى مقاصد الشريعة » ومعرفة 
أسرارها وعللها » وربط بعضها ببعض »> ورد فروعها إلى أصولها . 
وجزثياتها إلى كلياتها » وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ظواهرها ٠‏ والجمود 
على حرفية نصوصها . 

قمر اقل الذي cds‏ عله ES ye BISA yo peat‏ رال LS‏ 
دل عليه استقراء الأحكام الجزئية فى مختلف أبواب العبادات والمعاملات » 
وسائر العلاقات الأسرية والاجتماعية والسياسية والدولية : أن للشارع أهدافا 
فى كل ما شرعه أمراً أو نهياً » أو إباحة » فلم يشرع شيئا تحكماً ولا اعتباطاً » 
بل شرعه لحكمة تليق بكماله تعالى » وعلمه ورحمته وبره بخلقه . فإن من 
أسمائه ‏ العليم الحكيم » . فهو حكيم Lad‏ شرع وأمر » كما أنه حكيم فيما 
خلق وقدر . تتجلى حكمته فى عالّم الأمر » كما CAA‏ فى عالم الخلق : 
« آلا GENS‏ 29 € » فكما أنه لم يخلق the tet‏ » كذلك لم 
يشرع et‏ جزافاً . 

وكما قال أُولو الألباب فى خلقه : # ربَنًا ما cae‏ هذا SG‏ 
سال 1104 ترق ops‏ فى قرع bly‏ فرعت PSL Wa‏ 


وآفة كثير ممن اشتغلوا بعلم الدين : أنهم طفوا على السطح › ولم ينزلوا 
إلى الأعماق ٠»‏ لأنهم لم يؤهلوا للسباحة فيها » والغوص فى CLE‏ 
والتقاط لآلئها » فشغلتهم الظواهر » عن الأسرار والمقاصد » وألهتهم الفروع 


۱۹۱ : الأعراف : 65 (۲) آل عمران‎ )١( 


515 


عن الأصول > وعرضوا دين الله وأحكام شريعته على عباده » تفاريق متناثرة 
لا يجمعها جامع ٠»‏ ولا ترتبط بعلّة » فظهرت الشريعة على ألسنتهم وأقلامهم 
كأنها قاصرة عن تحقيق مصالح الخلق » والقصور ليس فى الشريعة » وإنما هو 
فى أفهامهم ٠»‏ التى قطعت الروابط بين الأحكام بعضها وبعض ٠‏ ولم يبالوا أن 
يفرقوا بين المتساويين » ويجمعوا بين المختلفين » وهو ما لم تأت به الشريعة 
قط » كما بين ذلك المحققون الراسخون . 

وكثيراً ما أدت هذه الحرفية الظاهرية إلى تحجير ما ay‏ الله » وتعسير 
ما يسر الشرع » وتجميد ما من شأنه أن يتطور » وتقييد ما من شأنه أن يتجدد 


ویتحرر 5 


أولوية الاجتهاد على التقليد 


ومن هذا الباب : أولوية الاجتهاد والتجديد على التكرار والتقليد . وهذا 
مرتبط بفقه المقاصد الذى أشرنا إليه » وبقضية الفهم والحفظ أيضاً . 

فالعلم عند السلّف من علماء الأمة ليس هو مجرد معرفة الأحكام ٠»‏ وإن 
كان عن طريق تقليد الغير » وتبنى قوله ولو لم تكن له حجة مقنعة » فهو 
يعرف الحق بالرجال » ويتبع الأشخاص لا الأدلة . 

العلم عندهم هو : العلم الاستقلالى ٠‏ الذى يتبع فيه الحجة > ولا يبالى 
أوافق زيداً أو عمراً من الناس » فهو يسير مع الدليل حيثما سار » ويدور مع 
الحق الذى يقتنع به حيثما دار . 

استدل ابن القيم على منع التقليد وذمه بقوله تعالى  :‏ ولا تقف ما ليس 
لَك به JE) ode‏ والتقليد ليس بعلم باتفاق أهل العلم . وذكر فى 
« إعلام الموقعين » أكثر من ثمانين وجهاً فى إبطال التقليد » والرد على 
Sit‏ اا 17 

وإذا كان الجمود على ظواهر النصوص مذموماً » كما هو شأن الظاهرية 
القدامى والجدد » فأدخل منه فى الذم : الجمود على ما قاله السابقون » دون 
مراعاة لتغيّر زماننا عن زمانهم » وحاجاتنا عن حاجاتهم ٠‏ ومعارفنا عن 
معارفهم . وأحسب لو تأخر بهم الزمن حتى رأوا ما رأينا » وعاشوا ما عشنا 
- وهم أهل الاجتهاد والنظر - لغيروا كثيراً من فتاواهم واجتهاداتهم . كيف 


۳١ : الإسراء‎ )١( 
› طبعة السعادة بمصر‎ . ۲٠١ - VIA انظر الجزء الثانى من إعلام الموقعين ص‎ (1) 
. بتحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد‎ 


۷۱ 


وقد غير أصحابهم من بعدهم كثيراً منها » لاختلاف العصر والزمان » رغم 
OS‏ ما بين أولئك وهؤلاء ؟ بل كيف وقد غير الأئمة أنفسهم كثيراً من أقوالهم 
فى حياتهم ١‏ تبعاً لتغير اجتهادهم ؛ بتأثير السن أو النضج أو الزمان أو المكان ؟ 

حتى إن الإمام الشافعى رضى الله عنه كان له مذهب قبل أن يستقر فى مصر 
عرف pul‏ « القديم » » ومذهب بعد استقراره فى مصر عرف باسم ١‏ الجديد » . 
وما ذاك إلا لأنه رأى ما لم يكن قد رأى 6 وسمع ما لم يكن قد سمع . 

والإمام أحمد قد روى عنه فى القضية الواحدة عدة روايات متباينة » وما ذاك 
إلا لأن فتواه تختلف باختلاف الظروف والأحوال . 


vy 


أولوية الدراسة والتخطيط لأمور الدنيا 


وإذا كنا نقول بضرورة سبق العلم على العمل فى أمور الدين » فنحن نؤكد 
ضرورة ذلك فى شؤون الدنيا أيضاً . 

فنحن فى عصر يؤسس كل شئ على العلم . ولم يعد يقبل الارتجال 
والغوغائية فى أمر من أمور ال حياة . 

فلا بد GY‏ عمل ole‏ من الدراسة قبل العزم عليه » ولا بد من الاقتناع 
بجدواه قبل البدء فيه » ولا بد من التخطيط قبل التنفيذ » ولا بد من الاستعانة 
بالأرقام والإحصاءات قبل الإقدام على العمل . 

رلقد ذكرت wel olay GS Ub‏ الى of ٠‏ الاخضاء والتخخطيط 
والدراسة قبل العمل » كلها من صميم الإسلام » والرسول BE‏ كان أول من 
أمر بعمل إحصائى منظم لمن آمن به بعد هجرته إلى المدينة . ولقد ظهر أثر 
التخطيط فى سيرته فى صور ومواقف شتی ) . 

وأولى الناس بالتخطيط لغدهم : رجال الحركة الإسلامية » فلا يدعون 
الأمور تجرى فى أعنتها » من غير انتفاع بتجارب الأمس › ولا رصد لوقائع 
اليوم » ولا تقويم للصواب والخطأ فى الاجتهادات » ولا مقدار المكاسب 
والخسائر فى المسيرة بين الأمس واليوم » ولا معرفة دقيقة بما لدينا من طاقات 
IRs‏ ادر كر نكري + ظاهرة أن انه @ Wicks‏ أو مهدر ve Wasa‏ 
مصادر القوة ونقاط الضعف عندنا » وكذلك عند خصومنا . ومن هم خصومنا 
الحقيقيون ؟ من الخصوم الدائمون والخصوم العارضون ؟ من منهم يمكن 


)\( انظر d Luks‏ الرسول والعلم & 6 طبعة مؤسسة الرسالة - بيروت 6 ودار 
الصحوة بالقاهرة . 


vy 


كسبه ؟ ومن لا کن كسبه ؟ من يمكن محاورته ومن لا يمكن ؟ فلا ينبغى 
التسوية بين الخصوم وهم - فى الواقع - متفاوتون . 

إن هذا كله لا يعرف إلا بالعلم والدراسة الموضوعية » البعيدة عن حكم 
العواطف ٠‏ المتحررة من تأثيرات الظروف الشخصية والبيئية والوقتية ما استطاع 
الإنسان أن يتجرد » Of‏ التحرر الكامل والمطلق يكاد يكون مستحيلاً . 


V٤ 


الأولويات فى الآراء الفقهية 


وما ذكرناه من أولوية الفهم على الحفظ » وأولوية المقاصد على الظواهر » 
وأولوية الاجتهاد على التقليد » نحتاج إليه هنا فى الأحكام الشرعية الاجتهادية » 
والآراء الفقهية إذا اختلفت وتباينت » فكيف تُرجّح بينها » ونْقَدّم بعضها على 
بعض ؟ 

إن الترجيح هنا لا يتم اعتباطا » وخبط عشواء » كما لا يتبع فيه الهوى › 
بل لا بد فيه من معابير يرجع إليها » وعو عليها . 

وفى كتب الأصول باب طويل الذيول ٠‏ كبير الأهمية » حول التعادل 
والترجيح › وقد يعبر عنه باسم « التعارض والترجيح » . 

كما تعرص له أئمة الحديث فى علوم الحديث فيما يتعلق EL‏ بعضها 
وبعض . 

ولكنن هنا der cat le asl of af‏ لها BIL dole Gaal‏ إلى Lally‏ 
المعاصر » وما يمور به من أفكار » وما يعترك فيه من آراء » سواء بين المسلمين 
وخصومهم من المتغربين والعلمانيين . أم كان بين المدارس والتيارات الإسلامية 
المختلفة بعضها وبعض 6 ولا سيما الذين يعملون فى ساحة الدعوة والإصلاح 
والعمل الإسلامى » بأهدافه المتنوعة » ومناهجه المتباينة » وفصائله المتعددة . 

ما الآراء التى لا تحتمل الخلاف قط » ولا يقبل فيها رأی آخر › ولا مجال 
فيها لتسامح ؟ 

وما الآراء التى تقبل نسبة - ولو ضئيلة - من التسامح ؟ 

والآراء التى تتسع للكثير من الخلاف والتسامح ؟ 


© التفريق بين القطعى والظنى : 
فمن المقرر لدى أهل العلم : أن ما ثبت بالاجتهاد غير ما ثبت بالنص » 
oly‏ ما ثبت بالنص وأيله بالإجماع المتيقن غير ما ثبت بالنص واختلف فيه 4 
والاختلاف فيه دليل على أنه أمر اجتهادى 2 والأمور الاجتهادية لا ینکر فيها 
عالم على آخر » لكن يناقش بعضهم Lan‏ فيها بالاحترام المتبادل . كما أن 
ما ثبت بالنص يختلف Les‏ من حيث قطعيته وظنيته . 
فمن النصوص ما هو ظنى الثبوت » ظنى الدلالة معا . 
ومنها : ما هو قطعى الثبوت » ظتى الدلالة . 
وظنية الثبوت تختص بالسنّة غير المتواترة » والمتواتر : ما رواه جمع عن 
جمع من أول السند إلى منتهاه يستحيل عادة تواطؤهم على الكذب © والآحاد 
aye‏ 
ومن العلماء من قال : إن التواتر فى السنّة عزیز › ولا يكاد يوجد ¢ 
ومنهم من توسّع فى ذلك » حتى ذكر بعض الأحاديث الضعيفة » التى رفضها 
مثل الشيخين » فليحذر من دعوى التواتر بغير برهان . 
ومنهم من ألحق بالمتواتر أحاديث احتفت بها القرائن مثل تلقّى الأمة لها 
وظنية الدلالة تشمل السئة والقرآن جميعاً : فمعظم النصوص فيها تحتمل 
تعدد الأفهام والتفسيرات ٠‏ لأن ألفاظ BU‏ بطبيعتها فيها الحقيقة والمجاز 
والكناية » والخاص والعام » والمطلق والمقيّد » وتحتمل الدلالة المطابقية » 
والدلالة التضمنية » والدلالة الالتزامية . 


v1 


وكثيراً ما تخضع الأفهام لعقول الناس وظروفهم واتجاهاتهم النفسية 
والعقلية od.‏ يفهم من النص غير ما يفهمه pall‏ . ولذا عرف تراثنا 
شدائد ابن عمر » ورخص ابن عباس . وذو الأفق الواسع يفهم منه غير 
فس SAN Sh‏ لقوق :للها مدق ا لسري alll‏ روه 
يفهم منه غير ما يفهمه الظاهرى الحرفى ٠‏ الذى يجمد على ظاهره لا يحيد 
عنه . وفى قضية الأمر بصلاة العصر فى بنى قريظة أبلغ دليل على ذلك . 

ولله حكمة فى أن جعل النصوص قابلة لمثل هذا الت . لنسع الناس 
جميعا » باتجاهاتهم المتباينة . ولهذا أنزل كتابه الخالد » منه آيات محكمات 
هن أم الكتاب » وأخر متشابهات . 

ولو شاء الله أن يجمع الناس على فهم واحد ¢ shy‏ واحد » لأنزل كتابه 
كله آيات محكمات » وجعل النصوص كلها قاطعات . 

والقرآن كله قطعى الثبوت من غير شك ٠»‏ ولكن AST‏ آياته - فى جزئیاتها 
- ظنية الدلالة » ولذا اختلف الفقهاء فى الاستنباط منها . 

ولكن القضايا الكبرى مثل Gag‏ والنبوة والجزاء وأصول العبادات 
وأمهات الأخلاق ( فضائل ورذائل ) » والأحكام الأساسية للأسرة والميراث › 
والحدود والقصاص > ونحو ذلك قد بينتها آيات محكمات » تقطع النزاع › 
وتجمع الكل على كلمة سواء . 

وأكدت “هذه القضايا :+ 'المنئة السوية فرلا وفع وتقزيرا كا nist‏ 
الإجماع اليقينى من علماء الأمة » واقترن بها التطبيق العملى من الأمة . 

ومن هنا : لا يجوز الخلط - جهلاً أو قصداً - بين النصوص بعضها 
وبعض . 

فقد يعذر من يرد نصا ظنيآ فى ثبوته » إذا قام لديه دليل على عدم ثبوته 
Oe‏ . 


VV 


وقد یعذر من يرد رأيا فى نص ظنى فى دلالته » أو یفسره تفسيراً جدیداً غير 
ما jee ayo OSG a ond‏ : 

وقد لا يعذر هذا ولا ذاك » فى ردهما النص الظنى Be‏ كان ظاهر 
التمحل » أو التلفيق . ولكنه لا يكر ويخرج من الله بسبب موقفه هذا » 
أقصى ما فيه أن pod‏ » أى يرمى بالبدعة » والخروج عن النهج المعتاد لأهل 
السنة » وحسابه على الله تعالى . وليس هذا لكل من هب ودب ٠‏ بل 
للمحققين من أهل العلم الثقات . 

إنما الذى يرفض lie‏ وينبذ قائله : هو رد النصوص القطعية الثبوت والدلالة 
جميعاً » فهذه - وإن كانت قليلة - تعتبر فى غاية الأهمية فى الدين » لأنها 
هن Sie gl LS coll‏ العقيدية "والفكرية get‏ رة ALN Sally‏ :+ 
وهى التى يحتكم إليها عند النزاع » ويرجع إليها عند الاختلاف ٠‏ فإذا غدت 
هی الأخرى مثار نزاع واختلاف » SB‏ أى شئ يرجع الناس ؟! 

ومن هنا Ue‏ فى كتبنا من تلك المؤامرة الفكرية التى تعمل على تحويل 
القطعيات إلى ظنيات » والمحكمات إلى متشابهات » مثل الذين يجادلون فى 
آية تحريم الخمر : 8 إِنَّمَا oly peal‏ والأنصاب والأزلام , رجس من 
عمل الشيطان فاجتنبوه KL‏ تفلحون € ٠‏ » والتشكيك فى دلالة 
كلمة « فاجتنبوه » على التحريم . 

ومثل الذين يجادلون فى تحريم الربا » ومثل الذين يجادلون فى تحريم لحم 
الخنزير » ومثل الذين يجادلون فى ميراث المرأة » أو فى قوامية الرجل على 
ei‏ او ف وجوت اكاك( عقن لد i lg GN‏ اة 
أو غير ذلك ما ثبت بنصوص قطعية الثبوت والدلالة » وانعقد عليها إجماع 
الأمة » واستقرت عليه فقهآ وعملاً » نظراً وتطبيقاً » أربعة عشر قرنا من 
الزمان . 


4.٠ : المائدة‎ )١( 


VA 


إن هذه 5 الواضحة البيّنة من الدين هى Le‏ يطلق عليه العلماء ٠‏ ما le‏ 
من الدين بالضرورة » أى يعرفه الخاص والعام من المسلمين » دون حاجة إلى 
إقامة دليل عليها » OY‏ أدلتها متكاثرة ومعروفة » وراسخة فى وجدان الأمة . 

وهذه هى ھی التی يحكم على جاحدها بالكفر › وينبغى قبل هذا الحكم أن 

lp‏ عن ا وثقام عليه الحجّة ‏ ويقطع عنه العذر » وبعد 
ذلك يعزل عن جسم الأمة » ويقضى عليه بالانفصال منها . 

فينبغى التركيز على القطعيات المجمع عليها » لا على الظنيات المختلف فيها › 
والذى أضاع الأمة إنما هو إضاعتها للقطعيات » والمعركة بين دعاة الإسلام 
اليوم فى sloeil‏ العالّم الإسلامى وبين دعاة العلمانية i} 4229 UI‏ تدور حول 
القطعيات : قطعيات العقيدة » وقطعيات الشريعة » وقطعيات الفكر » 

إن هذه القطعيات هى التى يجب أن تكون أساس التفقيه والتثقيف › 
وأساس الدعوة والإعلام 4 وأساس التربية والتعليم 3 وأساس الوجود 
الإسلامى كله 1 

وإن من أخطر الأشياء على الدعوة الإسلامية 8 وعلى العمل الإسلامى 8 
جر الناس باستمرار إلى الأمور الخلافية » التى لا يتتهى الخلاف فيها » وإدارة 
الملاحم الساخحنة حولها 3 وتصئيف الناس على أساس مواقفهم منها ( وتحديد 
الولاء لهم أو البراءة منهم بناء على ذلك ١‏ 

هذا مع أننا.قد وضحنا بالأدلة القاطعة فى كتابنا « الصحوة بين الاختلاف 
المشروع والتفرق المذموم » أن هذا النوع من الاختلاف ضرورة » ورحمة » 
وسعة 6 وأن إزالته غير ممكنة ¢ وغير مفيدة 3 
فى قضية عقدية أو فقهية أو سلوكية » فهذا مستحيل » وما عمل العلماء إذن 
إذا لم يصححوا ويضعفوا ويرْجّحوا ويختاروا ؟ 

7 


Ly‏ الذى أنكره أن يكون هذا هو شغلنا الشاغل » وأن نُعنّى بالمختلّف فيه 
أكثر من عنايتنا Gall‏ عليه » وأن نهتم بالظنى فى حين أعرض الناس عن 
الق 

كما أن من الخطل والخطر : أن نعرض على الناس القضايا المختلف فيها 
اختلافا كبيراً » على أنها قضايا VLG‏ نزاع فيها ولا خلاف عليها › 
متجاهلين رأى الآخرين » الذين لهم وجهتهم ولهم أدلتهم ٠‏ مهما يكن من 
رأينا نحن فيها » وعدم اعتبارنا لها . 

وير ها oA ee‏ هو ران لالهو Pete Ui‏ 
وهو - وإن لم يكن معصوما لأنه ليس بإجماع مستيقن - لا يجوز أن Spee‏ 
من شأنه . 

وذلك مثل الذين يدعون إلى وجوب تغطية الوجه ولبس النقاب » معتبرين 
أن رأيهم هو الصواب GU‏ لا يحتمل الخطأ » مشددين النكير على من 
خالفهم » مع أنهم يخالفون رأى الجمهور الأعظم من الأئمة والفقهاء » كما 
يكالفون Uo‏ الواضفحة اة من الكناف Joey Lolly‏ الصهانة + 

ولقد ساءنى أن أحد الدعاة قال فى خطبة له مسجلة : إن كشف وجه المرأة 
مثل كشف قَرجها ! وهذا غلو عظيم » لا يصدر من ذى فقه وبصيرة . 

وأود أن أنبه هنا : أن آراء بعض العلماء المعتبرين قد تكون شاذة فى بيئة 
معينة » وفى عصر معيّن » لأنها سابقة لزمنها » ثم لا يثبت أن يأتى عصر 
آخر تجد فيه من يؤيدها ويشهرها » حتى تغدو هى عماد الفتوى » كما حدث 
لآراء الإمام ابن تيمية رضى الله عنه . 


(0 ) 


الأولويات .. فى مجال الفتوى 


)+1 - فقه الأولويات ) 


أولوية التخفيف والتيسير 
على التشديد والتعسير 
ومن الأولويات المطلوبة هنا » وخصوصاً فى مجال الإفتاء والدعوة : 


lis etal ce‏ وال ان ال وات ات إلى الله 


تعالى وإلى رسوله BE‏ 
يقول الله تعالى : > يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم adh‏ ) . 
ais‏ ا : # يريد الله أن يفف عنكم وخلق الإنسان 
قر ينا * 2 . 


سے م Fer‏ 


ويقول “Pes Se‏ : # ما يريد الله ليجعل عليكم من Om‏ 


ويقول الرسول الكريم : « خير دينكم E‏ » « أحب الأديان إلى 
الله الحنيفية السمحة » (°) . 


وقول le‏ .ما حير رسول الله GUE‏ بين آمرين > إلا الخد ايس رهما 
ما لم يكن إثمآ » BE‏ كان إثما كان أبعد الناس عنه MY‏ 


٦ : المائدة‎ )۳( YA : النساء‎ )۲( ۱۸١ : البقرة‎ )١( 
© رواه أحمد والبخارى فى الأدب المفرد » والطبرانى عن محجن بن الأدرع‎ )٤( 
وابن عدى والضياء‎ ٠ عن عمران بن حصين . والطبرانى فى الأوسط‎ Lal والطبراني‎ 
. ) ۳۳٠۰۹ : عن أنس ( صحيح الجامع الصغير‎ 
. )11١ : رواه أحمد واليخارى فى الأدب المفرد والطبرانى عن ابن عباس (المصدر السابق‎ (0) 
. )١6١ 5( متفق عليه » كما فى اللؤلؤ والمرجان‎ )5( 


AY 


ويقول صلى الله عليه وسلم : ١‏ إن الله يحب أن تؤتى رخصه › كما یکره 
أن تؤتى معصيته  »‏ . 

ويتأكد ترجيح الرخصة واختيار التيسير » إذا ظهرت الحاجة إليها » لضعف 
أو مرض أو شيخوخة أو لشدة مشقة » أو غير ذلك من المرجحات . 

روى جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله BB‏ فی سفر » فرأى زحاماً 
ورجلا قد fib‏ عليه » فقال : « ما هذا » ؟ فقالوا : صائم » فقال : « ليس 
من البر الصيام فى السفر » " . 

يعنى : فى مثل هذا السفر الشاق . 

أما إذا لم يكن فى السفر مثل هذه المشقة فيجوز له أن يصوم > بدليل 
ما روته عائشة : أن حمزة بن عمرو الاأسلمى قال للنبى HEE‏ : أأصوم 
فى السفر ؟ وكان كثير الصيام » فقال : « إن شعت فصم 6 وإن SE‏ 
فأفطر OC‏ 

وكان الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز يقول بشأن الصوم والفطر 
للمسافر » واختلاف الفقهاء : أيهما أفضل » كان يقول : أفضلهما أيسرهما 
عليه . وهذا قول مقبول » فمن الناس من يكون الصوم مع الناس أهون عليه 
من أن يقضى بعد ذلك والناس مفطرون » وغيره بعكسه » فما كان أيسر عليه 
فهو الأفضل فى حقه . 

leo,‏ عليه الصلاة والسلام إلى تعجيل الفطور وتأخير السحور » تيسيراً 
على الصائم . 

)1( رواه أحمد وابن حبان والبيهقى فى الشعّب عن ابن عمر ( صحيح الجامع 
الصغير : ۱۸۸١‏ ) . 


(۲) متفق عليه - اللؤلؤ والمرجان )1۸١(‏ . (۳) متفق عليه - المصدر نفسه CVAE)‏ . 


م 


ونجد Les‏ من الفقهاء فى بعض الأحكام التى تختلف فيها الأنظار يرجحون 
منها ما يكون أيسر على الناس . وخصوصاً فى أبواب المعاملات » وقد 
اشتهرت عنهم هذه العبارة : هذا القول أرفق بالناس !! 

هذا وما أحمد الله تعالى عليه أنى تبنيت منهج ١‏ التيسير » فى الفتوى » 
و« التبشير » فى الدعوة » اتباعاً للمنهج النبوى الكريم » فقد بعث أبا موسى 
ل ال واا بقولة- :40 toot Vel‏ و شرا 
وتطاوعا . 


ع - ae ard ae‏ 4-8 
وروی عنه انس أنه قال :» يسروا ولا تعسروا » وشروااولا توا : 


قلت مرة فن إجاش عن gue] de UY‏ الحاضرات. إلى dns DL‏ 
أمامى قولين متكافئين أو متقاربين فى مسألة شرعية » وكان أحدهما أحوط › 
والآخر أيسر » فإنى أفتى لعموم الناس بالأيسر » وأرجحه على الأحوط . 

فقال لى بعض الإخوة الحاضرين : وما دليلك على ترجيح الأيسر على 
الأحوط ؟ 

قلت : دليلن هدى الس يلك :أنه ما حير بن أمزين إلا sett‏ أرسرهما . 
وأمره للأئمة فى صلاة الجماعة أن يخففوا عن المأمومين . OF‏ فيهم الضعيف 
والكبير وذا الحاجة . 

قد يفتى العالم بالأحوط لبعض أهل العزائم والمتورعين من المتدينين » 
أما العموم فالأولى بهم الأيسر . ' 

اضرا JST‏ من طون ساج إن إشناعه الجر كل الاين «gent Jay‏ 
والتبشيز بدل التنفير . ولا سيما من كان حديث عهد بإسلام » أو كان حديث 
عهد بتوبة . 

)1( متفق عليه عن أبى بردة - المصدر نفسه SOV:‏ 

(۲) متفق عليه - المصدر نفسه )١١۳١(‏ . 


Ao 


وهذا واضح تام الوضوح فى هدى النبى BE‏ فى تعليمه الإسلام لمن 
يدخل فيه » فهو لا يُكثّر عليه الواجبات » ولا يثقله بكثرة الأوامر والنواهى › 
وإذا سأله عما يطلبه الإسلام منه » اكتفى بتعريفه بالفرائض الأساسية ٠‏ ولم 
يغرقه بالنوافل » BB‏ قال له الرجل : لا أزيد على هذا ولا أنقص منه 2 
قال : « أفلح إن صدق » » أو « دخل الجنة إن صدق © . 

بل رأيناه - صلى الله عليه وسلم - يُشدّد التكير على من يشدّد على الناس » 
ولا يراعى ظروفهم المختلفة « كما فعل مع بعض الصحابة الذين كانوا يؤمون 
الناس » ويطيلون فى الصلاة » Y gb‏ اشتكى منه بعض مأموميهم . 

فقن انك عل Glan‏ بن لجل تطويلة وول انان Meal‏ عاذ ؟ 
abil‏ أنت يا معاذ ؟ oF‏ أنت يا معاذ » ° . 

وعن أبى مسعود الأنصارى : أن رجلا قال : والله يا رسول الله ¢ إنى 
لأتأخر عن صلاة الغداة ( الصبح ) من أجل فلان › مما يطيل بنا ! فما رأيت 
رسول الله ME‏ فى موعظة أشد غضباً منه يومئذ ! ثم قال : « إن منكم 
منفرين » فأيكم ما Le‏ بالناس » فليتجوز ( يخفف ) فإن فيهم الضعيف › 
الك واا 

وقد aw O55‏ الرؤايات ill Lie of‏ :طول tl‏ كان ابی بن كعبت 
وهو من هو علمآ وفضلاً » وأحد الذين جمعوا القرآن . ولكن هذا لم ينع 
أن ینکر النبى عليه » كما أنكر على معاذ » برغم حبه له وثنائه عليه : 

ويقول خادمه وصاحبه أنس : ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة » ولا 
أتم صلاة من النبى BE‏ » وإن كان ليسمع بكاء الصبى » فيخفف » مخافة أن 
تن OS‏ 

. رواه البخارى‎ )١( 

(۲) » (۳) متفق عليهما . انظر : اللؤلؤ والمرجان (/51؟) ء (590؟) . 


AV 


وعنه أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : « إنى لأدخل فى الصلاة » وأنا 
أريد إطالتها » فأسمع بكاء الصبى › فأتجوز فى صلاتى » ما أعلم من شدة 
elie,‏ كاف OR‏ 

ويروى عنه أبو هريرة قوله : ١‏ إذا صلَّى أحدكم للناس فليخفف » فإن فيهم 
السقيم » والضعيف والكبير » وإذا صلَّى أحدكم لنفسه فليطول OL‏ 

ols,‏ النبى BE‏ أشد ما يكون إنكاراً للتشديد إذا كون اتجاها « وتبناه 
جماعة » ولم يكن مجرد نزعة فردية عارضة » وهذا ما نلاحظه فى إنكاره 
على الثلاثة الذين اتخذوا the‏ فى التعبد غير خطه ٠»‏ وإن كانوا لا يريدون 
إلا الخير ومزيد التقرب إلى الله تعالى . 

عن أنس رضى الله عنه قال : )0 جاء GG‏ رهط إلى بيوت أزواج النبى 35 
a ee‏ ایی لي فلما أخبروا کانھم al‏ وقالوا : أين نحن من 
pe‏ الليل أبداً . وقال آخر : وأنا أصوم ولا أفطر . وقال آخر : وأنا 
J pel‏ النساء فلا أتزوج Lal‏ . فجاء رسول الله BE‏ إليهم فقال : « أنتم الذين 
قلتم كذا Lis,‏ ؟ أما والله إنى لأخشاكم لله وأتقاكم له > لكنى أصوم وأفطر › 
راو دلوو BUEN‏ لعو ليع ع متتو MOU es SAN‏ 

وعن ابن مسعود رضى الله عنه أن النبى RE‏ قال : « هلك المتنطعون » ! 
قالها ثلاث 299 . 

المتنطعون : المتعمقون المشدّدون فى غير موضع التشديد . 

وعن ابن هريرة رضى الله عنه عن النبى RE‏ قال : ١‏ إن الدين يسر ء 

. )۲۷١( متفق عليهما » انظر : اللؤلؤ والمرجان (154) ء‎ )۲( » )١( 


Gam (1)‏ عليه : اللؤلؤ والمرجان )۸۸٥(‏ . 
(5) رواه مسلم برقم ا 03 وأبو داود (£%-A) Lal‏ . 


AV 


ولن ياد الدذين ale Nfl‏ » فسددوا :+ وقازيؤا + وأبشيروا © واستعييا 
بالغدوة والروحة » وشى من الدلمة » ( رواه البخارى » وفى رواية له : 
lode «‏ وقاربوا » واغدوا وروحوا » وشئ من الدلجة » القصد القصد 
تيلغوا ) . | 

وقوله صلى الله عليه وسلم : « إلا غلبه » : أى غلبه الدين وعجز ذلك 
المشاد عن مقاومة الدين لكثرة طرقه . « الغدوة » : سير أول النهار . و 
«الروحة » : آخر النهار . و« الدلجة » : آخر الليل . وهذا استعارة وتمثيل › 
ومعناه : استعينوا على طاعة الله عَرَّ وجل بالأعمال فى وقت نشاطكم 
وفراغ قلوبكم > بحيث تستلذون العبادة ولا تسأمون ٠‏ وتبلغون 
مقصودكمء كما أن المسافر الحاذق يسير فى هذه الأوقات » ويستريح هو ودابته 
فى غيرها فيصل المقصود بغير تعب » ally‏ أعلم . 

وك haa‏ ا ى yee ees‏ لزت ال of‏ 
سلطات الحج فى المملكة السعودية أعلنت عن موت (TV)‏ مائتين وسبعين 
EL‏ فى مرمى الجمرات » قتلوا bby‏ بالأقدام فى غمرة الزحام الهائل على 
الرمى بعد الزوال ! ْ 

ومع هذا العدد الكبير من القتلى لا زال كثير من العلماء يفتؤن الناس بعدم 
جواز الرمى قبل الزوال بحال ٠»‏ مع أن النبى BB‏ يسر فى أمر الج › 
وما JE‏ عن أمر قدم ولا أخر فيه » إلا قال : ١‏ افعل ولا حرج » . والفقهاء 
ھلوا فی افر الرمى حتى أجازوا أن يجمع الحاج الرمى فى اليوم EM‏ 
وأجازوا الإنابة فيه للعذر . وهو أمر يتم بعد التحلل النهائى من الإحرام . 

وقد أجاز الرمى قبل الزوال BM‏ من الأئمة الكبار : فقيه المناسك عطاء › 


٠. ( ١51١١ 5 رواه البخارى والنسائى ( صحيح الجامع الصغير‎ )١( 


AA 


وفقيه اليمن طاووس »> وكلاهما من أصحاب ابن عباس » وأبو جعفر الباقر 
محمد بن على بن الحسين من فقهاء آل البيت ٠.‏ 

ولو لم يقل فقيه بجواز ذلك لكان فقه الضرورات يوجب علينا التسهيل 
على ale‏ الله » وإجازة الرمى خلال الأربع والعشرين ساعة حتى لا عرض 
المسلمين للهلاك . 

وجزى الله الشيخ عبد الله بن زيد المحمود خيراً » فقد أفتى منذ أكثر من 
ثلث قرن بجوار الرمى قبل الزوال فى رسالته ١‏ يسر الإسلام » . 


te 
5 


© الاعتراف بالضرورات الطارئة : 

ومن التيسير المطلوب هنا : الاعتراف بالضرورات التى تطرأ فى حياة الناس » 
سواء أكانت ضرورات فردية أم جماعية » فقد جعلت الشريعة لهذه 
الضرورات أحكامها الخاصة وأباحت بها ما كان محظوراً فى حالة الاختيار من 
الأطعمة والأشربة والملبوسات والعقود والمعاملات » وأكثر من ذلك أنها نزلت 
الحاجة فى بعض الأحيان - خاصة كانت أو عامة - منزلة الضرورة أيضاً › 
تيسيراً على الأمة ودفعا cpa‏ عنها . 

والأصل فى ذلك ما جاء فى القرآن الكريم عقب ذكر الأطعمة المحرّمة فى 
أربعة مواضع من القرآن الكريم رفع فيها الإثم عن متناولها مضطراً غير باغ 
ولا عاد . 


مع ل هفك يعد من سن سل ون و ag‏ وه Poon‏ 
eel? 7‏ هيو باع eel ele Sle AG‏ إن الله غمور 
رحيم ¢ 217 . 

وما جاء فى الستة بعد تحريم لبس الحرير على الرجال : أن عبد الرحمن 


١۷٣۳ : البقرة‎ )١( 


A4 


ابن عوف والزبير بن العوام شكوا إلى النبى BB‏ من حكة بهما فأذن Lag)‏ 
بليسه تقديراً لهذه الحاجة 5 


1 


© تغيير الفتوى بتغير الزمان والمكان : 

ومن التيسير المطلوب هنا أيضا : ضرورة الاعتراف بالتغير الذى يطرأ على 
الناس سواء أكان سببه فساد الزمان كما يعبر الفقهاء » أو تطور المجتمع » 
أو نزول ضرورات به ء ومن ثم أجاز فقهاء الشريعة تغيير الفتوى بتغير الأزمان 
والأمكنة والأعراف والأحوال » مستدلين فى ذلك بهدى الصحابة وعمل 
الخلفاء الراشدين الذين أمرنا النبى BE‏ أن نهتدى ges‏ ونعض عليها 
بالنواجذ . بل هو ما دلّت عليه السّنّة النبوية » وقبلها القرآن الكريم » كما 
ّا ذلك فى رسالتنا عن « عوامل السعة والمرونة فى الشريعة الإسلامية » . 

وهذا ما يوجب علينا فى هذا العصر أن نعيد النظر فى أقوال قيلت » وآراء 
اتخذت فى أعصار سابقة » را كانت ملائمة لتلك الأزمنة وتلك الأوضاع › 
ply‏ ل نه بلي لهذا لرا جمد وات iin‏ دكن 
لتخطر للسابقين على بال . والقول بها اليوم يسئ إلى الإسلام وإلى أمته . 
وبشوه وجه دعوته . 

من ذلك : تقسيم العالّم إلى دار إسلام » ودار حرب » واعتبار أن الأصل 
فى Be‏ المسلمين بغيرهم هو الحرب » وأن الجهاد فرض كفاية على الأمة 
... إلى آخر تلك الأقوال . 


والواقع أن هذه الأقوال لم تعد تصلح لزمننا » ولا يوجد من نصوص 
الإسلام المحكمة ما يؤيدها ‘ بل فى هذه النصوص ما يناقضها 5 


Per + 


فالإسلام ينشد التعارف بين البشر جميعاً : ل وجعلتاكم pgs‏ وقبائل 
لتعارفواً 4 230 . 

ويعتبر السلام والكف عن الحرب نعمة . ولقد عقب على غزوة الخندق 

له : # ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم iG‏ حيرا » وكفى الله 
الْمُؤْمنِينَ الْقَتَالَ 4 © ٠.‏ من 

ويعتبر صلح الحديبية فتحآ مبينآً يمتن به على رسوله » وينزل فيه سورة 
الفتح ES Gp:‏ نحا ما 4 . 

ويمتن على رسوله وعلى المؤمنين فى هذه السورة أنه كف أيدى الفريقين 
بعضهما عن بعض 6 فيقول سبحاله : > وهو cll‏ كف أيديهم عنكم 
وأيديكم عنهم ببطن مَكَةَ من بعد أن أظفركم عليه # (4) . 

والرسول BE‏ ينفر من كلمة ١‏ حرب ' حتى إنه يقول : ١‏ أصدق الأسماء 
حارث وهمام . وأقبح الأسماء حرب ومرة » . 

والجهاد الذى شرعه الإسلام فى الأزمان الماضية » كان له هدف واضح › 
وهو إزالة العوائق المادية من طريق الدعوة . وقد كان الأباطرة والملوك فى 
تلك الأزمنة يقفون حائلاً دون وصول دعوة الإسلام إلى شعوبهم . ولهذا 
بعث الرسول إليهم برسائله يدعوهم فيها إلى الإسلام © ويحملهم إثم ضلال 
peel‏ » التى عزلوها عن الاستماع إلى أى صوت خارجى » خشية أن 
يوقظهم من سباتهم » ويشعرهم بذاتيتهم » فيهبوا من رقدتهم » ويتمردوا 
على طواغيتهم . ولهذا نجدهم قتلوا الدعاة حي حينا » أو بادروا المسلمين بالقتال 
حيناً » أو أعدوا العدة لغزوهم وهددوهم فى عقر دارهم : 

أما اليوم » فلا عوائق أمام الدعوة » وخصوصاً فى البلاد المفتوحة التى 
تقبل التعددية » ويستطيع المسلمون أن يبلّغوا دعوتهم بالكلمة المقروءة » 


Yo: الأحزاب‎ )۲( ١ : الحجرات‎ )١( 
٤ : الفتح‎ (2) ١ : الفتح‎ )۳( 


۹۱ 


والكلمة المسموعة ٠‏ والكلمة المشاهدة . ويستطيعون بالإذاعات age ll‏ أن 
Lal,‏ العالّم كله بلغاته المختلفة » oly‏ يتكلموا مع كل قوم بلسانهم ليبينوا لهم . 

ولكنهم فى الواقع مقصرون كل التقصير » وهم مسؤولون أمام الله تعالى 
عن جهل أمم الأرض باللإسلام 5 


@ مراعاة Hie‏ التدرج : 

ومن التيسير المطوب هنا : مراعاة ستة التدرج » جريا على Be‏ الله تعالى 
فى عالّم الخلق » وعالّم الأمر » واتباعآ لمنهج التشريع الإسلامى فى فرض 
الفرائض من الصلاة والصيام وغيرهما » وفى تحريم المحرّمات كذلك . 

ولعل أوضح مثل معروف فى ذلك هو تحريم الخمر على مراحل معروفة فى 
تاريخ التشريع الإسلامى You‏ يجهلها دارس . 

ولعل رعاية الإسلام للتدرج هى التى جعلته يبقى على نظام الرّق » الذى 
كان نظاماً سائداً فى العالّم كله عند ظهور الإسلام » وكان إلغاؤه يؤدى إلى 
زلزلة فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية » فكانت الحكمة فى تضييق روافده بل 
ردمها كلها ما وج إلى ذلك سبيل » وتوسيع مصارفه إلى أقصى حد . 
فيكون ذلك Ube‏ إلغاء للرق بطريق التدرج . 

rie ere‏ الإلّهية فى رعاية التدرج ينبغى أن تتبع فى سياسة الناس عندما 
يراد تطبيق نظام الإسلام فى الحياة اليوم » بعد عصر الغزو الثقافى والتشريعى 
والاجتماعى للحياة الإسلامية . 

فإذا أردنا أن نقيم « مجتمعاً إسلامياً حقيقياً » فلا نتوهم أن ذلك يتحقق 
بجرة قلم » أو بقرار يصدر من ملك أو رئيس » أو مجلس قيادة أو برلمان . 

إنما يتحقق ذلك بطريق التدرج » أعنى بالإعداد والتهيئة الفكرية والنفسية 
والأخلاقية والاجتماعية » وإيجاد البدائل الشرعية للأوضاع المحرمة التى قامت 
de‏ مؤسسات عدة لأزمنة طويلة . 


۹۲ 


« تكأة » لتمويت فكرة المطالبة الشعبية الملحة بإقامة حكم الله » وتطبيق 
شرعه » بل نعنى بها تعيين الهدف . ووضع الخطة » وتحديد المراحل ٠‏ بوعى 
Glos‏ » بحيث تسلم كل مرحلة إلى ما بعدها بالتخطيط والتنظيم والتصميم » 
حتى تصل المسيرة إلى المرحلة المنشودة والأخيرة التى فيها قيام الإسلام .. كل 
الإسلام . 

وهو نفس المنهاج الذى سلكه BB‏ لتغيير الحياة الجاهلية إلى حياة 
إسلامية » كما بنا ذلك فى الفصل السابق . 

ومن المواقف التى لها مغزى ما رواه المؤرخون عن عمر بن عبد العزيز ١‏ 
الذى okey‏ علماء المسلمين ) خامس الراشدين 0 وثانى العمرين ٠‏ لأنه سار 
على نهج جده الفاروق عمر بن الخطاب : أن ابنه عبد الملك - وكان شاباً Ls‏ 
Le:‏ ل es‏ "اتن ها للق ل Sy ide‏ قن الله AE Ge‏ 
لو أن القدور غلت بى وبك فى الحق !! 

يريد الشاب التقى الغيور من أبيه - وقد ولاه الله إمارة المؤمنين - أن يقضى 
على المظالم وآثار الفساد والانحراف دفعة واحدة » دون تريث ولا أناة © 
وليكن بعد ذلك ما يكون ! 

ولكن الأب الراشد قال لابنه : لا تعجل يا بنى » فإن الله ذم الخمر فى 
القراة مرون وحرمها فى القالنة وق عاف أن احم oll de gl‏ 
عله فا عو Uae‏ + وکن ن AM Yaa IS‏ 

يريد الخليفة الراشد أن يعالج الأمور بحكمة وتدرج » مهتديا بسن الله 
تعالى فى تحريم الخمر » فهو يجرعهم الحق جرعة جرعة » ويمضى بهم إلى 
المنهج المنشود خطوة خطوة .. هذا هو الفقه الصحيح 27 . 


3 2 


۹٤/۲ : انظر : الموافقات للشاطبى‎ )١( 
٠١١ GAY: مدخحل لدراسة الشريعة الإسلامية 4؛ » فصل : الواقعية ص‎ ٠ : انظر كتابنا‎ )۲( 


ay 


© تصحيح ثقافة المسلم : 
ومن CNL tll‏ البو Coal ll AEB‏ و فقوي فى اقيم OEE‏ تعر 
ما ينبغى أن pals‏ لهم » وما ينبغى أن يؤخر ٠‏ وما ينبغى أن يحذف من ثقافة 
المسلم . 
فى الاه الديية + والذامغات والكلنات الأسلامية + تدرس أشياء تستترق 
من جهود الطّلاب وأوقاتهم وتحصيلهم ما لو قضوا نصفه أو ربعه فيما هو 
اانا Ge el ai ats‏ الو عن كاج PN‏ 
وشرحه للجرجانى بعض الفقرات - ولا أقول الفصول - فى ١‏ الطبيعيات ٠‏ 
pe‏ ايو ا eect‏ 
فى شرحها . وحل غوامضها . وكشف اللثام عن معانيها . 
ولو أننا أنفقنا هذا الوقت وهذا الجهد فى متابعة فلسفات العصر والرد عليها 
ردأ Lele‏ موضوعياً » أو فى duke‏ مصادر الإسلام الأساسية وشروح الأئمة 
الكبار عليها » أو فى النبش عن الأفكار والمفاهيم الأصيلة فى المدارس 
التجديدية فى الإسلام » لعاد ذلك علينا بالخير الكثير » والنفع الغزير . 
ولا زال هناك قصور ملحوظ فيما يدرس فى تلك المعاهد والجامعات » 
فهناك تمدد لبعض المواد » على حساب مواد أخرى لا تأخذ حقها . 
ولا زال « علم الكلام » يدرس على الطريقة القديمة نفسها » وهو فى 
حاجة إلى أن يتجدد ليتحدث بلغة القرآن التى تخاطب الفطرة » وتخاطب 
العقل والقلب معا » وليس بأسلوب الفلسفة اليونانية » وقد ألّف الإمام 
ابن الوزير كتابه القيم « ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان » . 
كما أنه فى حاجة إلى أن يتسلح بعلم العصر > وثقافة العصر 6 ويقتبس من 
البراهين والآيات المبثوثة فى الكون ما يشد أزر OLY!‏ » ويقطع ph‏ الإلحاد » 


4 


كما فى الكتب الشهيرة فى ذلك : ١‏ العلم يدعو إلى الإعان ١ ٠ ٠‏ الله يتجلى 
فى عصر العلم » » ١‏ مع الله فى السماء » . « الله والعلم الحديث ؛ وغيرها . 

وعلم الفقه فى حاجة إلى أن بسر للناس » وأن يعرض عرضاً جديداً » 
ويهتم فيه بما يهم الناس فى هذا العصر » من شركات ومعاملات وأعمال بنوك ع 
وعقود مستحدثة » وعلاقات دولية جديدة » وأن يترجم المعايير القديمة من 
نقود ومكاييل وأوزان وأطوال إلى لغة العصر . 

وإلى جوار ذلك لا بد من العناية بالثقافة التى تقدم إلى الجمهور المسلم » 
وضرورة تنويعها وتلوينها » فمنها ما يقدم إلى المثقفين ثقافات مدنية مختلفة . 

ومنها ما يقدم إلى العامة وأشباه العامة من العمال والفلاحين » ومن قاربهم . 

فكثيراً ما حشا الوعّاظ والمارسون - أو المؤلفون المكثرون - أدمغة الناس 
بأفكار ومعلومات دينية يرددونها ٠‏ ويحفظونها عن ظهر قلب . وما أنزل الله 
بها من سطان ٠»‏ ولا قام عليها من محكمات الشرع Olay‏ ¢ مصدرها 
الإسرائيليات فى التفسير » والأحاديث الواهية والموضوعة وما لا أصل له ! 

مثل الكلام عن ١‏ الحقيقة والشريعة ؛ » أو « الحقيقة المحمدية » أو أن النبى 
هو أول gle‏ الله > أو الكلام المبالغ عن عالم ‏ الأولياء » و« الكرامات » ما 
لم يقم عليه دليل من دين » ولا برهان من علم » ولا سند من منطق . 

ونحو ذلك شغل آخرين لهم بالمسائل الخلافية بين المذاهب بعضها وبعض » 
أو بافتعال معركة مع التصوف كله » والمتصوفة جميعاً » بما فيهم من متسنن 
ومبتدع » ومستقيم ومنحرف 6 والواجب هو التمييز والتفضيل » وعدم تعميم 
الأحكام فى هذا المقام . 

ale i 

© معيار لا يخطئ .. الاهتمام با اهتم به القرآن : 

ومن المعايير التى ينبغى الرجوع إليها فى بيان ما هو أحق وأولى بالرعاية 
والتقديم على غيره : أن نعنى بالأمر على قدر.ما عنى به القرآن الكريم . 


۹0 


فما اهتم به القرآن كل الاهتمام » وكرره فى سوره وآياته » وأكده فى أمره 
ونهيه » ووعده ووعيده » يجب أن تكون له الأولوية والتقديم والعناية فى 
تفكيرنا وفى LS gle‏ » وفى تقويمنا وتقديرنا . 

وذلك مثل الإيمان بالله تعالى » وبرسالاته إلى أنبيائه » وبالدار الآخرة » 
وما فيها من ثواب وعقاب ¢ وجنة ونار . 

ومثل أصول العبادات والشعائر من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة » والصيام 
والحج وذكر الله تعالى وتسبيحه وتحميده واستغفاره والتوبة إليه » والتوكل 
عليه sl sly‏ فى رنحمته والخشية من able‏ » والشكن لنعمائه + pally‏ على 
بلائه . إلى آخر تلك العبادات القلبية الباطنة » والمقامات الربانية العالية . 

ومثل أصول الفضائل ومكارم الأخلاق » ومحاسن الصفات من الصدق 
BLY,‏ والقصد والعفاف . والحياء والتواضع » والبذل والسخاء » والذلة 
على المؤمنين والعزة على الكافرين » والرحمة بالضعفاء ٠‏ وبر الوالدين › 
وصلة الأرحام > وإكرام الجار » ورعاية المسكين واليتيم وابن السبيل . 

وما اهتم به القرآن اهتماما قليلاً . نعطيه مثل ذلك القدر من الاهتمام 
ولا نبالغ فيه » مثل « الإسراء » بالنبى عليه الصلاة والسلام » الذى أعطاه 
القرآن آية واحدة » وليس كالغزوات التى أخذت سوراً كاملة . 

أما « مولد النبى » فلم يعره القرآن التفاتا » فدل على أنه أمر غير ذى بال 
فى الحياة الإسلامية » إذ لم يرتبط به معجزة كما ارتبط بميلاد المسيح » كما 
لم يرتبط به عمل أو عبادة تُطلب من المسلمين على وجه الإيجاب » ولا على 
وجه الاستحباب . 

فهذا معيار لا يخطئئع ؛ OY‏ القرآن هو عمدة al‏ > وأصل الدين » وينبوع 
Eloy dels gb Ue ZO, LM‏ ابد OL >: yd Gila dl,‏ هذا 
an‏ 


A ag ST‏ ھی أَفْوم  ٠‏ » ويقول : ف قد جَاءَكُم من الله ور 
ES‏ مين * @ ga‏ اله من الم lay‏ سبل السلام peas‏ 
As Sais)‏ الثور بإذنه ۾ ويهديهم ‘Sl‏ صراط مسقم 4 ٩‏ . 

وقال تعالى  OS‏ عليك الكتاب تبیانا لكل شىء oy ins‏ 
وبشرى yl‏ & 29 : 

والمقصود ٠‏ أنه بين الأصول التى لا بد منها ليقوم الدين على أساس مكين » 
فما من أصل من الأصول الكلية التى تحتاج إليها الحياة الإسلامية » إلا وهو 
منبفق من القرآن » إما مباشرة أو بالاستنباط . 

وقد جاء عن الخليفة الأول قوله : لو ضاع منى عقال بعير لوجدته فى 
OLS‏ الله ! 





)1( الإسراء : 4 (۲) اللائدة : ٠١-٠١‏ () النحل : 4 


۹۷ 


( ۷ - فقه الأولويات ) 


(1) 


الأولويات .. فى مجال العمل 


أولوية العمل الدائم على العمل المنقطع 


لقد بين القرآن الكريم » كما وضحت السّنّة الشريفة : أن الأعمال عند 
الله متفاوتة المراتب » وأن هناك الأفضل والأحب إلى الله تعالى من غيره . 
يقول الله تعالى : « أجعلتم سقاية الْحَاجَ وعمارة المسجد الحرام كمن 
اَم بالله 4 pal‏ الآخر Je subs‏ الله » لا BLE‏ عند الله 6 Wily‏ 
لا يَهدى rll‏ الظالمين cell a‏ آمنوا are‏ | وجاهدواً فى سیل الله 


Oger‏ مل dave e‏ سس م ورور وم 


بأموالوم وأنفسهم أعظم درجة عند الله 6 وَأُولتك هم Oy i tal‏ 
وصحت الأحاديث Of:‏ الإيمان بعض وستون - أو بضع وسبعون - شعبة 3 
أعلاها : لا إله إلا الله » وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق  »‏ , فدل 
هذا على أن هذه الشعب متفاوتة فى القيمة والدرجة . 

وهذا التفاوت ليس اعتباطياً 6 us aS‏ على معايير pul‏ ف أن 
من هذه المعايير : 

أن يكون العمل أدوم : ومعنى الأدوم : أن يداوم عليه فاعله ويواظب عليه › 
بخلاف العمل الذى يقع منه بعض المرات فى بعض الأوقات . 

وفى هذا جاء الحديث الصحيح  :‏ أحب العمال إلى الله أدومها وإن فل ° . 


۲١ - ۱۹ : التوبة‎ )١( 

(؟) الحديث رواه الجماعة عن أبى هريرة : البخارى بلفظ : ١‏ بضع وستون ٠‏ » 
ومسلم : « بضع وسبعون CC‏ وفى رواية : 8 أو بضع وستون » » والترمذى : ١‏ بضع 
وسبعون 4 » والنسائى كلهم فى كتاب « الإيمان » » وأبو داود فى « ٠ CLAN‏ وابن ماجه 
فى « المقدمة ٠‏ . (”) متفق عليه » عن عائشة ( صحيح الجامع الصغير : ١37‏ ) . 


۱۰1 


وروى الشيخان عن مسروق قال : سألت عائشة رضى الله عنها : أى 
العمل كان أحب إلى النبى BE‏ ؟ قالت : الدائم ° . 

وعن Lal ink‏ : أن النبى BE‏ دحل عليها » وعندها امرأة » فال : ١‏ من 
هذه » ؟ قالت : فلانة تذكر من صلاتها ( تعنى أنها تكثر جداً من الصلاة ) 
قال : ١‏ مه ! عليكم بما تطيقون ٠‏ فوالله » لا يمل الله حتى تملوا » . 

قالت عائشة : وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه 29 . 

و« مه » كلمة زجر عن تكلف المشقة الشديدة فى العبادة » وتحميل النفس 
فوق طاقتها . وذلك أنه بالمداومة على القليل ٠»‏ تستمر الطاعة وتكثر بركتها › 
بخلاف الكثير الشاق ٠»‏ وربما ينمو القليل الدائم حتى يزيد على الكثير المنقطح 
أضعافا كثيرة . ولهذا استقر فى فطر الناس فى سائر الأمور : أن القليل الدائم 
خير من الكثير المنقطع . 

وهذا ما جعل النبى BE‏ يحذر من الغلو فى الدين والتشدد فيه » خشية أن 
يأتى عليه يوم يمل فيه العمل » أو تضعف طاقته عنه » بحكم الضعف 
البشرى » فينقطع فى وسط الطريق » فإن AY coll‏ قطع ولا ظهراً 
أبقى . 

ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : « عليكم من الأعمال Le‏ تطيقون ٠‏ فإن 
الله لا يمل حتى تملوا » 9© . 

وقال : « عليكم هديا قاصداً ( أى Uae ce‏ ) فإنه مّن يشاد هذا الدين 
يغله » © , 

وسبب هذا الحديث - كما رواه بريدة - قال : حرجت ذات يوم الحاجة 2 

)1( متفق عليه - اللؤلؤ والمرجان (9؟5) . (۲) متفق عليه - المصدر نفسه (EEN)‏ . 


(1) متفق عليه عن عائشة أيضا : صحيح الجامع الصغير )٤0۸٥(‏ . 
() أحمد والحاكم والبيهقى عن بريدة - المصدر السابق CEA)‏ 


1۰۲ 


وإذا أنا بالنبى BE‏ يمعشى بين يدى ٠‏ فأخذ بيدى » فانطلقنا نمشى جميعاً » فإذا 
نحن بين أيدينا برجل يصلى يكثر الركوع والسجود ! فقال النبى ١ : BE‏ أتراه 
يرائى » ؟! فقلت : الله ورسوله أعلم ! فترك يده من يدى » ثم جمع يديه » 
فجعل يصوبهما ويرفعهما » ويقول : عليكم هديا قاصداً ... . الحديث OY‏ 

وعن سهل بن حنيف أن رسول الله BE‏ قال : ١‏ لا تشددوا على أنفسكم » 
فإما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على آنفسهم . وستجدون بقاياهم فى 
الصوامع والديّارات » 220 . 


5 رواه أحمد ورجاله موئقون‎ A ذكره الهيثمى فى المجمع 2 1۲/۱ 6 وقال‎ )١( 


(۲) قال الهيثمى : رواه الطبرانى فى الأوسط والكبير ٠‏ وفيه عبد الله بن صالح 
كاتب الليث » وثقه جماعة » وضعفه آخرون ( المجمع : 38/١‏ ) . 


أولوية العمل المتعدى النفع على القاصر 


ومن فقه الأولويات فى ترجيح العمل : أن يكون أكثر نفعاً من غيره . 
وعلى قدر تفعه للآخرين يكون فضله وأجره عند الله . ولهذا كان جنس 
أعمال الجهاد أفضل من جنس أعمال الحج » OY‏ نفع الحج لصاحبه ٠‏ ونفع 
الجهاد للأمة » وفى هذا جاء قول الله تعالى  :‏ أجعلتم سقايّة الْحاج 
وعمارة المَسجد الحرام کمن آمن ۽ aL‏ الوم الآخر وجا فى سيل الله 2 
ا عند الله > والله لا cal rave‏ الظالمين 5 cel‏ آمنواً 
وعاجروا وَجَاهدُو فى سيل الله بأموالهم rel‏ هم أعظم B55‏ عند الله » 


له اس 


وأولئك هم م mo 4¢ agli‏ 


» الجهاد فى سبيل الله أفضل عند الله وأعظم أجراً من الانقطاع للعبادة‎ als, 

مرات ومرات . 

قال أبو هريرة : مر رجل من أصحاب رسول الله BE‏ بشعب فيه عيينة 
و عن alee Ges‏ ع فاع قال الى اعتزلت الاي انيت 
فى هذا الشعب ؟! ( أى للعبادة ) ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله RE‏ . 
فذكر ذلك لرسول الله » فقال : ١‏ لا تفعل » فإن مقام أحدكم فى سبيل الله 
أفضل من صلاته فى بيته سبعين عاماً » آلا تحبون أن يغفر الله لكم › 
ويدخلكم ELI‏ » اغزوا فى سبيل الله » من قاتل فى سبيل الله فواق ناقة » 
Ong dees‏ 

وفواق الناقة : ما بين رفع يدك عن ضرعها وقت الحلب ووضعها . 


۲١ - ۱۹ : التوبة‎ )١( 
والحاكم وصحّحه على شرط المسلم ووافقه‎ » )15060( amy رواه الترمذى‎ (1) 
58/7 : الذهبى‎ 


٠١١ 


ومن هنا جاء تفضيل تفضيل العلم على العبادة فى جملة أحاديث ¢ OY‏ منفعة 
العبادة للعابد ¢ ومنتفعة 4 العلم للناس ne‏ من هذه الأحاديث : 

ل ل 0 

اا ee‏ تر الكواكب a‏ 

« فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم a‏ 

ويزداد فضل العلم إذا علّمه صاحبه لغيره » وتكملة الحديث السابق : 

« إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة فى جحرها » 
وحتى الحوت ليصلون على معلّم الناس الخير » 247 . 

وفى الصحيح : « خيركم من Ls‏ القرآن وعلّمه ,50 

ومن هنا قرر الفقهاء : أن المتفرغ للعبادة لا يأخذ من الزكاة » بخلاف 
المتفرغ للعلم » لأنه لا رهبانية فى الإسلام » ولأن تفرغ المتعبد لنفسه » وتفرع 
طالب العلم لمصلحة الأمة . 

وعلى قدر من ينتفع بعلمه ودعوته يكون أجره ومثوبته . 

يقول صلى الله عليه وسلم : « من دعا إلى هدى » كان له من الأجر مثل 
t‏ 
أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شئ » ٩‏ . 

» عن سعد‎ Lad رواه البزار والطبرانى فى الأوسط والحاكم عن حذيفة > والحاكم‎ CY) 
وذكره فى صحيح التامع‎ >» ay/\: ووافقه الذهبى‎ ٠ وصححه عى شرط الشيخين‎ 
. )5؟١5( الصغير‎ 

(۲) رواه أبو نعيم فى الحلية عن معاذ ( صحيح الجامع الصغير : ٠ (E1۲‏ وهو 


جزء من حديث أبى الدرداء فى فضل العلم ¢ رواه أحمد وأصحاب السنن واين حبان - 
المصدر نفسه (1۲۹۷) . 
)1( جزء من حديث رواه الترمذى عن أبى أمامة وقال : حسن صحيح غريب 
(VAD)‏ وهو فى صحيح الجامع الصغير )٤١١١(‏ . 
)٤(‏ جزء من حديث أبى أمامة السابق . )0( رواه البخارى عن عثمان . 
CV)‏ رواه مسلم عن أبى هريرة . 


وهكذا يكون العمل الأفضل ما كان أكثر نفعاً للآخرين . 
وجاء فى الحديث : « أحب الناس إلى الله أنفعهم » وأحب الأعمال إلى 
الله ley je‏ : سرور تدخله على مسلم » أو تكشف عنه كربة » أو تقضى 
عنه ديناً » أو تطرد عنه lege‏ » ولان أمشى مع أخى المسلم فى حاجة أحب 
إلى من أن أعتكف فى المسجد شهرا » ( . 
وهكذا كان كل عمل Gla‏ بإصلاح المجتمع ونفعه أفضل من العمل 
المقصور النفع على صاحبه . وفى هذا قال صلى الله عليه وسلم : « ألا أخبركم 
بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ إصلاح ذات البين » فإن فساد 
ذات البين هى الحالقة 0 
ويروى : ١‏ لا أقول : تحلق الشعر » ولكن تحلق الدين » !! 
ومن هنا cle‏ فضل عمل الإمام العادل على عبادة غيره عشرات السنين ؛ 
لأنه فى اليوم الواحد » قد يصدر من القرارات ما ينصف آلاف المظلومين 
أو ملايينهم » ويرد الحق الضائع إلى أهله » ويعيد البسمة إلى شفاه حرمت 
منها . وقد يصدر من العقوبات ما يقطع سبيل المجرمين » ويستأصل شأفتهم» 
أو يفتح لهم باب الهداية والتوبة . 
وقد يهيئ للناس من الأسباب » ويفتح لهم من الأبواب : ما يرد الشاردين 
إلى الله » ويهدى الضالين إلى طريقه » ويعين المنحرفين على الاستقامة . 
وقد يقيم من المشروعات البناءة والناقعة ما يساعد على إيجاد عمل لكل 
عاطل ؛ وخبز لكل جائع » ودواء لكل مريض » وبيت لكل مشرد » وكفاية 
لكل محتاج . 


)1( رواه ابن أبى الدنيا فى قضاء الحواتج والطبرانى عن ابن عمر 6 وج قن 
صحيح الجامع الصغير )١9/5(‏ . 
CY)‏ رواه أحمد وأبو داود والترمذی وابن ol‏ - المصدر السابى (Yo4o)‏ . 


1۰ 


وهذا ما جعل كثيراً من علماء GLI‏ يقولون : لو كانت لنا دعوة مستجابة 
لدعوناها للسلطان » فإن الله يصلح بصتلاحه Ws‏ كثيراً . 


ومن هنا روى الطبرانى عن ابن عباس أن النبى RG‏ قال : « يوم من إمام 
عادل أفضل من عبادة ستين سنة mor‏ 

وخالفه الهيثمى فى ذلك OF‏ > ولكن يؤيده حديث الترمذى عن 
عادل»» وقال الترمذى : حسن غريب )۳( : 

كما يقويه حديث أبى هريرة الذى رواه أحمد وابن ماجه وا الترمذى » 
وه ابن خزهة وابن بان : « ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر » 
والإمام العادل » ودعوة المظلوم » © . 

وحديثه فى الصحيحين : ١‏ سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله : 
إمام عادل ... 2 الحديث . 


. قال المنذرى فى الترغيب : رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط وإسناد الكبير حسن‎ )١( 

)1( انظر : مجمع الزوائد : ۱۹۷/۰ ۰ ۲۹٣۳/٣‏ 

)۳( رواه فى الأحكام YY)‏ . 

)٤(‏ وحسنه الحافظ لابن حجر Lal‏ » وصححه الشيخ شاكر فى تخريج tell‏ برقم 
(۸۰۳۰) » وأطال فى تخريجه © ويشهد له أحاديث أخرى ثبتت فى أفراده الثلاثة . 
انظر كتابنا : ١‏ المنتقى من الترغيب والترهيب » حديث CONN)‏ » طبعة دار الوفاء . 


أولوية العمل الأطول نفعاً والأبقى أثراً 


وإذا كان امتداد النفع واتساع دائرته مکانا » مطلوبآً Sates‏ عند الله 
ورسوله » فكذلك امتداده وبقاؤه زمانا » فكما كان النفع به أطول زمناً » كان 
أفضل وأحب إلى الله . 

ومن أجل ذلك aad‏ الصدقة با يطول النفع به » مثل متيحة العنز › 
أو طروقة الفحل ( الناقة التى يطرقها الفحل ) » ونحوها » مما يمكن أن تدر 
على المتصدّق عليه من لبنها له ولعياله » ما ينفعه الله به سنين عدداً . 

والمثل الصينى يقول : بدل أن تهدى إلى الفقير أكلة من السمك » اهد له 
شبكة يصطاد بها السمك . 

وفى الحديث : « أفضل الصدقات : ظل فسطاط ( أى خيمة ) فى سبيل 
لله عر وجل » أو منيحة خادم فى سبيل الله » أو طروقة فحل فى سبيل 
الله » 230 , 

« أربعون ther‏ » أعلاهن منحة العنز » لا يعمل عبد بخصلة منها » 
رجاء ثوابها » وتصديق موعودها ء إلا أدخله الله تعالى بها الجنة » 299 . 

ومن هنا كان فضل ١‏ الصدقة الجارية » التى يستمر نفعها وأثرها بعد وفاة 
المتصدق بها » مثل الأوقاف الخيرية » التى عرفها المسلمون منذ عصر النبوة » 
وتميّزت الحضارة الإسلامية بسعتها وكثرتها وتنوعها » حتى استوعبت كل 

(۱) رواه أحمد والترمذى عن أبى أمامة » والترمذى عن عدى بن حاتم » وحسنه فى 
صحيح الجامع الصغير )١١١۹(‏ . 


(۲) رواه البخارى وأبو داود عن عبد الله بن عمرو - المصدر المذكور (07/91) . 


\-A 


بل امتد lee‏ إلى الحيوان . 
وقد جاء فى الحدیث الصحيح : « إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من 
ثلاث : صدقة جارية » أو علم ينتفع به » أو ولد صالح يدعو له » 20 . 
وأورد حديث آآخر نماذج وأمثلة لهذه الصدقة الجارية » فع منها سبعاً . 
وذلك فى قوله : « إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته : Lele‏ 
dake‏ ونشره b‏ وولداً Ube‏ تركه »> أو مصحفاً ورثه » أو مسجداً oly‏ » 
أو ty‏ لابن السبيل oly‏ ( أو نهراً أجراه 0 أو صدقة أخرجها من ماله فى 


فة وا Gare‏ مو بعل ORB‏ 


وإذا كان عمر الإنسان قصيراً ومحدوداً » فمن فضل الله عليه أن أتاح له 
القرصة ليطيل من عمره > ببعض الأعمال التى يطول" أمدها ؛ وينتمر أثرها ؛ 
فيحيا وهو ميت » ويبقى بصالح عمله » ورا لم Gat‏ من جسده شئ . وله 
در شوقى حين قال : 

۲ قلب المرء قائلة له : إن الا وای وراد‎ obs 

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثان ! 


(۱) رواه مسلم والبخارى فى Gol‏ المفرد » وأبو داود والترمذى والئسائى عن 
أبى هريرة - المصدر نفسه (۷۹۳) . 

(؟) قال الحافظ المنذرى : رواه ابن ماجه بإسناد حسن والبيهقى » ورواه ابن خزيمة 
فى صحيحه بنحوه ( انظر كتابنا المنتقى من الترغيب والترهيب حديث ۷١‏ ) » 
وابن ماجه (VEY)‏ . 


أولوية العمل فى زمن GA‏ 


ومن الأولويات المطلوبة : أن يكون العمل فى أزمان الفتن والمحن والشدائد 
التى تحيق بالأمة » فالعمل الصالح هنا دليل القوة فى الدين » والصلابة فى 
اليقين » والثبات على الحق . كما أن الحاجة إلى صالح العمل فى هذا الزمن 
أشد من الحاجة إليه فى سائر الأزمان . 

ففى الصحيح : ١‏ المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن 
الضف » () . 

وأكد هذا قوله عليه الصلاة والسلام : « أفضل الجهاد كلمة حق عند 
سلطان جائر » 29 , 

وقوله : ( سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ‘ ورجل قام إلى إمام 
ste‏ ام وھا 

» أفضل الشهداء : الذين يقاتلون فى الصف الأول Wo‏ يلفتون وجوههم 
حتى يفتلوا » أولئك يتلبّطون ( أى يتمرغون ) فى الغرف العلا من الجنة » 
يضحك إليهم ربك > فإذا ضحك ربك إلى عبد فى موطن فلا حساب 


ومن أجل هذا كان فضل الثابت على دينه 2 فى أزمان الفتن 2 وأيام الحن © 


)1( رواه أحمد ومسلم وابن ماجه عن أبى هريرة ( صحيح CN‏ الصغير : )556٠‏ 
eet a (1)‏ عن val‏ سكيد + واكم apy‏ اجه والطرانی ey‏ فى الب 
عن أبى أمامة » وأحمد والسائى والبيهقى عن طارق بن شهاب - المصدر نفسه )١٠١١(‏ . 
(۳) رواه الحاكم والضياء عن جابر » وحسّنه فى صحيح الجامع الصغير CPV)‏ 

(5) أحمد gly‏ يعلى والطبرانى عن نعيم بن همار (صحيح الجامع الصغير : .)١١١1‏ 


11۰ 


حتى جعل بعض الأحاديث المستمسك بدينه فى أيام الصبر » له أجر خمسين 
من بعض الصحابة . 

فقد روى أبو داود والترمذى وابن ماجه فى سننهم عن أبى أمية الشعبانى 
قال : سألت أبا ثعلبة الخشنى قال : قلت : يا أبا ثعلبة ؛ كيف تقول فى هذه 
الآية : « عليكم أنفسكم » لا يضركم من Se‏ اهتَديتُمٌ » إلى الله 
مرجعكم جميعآ » )١(‏ . قال : أما والله لقد سألت عنها خبيراً » Cdl‏ 
ie‏ رسول الله BE‏ فقال : « اثتمروا بالمعروف » وانتهرا عن SA‏ » حتى 
إذا رأيت شحا مطاعاً » وهوى متبعاً » ودنيا مؤثرة » وإعجاب كل ذى رأى 
برأيه | فعليك بنفسك ¢ ودع عنك العوام » فإن من ورائكم أياما » الصبر 
فيهن مثل القبض على الجمر » للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون 
مثل عمله ٩‏ رواه أبو داود والترمذى » وقال : حديث حسن غریب »۰ زاد 
أبو داود والترمذى : قيل : يا رسول الله ؛ أجر خمسين رجلاً منا أو منهم ؟ 
قال : ١‏ بل أجر خمسين منكم » (© . 

والمقطاب فى الحديث لا يشمل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار » 
ومن أهل بدر » وأهل بيعة الرضوان » وأمثالهم ٠‏ فهؤلاء لا يطمع أحد 
بعدهم فى بلوغ منزلتهم » ولكنه يستثير همم العاملين للإسلام اليوم فى أجواء 
الفتن المتلاحقة » با وعدهم الله على لسان رسوله من الأجر المضاعف : أجر 
خمسين فى عصور النصر والازدهار . وقد Gad‏ ما OS‏ به الرسول الكريم » 


١١6ه‎ : المأئدة‎ )١( 

)1( زاد عند ابن ماجه هنا : « ورأيت أمراً لا يدان لك به » أى رأيت من الفساد 
ما لا قبل لك به ولا قدرة لك عليه » وهى زيادة مهمة فى الحديث ٠‏ تدل على أن 
الإنسان لا يدع الأمر والنهى إلا عندما يعجز » ويكون التغيير أكبر من طاقته وجهده . 

: وقال‎ » HT) رواه أبو داود فى الملاحم (5"1) » والترمذى فى التفسير‎ (Y) 
. )5١١8( حسن غریب » وابن ماجه فى الفتن‎ 


فأصبح العامل لدينه » الصابر عليه » كالقابض على الجمر » فهو يضطهد فى 
الداخل 4 كارن من الخارج 2 وتجتمع كل قوى الكفر على عداوته والكيد 
له » وإن اخحتلفت فيما بينها » والله من ورائهم محيط » ويستجيب عملاء 
الحكام وضعفاؤهم لكيد الأعداء فى ضرب العاملين للإسلام » وتضييق الخناق 
عليهم » والتنكيل بهم » وتشريدهم كل مشرد » ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً . 

وعن معقل بن يسار رضى الله عنه أن رسول الله BE‏ قال : « عبادة فى 
الهرج كهجرة إلى » 237 . 

0 الهرج ») هو : الاختلاف Gilly‏ » وقد ف بعض الاحاديث 
بالقتل » لأن الفتن والاختلاف من أسبابه » فأقيم المسبّب مقام السبب . 


ak 


% 
ع 
ين 


Jarl oly (0‏ ومسلم ‘ والترمذى 2 Arle only‏ ) صحيح الجامع الصغير وزيادته 5 
(AVE‏ . 


11۲ 


أولوية عمل القلب على عمل الجوارح 


ومن مرجحات العمل فى ميزان الدين : أن يكون من أعمال القلوب 
الباطنة » فإنها مفضّلة على أعمال الجوارح الظاهرة . 

أولة : oY‏ الأعمال الظاهرة نفسها لا تُقبل عند الله تعالى ما لم يصحبها 
عمل باطن هو أساس القبول » وهو النية » كما قال صلى الله عليه وسلم : 
« إنما الأعمال بالنية - أو بالئيات » ١‏ . 

والمراد بالنية : النية المجردة عن الرغبات الذاتية والدنيوية » الخالصة لله 
تعالى » فلا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه . كما قال تعالى : 
> وما أمروأ إلا ليعبدوأ الله مخلصين لَه الدين OG‏ 

وقال صلى الله عليه وسلم : ١‏ إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان 
«Ladle‏ وابتغى به وجهه JOY ٤‏ 

وفى الحديث القدسى عن الله تبارك وتعالى قال : ١‏ أنا أغنى الشركاء عن 
الشرك » من عمل عملاً أشرك فيه غيرى تركته وشريكه ؛ » وفى لفظ : ١‏ فهو 
للذى أشرك وأنا منه برئ » ° . 

. القلب هو حقيقة الإنسان » ومدار صلاحه أو فساده عليه‎ oY : Lt, 
وفى الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال : « ألا إن فى الجسد مضغة‎ 


)1( متفق عليه عن عمر ( اللؤلؤ والمرجان : )٠١٤١‏ ؛ وهو أول حديث فى صحيح 
البخارى . (۲) البيئة : ه 

(*) رواه النسائى عن أبى أمامة » وحسّنه فى صحيح الجامع الصغير )۱۸١١(‏ . 

(5) رواه باللفظ الأول مسلم عن أبى هريرة » وباللفظ الآخر ابن ماجه . 


11۳ 
A)‏ - فقه الأولويات ) 


إذا صلحت صلح الجسد كله » وإذا فسدت فسد الجسد كله ء ألا وهى 
القلب » OY‏ 


وين النبى BE‏ أن القلب هو موضع نظر الله تعالى » وعمله هو المعتبر » 
وذلك فى قوله  :‏ إن الله لا ينظر إلى أجسامكم وصوركم » ولكن ينظر إلى 
و 

وبين القرآن الكريم : أن النجاة فى الآخرة » والفوز ELL‏ إنما تتم 
ان مجلم pe ae‏ والنفاق والأمراض المهلكات 6 ats Hi,‏ إلى الله 
عر وجل . يقول تعالى على لسان نبيه الخليل إبراهيم  :‏ ولا تخزنى يوم 
cae‏ اق انا SG‏ ارا ااه OG Scala‏ 


رفي اس 


وقال تعالى ا ل وه لا راان 
واب حفيظ Soe‏ حَشى الرَحمن AL‏ وجاء بقلب - ae Soe‏ 

: eile ا‎ neal 

والظفر ALL‏ لمن جاء ربه بقلب منيب . 

تقو الله تعالى - التى هى وصية الله للأوّلين والآخرين » وهى أساس 
الفضائل والخیرات والمكاسب فى الدنيا والآخرة - ھی فى حقيقتها ولبها أمر 
قلبى » ولذا قال عليه الصلاة والسلام فى حديث له  :‏ التقوى ههنا » وأشار 
إلى صدره . ثلاث » أى كرر الكلمة ثلاث مرات مع الإشارة الحسية بيده إلى 
صدره ليثبتها فى العقول والأنفس . 





)1( متفق عليه عن النعمان بن بشير » وهو جزء من حديث : « الحلال بين والحرام 
بين . . » ( انظر اللؤلؤ والمرجان : )٠١784‏ . 

(۲) رواه مسلم عن أبى هريرة (VOUE)‏ وقد تقدم . 

(۳) الشعراء : لالم - )٤( ۸٩‏ سورة ق : ۳۱ - ٣٣۳‏ 


١1 


وإلى ذلك أشار القرآن بإضافة التقوى إلى القلوب فى قوله : # ذلك ومن 
يعَظّم شعائر الله (EB‏ من تقوى الْقَلُوب . ۰ 

» والفضائل والمقامات الربانية التى عنى بها رجال السلوك‎ GHEY Js, 
وأهل التصوف » ودعاة التربية الروحية : جميعها أمور تتعلق بالقلوب : من‎ 
الزهد فى الدنيا » وإيثار الآخرة » والإخلاص لله » ومحبة الله تعالى ومحبة‎ 
» رسوله » والتوكل على الله » والرجاء فى رحمته » والخشية من عذابه‎ 
» والشكر لنعمائه » والصبر على بلائه » والرضا بقضائه › والمراقبة له سبحائه‎ 
والمحاسبة للنفس .. ونحوها . وهى إنما تمثل جوهر الدين وروحه » ومن لم‎ 
. يكن له حظ منها ء فقد خخسر نفسه » وخحسر دينه‎ 

على نفسه فليبك من ضاع عمره 2 وليس له منها نصيب ولا سهم ! 

يروى انس عنه صلی الله عليه وسلم : « ثلاث من كن فيه وجد حلاوة 
الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه Le‏ سواهما ١‏ وأن يحب المرء لا يحبه 
آلا ران يكره أن hs cap‏ الكفر © كما يكره أن دف یالتار 

١‏ لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس 
اخ 

وعن أنس Lal‏ : أن رجلاً سأل النبى BE‏ : متى الساعة يا رسول الله ؟ 
قال : « ما أعددت لها » ؟ قال : ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم 
ولا صدقة » ولكنى أحب الله ورسوله ! قال : « أنت مع مَن أحيبت » 247 . 

وأكد هذا حديث أبى موسى : قيل للنبى SB‏ : الرجل يحب القوم Wye‏ 
يلحق بهم ؟ قال : « المرء مع من أحب » (°) . 


. ) ۲١ : الحج : ۳۲ )1( متفق عليه عن أنس ( اللؤلؤ والمرجان‎ )١( 
. )79( المصدر نفسه‎ - Lat متفق عليه عن أنس‎ )۳( 

. )١3947( المصدر نفسه‎ - Lat متفق عليه عن أنس‎ )٤( 

)0( متفق عليه عن أبى موسى - المصدر نفسه )١598(‏ . 


فدلت هذه الأحاديث على أن حب الله تعالى وحب رسوله وحب cole‏ 
الصالحين من أعظم القربات إلى الله تعالى » وإن لم يكن معها كثير صلاة 
ولا صيام ولا صدقة . 
وما ذاك إلا oY‏ هذا الحب النقى عمل من أعمال القلوب » التى لها 
منزلتها عند الله عر وجل . 
ولأجل هذا المعنى كان بعض الأكابر يقول : 
أحب الصالحين ولست منهم عسانى أن أنال بهم شفاعة 
وأكره من بضاعته المعاصى وإن كنا سواء فى البضاغة ! 
LG‏ لله 3 والبغض لله من كمال OLY‏ > وهما من أعمال القلوب . 
وفى الحديث : « من أحب لله » وأبغض لله » وأعطى لله » ومنع لله » 
فقد استكمل الإيمان » OD‏ 
« أوثق Le‏ الإيمان : الموالاة فى الله » والمعاداة فى الله » والحب فى الله 
والبض فى الله عر وجل ٩‏ . 
ولهذا نعجب من تركيز بعض المتدينين dale‏ » والدعاة خاصة » على بعض 
الأعمال والآداب التى تتعلق بالظاهر أكثر من الباطن » وبالشكل أكثر من 
الجوهر ٠٠‏ مثل تقصير الثوب > وإحفاء الشارب > وإعفاء اللحى > وصورة 
حجاب المرأة 6 وعدد دعاك المنبر ¢ وطريقة وضع اليدين أو القدمين أثناء 
القيام فى الصلاة » إلى غير ذلك من الأمور التى تتعلق بالصورة والشكل 


(۱) رواه yl‏ داود فى كتاب LI‏ عن أبى أمامة CEVAN)‏ » وزاد فى الجامع الصغير 
CY)‏ رواه الطيالسى والحاكم والطبرانى فى الكبير والأوسط عن ابن مسعود » وأحمد 


وابن أبى شيبة عن البراء » والطبرانى عن ابن عباس ( صحيح الجامع الصغير : 
۹4 )() . 


١15 


أكثر ما تتعلق بالجوهر والروح » فهذه - مهما يكن وضعها - لا تأخذ 
الأولوية فى الدين . 

ولقد لاحظت - للأسف الشديد - أن كثيراً من يدققون فى تلك الأمور 
الظاهرة وأمثالها - ولا أقول : كلهم - يغفلون هذا التدقيق ٠‏ ولا يكترثون به 
فى أمور أشد خطراً » وأعمق Te‏ » مثل بر الوالدين » وصلة الأرحام » 
وأداء الأمانات » ورعاية الحقوق ٠»‏ وإتقان العمل » وإعطاء كل GS‏ حق 
حقه » والرحمة بخلق الله » ولا سيما الضعفاء منهم » والتورع عن 
ole pall‏ اليقينية » إلى غير ذلك ما وصف الله به المؤمنين فى كتابه » مثل 
أوائل سورة الأنفال » وأول سورة المؤمنين » وأوانحر سورة الفرقان » وغيرها . 

ولقد أعجبتنى كلمة WE‏ الأخ الداعية الموفق الدكتور « حسان حتحوت » 
فى أمريكا ينكر على بعض الأخوة المتحمسين » المشددين على أنفسهم وعلى 
الناس فى أمور مثل اللحم الحلال المذبوح بطريقة شرعية قطعية » وتحريهم 
أشد التحرى فى ذلك » وتفتيشهم عن احتمال أن يكون فى الطعام أثر من 
لحم الخنزير أو دهنه » ولو كان واحداً فى المائة أو فى الألف © وهو لا يبالى 
أن يأكل لحم إخوانه ميتا فى اليوم عدة مرات » حتى إنه يتصيد لهم الشبهات » 
أو يختلق لهم التهم » أو يصدقها ويشيعها إن لم يكن هو مختلقها . 


\\V 


اختلاف الأفضل باختلاف الزمان والمكان والحال 


وهنا نقطة ينبغى توضيحها . وهى : أن الأولوية والأفضلية فى كثير من 
الأمور لا تكون أولوية مطلقة فى الزمان والمكان والأشخاص والأحوال 6 وإن 
شارك : 

بل الغالب أنها تتفاوت بتفاوت المؤثرات الزمانية والبيئية والشخصية › 
ولهذا أمثلة كثيرة . 

« أفضل الأعمال الدنيوية : 

فقد اختلف علماؤنا : أىّ هذه الأعمال أفضل وأكثر مثوبة عند الله : 
الزراعة أم الصناعة أم التجارة ؟ 

والذى دعاهم إلى هذا الاختلاف ما ورد من أحاديث فى فضل كل منها . 

ففى فضل الزراعة ole‏ حديث : ١‏ ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً 
فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة » ) . 

وفى فضل الصناعة ole‏ حديث : « ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من 
أن يأكل من عمل يده » وإن نبى الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل 
ينه OO‏ 

وفى فضل التجارة جاء حديث : « التاجر الصدوق يحشر مع النبيين 
والعديقيق والشهداء 0 

)1( متفق عليه عن أنس ( اللؤلؤ والمرجان : )٠١١١‏ . 

)1( رواه أحمد والبخارى عن المقدام ( صحيح الجامع الصغير (oof:‏ , 


(۳) رواه الترمذى عن أبى سعيد فى البيوع (9١؟١).‏ وحسنه فى بعض النسخ 3 
ورواه ابن ماجه عن ابن عمر فى التجارات )1۳4( ¢ وفى إسناده راو ضعيف . 


11۸ 


من أجل هذه الأحاديث وأمثالها وجد من العلماء من فضّل واحدة من هذه 
ال ف و ie sila aces‏ دالا Sa fie‏ 
منهن بإطلاق » بل التفضيل يكون بحسب حاجة المجتمع إليها . 

فحيث تقل الأقوات . ويكون المجتمع فى حاجة إلى غذائه اليومى 
الذى لا عيش له إلا به » تكون الزراعة أفضل من غيرها » لحماية الأمة من 
الجوع » الذى هو بئس الضجيع ٠‏ وتوفير الأمن الغذائى لها »> وخصوصا إذا 
كان فى الزراعة بعض المشقة والصعوبة . فالصبر عليها يكون من أفضل 
الأعمال . 

وحيث تكثر الأقوات ٠‏ وتتسع دائرة الزراعة » ويحتاج الناس إلى 
الصناعات المختلفة » للاستغناء عن الاستيراد من غير المسلمين من ناحية » 
ولتشغيل الأيدى العاملة من ناحية أخرى » ولحماية حرمات الأمة وحدودها - 
بالنسبة للصناعات الحربية - من ناحية ثالئة . ولتفادى نقص الكفاية الإنتاجية 
للأمة » من ناحية رابعة » هنا تكون الصناعة أفضل . 

وحين تتوافر الزراعة والصناعة » ويحتاج الناس إلى من ينقل ما تنتجه هذه 
وتلك من بلد إلى آخر » فهو وسيط جيد بين المنتج والمستهلك . وكذلك 
عندما يسيطر على السوق التجار الجشعون المحتكرون والمستغلون لحاجات 
جماهير الخلق ٠»‏ والمتلاعبون بأسعار السلع > فهنا تكون التجارة أفضل › 
وخصوصا إذا كان من الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله 
وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة . 

وأحوج ما تحتاج إليه أمتنا فى عصرنا » هو التكنولوجيا المتطورة ٠‏ أن 
تدخل الأمة هذا العصر » وهى مسلّحة بعلمه » غير غائبة ولا متخلفة عنه › 
فلا تستطيع الأمة of‏ تنهض برسالة الإسلام الذى أكرمها الله به » وأتم عليها 
به النعمة » وأن تحمل دعوته إلى العالّمين » وهى عالة على غيرها فى أدوات 
العصر » وأسلحة العصر . 

11 


ولا بد أن تطور مناهجها ونظمها التعليمية Le‏ يحقق هذه الغاية ¢ ويعيد 
إليها مكانتها العالّمية » يوم كانت لها حضارة متميزة » عميقة الجذور ٠‏ باسقة 
الفروع » وأن تستشرف المستقبل » وتنظر إليه من خلال ما يطلبه منها الإسلام › 
وما ينشده أهله » وما يتطلع إليه العالّم من المعرفة به عقيدة ونظاماً وحضارة . 
إن تحصيل هذه التكنولوجيا المتقدمة والتفوق فيها » وفى العلوم الموصلة 
إليها » أصبح فريضة وضرورة » نريضة يوجبها الدين » وضرورة يحتمها 
الواقع . وهى فى مقدمة الأولويات للأمة اليوم . 
© أفضل العبادات : 
ومثل ذلك يقال بالنسبة لأفضل العبادات بالنسبة للفرد . 
'فقد اختلف العلماء فى ذلك اختلافاً بعيداً » وتعددت أقوالهم وتباينت . 
والقول المرجح عندى ما ذكره الإمام ابن القيم » وهو أن ذلك يختلف من 
شخص إلى آخر > ومن وقت إلى آخر » ومن مكان إلى آخر » ومن حال 
إلى آخر . 
يقول الإمام ابن القيم فى « المدارج »© : 
« ثم أهل مقام « إياك نعبد » لهم فى أفضل العبادة وأنفعها وأحقها بالإيثار 
والتخصيص أريع طرق . فهم فى ذلك أربعة أصناف ‘ 
الصنف الأول : عندهم أنفع العبادات وأفضلها : أشقها على النفوس 
ا 
قالوا : oY‏ أبعد الأشياء عن هواها » وهو حقيقة التعبد . 
قالوا : oY,‏ على قدر المشقة . ورووا حديثاً لا أصل له : « أفضل 
الأعمال أحمزها » 2١(‏ أى أصعبها وأشقها . 


= قال فى الدرر تبعاً للزركشى : لا يعرف » وقال المزى : هو من غرائب‎ )١( 


1١ 


وهؤلاء : هم أهل المجاهدات والحور على النفوس . 
قالوا : وإنما تستقيم النفوس بذلك . إذ طبعها الكسل والمهانة » والإخلاد 
إلى الأرض . فلا تستقيم إلا بركوب الأهوال وتحمل المشاق . 
الصنف الثانى » قالوا : pall‏ العبادات التجرد › والزهد فى الدنيا › 
والتقلل منها غاية الإمكان » واطراح الاهتمام بها » وعدم الاكتراث بكل 
ما هو منها - ثم هؤلاء قسمان: 
فعوامهم : ظنوا أن هذا GLE‏ » فشمروا إليه وعملوا عليه » ودعوا الناس 
إليه » وقالوا : هو أفضل من درجة العلم والعبادة » فرأوا الزهد فى الدنيا 
غاية كل dole‏ ورأسها . 
وخواصهم : رأوا هذا مقصوداً لغيره » وأن المقصود به عكوف القلب على 
الله » وجمع الهمة عليه » وتفريغ القلب لمحبته › والإنابة إليه » والتوكل 
عليه » والاشتغال بمرضاته . فرأوا أن أفضل العبادات فى الجمعية على الله » 
ودوام ذكره بالقلب واللسان © والاشتغال بمراقبته » دون كل ما فيه تفريق 
للقلب وتشتيت له . 
ثم هؤلاء قسمان : فالعارفون المتبعون منهم : إذا جاء الأمر والنهى بادروا 
إليه ولو فرقهم وأذهب جمعيتهم . والمنحرفون منهم يقولون : المقصود من 
العبادة جمعية القلب على الله . فإذا جاء ما يفرقه عن الله لم يلتفت إليه . 
وربا يقول قائلهم : 
Sty‏ بالأوراد من كان غافلاً فكيف بقلب كل أوقاته ورد ؟ 
ثم هؤلاء Lal‏ قسمان : منهم من يترك الواجبات والفرائض معيته . 
ومنهم من يقوم بها ويترك Gell‏ والنوافل » وتعلم العلم النافع لجمعيته . 
وسأل بعض هؤلاء شيخا عارفا » فقال : إذا أذَّن المؤدّن وأنا فى جمعيتى 
على الله » فإن قمت وخرجت تفرقت » وإن بقيت على حالى بقيت على 
جمعيتى » فما الأفضل فى حقى ؟ 
= الأحاديث » ولم يرد فى شئ من الكتب الستة » وقال القارى فى الموضوعات الكبرى : 


معناه صحيح . واستشهد با فى الصحيح من حديث عائشة  :‏ إنما أجرك على قدر 
تصبك » ( انظر كشف الخفاء : 1680/1 ) . 


۲۱ 


فقال : إذا OST‏ المؤذّن وأنت تحت العرش فقم » وأجب داعى الله » ثم عد 
إلى موضعك . وهذا OY‏ الجمعية على الله حظ الروح والقلب » وإجابة 
الداعى حق الرب . ومن آثر حظ روحه على حق ربه فليس من أهل ١‏ إياك 
ars‏ ) . 

الصنف الثالث : رأوا أن أنفع العبادات وأفضلها : ما كان فيه نفع متعد . 
فرأوه أفضل من ذى النفع القاصر . فرأوا خدمة الفقراء » والاشتغال بمصالح 
الناس وقضاء حوائجهم 0 ومساعدتهم old JUL‏ والنفع أفضل فا له 
وعملوا عليه » واحتجوا بقول النبى BB‏ : « الخلق كلهم She‏ الله ٠‏ وأحبهم 
إليه أنفعهم لعياله » رواه أبو يعلى 2320 . * 

واحتجوا ob‏ عمل العابد قاصر على نفسه » وعمل الماع متعد إلى الغير . 
وأين أحدهما من الآخر ؟ 

قالوا : ولهذا كان فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر 

قالوا : وقد قال ,رسول الله BG‏ لعلى بن cal‏ طالب رضى الله عن : لان 
يهدى الله بك رجلا واحداً خير لك من حمر النعم ٠‏ ) » وهذا التفضيل إغا 
هو للنفع المتعدى . واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم ي 
هذى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه » من غير أن ينقص من أجورهم 


)١(‏ رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط عن ابن مسعود » ورواه أبو يعلى والبزار عن 
أنس > كلاهما بسند فيه متروك كما قال الهيثشمى )۱41/۸( > ورواه الطبرانى فى الثلاثة 
عن ابن عمر : « أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس . . 5 وحسه فى صحيح الجامع 


الصغير )۱۷١(‏ . 
CY)‏ كما فى حديث أبى الدرداء الذى رواه أحمد وأصحاب السنن only‏ ¢ حبان . كما 
فى صحيح الجامع الصغير oly )۳( . CUY4Y)‏ البخارى عن على بن أبى طالب . 


1۲۲ 


noes‏ » واحتجوا بقوله صلی الله عليه وسلم : ١‏ إن الله وملائكته يصلُون 
على معلمى الناس الخير PC‏ وبقوله صلى الله عليه وسلم : ١‏ إن العالم 
ليستغفر له من فى السموات ومن فى الأرض ٠‏ حتى الحيتان فى البحر . 


OO ae والتملة فى‎ 


واحتجوا ob‏ الأنبياء إنما بعثوا بالإحسان إلى الخلق وهدايتهم ٠‏ ونفعهم فى 
معاشهم ومعادهم . لم يبعثوا بالخلوات والانقطاع عن الناس والترهب . 
ولهذا أنكر النبى BE‏ على أولئك النفر الذين هموا بالانقطاع للتعبد » وترك 
مخالطة الناس . chy‏ هؤلاء التفرق فى أمر الله ٠‏ ونفع عباده » والإحسان 
إليهم » أفضل من الجمعية عليه بدون ذلك . 


الصنف الرابع » قالوا : إن أفضل العبادة : العمل على مرضاة الرب فى 
كل وقت با هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته » فأفضل العبادات فى وقت 
الجهاد : الجهاد » وإن آل إلى ترك الأوراد > من صلاة الليل وصيام النهار . 
بل ومن ترك إتمام صلاة الفرض 6 كما فى حالة الأمن . 

والأفضل فى وقت حضور الضيف مثلاً : القيام بحقه » والاشتغال به عن 
الورد المستحب . وكذلك فى أداء حق الزوجة والأهل . 

والأفضل فى أوقات السحر : الاشتغال بالصلاة والقرآن » والدعاء والذكر 
والاستغفار . ; 


)1( رواه أحمد ومسلم وأصحاب Gell‏ عن أبى هريرة ( صحيح الجامع الصغير : 
C۴‏ . 
(۲) روى الترمذى عن أبى ULE‏ مرفوعاً : ١‏ إن الله وملائكته 6 وأهل السموات 
والأرض » حتى النملة فى جحرها » وحتى الحوت ake‏ على hee‏ الناس الخير » » 
وقال : حسن صحيح غریب (1187) » ورواه الطبرانى كما فى المجمع : ٠١١/١‏ 
)1( جزء من حديث أبى الدرداء السابق ذكره » مع اختلاف فى اللفظ . 


والأفضل فى وقت استرشاد الطالب ٠‏ وتعليم الجاهل : الإقبال. على 

والأفضل فى أوقات الأذان : ترك ما هو فيه من ورده » والاشتغال بإجابة 
المؤدّن . 

والأفضل فى أوقات الصلوات الخمس : الحد والنصح فى إيقاعها على 
أكمل الوجوه ٠»‏ والمبادرة إليها فى أول الوقت > والخروج إلى الجامع . وإن 
بعد كان أفضل . 

والأفضل فى أوقات صرورة المحتاج إلى المساعدة بالخاه 0 أو البدن ¢ 
أو المال : الاشتغال بمساعدته » وإغاثة لهفته ¢ وإيثار ذلك على أورادك 
وخلوتك . 

والأفضل فى وقت قراءة القرآن : جمعية القلب والهمة على opti‏ وتفهمه » 
حتى كأن الله تعالى يخاطبك به . فتجمع قلبك على فهمه وتدبره » والعزم 
على تنفيذ أوامره أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك . 

والأفضل فى وقت الوقوف بعرفة : الاجتهاد فى التضرع والدعاء والذكر 
دون الصوم المضعف عن ذلك 5 

والأفضل فى أيام عشر ذى الحجة : الإكثار من التعبد » لا سيما التكبير 

والأفضل فى العشر الأخير من رمضان : لزوم المسجد فيه والخلوة 
والاعتكاف دون التصدى لمخالطة الناس والاشتغال بهم > حتى al‏ أفضل من 
الإقبال على تعليمهم العلم » وإقرائهم القرآن » عند كثير من العلماء . 

والأفضل فى وقت vey‏ أخيك المسلم أو مونه : ale‏ » وحضور جنازته 
وتشييعه » وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك : 

والأفضل فى وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك : أداء واجب الصبر مع 


\¥2 


خلطتك بهم » دون الهرب منهم . فإن المؤمن الذى يخالط الناس ليصبر على 
أذاهم أفضل من الذى لا يخالطهم ولا يؤذونه . 

والأفضل خلطتهم فى الخير . فهي خير من اعتزالهم فيه › واعتزالهم فى 
الشر » فهو أفضل من خلطتهم فيه . فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو Alls‏ 
فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم . 

فالأفضل فى كل وقت وحال : إيثار مرضاة الله فى ذلك الوقت والحال . 
والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه . 


وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق . والأصناف قبلهم أهل التعبد المقيد . فمتى 
خرج أحدهم عن النوع الذى تعلق به من العبادة وفارقه يرى نفسه كأنه قد 
نقص وترك عبادته . فهو يعبد الله على وجه واحد . وصاحب التعبد المطلق 
ليس له غرض فى تعبد بعينه يؤثره على غيره » بل غرضه تتبع مرضاة الله 
تعالى أين كانت . فمدار تعبده عليها . فهو لا يزال متنقلاً فى منازل العبودية » 
كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها » واشتغل بها حتى تلوح له منزلة 
أخرى . فهذا دأبه فى السير حتى ينتهى سيره . فإن cal,‏ العلماء رأيته معهم »› 
وإن رأيت العباد رأيته معهم > وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم > وإن رأيت 
الذاكرين رأيته معهم « وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم » وإن رأيت 
أرياب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم . فهذا هو العبد المطلق « 
الذى لم تملكه الرسوم » ولم تقيده القيود » ولم يكن عمله على مراد نفسه » 
وما فيه لذتها وراحتها من العبادات . بل هو على مراد ربه » ولو كانت راحة 
نفسه ولذتها فى سواه . فهذا هو المتحقق : 9 إياك نعبد وإياك نستعين 4 (© 
حقا » القائم بهما صدقاً cleo‏ ما تهياً » ومأكله ما تيسر » واشتغاله بما أمر 
الله به فى كل وقت بوقته » ومجلسه حيث انتهى/به المکان ووجده «TILE‏ 
لا تملكه إشارة » ولا يتعبده Ad‏ » ولا يستولى عليه.رسم » حر مجرد » دائر 


)١(‏ الفاتحة : ه 


1١6 


مع الأمر حيث دار » يدين بدين الآمر 3 توجهت رکائبه 6 ويدور معه حيث 
استقلت مضاربه » يأنس به كل محق . ويستوحش منه كل مبطل ٠‏ كالغيث 
a‏ بع ad eee E‏ كلها العامة تي e‏ 
موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله ٠‏ والغضب إذا انتهكت محارم الله . 
فهو لله وبالله ومع الله » قد صحب الله بلا خلق » وصحب الناس بلا نفس , 
بل إذا كان مع الله عزل الخلائق عن البين . وتخلى عنهم . وإذا كان مع 
خلقه Spe‏ نفسه من الوسط وتخلى عنها : LS‏ له !ما أغربه بين oll‏ ! 
وما Asi‏ وحشته منهم ! وما أعظم أنسه بالله وفرحه به 6 وطمأنيئته وسكونه 
إليه !! والله المستعان » وعليه التكلان » ١‏ . 





() مدارج السالكين : 4١0 - 86/١‏ ء طبعة السنة المحمدية . 


لحيل 


(¥) 


الأولويات .. 


أولوية الأصول على الفروع 


أول ما ينبغى الاهتمام به فى مجال المأمورات الشرعية . هو : تقديم 
الأصول على الفروع . 

ونعنى بتقديم الأأصول : تقديم ما يتصل بالإيمان بالله تعالى وتوحيده » 
والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر » وهى أركان LEY‏ كما بينها 
القرآن الكريم 

يقول cue oe de ols‏ نبل ا 
ig. i‏ 

وقال تعالى : # Al‏ الرسول بما أنزل إليه من “ والمؤمنون ٠‏ كل 
dil orl‏ وملائكته وکتبه Sse‏ لا ral eerie‏ من رسله ¢ i JG,‏ 


م 4“ 


مسمعنًا اطا » غفرانك ربتا وإليك all.‏ ) . 
روو سے 9ے ۵ ~ 

وقال تعالى : # ومن iS‏ بالله KG,‏ وکتبه ورسله واليوم الاخر 
(fs LS‏ ضلالاً بعيدا © 29 . 

وإنما لم تذكر الآيات الإيمان بالقدّر ضمن أصول العقيدة » GY‏ داخل فى 
مضمون OEY!‏ بالله تعالى . فالإيمان بالقدر إيمان بمقتضى الكمال AY‏ » 
وشمول علمه ¢ وعموم إرادته ¢ ونفوذ قدرثه . 

والعقيدة هى الأصل 34 والتشريع فرع عنه 5 


1 : النساء‎ )9 YAo : البقرة‎ )( ١۷۷ : البقرة‎ )١( 


)4 - فقه الأولويات ) 4 


والإيمان هو الأصل » والعمل فرع عنه . 

ولا نريد أن ندخل فى جدل المتكلمين حول علاقة العمل بالإيمان : أهو 
جزء منه أم ثمرة له ؟ أهو شرط لتحققه أم دليل كماله ؟ 

فالإيمان الحق لا بد أن يثمر عملاً » وعلى قدر تمكن الإيمان ورسوخه 
تكون الأعمال » من فعل المأمور » أو اجتناب المحظور . 

والعمل الذى لم يوس على إعان متخي لوزن لماعل Sait‏ وهو كما 
hae‏ ان ار كران eds‏ بيه ele Cb‏ حَتّى Bl‏ جاءه لم يجده 


i a Pe 


شيئاً ووجد الله عنده ES‏ حسابَهُ » والله سريع الْحسّاب 4 227 . 
لهذا كان pil‏ الأحق بالتقديم والأأولى بالعناية من غيره ٠»‏ هو تصحيح 
العقيدة ¢ وتجريد التوحيد ( ومطاردة الشرك dal ly‏ » وتعميق بور الإيمان 
فن لفارت ي ترت أكليا ادن wiley‏ :و eet as past‏ : 
١‏ لا إله إلا الله » حقيقة فى النفس » ونوراً فى الحياة » يبدد ظلمات الفكر ع 
ا 
يقول المحقق ابن القيم : 
« اعلم أن أشعة : « لا إلّه إلا الله » تبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر 
قوة ذلك الشعاع وضعفه ¢ فلها نور . وتفاوت أهلها فى ذلك - قوة وضعفا 
- لا يحصيه إلا الله تعالى . 
فمن الناس : من نور هذه الكلمة فى قلبه كالشمس . 
ومنهم : من نورها فى قلبه كالكوكب الدرى . 
ومنهم : من نورها فى قلبه كالمشعل العظيم . 


4 : النور‎ )١( 


۳۰ 


ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم »> وبين أيديهم » على هذا المقدار › 

بحسب ما فى قلوبهم من نور هذه الكلمة » Lele‏ وعملاً » ومعرفة وحالاً . 
وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد : أحرق من الشبهات والشهوات 

بحسب قوته وشدته . حتى إنه Ly‏ وصل إلى حال لا يصادف معها شبهة 
ولا شهوة » ولا LS‏ » إلا أحرقه . وهذا حال الصادق فى توحيده . الذى 
لم يشرك بالله شيئاً . 

ومن عرف هذا عرف قول النبى BE‏ : « إن الله حرم على النار من قال : 
لا إله إلا الله » يبتخى بذلك وجه الله ٩‏ » وقوله : « لا يدخل النار من قال : 
لا إله إلا الله » » وما جاء من هذا الضرب من الأحاديث التى أشكلت على 
كثير من الناس » حتى ظنها بعضهم منسوخة » وظنها بعضهم قيلت قبل ورود 
الأوامر والنواهى ٠»‏ واستقرار الشرع . وحملها بعضهم على نار المشركين 
والكفار . وأوّل بعضهم الدخول بالخلود . وقال : المعنى لا يدخلها خالداً . 
ونحو ذلك من التأويلات المستكرهة . 

والشارع - صلوات الله وسلامه عليه - لم يجعل ذلك حاصلاً بمجرد قول 
اللسان فقط . فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام . فلا بد 
من قول القلب ٠»‏ وقول اللسان . وقول القلب : يتضمن من معرفتها › 
والتصديق بها » ومعرفة حقيقة ما تضمنته - من النفى والإثبات » ومعرفة 
حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله » المختصة به » التى يستحيل ثبوتها لغيره › 
وقيام هذا المعنى بالقلب - Lele‏ ومعرفة ويقيناً وحالاً - ما يوجب تحريم قائلها 
على النار . 

نعم من قالها بلسانه » WE‏ عن معناها » معرضاً عن تدبرها » ولم 
يواطئ قلبه لسانه » ولا عرف قدرها وحقيقتها » راجيا مع ذلك ثوابها » 


۱۳۱ 


cde‏ من خطاياه بحسب ما فى قلبه » ob‏ الأعمال لا تتفاضل بصورها 
وعددها » وإنما تتفاضل بتفاضل ما فى القلوب » فتكون صورة العملين 
واحدة» وبيئهما فى التفاضل كما بين السماء والأرض . والرجلان يكون 
مقامهما فى الصف واا ريق مادا Goes‏ العا رارقل 9071م 





)1( مدارج السالكين : ۳۲۹/۱ - ۳۳۱ 


۱۳۲ 


أولوية الفرائض على السنن والنوافل 


ومن المعلوم - فى مجال الفروع - أن الأعمال تتفاوت فى رتبة طلبها من 

ومنها : المأمور به على - age‏ الفرض والإيجاب . 

ومنها 8 ما هو بين بين ( ما كان فوق المستحب ودون الفرض › ويسمية 
بعض الفقهاء : الواجب ) . 

ومن الواجب المفروض : ما هو مفروض على الكفاية » والمراد به : ما إذا 
قام به فرد أو عدد كاف سقط الإثم عن الباقين . 

ومنه ما هو فرض عَيْن » وهو ما يتوجه فيه الخطاب إلى كل مكلّف مستوف 
aby yt‏ | 

وفروض LEY‏ نفسها تتفاوت ٠»‏ فمنها ما نسميه : ١‏ الفرائض الركنية ٠‏ 
التى عدت من أركان الإسلام » مثل الشعائر العبادية الأربع : الصلاة والزكاة 
والصيام والحج . ومنها ما ليس كذلك . 

قال العلامة ابن رجب فى شرح حديث : ١‏ إن الله فرض فرائض فلا 
تضيعوها ... a‏ : 

» وقد | ales‏ العلماء : هل الواجب والفرض بمعنى واحد أم لا ؟ فمنهم 
من قال او وکل واحث دلبل greek‏ کات اراس أ (lsd‏ 
أو غير ذلك من أدلة الشرع 6 فهو فرض »> وهو المشهور عن أصحاب 
الشافعى وغيرهم » وحكى رواية عن أحمد ؛ لأنه قال : كلا ما فى الصلاة 
فهو فرض . 

1۳۳ 


ومنهم من قال : بل الفرض ما ثبت بدليل مقطوع به » والواجب ما ثبت 
بغير مقطوع به » وهو قول الحنفية وغيرهم . 

وأكثر النصوص عن أحمد تُفرّق بين الفرض والواجب » فنقل جماعة من 
أصحابه عنه أنه قال : لا يسمى فرضاً إلا ما كان فى Obs‏ الله تعالى » وقال 
فى صدقة الفطر : ما أجترئ أن أقول : إنها God‏ مع أنه يقول يوجوبها ١‏ 
فمن أصحابنا من قال : مراده أن الفرض : ما ثبت بالكتاب » والواجب : 
مانت BLL‏ + ومهم “مق dU‏ أراد أن الفزهن. + ما ثيك بالاستفاضة 
والنقل المتواتر » والواجب : ما ثبت من جهة الاجتهاد » وساغ الخلاف فى 
وجويه » OY‏ 

« التساهل فى السنن والمستحبات : 

وفقه الأولويات يقتضى أن نُقدّم الأوجب على الواجب » والواجب على 
المستحب » وأن نتساهل فى السنن والمستحبات ما لا نتساهل فى الفرائض 
والواجبات » وأن نؤكد أمر الفرائض الأساسية أكثر من غيرها » وبخاصة 
الصلاة والزكاة » الفريضتان الأساسيتان ٠»‏ اللتان قرن بيئهما القرآن فى ثمانية 
وعشرين موضعاً . وجاءت عدة أحاديث صحيحة فى ذلك » منها : 

عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله BE‏ قال : « بنى الإسلام على 
حمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً عبده ورسوله » وإقام الصلاة » 
وإيتاء الزكاة » وحج البيت » وصوم رمضان » "° . 

وعن طلحة بن عبيد الله رضى الله عنه قال : ele‏ رجل إلى رسول الله 
صلی الله عليه وسلم من أهل ند ثائر الرأس » نسمع دوى صوته ولا نفقه 
ما يقول » حتى دنا من رسول الله BB‏ » فإذا هو يسأل عن الإسلام » فقال 


)\( جامع العلوم والحكم : ل u‏ طبعة الرسالة : 
0( متفق عليه » انظر : اللؤلؤ والمرجان » حديث )49( . 


۳٤ 


رسول الله BE‏ : « حمس صلوات فى اليوم والليلة » قال : هل على غيرهن ؟ 
قال : « لا إلا أن تطوع » » فقال رسول الله BE‏ : « وصيام شهر رمضان » 
قال : هل على غيره ؟ قال : « لا إلا أن تطوّع » قال : وذكر له رسول الله 
صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال : هل على غيرها ؟ فقال : ١‏ لا إلا أن 
تطوع » » فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص . فقال 
رسول الله BE‏ : « أفلح إن صدق » ( متفق عليه ) 217 . 

وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى BE‏ بعث معاذاً رضى الله عنه 
إلى اليمن فقال : « ادعهم إلى شهادة أن لا إِلّه إلا الله وأنى رسول الله » فإن 
هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات فى كل يوم 
وليلة » فإن هم أطاعوك UU‏ فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من 
أغنيائهم ونرد على فقرائهم » 29 . 

وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله BE‏ : « أمرت أن 
أقاتل الناس حتى يشهدوا ol‏ ل الخال Sted‏ متمد ردول الله > (ply‏ 
الصلاة » ويؤتوا الزكاة » فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم 2 
وحسابهم على الله 20 

وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : لما توفى رسول الله BE‏ وكان أبو بكر 
رضى الله عنه » وكفر من كفر ye‏ العرب » فقال عمر رضى الله عنه : كيف 
نقاتل الناس وقد قال رسول الله  : BB‏ أمرت أن pub‏ الناس حتى يقولوا : 
لا إله إلا الله » فمن قالها فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه » وحسابه على 
الله » ؟ فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ٠‏ فإن الزكاة 
حق المال » والله لو منعونى عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله HAG‏ لقاتلتهم 

. )5( اللؤلؤ والمرجان » حديث‎ )١( 


)1( متفق عليه : المصدر السابق » حديث )١١(‏ . 
)1( متفق عليه : المصدر نفسه » حديث (YO)‏ . 


1۳0 


على منعه » قال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبى بكر 
للقتال فعرفت أنه الحق OG‏ 
وعن أبى أيوب رضى الله عنه أن رجلا قال للنبى BB‏ : أخبرنى بعمل 
يُدخلنى الجنة » قال : ١‏ تعبد الله لا تُشرك به شيئا » وتقيم الصلاة » وتؤتى 
الزكاة » وتصل الرحم 00 
وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن أعرابياً أتى النبى BE‏ فقال : يا رسول الله ؛ 
دلنى على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال : « تعبد الله لا تشرك به شيئاً » 
وتقيم الصلاة المكتوبة » وتؤدى الزكاة المفروضة » وتصوم رمضان » . قال : 
والذى نفسى بيده لا أزيد على هذا ولا أنقص منه » فلما ولّى قال النبى ا : 
« من سر أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا  »‏ . 
Jas‏ هذا الحديث وحديث طلحة قبله : أن هذه الفرائض هى oleh‏ 
العملى للدين » وأن من Lalit‏ كاملة » ولم ينقص منها شيئآ » فقد فتح أمامه 
باب الجنة » وإن pad‏ فيما وراءها من السان . وكان المنهج النبوى فى 
التعليم : التركيز على الأركان والأساسيات » لا على الجزئيات والتفصيلات 
التى لا تتناهى . 
ae at‏ 

© خطأ الاشتغال بالسنن عن الفرائض : 

ومن thi}‏ إذن اشتغال الناس بالسان والتطوعات من الصلاة والصيام ats‏ 
عن الفرائض, . 


)1( متفق عليه : اللؤلؤ والمرجان حديث (17) . 
(؟) متفق عليه : المصدر نفسه » حديث (۷) . 
(۳) متفق عليه : المصدر نفسه » حديث (A)‏ 


1۳١ 


فنرى من المنتسبين إلى الدين من يقوم الليل » ثم يذهب إلى عمله الذى 
يتقاضى عليه Lat‏ متعباً كليل القوة » فلا يقوم بواجبه كما ينبغى . ولو علم 
أن إحسان العمل فريضة  :‏ إن الله كتب الإحسان على كل شئ » » وأن 
التفريط فيه خيانة SUSU‏ » وأكل للمال - آخر الشهر - بالباطل ayo‏ على 
نفسه قيام ليله » لأنه ليس AST‏ من نفل » لم يلزمه الله به ولا رسوله . 

ومثله من يصوم الاثنين والخميس 3 فيجهده الصيام 3 وخصوصاً فى eli‏ 
الصيف 6 فيمضى إلى عمله مكدوداً مهدودا ¢ وكثيراً ما يؤخر مصالح الناس 
بتأثير الصوم عليه i‏ والصوم نفل غير واجب ولا لازم : وإنجار مصالح الخلق 
واجب ولازم . 

وقد نهى النبى BE‏ المرأة أن تصوم تطوعاً » وزوجها شاهد - حاضر غير 
مسافر - إلا بإذنه » لأن حقه عليها أوجب من صيام النافلة . 

ومثل ذلك BD‏ التطوع » وعمرة التطوع » فمن المتدينين من يحج الحجة 
الخامسة أو العاشرة أو العشرين los‏ الأربعين . ويعتمر كل عام فى شهر 
رمضان » وينفق ألوف الجنيهات أو الدنائير أو الريالات » وهناك مسلمون 
يموتون من الجوع - حقيقة لا مجازاً - فى بعض الأقطار كالصومال » 
وآخرون يتعرضون للإبادة الجماعية » والتصفية الجسدية » كما رأينا فى البوسنة 
والهرسك وفلسطين وكشمير وغيرها - وهم فى حاجة إلى أى معونة من 
إخوانهم ¢ لإطعام الجائع 2( وكسوة العارى » ومداواة المريضص t‏ وإيواء 
المشرد ¢ وكفالة اليتيم ¢ ورعاية الشيخ والأرملة والمعوق 0 أو لشراء السلاح 
الضرورى للدفاع عن النفس . 

وآحرون يتعرضون للغزو التنصيرى » ولا يجدون مدرسة للتعليم 6 
ولا مسجداً للصلاة » ولا داراً للرعاية ¢ ولا مستوصفا للعلاج 6 ولا ys‏ 155 
للدعوة » ولا كتاباً للقراءة . . على حين نجد سبعين فى BU‏ من الحجاج كل 
عام gf‏ حجوا قبل ذلك » أى يحجون تطوعا » ينفقون مثات الملايين طيبة 


۱۷ 


ولو فقهوا دينهم » وعرفوا et‏ من فقه الأولويات » لقدّموا إنقاذ إخوانهم 
المسلمين على استمتاعهم الروحى BEL‏ والعمرة » ولو تدبروا لعلموا أن 
الاستمتاع بإنقاذ المسلمين أعمق وأعظم من استمتاع عارض قد يشوبه بعض 
التظاهر أو الرياء > وصاحبه لا يشعر . 


© كلمات منيرة للإمام الراغب : 
لقد قرر فقهاء الإسلام : أن الله لا يقبل النافلة حتى op‏ الفريضة . 
وذكر الإمام الراغب فى المقارنة بين فرائض العبادات » ونوافل المكارم فقال » 
وأحسن فيما قال  :‏ واعلم أن العبادة أعم من المكرمة » فإن كل مكرمة 
عبادة » وليس كل عبادة مكرمة » ومن الفرق بينهما أن للعبادات فرائض 
معلومة » وحدوداً مرسومة » وتاركها يصير WU‏ متعديا » والمكارم بخلافها . 
ولن يستكمل الإنسان مكارم الشرع ما لم يقم بوظائف العبادات » فتحرى 
العبادات من باب العدل » وتحرى المكارم من باب الفضل والنفل » ولا يقبل 
fis‏ من أهمل الفرض » ولا تفضل من ترك العدل » بل لا يصح تعاطى 
اف SY‏ معد الد فن lal‏ فل ها بسي © والقضة ‏ الاد ق 
ما يجب . وكيف يصح تصور الزيادة على شئ هو غير حاصل فى ذاته › 
ولهذا قيل : لا يستطيع الوصول من eet‏ الأصول . 
فمن شغله الفرض عن الفضل فمعذور » ومن شغله الفضل عن الفرض 
تعدرور وو Jad Sle UT‏ إل SM‏ © راما ی ارم 
بقوله تعالى  :‏ إن الله يَأمر بالْعَدل والإحسّان 4 29 . 


4٠ : التحل‎ )١( 
\YA 


أولوية فرض العين على فرض الكفاية 


LS,‏ أن الفرائض مقدّمة فى الرتبة على النوافل » بلا نزاع . فالفرائض فى 

فمن المؤكّد أن فرض pads gall‏ على فرض الكفاية . وذلك OY‏ فرض 
الكفاية قد يوجد من يقوم به » فيسقط الإثم والحرج عن الآخرين » أما فرض 
العين فلا بديل له » ولا يقوم أحد مقام من تعين عليه . 

وقد دلت الأحاديث النبوية على تقديم فرض العين على فرض الكفاية . 

وأظهر مثال لذلك 5 ما جاء فى شأن بر الوالدين والجهاد فى سبيل الله 
حينما يكون الجهاد فرض كفاية » وهو جهاد الطلب لا جهاد الدفع . وجهاد 
الطلب : أن يكون العدو فى أرضه » ونحن الذين نطلبه » من باب الحرب 
الوقائية » ومبادرته بالهجوم إذا ظهرت منه بوادر التربص بنا والطمع فينا . 
فهنا يغنى البعض عن الكل » إلا إذا طلب الإمام النفير من الجميع . 

فى جهاد الطلب يكون بر الوالدين والقيام على خدمتهما أوجب من 
الانضمام إلى الجيش المقاتل . وهذا ما نبه عليه رسول الله FEE‏ . 

روى الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال : 
جاء رجل إلى نبى الله صلى الله عليه وسلم » فاستأذنه فى الجهاد ١‏ فقال : 
« أحى والداك » ؟ قال : نعم » قال : « فيهما فجاهد » )١(‏ . 

وفى رواية لمسلم قال : أقبل رجل إلى رسول الله BE‏ فقال : أبايعك على 
الهجرة والجهاد أبتغى الأجر من الله » قال : ١‏ فهل من والديك أحد حى » ؟ 


. )( رواه اليخارى فى الجهاد ومسلم فى البر برقم‎ )١( 


1۳4 


قال : نعم » بل كلاهما حى » قال : ١‏ فتبتغى الأجر من الله » ؟ قال : 
نعم» قال : « فارجع إلى والديك » فأحسن صحبتهما » . 

وعنه أيضا قال : جاء رجل إلى رسول الله BE‏ » فقال : جئت أبايعك 
على الهجرة » وتركت أبوئ يبكيان » فقال : « ارجع إليهما » فأضحكهما 
كما Yo Lg st‏ 

وعن أنس رضى الله عنه قال : أتى رجل رسول الله يه > فقال : إنى 
أشهى الجهاد ولا أقدر عليه » قال : « هل بقى من والديك أحد » ؟ قال : 
al‏ قال : « قابل الله فى برها » فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر 
eee‏ لكر 


وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى BE‏ » فقال : يا رسول الله ؛ 
أردت أن أغزو » وقد جئت أستشيرك » فقال : « هل لك من أُم » ؟ قال : 
نعم » قال : « فالزمها » فإن الجنة عند رجلها » 9© . 


ورواه الطبرانى بإسناد جيد CE)‏ 3 ولفظه قال : أتيت النبى BE‏ أستشيره فى 


)١(‏ رواه أبو داود وغيره فى الجهاد CYOYA)‏ » وابن ماجه CYVAY)‏ © والحاكم 
وصححه : ۱۵۲/٤‏ ء 16 ء ووافقه الذهبى . 8 

(۲) قال المنذرى فى الترغيب والترهيب : رواه أبو يعلى والطبرانى فى الصغير 
والأوسط © وإسنادها جيد 6 ميمون بن نجيح ونّقه ابن حبان » وبقية رواته 
مشهورون ( المنتقى : )١5174‏ » وقال الهيثمى : رجالهما رجال الصحيح ٠‏ غير 
ميمون بن نجيح وقد aay‏ ابن حبان ( المجمع : ۱۳۸/۸ ) . 

)1( رواه النسائى فى الجهاد : ١١١/1‏ » وابن ماجه (YVAN)‏ » والحاكم وصححه » 
ووافقه الذهبى : ٠١١٠/٤‏ 

)2( هكذا قال المنذرى ( انظر : المنتقى : ٠٤١١‏ ) > وقال الهيثمى : رجاله 
ثقات ( المجمع : VYAA/A‏ ). 


١ 


الجهاد » فقال النبى Be‏ : « ألك والدان » ؟ قلت : نعم » قال : « الزمهما . 
att ob‏ تحت أرجلهما » . 
© فروض الكفاية تتفاوت : 
وأحب أن أوضح هنا : أن فروض الكفاية تتفاوت أيضاً . 
فهناك فروض كفاية قام بها بعض الناس » وربما أصبح فيها فائض . 
وفروض كفاية أخرى لم يقم بها عدد كاف . أو لم يقم بها أحد قط . 
ففى زمن الإمام الغزالى عاب على أهل عصره أنهم تكدسوا فى طلب الفقه › 
وطلبه فرض كفاية » على حين Nyda‏ عن ثغرة فى واجب كفائى آخر . مثل 
علم الطب » حتى إن البلدة يوجد بها خمسون متفقهآ » ولا يوجد بها إلا 
طبيب من أهل الذمة > مع ضرورة الطب الدنيوية » ومع أن للطب مدخلاً فى 
الأحكام الشرعية » والأمور الدينية . 
ففرض GUS‏ الذى لم يقم به أحد يكون الاشتخال به أولى ممن قام به 
بعض » ولو لم يسد كل الحاجة » وفرض الكفاية الذى قام به عدد غير كاف 
يكون الاشتغال به أولى من فرض آخر قام به ode‏ كاف » وربما زائد عن 
الحاجة . 
وقد يصبح فرض الكفاية فى بعض الأحيان فرض عين على زيد أو عمرو 
من الناس » GY‏ وحده الذى اجتمعت له مؤهلاته » ووجد الموجب لقيامه › 
ولم يوجد المانع منه : 
كما إذا احتاج بلد ما إلى فقيه يفتى الناس » وهو وحده الذى تعلّم 
الفقه > أو هو وحله القادر على تحصيله . 
ومثله hall‏ والخطيب والطبيب والمهندس » وكل ذى علم أو صنعة › 
يحتاج إليها الناس » وهو يملكها دون غيره . 


ومثل ذلك إذا كان ذا خبرة عسكرية معينة » وجيش المسلمين يحتاج إليها › 
ولا one dw‏ مسده » فيجب عليه أن يقدم نفسه لأداء هذه الخدمة . 


ate 1 als 
% i 3 


1٤١ 


أولوية حقوق العباد على حق الله اللجرد 


وإذا كان فرض Laie yall‏ على فرض الكفاية » فإن فروض الأعيان 
تتفاوت فيما بينها أيضاً . ولذا رأينا الشرع يؤكد فى كثير من أحكامه تعظيم 
ما Gla‏ بحقوق العباد . 

ففرض العين » المتعلق بحق الله تعالى وحده يمكن التسامح فيه » بخلاف 
فرض العين المتعلق بحقوق العباد . فقد قال العلماء : إن حقوق الله تعالى 
مبنية على المسامحة » وحقوق العباد مبنية على المشاحة . 

ولهذا إذا كان الحج Lely See‏ » وأداء الدين واجبا » فإن أداء الدين مقدم . 
فلا يجوز للمسلم أن يقدم على الحج حتى يؤدى دینه . إلا إذا استأذن من 
مناحت: Meg‏ كان الدين موحل + وهو Gly‏ من Mile he BS‏ 

ولأهمية حقوق العباد هنا - وبخاصة الحقوق المالية - صح الحديث أن 
الشهادة فى سبيل الله - وهى أرقى ما يطلبه المسلم للتقرب إلى ربه - لا سقط 
عنه الدين . 

ففى الصحيح : ١‏ يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين » © . 

وفيه : أن رجلا قال : يا رسول الله ؛ أرأيت إن قتلت فى سبيل الله PSS‏ 
عنى خطاياى ؟ فقال رسول الله BE‏ « نعم » إن قتلت فى سبيل الله » 
وأنت صابر مقبل غير مدبر » » ثم قال رسول الله BE‏ : « كيف قلت » ؟ 
فأعاد الرجل سؤاله » وأعاد الرسول الكريم جوابه وزاد عليه : ١‏ إلا الدين » 
Ob‏ جبريل عيه السلام قال لى ذلك » 2397 . 


)1( رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو فى الإمارة VAAN)‏ 
(١‏ رواه مسلم عن أبى قتادة فى الإمارة (18486) . 


١5 


من التشديد فی الین ۱۴ والذى فى ote‏ لی ان جلا تسمل الله > 


ئم أحى » ثم JB‏ > ثم أحيى » ثم قتل » وعليه دين » ما دخل ELI‏ حتى 
00 


دینه » 


ومثل هذا من غل من الغنيمة » وهو فى سبيل الله » أى ذ فى اهاد 
(أى أخذ من الغنيمة لنفسه وهى من حق الجيش كله ) فإن مد يده إلى مال 
الغنيمة قبل أن يقسم » ولو كان شيئاً تافها » يحرمه فضل الجهاد » وأجر 
الجاهك « hy‏ قل ae oes‏ شرف التتهادة > jerky‏ الشهي:: 

كان على fF‏ رسول الله BE‏ (والتَقّل : الغنيمة) رجل يقال له : ١‏ كركرة » 
فمات © فقال رسول الله RE‏ : « هو فى النار »4 »> فذهبوا ينظرون إليه › 
فوجدوا عباءة قد غلّها 59) : 

وتوفى رجل من الصحابة فى خيبر » فذكروا ذلك لرسول الله «BE‏ 
فقال : « صلوا على صاحبكم » » فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال : ٠‏ 
صاحبكم غل فى سبيل الله » ( أى وهو فى الجهاد ) ففتشوا متاعه فوجدوا فيه 
كو ادو ليود ل ساو و ام 

من أجل درهمين أعرض النبى BE‏ عن الصلاة عليه » ليكون فى ذلك أبلغ 
زاجر عن الطمع فى المال العام » قل أو كثر . 

وعن ابن عباس قال : حدثتى عمر قال : لما كان يوم خيبر أقبل نفر من 
أصحاب BE‏ » فقالوا : فلان شهيد » وفلان شهيد » حتى مروا على 


)1( رواه أحمد والنسائی والحاكم عن محمد بن مجش وحسه فى صحيح الجامع 
الصغير (PT)‏ (؟) رواه البخارى عن عبد الله بن عمرو . 

oly, (1)‏ مالك فى الجهاد ص LOA‏ » وأحمد : ١١5/5‏ » وأبو داود (۲۷۱۰) » 
والنسائى : 14/4 » وابن ماجه (YAEA)‏ » والحاكم وصححه على شرط الشيخين : 
VYV/Y‏ © ووافقه الذهبى . كلهم عن زيد بن خالد 5 


Vey 


رجل » فقالوا : OW‏ شهيد » فقال رسول الله RB‏ : « كلا » إنى رأيته فى 
النار » فى بردة YL‏ - أو فى عباءة Yb‏ - » » ثم قال : « يا ابن الخطاب ؛ 
اذهب فناد فى الناس : إنه لا يدخل الجئة إلا المؤمنون Oe‏ 

علام تدل هذه الأحاديث ؟ إنها تدل على تعظيم حقوق الخلق » ولا سيما 
ما يتعلق JUL‏ » سواء کان Lele‏ أم عامآ » فلا يجوز أخذه من غير حلّه » 
وأكله بالباطل » وإن كان تافها » OY‏ المهم هو المبدا » ومن اجترأ على أخذ 
القليل » يوشك أن يجترئ على الكثير » والصغيرة تجر إلى الكبيرة » ومعظم 


)\( رواه مسلم عن ابن عباس عن عمر فى كتاب الإيمان (1A۲)‏ . 


١ 


ol si‏ 4 حقوق الجماعة على حقوق الأفراد 


وما يذكر هنا أيضاً فى فقه الأولويات : أن الفرائض المتعلقة بحقرق 
الجماعة مقدّمة على الفرائض المتعلقة بحقوق الأفراد . فإن الفرد لا بقاء له 
إلا بالجماعة » ولا يستطيع أن يعيش وحده . فهو مدنى بطبعه » كما قال 
القدماء » أو هو حيوان اجتماعى كما قال المحدثون . فالمرء قليل بنفسه » 

ون ها كان esi‏ المتعلق Gor‏ الماع أو الأمة: اركذ مق dosh ll‏ 
اللىي ى ارد + 

ولهذا قرر العلماء فى التعارض بين الجهاد - إذا كان فرض كفاية - وبين بر 
الوالدين » أن بر الوالدين مقدّم » كما ثبت من الأحاديث الصحيحة التى 
ذكرناها . ولكن إذا كان الجهاد فرض عين » كما إذا غزا الأعداء الكفار بلداً 
من بلاد الإسلام » ففرض على أهله كافة أن يهبوا للدفاع عن بلدهم . فإذا 
عارض بعض الآباء أو الأمهات - بمقتضى عواطفهم - فى اشتراك أبنائهم فى 
هذا الجهاد الدفاعى » فلا عبرة بمعارضتهم شرعاً . 

صحيح أن Lay‏ وطاعتهما فرض عين » كما أن الجهاد هنا فرض عين » 
ولكن فرض الجهاد هنا » ALL‏ الأمة كلها » ومنها الوالدان » فلو سقط 
البلد » أو هلك أهله » لهلك الأبوان فيمن هلك . فالجهاد هنا لمصلحة 
الجميع .. 

وقد يعبر عن ذلك ol‏ الجهاد هنا حق الله + والبر Ge‏ الوالدين » وحق 
الله تعالى مقدّم على حق خلقه . 

وهذا تأكيد للمقولة السابقة » فكثيراً ما تكون كلمة ١‏ حق الله ) تعبيراً عن 


٠١ (‏ - فقه الأولويات ) ا 


ن tole‏ أو رلآمة ع ap‏ اه ال لذ تفرد عليه ما م ور هذه 
الأحكام 4 فإنما هى Voi‏ وأخيراً لمصلحة عباده . 

وتطبيقا لهذه القاعدة : تقديم حق الأمة على حق الفرد » أجاز الإمام 
الغزالى وغيره رمى المسلمين إذا تترس العدو بهم ( أى احتمى بهم وجعلهم 
ترساً له فى مقدمة جيشه ) بشروط معينة » مع أن من المقرر الذى لا نزاع 
فيه : أن حقن cles‏ المسلمين واجب ¢ وأنه لا يجوز سفك دم من مسلم بغير 
حق . فكيف استجاز مثل الغزالى رمى هؤلاء المسلمين البراء فى جيش العدو 
الكافر ؟ 


“ 


إنغا استجاز ذلك وكل من وافقه » صيانة للجماعة » وحفظا للأمة من 
الهلاك » ob‏ الفرد يمكن أن Qo yu‏ . أما الأمة فلا عوض عنها . 

قزل التعياء لو :ا الأعداء ترسو Ges Nt eee‏ كان كانواأسرض 
عندهم أو نحو ذلك » وجعلوهم فى مواجهة الجيش المسلم ٠»‏ ليتقوا به » 
وكان فى ترك هؤلاء الغزاة خطر على الأمة الإسلامية جاز قتالهم » وإن قتلوا 
المسلمين الذين معهم » مع أنهم معصومو الدم لا ذنب لهم » ولكن ضرورة 
الدفاع عن الأمة كلها اقتضت التضحية بهؤلاء الأفراد خشية استئصال الإسلام 
واستعلاء الكفر » وأجر هؤلاء الأفراد على الله OY)‏ 

ولهذا » رد الإمام الغزالى اعتراض من يقول فى هذه الصورة : هذا سفك 
دم معصوم محرم » بأنه معارّض » لأن فى الكف عنه إحلال دماء معصومة 
لا حصر لها » ونحن نعلم أن الشرع يؤثر ASN‏ على الجزئى » فإن حفظ 
أهل الإسلام عن اصطلام الكفار أهم فى مقصود الشرع من حفظ دم مسلم 
واحد » فهذا مقطوع به من مقصود الشرع OY‏ 


)1( انظر : المستصفى للإمام الغزالى : ۲۹٤۲/۱‏ - ۲۹۵ 
(۲) المصدر السابق : ٠٠۰۳/١‏ 


Vet 


وهذا - كما رأينا - مبنى على فقه الموازنات . 
ومثل ذلك إذا اقتضت ظروف الحرب فرض ضرائب على القادرين وأهل 
اليسار لتمويل الجهاد » وإمداد الجيوش ٠»‏ وإعداد الحصون » ونحو ذلك من 
احتياجات الحرب » فإن الشرع يؤيد ذلك ويوجبه » كما نص على ذلك 
الفقهاء » وإن كان الكثير منهم فى الأحوال المعتادة لا يطالب الناس بحق فى 
المال غير الزكاة . واستدل الغزالى لذلك بقوله : « CY‏ نعلم أنه إذا تعارض 
oft‏ أو ضرران قصد الشرع دفع أشد الضررين وأعظم الشرين » وما يؤديه 
كل واحد منهم ( أى المكلفين بالضرائب الإضافية ) قليل بالإضافة إلى ما يخاطر 
به من نفسه وماله » لو خلت خطة الإسلام ( أى بلاده ) عن ذى شوكة يحفظ 
نظام الأمور » ويقطع مادة الشرور YG‏ 
ومثل ذلك فك أسرى المسلمين » وتخليصهم من ذل أسر الكفار » مهما 
كلف ذلك من الأموال . قال الإمام مالك : يجب على BIS‏ المسلمين فداء 
أسراهم » وإن استغرق ذلك أموالهم ”° . 
هذا » لأن كرامة هؤلاء الأسرى من كرامة الأمة الإسلامية » وكرامة الأمة 
فوق الحرمة الخاصة لأموال الأفراد . 


(۱) المستصة مام الغزالى : ۳۰۳/۱ - ٠٤١‏ » وانظر الاعتصام للشاطبى : 
لمستصفى للإمام الغزالى 1 
١١7 - ۲‏ » طبعة شركة الإعلانات الشرقية . 


)1( أحكام القرآن للقاضى أبى بكر بن العربى ص ٥4‏ - 50 


1۷ 


أولوية الولاء للجماعة والأمة على القبيلة والفرد 


Ley‏ يؤكد هذا المعنى : ما جاء به القرآن › so‏ الح من تقديم الولاء 
ee spell dele‏ الأ GN les‏ اللقيلة والنشيزة »قا هة 
ولا عصبية » ولا شرود عن الجماعة . 

كانت القبيلة فى المجتمع الجاهلى هى أساس الانتماء » ومحور الولاء . 
وكان ولاء الرجل لقبيلته فى الحق وفى الباطل » يعبر عن ذلك قول الشاعر 

لا يسألون أخاهم حين يندبهم فى النائبات على ما قال برهاتا ! 

وكان شعار كل منهم : « انصر SET‏ . ظالاً أو مظلوماً » ! على ظاهر 
معناها . 

EE‏ نوع cle‏ ور رسو يه مرمرع elas‏ آم 


الإسلام . وقال تعالى : 8 Aap Gil‏ الله > ورسوله وَالَذِين gal‏ » الّذِينَ 


يقيمون الاد ويؤتون Aca‏ وهم راكعون E‏ ومن تر الله ورسوله 
nil,‏ آمنوا Co‏ حزب ب الله مم المَلُونَ 4 200 . 

ورباهم القرآن ZI,‏ على القيام لله شهداء بالقسط » > لا يمنعهم من ذلك 
عاطفة الحب لقريب . ولا عاطفة البغض لعدو » فالعدل يجب أن يكون فوق 


العراطف ٠‏ وأن يكون لله » فلا يحابى من يحب » ولا يحيف على من یکره 
يقول تعالى : # يا أيها LAT il‏ كونوا قوَامين بالقسط شهداء لله ولو 
عَلَىْ أنفسكم أو اْوالدين والأقربين » (5) . 
يا آنا لذن آمنوا Isis‏ توامين لله شهداء kdb‏ 2 ولا یجرمتکم 
شتتان قوم على آلا isd‏ » اعدلوا ھ ٠» SU Ap‏ وان gs‏ الله 4 ٩‏ . 


/ : المائدة‎ )۳( ١٣١١ : (؟) النساء‎ 0 - 00 : sus )١( 


١8 


واستخدم الرسول BE‏ بعض عبارات الخحاهلية 6 وأعطاها مغهومآ 
جديداً » لم يكن لهم به عهد قال : ١‏ انصر أخاك UW‏ أو مظلوما » قالوا : 
يا رسول الله ؛ ننصره مظلوماً › فكيف ننصره WG‏ ؟ قال : « تحجزه عن 
الظلم فإن ذلك نصره » 2١7‏ . 

وبهذا عدل مقهوم النصرة للظالم فأصبح نصره المطلوب أن ينصره على 
هوی نفسه ع وإغواء شيطانه » ويأخذ على يديه . حتى لا يسقط فى هوة 
الظلم 4 وهو وبال فى الدنيا 4 وظلمات يوم القيامة 5 

كما حذّر عليه الصلاة والسلام من الدعوة للعصبية » أو القتال تحت 
رايتها » فمن قتل تحتها فقتلته جاهلية . 

جاء فى الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام : امو كل ded‏ عة 


يدعو عصبية » وينصر عصبية » فقتلته جاهلية » ) . 


والعمية - بضم العين - هو الأمر الأعمى لا يتبين وجهه . 

وفى حديث آخر : « من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة » فمات » مات 
ميتة جاهلية » ومن قاتل تحت راية عمَية » يغضب لعصبة » أو يدعو إلى 
عصبة » أو ينصر عصبة » فقتل » فقتلته جاهلية » ° . 

وفى حديث رواه أبو داود : « ليس منا من دعا إلى عصبية » ويس منا من 
قاتل على عصبية » وليس منا من مات على عصبية » © . 


)١(‏ رواه أحمد والبخارى والترمذى عن انس ٠‏ وروی cline‏ مسلم عن ple‏ ( انظر: 
صحيح الجامع الصغير : (o0 \o-)‏ . 

(۲) رواه مسلم فى كتاب الإمارة برقم )١186٠0(‏ عن جندب بن عبد الله البجلى . 

)1( رواه مسلم أيضاً عن أبى هريرة برقم )۱۸٤۸(‏ . 

)£( رواه أبو داود فى كتاب الأدب من السنن (OVY\)‏ . 


١.9 


وعن واثلة بن الأسقع . قلت : يا رسول الله ؛ ما العصبية ؟ قال : « أن 
تعين قومك على الظلم Oe‏ 

وروی ابن مسعود موقوفآ ومرفوعاً : « من pai‏ قومه على غير الحق » فهو 
كالبعير الذى «Way‏ فهو ينزع ahs‏ » 29 . 

قال الإمام الخطابى : معناه : أنه قد وقع فى الإثم وهلك ¢ كالبعير إذا 
تردى فى بئر » فصار ينزع بذنبه » ولا يقدر على خلاصه . 

وكما أنكر النبى BE‏ العصبية » وبرئ منها » وممن دعا إليها » أو قاتل 
عليها » أو مات عليها : دعا إلى ١‏ الجماعة » وأكد أمرها ¢ بقوله وفعله 
وتقريره + وبحدر من الفرقة SA ly‏ والاتفراف-والشذؤة 5 هن ذلك قواله عليه 
الصلاة والسلام : 

« يد الله على الجماعة » ° . 

ا المماعة deny‏ > والفرقة ide‏ :190 , 

وفى لفظ آخر : ١‏ الحماعة بركة والفرقة hie‏ » (20 . 

« عليكم بالجماعة » وإياكم والفرقة » فإن الشيطان مع الواحد » وهو من 
الاثنين أبعد » من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة » "© . 


: (0\\4) رواه أبو داود‎ )١( 

: (OVA) ومرفوعآ‎ 3 (COVVY) رواه أبو داود موقوفا‎ CY) 

(۳) رواه الترمذی عن ابن عباس وابن أبى عاصم والحاكم عن ابن عمر › 
وابن أبى عاصم عن أسامة بن شريك 2 كما فى صحيح الصغير )10 (A+‏ : 

)٤(‏ رواه أحمد فى المسند وابن أبى عاصم BONG‏ عن النعمان بن بشير » كما فى 

)0( البيهقى فى شعب الإيمان عن النعمان أيضاً » كما فى صحيح الجامع VE)‏ 

CY‏ رواه أبو داود وغيره فى الجهاد (YOYA)‏ « وابن ماجه (YVAY)‏ 3 والحاكم 
وسلج 7 18/8 6168 ووافقه الذهيئ. .. 


10۰ 


a 2 :‏ 
© غرس روح الجماعة فى أفراد الآمة : 
ويتبع ما ذكرناه من غرس الولاء للجماعة المسلمة » DY,‏ المسلمة » إبراز 
العناية JS‏ ما wl Gly‏ المجتمع BY,‏ » وإعطاؤه أولوية فى سلم المصالح 
والمطالب . 
فالملاحظ أن الشريعة الإسلامية لم تغفل أمر المجتمع فى عباداتها ومعاملاتها 
وآدابها وجميع أحكامها . 
إئما هى تعد الفرد ليكون ١‏ لبنة » فى بنيان المجتمع » أو « عضواً » فى بنية 
جسده الحى . 
وتصوير الفرد باللبنة فى البناء أو العضو فى الجسد » ليس من عندى › إغا 
هو تصوير نبوى بليغ 4 جاء به الحديث الصحيح 1 
فعن أبى موسى الأشعرى أن النبى BE‏ قال : « المؤمن للمؤمن كالبنيان 
يشد بعضه بعضا » 217 . 
وعن النعمان بن بشير أنه صلى الله عليه وسلم قال : « مثل المؤمنين فى 
توادهم وتراحمهم وتعاطفهم : كمثل الجسد › إذا اشتكى منه عضو › تداعى 
لمات اك gel‏ وا iA‏ 
إن الإسلام بقرآنه وسنَّة نبيه : يغرس فى نفس المسلم الشعور بالجماعة فى 
ففى الصلاة شرع الحماعة والحمعة والعيدين والأذان والمساجد ¢ ولم 
يرخص الرسول BE‏ لرجل أعمى يصلى فى بيته ما دام يسمع النداء للصلاة . 


OVW) متفق عليه عن أبى موسى » انظر : اللؤلؤ والمرجان‎ )١( 
VW) متفق عليه عن النعمان بن بشير - اللؤلؤ والمرجان‎ (1) 


10۱ 


وفى المسجد يكره للمسلم أن يصلّى وحده خلف الصفوف » لا فى ذلك 
gh, iW A‏ هن BLN‏ مولن شن gas‏ 

وقد روى Lely‏ بن معبد رضى الله عنه : أن رسول الله RE‏ > رأى رجلاً 
هنا كلقي الطب رصني نامر الم الى 

وعن على بن شيبان رضى الله عنه قال : خرجنا حتى قدمنا على النبى SUE‏ 
تلماه + رمام حيرف A SERE‏ 
Seals‏ ورا ae,‏ شت الضف قال eee Scag‏ 
قال ata:‏ لتك ولا als Le ci atte‏ الضف Oe‏ 

فعلى المسلم ]15 foo‏ المسجد ووجد الصفوف مكتملة أن يلتمس فرجة 
فيدخل فيها » أو يجر Lely‏ من المصلين Hed‏ بجانبه » ولا da‏ متفرداً » 
وعلى الآخر أن يلين فى يده ٠‏ ويستجيب له » وله فى ذلك أجر . 

وقد أخذ بعض الأئمة بظاهر الحديث فأبطلوا صلاة المنفرد وراء الصف › 
وقال آحرون بكراهتها . 

والمقصود بما ذكرناه هو : إظهار حرص الإسلام على الوحدة والجماعة 
مضموناً وشكلاً Lage ٠‏ ومظهراً . 

على أن المسلم إذا صلَّى وحده » فإنه يتمثل جماعة المسلمين فى ضميره » 
ويناجى ربه إذا وقف بين يديه باسم الجماعة Las‏ : #8 إياك تعبد BUG‏ 
Gaal # Gus‏ الصراط المستقيم © " » فهو لا يسأل الهداية لنفسه » بل 
يسألها لنفسه وللجماعة معه : « اهدنا » . 


وفى الصيام لا يصوم المسلم وحده © ولو sly‏ هو هلال رمضان 6 ولا يفطر 
)١(‏ رواه آبو داود (1۸۲) » والترمذى وحسنه (۲۳۰) » وابن ماجه (5 )٠١١‏ . 


(۲) رواه ابن ماجه )٠١١7(‏ » وذكر فى الزوائد أن إسناده صحيح » ورجاله ثقات . 
(۳) الفاتحة : ه - ٦‏ 


\oy 


وحده » وإن رأى بعينه هلال شوآل » وإغا الصيام يوم يصوم الناس ٠‏ والفطر 
يوم يفطر الناس كما صح ذلك فى الحديث . 

وكذلك الوقوف بعرفة يقف يوم يقف جماعة المسلمين . 

وسئل ابن تيمية عن أهل قرية رأى بعضهم هلال ذى الحجة » ولم يثبت 
عند ولى الأمر بالمدينة » هل لهم أن يصوموا اليوم الذى هو التاسع فى 
الظاهر » وإن كان هو العاشر فى الواقع حسب رأيهم ؟ فكانت إجابته : 
« نعم » يصومون التاسع فى الظاهر المعروف عند الجماعة » وإن كان فى 
نفس الأمر يكون عاشراً » ولو قدر ثبوت تلك الرؤية » لحديث أبى هريرة أن 
النبى RE‏ قال : « صومكم يوم تصومون » وفطركم يوم تفطرون » 
وأضحاكم يوم تضحون » ١١‏ . 

وعن عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله ١ : BE‏ الفطر يوم 
يفطن النامن + والاضحى يوم يضح النائن Oe‏ 

وعلى هذا العمل عند أثمة المسلمين كلهم . OB‏ الناس لو وقفوا خطأ بعرفة 
فى العاشر » أجزأهم الوقوف بالاتفاق » وكان ذلك اليوم هو يوم عرفة فى 


gg 
. rer 
a 
. الترمذى‎ oly y (YD . آحرجه أبو داود وابن ماجه والترمذى وصححه‎ )۱( 


() شرح غاية المنتهى فى الفقه الحنبلى : ۲۱۷/۲ 2 VIA‏ 


yer 


(A) 


الآولويات 5 


فى مجال المنهيات 


الأولويات فى جانب المنهيات 


وما قلناه من تفاوت بالنظر إلى « جانب المأمورات » ودرجاتها ومستوياتها 
« من مستحب إلى واجب إل “قرفن cee ytd ll 3 GUS‏ هن الب ls‏ 
فى فروض الأعيان . . . » إلخ . نقول مثله بالنظر إلى « جانب المنهيات » . 
فليست المنهيات كلها فى مرتبة واحدة » بل هى مراتب متفاوتة غاية التفاوت . 
أعلاها من غير شك : الكفر بالله تعالى » وأدتاها : المكروه تنزيهاً » أو 
ما يعبر عنه ب « GE‏ الأولى » . 

والكفر Lal‏ درجات بعضها دون بعض . 

: والجحود‎ lb yl كفر‎ © 

فهناك كفر الإلحاد والجحود . الذى لا يؤمن صاحبه Ob‏ للكون ربا » ولا أن 
له ملائكة ghost‏ وا کی و ول امال کر Allies‏ 
نتيا عا sie eile‏ قرا Naso‏ ديعت قوف ا ا 
ولا جزاء أخروى » بل هم كما قال القرآن عن أسلاف لهم يقولون : ل إن 
ع Gn GE‏ ونا Ot fae pd‏ 

أو كما عبر بعضهم : إن هى إلا أرحام تدفع » وأرض تبلع » ولا شئ 
بعد ذلك . 
انهارت قلاعه » والذى كان يقزر دستور دولته الأم : أن لا إله . Aly‏ مادة . 


فالدين عند هؤلاء خرافة » والألوهية أسطورة » وقد اشتهر عندهم ما قاله ' 


)\( الأنعام : 1۹ 


بعض الفلاسفة الماديين المنكرين : ليس صواباً أن الله خلق الإنسان » بل 
الصواب أن الإنسان هو الذى gle‏ الله ! 

وهذا هو الضلال البعيد » الذى يرفضه منطق العقل > ومنطق الفطرة › 
ومنطق العلم » ومنطق الكون » ومنطق التاريخ » فضلاً عن منطق الوحى ء 
الذى قامت E‏ 


SS 


a 


© كفر الشرك : 

ودون هذا الكفر - كفر الجحود المطلق - كفر الشرك » مثل شرك عرب 
الجاهلية » فقد كانوا يؤمنون بوجود الإله » وبخالقيته للسموات والأرض 
والناس 6 وبتدبيره لامر الرزق والحياة والموت ¢ ولكنهم - مع هذا النوع من 
الإقرار الذى سمى ١‏ توحيد الربوبية » - أشركوا بالله فيما سمى « توحيد 
COSI‏ » وعبدوا معه - أو من دونه - آلهة أخرى ٠‏ فى الأرض أو فى 
السماء . 

وفى هذا 5% ods $: : 1” J‏ مآلتهم oe ‘ya‏ السموات والأرض 


GBI Bure‏ لص ص فر ت 


ليقولن ele‏ العزيز a‏ 2004 
> ولئن سالتهم من GE‏ السموات والأرض وسح الشمس pall.‏ 


a 


ليقون الله 4 ۳ , 
ر 8 م B oF ASO,‏ - 
« قل من يرزة من السّمّاء والأرض من يملك السمع والأبصار 
)1( النساء : ١4‏ (۲) الزحرف : 4 )1( العتكبوت : ١‏ 


10۸ 


GWE ota ENA oS ANE os 
9 658 sats » َسيقولون الله‎ 

فهم يؤمنون به Whee‏ ورازقاً ومدبراً » ولكن يعبدون معه آلهة من الشجر 
والحجر » والمعدن » أو غيرها » قائلين : # ما تعبدهم إلا Cyd‏ إلى الله 
BT, $ OE TS‏ من دون الله ما لا يضرهم ولا يتمهم ويقولُونَ 
هؤلاء GZ‏ عند الله © 9) . 

ها UN‏ بصورة الاختلفة -ومده شرك وي الغرت: passa Bye‏ 
Ge pall‏ الذين يقولون بإلهين اثنين : ١‏ إله الخير والئور » وإله الشر 
والظلمة » ووثنيى الهندوس والبوذيين » وغيرهم ممن لا تزال وثنيتهم تغشى 
عقول أمم كبيرة بمئات الملابين فى آسيا وإفريقيا » هو أكثر أنواع الكفر أنصاراً 
وأتباعا . 

والشرك هو : مباءة الخرافات » ووكر الأباطيل » وهو انحطاط بالإنسان) ع 
حيث يعبد ما هو eee‏ له » وما يجب أن يكون فى خدمته » فيغدو هو 
Lol‏ » بل عبداً » مطيعاً خاضعاً له ! 


000 مه Gee 5 a‏ م Ge‏ م 02 رس ت Jog IF ae‏ 
يقول تعالى : # ومن يشرك بالله فكأنما حر من السماء فتخطفه الطير 


3 م‎ 2 2 eas 
. ) 4 أو تهوى به الريح فى مكان سحيق‎ 


ge 
al 
ue % 


« كفر آهل الكتاب : 


ودون هذا الكفر : كفر أهل الكتاب من اليهود والنتصارى ¢ وكفرهم من 
جهة تكذيبهم برسالة محمد He‏ 2 الذى بعثه الله بالرسالة الخاقة « وأنزل 


(:) انظر فى آثار الشرك وآفاته : كتابنا ١‏ حقيقة التوحيد ؟ » نشر مكتبة وهبة - 
القاهرة . )0( الحج : "١‏ 


١64 


عليه الكتاب الخالد » مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل من جهة . 
ومصححا لها من جهة آخري » وفى هذا قال الله تعالى : 2 وأنرْلْنًا إليك 


6 م ص ewe a‏ بير ve‏ واس رت بے Fe - 3 ow Jee‏ مره مر ر ډو 


بينهم يما أنزل الله » ولا تشع أهواءهم Bile Coe‏ من Sol‏ () . 
وما جاءهم به محمد ية : تصحيح مفاهيمهم عن الألوهية » فقد شابتها 
فى كتبهم ومعتقداتهم شوائب كثيرة » كدرت صفاءها » وأخرجتها عن نقاء 
التوحيد الذى جاء به إبراهيم أبو الأنبياء » فإذا التوراة تحفل بمعانى التجسيم 
والتشبيه لله الواحد الأحد » حتى لتكاد تحسبه واحداً من البشر المخلوقين » 
يخاف ويحسد ويغار » ويصارع إنساناً فيصرعه ويغلبه » كما فعل مع إسرائيل 
.. إلى آخر ما فى أسفار التوراة وملحقاتها . 
وكذلك ما دحل على عقيدة النصارى من التثليث » وما دحل من تأثير 
الوثنية الرومانية على الديانة المسيحية » بعد دخول الملك قسطنطين إمبراطور 
الروم فى النصرانية » فكسبت دولة » وخسرت ye‏ . حتى قال بعض علمائنا : 
إن روما لم تتنصر » ولكن النصرانية ترومت ! 
على أن اليهود والنصارى » وإن اعتبروا كفاراً بسبب تكذيبهم برسالة 
الإسلام » وصدق نبوة محمد BB‏ » فإن لهم وضعاً خاصاً . بوصفهم « أهل 
كتاب سماوى » ٠‏ فهم يؤمنون فى الجملة بالألوهية » وبالرسالات السماوية › 
وبالجزاء فى الآخرة . ومن GF‏ كانوا أقرب إلى المسلمين من غيرهم . فأجاز 
aa‏ مؤاكلتهم ومصاهرتهم : $ ESN pO LS‏ حل لم 
وطعامكم حل لهم » والمحصتات من المؤمتات والمحصتات من الَّذِينَ 
آوتوا الكتاب مق فلكم :€ ب 
وهذه السورة ( المائدة ) نفسها هى التى تحدثت عن كفر النصارى لقولهم : 


)١(‏ المائدة : $A‏ (؟) المائدة : م 


1 


« إن الله هو الْمسيح ابن مریم 4 tH ٩‏ ثالث of SoG‏ , فلا 
مجال لمن يقول : إن نصارى اليوم غير النصارى الذين كانوا فى عصر نزول 
القرآن » فالمعروف أن النصرانية قد « تبلورت » وتحددت معالمها العقدية منذ 
لمؤتمر نيقية » الشهير ( سنة ۳۲١‏ ) من ميلاد المسيح . 

وقد عرف الصحابة منذ العهد المكى قرب أهل الكتاب - وبخاصة النصارى 
- إليهم » فحزنوا لانهزام الروم البيزنطيين وهم نصارى » أمام الفرس » وهم 
مجوس » على حين فرح الوثتيون المشركون من fal‏ مكة بانتصار الفرس ١‏ 
om JS‏ الفريقين: عرق بشن ھی اقرب all‏ رین هو ae ed‏ وقد Sf Ip‏ 
تى يبشر المسلمين بنصر غير بعيد للروم على asl‏ » وذلك قى أوائل سورة 
الروم : ل الم * غلبت الروم * فى ادى الأرض وهم من بعد عَلَبهم 


سیغلبون * فى بضع سنين # لله الأمر من قبل ومن بعد » ويومئذ يفرح 


المؤمئون # بتصر الله . 

وهذا يضع أمام أعيننا قاعدة مهمة للموازنة والترجيح فى التعامل مع غير 
المسلمين » واعتبار أهل الكتاب - فى الحملة - أقرب من الملاحدة والوثنيين © 
ما لم تكن هناك عوامل fal fad dole‏ الكتاب أشد عداوة أو حقداً 
للمسلمين : كما نرى حديثاً عند الصرب وعند اليهود . 

ومن المؤكد أن الكفار منهم مسالمون » فلهم منا المسالمة » ومنهم معادون 
محاربون . فنحن نحاربهم بمثل ما يحاربوننا به . فهناك الذين كفروا فقط ء 
وهناك الذين « كفروا وظلموا » أو « كفروا وصدوا عن سبيل الله ؛ وكل له 
حكمه . وقد قال تعالى : < لا ينهاكم الله عن alll‏ لم يقائلوكم فى 
الذين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطواً ٠ gl‏ إن الله يحب 
المقسطين + # إِنَمَا ينهاكم الله عن S56 Gill‏ فى الدين وأخرجوكم من 


- ١ : (؟) المائدة : “الا (۳) الروم‎ ۷٣ : المائدة‎ )١( 


١١ (‏ - فقه الأولويات ) 


She or 


دياركم وَظاهروا على إخراجكم أن تولوهم + cas‏ تول Sune‏ هم 
الظَالمُونَ » 29 . 

ومن المقرر : أن أهل Gl‏ لهم حقوق المواطنة باعتبارهم من أهل « دار 
الإسلام » » فلهم ما لنا وعليهم ما علينا فى الجملة » إلا ما اقتضاه اختلاف 
الدين » فلا يفرض عليهم ما يلغى شخصيتهم الدينية كما لا يطلب ذلك من 
Galen‏ 


ه كفر أهل الردة : 

esa) هر ج‎ aM pig لدع ظلماء الان © أن قثن‎ alse, 
. وهو : أن يخرج المرء من الإسلام بعد أن هداه الله إليه‎ 

فالكفر بعد الإسلام أشد من الكفر الأصلى ٠»‏ وهو ما لا يزال أعداء 
LY‏ موق JS all‏ ما dykes‏ + قال lls‏ دغ ولا بر الو 
(Ki ght‏ حتی يردوكم عن دينكم إن ipl‏ 4 ۳ » ثم بین جزاء من 
يستجيب لهؤلاء الضلون ويتخلى عن دينه ليتبع أهواءهم » فقال : $ ومن 


Sve ow 


ردد pie‏ عن دينه GS‏ افر وك حيطت أعمالهم فى الذي 
والآخرة » asst,‏ أضحات التار ا هم فيها خالدون mre a‏ 
E‏ الحالة خيانة للإسلام ولأمته » لما فيها من تبديل الولاء 
والانتحاء والاتجاه من أمة إلى أمة ء فهو أشبه بالخيانة للوطن ٠»‏ إذا بدّل ولاءه 
لوطن آخر » وقوم آخرين » hel‏ مودته ونصرته لهم » بدل وطنه وقومه . 
فليست الردة إذن مجرد موقف عقلى يتغير إنما هو تغيير للولاء والعضوية 
من جماعة إلى أخرى مضادة أو معادية لها . ش 


۲۱۷۲ : الممتحنة : ۸ - 4 (۲) البقرة : ۲۱۷ )1( البقرة‎ )١( 


VAY 


» اشتد الإسلام فى مقاومة الردة » وخصوصا إذا أعلنت عن نفسها‎ sa 
» إلى ردتهم » لأنهم يمثلون خطراً على هوية المجتمع‎ ales صبح المرتدون‎ 
ويهددوكت أسسه العقدية 4 ولذلك اعتبر بعض علماء السلّف من التابعين‎ 


oO re ل‎ Soe وس‎ ae 


وغيرهم دعاة SN‏ ده من # پحاربون الله ورسوله و يعون فى الأرض 
£403 () , 


وبيّن شيخ الإسلام ابن تيمية أن السعى فى الأرض بالفساد بنشر الكفر » 
وإثارة الشبهات على al.‏ الإسلام : أشد من السعى فى الفساد يأخذ 
الأموال » وسفك الدماء . 

وهذا صحيح > فإن ضياع هويّة الأمة » وتدمير عقائدها » أشد خخطراً عليها 
من ضياع المال » وتدمير المنازل » وقتل الأفراد . 

ولهذا استثار القرآن أهل الإيمان of‏ يقاوموا الردة بجيل من أهل OLY‏ 
والجهاد » لا يسكتون على الباطل . ولا يخشون فى الحق لومة لاثم 0 
تغالق : 9 يا GT‏ الي آمُوأ من pS Ee‏ عن دينه قوف يأتى الله 


ا 


سه و ووه سو 8 oe gee‏ 


بقوم يحبهم le ast ae ct)‏ المؤمنين sel‏ عَلَى الكافرين يجاهدون فى 
سبيل الله GJ ope Y‏ لائم or‏ 
وهدد oT ah‏ المنافقين إذا أظهروا الكفر بقوله تعالى : # قل هل تربصون 


Joo Oued F‏ سم ست 


نا إلا إحدى Gad « eho‏ تتريئص بكم أن يصبيكم الله lly‏ من 


Bye 


عنده أو Gut‏ 4 افتريصواً الام مرو »© : 

وإنما يصيبهم العذاب بأيدى المسلمين إذا ظهر منهم الكفر الذى أضمروه » 
فالمسلمون لا يشقّون عن قلوبهم » LE]‏ يعاملونهم Le‏ يظهر منهم على ألسنتهم 
وجوارحهم . 


)1( المائدة : YY‏ (۲) المائدة : of‏ (۳) التوبة : ۲ 


VAY 


وقد صحّت الأحاديث الكثيرة فى قتل المرتد عن عدد من الصحابة » وهو 
قول جمهور DY‏ . وقد روى عن عمر ما يدل على جواز سجن JEM‏ 
واستبقائه حتى يراجع نفسه » ويتوب إلى ربه . وبه أخذ النخعى والثورى . 

وهذا ما أرجحه فى OLS‏ الردة الصامتة . أما الردة المجاهرة الداعية » فلا 
أظن ابن الخطاب أو النخعى أو الثورى يرضى أحد منهم أن يطلق العنان 
aap aN‏ ا eels gave‏ لبا والرقوت و 
وإن كان وراءهم من يسند ظهرهم ويشد أزرهم . 

Gs Nigel et IG‏ وال ذه Ny I‏ قير ais,‏ ارقن 
الصامت والمرتد الداعية إلى ردته > فإنه ممن يحارب الله ورسوله ويسعى فى 
الأرض فساداً . وقد فرق العلماء فى البدعة بين المخففة والمغلظة » وبين 
الداعية إلى بدعته وغير الداعية OY)‏ 

E E 

© كفر النفاق : 

ومن أغلظ أنواع الكفر وأشدها خطراً على الحياة الإسلامية والوجود 
الإسلامى : كفر النفاق OY ٠.‏ أصحابه يعيشون بين ظهرانى المسلمين ٠‏ 
باعتبارهم منهم » يشاركونهم فى أداء الصلاة » وإيتاء الزكاة » وإقامة 
الشعائر » وهم مع ذلك أعداء لهم فى باطن الأمر 6 يكيدون لهم » ويمكرون 
بهم » ويوالون أعداءهم . ولهذا عنى القرآن oly‏ أخبارهم » وكشف 
أستارهم » والتعريف بأوصافهم وأخلاقهم » وسميت سورة التوبة : « الفاضحة » 
لأنها تتبعت أصنافهم » وجلت أوصافهم » كما نزلت فيهم سورة خاصة بهم 
١ -‏ المنافقون » - وآيات كثيرة كثيرة من كتاب الله عر وجل . 


)١(‏ انظر : كلامنا عن الردة ومقاومة المرتد فى المجتمع المسلم فى كتابنا « ملامح 
المجتمع ١‏ الذى ننشده 4 be‏ « العقيدة والإيمان ١‏ . نشر مكتبة وهبة - القاهرة . 
فصل : 3 نشر مكتبة وهب هر 


VUE 


وفى أوائل سورة البقرة تحدثت السورة عن المتقين فى ثلاث آيات » أو أربع 5 
وعن الكفار فى آيتين . أما النافقون فقد استغرق الحديث عنهم ثلاث عشرة آية . 

لهذا ادخر الله لهم أسفل دركات النار » كما قال مبحانه : ل إن المنافقين : 
فى الدرك Ja‏ من التار of‏ تجد لهم تصيراً # إلا ig coll‏ 
واااو اتا بالله ه وَأخلصوأ ديهم لله دولك مع الْمُؤْمنينَ 4 20 . 

وفى عصرنا يوجد كثير من المرتدين الذين لا يوقرون الوحى الإلّهى ‏ 
ولا يعتبرون الشريعة مرجعاً أعلى يضبط الفكر والسلوك والعلاقات 6 
ويحتقرون فى قرارة أنفسهم الدين ودعاته وأهله . ولكنهم منافقون . يريدون 
أن يظلوا يحملون اسم الإسلام » وأن يبقوا فى زمرة المسلمين » وهم شر من 
منافقى عصر النبوة » فقد كان أولئك يقومون إلى الصلاة كسالى 6 وهؤلاء 
لا يقومون إليها » لا كسالى ولا نشيطين » وأولئك كانوا لا يذكرون الله 
إلا قليلاً . وهم لا يذكرون الله SUG‏ ولا كثيراً . وأولئك كانوا مع المسلمين فى 
غزواتهم يجاهدون معهم أعداءهم » وهؤلاء مع أعداء الإسلام يحاربون معهم 
المسلمين . وأولئك كانوا مع المسلمين فى مساجدهم ظاهراً > وهؤلاء مع 
الكفار فى مواقع لهوهم وفجورهم . 

ولو أنهم أعلنوا كفرهم بصراحة لتحدد موقفهم » واسترحنا » ولكنهم 
أمسوا » كما قال الله تعالى : # يحادعون الله Spill,‏ آمنوا وما يخدعون 


چ قله لعا ووو ب 


إلا أنفسهم وما يشعرون OF‏ ‘ 


© التفريق بين الأكبر والأصغر من الكفر والشرك والنفاق : 
ومن المهم هنا جداً : التفريق بين مراتب ما ذكرناه من الكفر والشرك 
والنفاق . فكل منها فيه أكبر وأصغر . والأكبر هو المراد عند الإطلاق . 


۹ : البقرة‎ (Y) ١55-5186 : النساء‎ )١( 


ولكن نصوص الشرع قد وردت بإطلاق كلمات الكفر والشرك والنفاق على 
العاصى » ولا سيما الكبائر منها » فينبغى أن يعلم ذلك وتعرف مواقعه » 
حتى لا تختلط علينا الأمور » ونتهم بعض العصاة بالكفر الأكبر ( المخرج من 
(all‏ وهم من المسلمين . وحتى لا نعتبر هؤلاء أعداء لنا » ونعلن الحرب 
عليهم » وهم منا ونحن منهم » وإن كانوا من العاصين db‏ ولرسوله » فالأمر 
كما يقول المثل العربى : أنفك منك وإن كان أجدع ! 


3 oe 


© الكفر أكبر وأصغر : 

فمن المعلوم أن الكفر الأكبر هو : الكفر dl‏ تعالى » وبرسالاته » كما 
ذكرنا فى كفر الشيوعيين ٠.‏ أو الكفر برسالة محمد . كما فى AS‏ اليهود 
والتصارى به » فهؤلاء يعتيرون US‏ برسالة محمد فى أحكام الدنيا . 
أما عقابهم فى الآخرة فيتوقف على مدى مشاقتهم للرسول من بعد ما تبين لهم 
الهدى » كما قال تعالى : < ومن يشاقق الرسول من بعد ما تين له 
الهدئ ويتبع عير سبيل المؤمنين نو ا ول dey‏ حيلم + tly‏ 
مُصيراً 4 217 . | 

فأما من لم يتبين له الهدى بأن لم تبلغه الدعوة أصلاً » أو بلغته بلوغاً 
مشوهاً لا يحمل على النظر والبحث فيها » فهو معذور » وقد قال تعالى : 
« وما کنا معذيين حتی EV py CAS‏ 

وأعتقد أن المسلمين مسؤولون - إلى حد كبير - عن ضلال أمم الأرض » 
وجهلهم بحقائق الإسلام » واعتناقهم لأباطيل خصومه » وعليهم أن يبذلوا 
جهوداً أكبر وأصدق فى تبليغ رسالتهم » ونشر دعوتهم لدی كل قوم 
بلسانهم » حتى Let‏ لهم » ويثبتوا عالّمية الرسالة المحمدية حقا . 


1١6 : زفق الإسراء‎ 1١١6 : النساء‎ CV) 


11٦ 


والكفر الأصغر هو المعاصى مهما يكن مقدارها فى الدين . 

وذلك مثل تارك الصلاة كسلاً » لا جحوداً لها ولا استهزاء بها ٠‏ فهذا عند 
جمهور GAN aide‏ عاض أو فاس لا pS‏ .وإ AU‏ عليه فى :"عض 
الأحاديث لفظة الكفر . كما فى حديث : « العهد الذى bey‏ وبينهم الصلاة › 
فمن تركها فقد كفر ١ .  »‏ بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة » " . 

وابن حزم - على ظاهريته - لا يقول بكفر تارك الصلاة .. وما روى 
عن الإمام أحمد من القول بكفره . فإغا يحكم بذلك إذا oles‏ إليها الإمام 
أو القاضى واستتابه » فأبى ولم يستجب . 

وقد رجح الإمام ابن قدامة عدم تكفير تارك الصلاة - إذا لم يكن جاحداً 
ولا مستخفا - وإن كان يقتل على تركها حداً لا LAS‏ . وهى رواية أخرى عن 
أحمد » اختارها أبو عبد الله بن بطة » وأنكر قول من قال : إنه يكفر » وذكر 
أن المذهب على هذا . لم يجد فى المذهب خلافاً فيه . 

قال ابن قدامة : وهذا قول أكثر الفقهاء » قول أبى حنيفة ومالك والشافعى 
.. واستدل بالأحاديث المتفق عليها 29 التى تَحرّم على النار من قال : لا إله 
إلا الله » والتى تخرج من النار من قالها » وكان فى قلبه من الخير ما يزن برَة 
( حبة قمح ) » كما استدل بآثار الصحابة . . وبإجماع المسلمين قائلاً : « فإنا 
لا نعلم فى عصر من الأعصار أحداً من تاركى الصلاة ترك تغسيله والصلاة 
عليه » ودفنه فى مقابر المسلمين » ولا منع ورثته ميرائه ولا مُنع هو ميراث 


aly, (1)‏ أحمد والترمذى والنسائى وابن mul, OL>‏ عن بريدة » كما فى صحيح 
الجامع الصغير )٤1٤۳(‏ . 

)1( رواه مسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجه عن جابر - المصدر السابق )۲۸٤۸(‏ . 

)1( انظر هذه الأحاديث وتخريجها فى call‏ : 3677/7 . بتحقيق الدكتور التركى ٠‏ 
والدكتور الحلو . 


11¥ 


مورثه » ولا GB‏ بين زوجين لترك الصلاة من أحدهما » مع كثرة تاركى 
الصلاة . ولو كان كافراً لثبتت هذه الأحكام كلها . 

قال : ولا نعلم بين المسلمين BE‏ فى أن تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها ‘ 
ولو كان مرتداً لم يجب عليه قضاء صلاة ولا صيام . وأما الأحاديث المتقدمة 
( يعنى التى ظاهرها كفر تارك الصلاة ) »> فهى على سبيل التغليظ ¢ والتشبيه 
به بالكفار » لا على الحقيقة » كقوله عليه السلام : « سباب المسلم فسوق 
وقتاله كفر YO‏ « من قال لأخيه : يا كافر » eri as‏ أدهي oO‏ 
وأشباه هذا ما أريد به التشديد فى الوعيد » وهو أصوب القولين . . والله 


1 زفرق‎ « lel 


وقال الإمام ابن القيم فى المدارج 2( : 

. كفر أكبر » وكفر أصغر‎ : dle gd » فأما « الكفر‎ ١ 

فالكفر الأكبر : هو الموجب للخلود فى الثار . 

والأصغر : موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود . كما فى قوله صلى الله 
عليه وسلم فى الحديث : ١‏ اثنتان فى أمتى » هما بهم كفر : الطعن فى 
accel‏ والنياجة 6 وقول فى الان من أتى yeh‏ فى در ها فقد 
le gis‏ انول ع ee‏ ق ا 


)1( متفق عليه عن ابن عمر : المصدر نفسه (۹) . 
(۳) انظر Yoo - ۳۵۱/۳ : gall:‏ 


oly) )5(‏ أحمد ومسلم عن أبى هريرة ( صحيح الجامع الصغير AYA:‏ ( 5 
oly) (0)‏ أبو داود )£ ۰ ) » والترمذی (NYO)‏ » وابن ماجه (9479) . 


VA 


أو Lite‏ » فصدقه با يقول » فقد كفر با أنزل الله على محمد » 2١(‏ ع 
وقوله : « لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض 0 
وهذا تأويل ابن عباس وعامة الصحابة فى قوله تعالى : # ومن لم يحكم 
بما أنزل الله ast‏ هم الْكَافرَونَ 4 29 . 
قال ابن عباس : ١‏ ليس BS‏ ينقل عن الله » بل إذا فعله فهو به «AS‏ 
وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر » » وكذلك قال طاووس . 
وقال عطاء : « هو كفر دون كفر » وظلم دون ظلم » وفسق دون فسق »2 . 
ومنهم : من GE‏ الآية على ترك الحكم با أنزل الله جاحداً له . وهو قول 
عكرمة . وهو تأويل مرجوح » فإن نفس جحوده كفر » سواء حكم أو لم 
يکم . 
ومنهم : من WSU‏ على ترك الحكم بجميع ما أنزل الله . قال : ويدخل 
فى ذلك الحكم بالتوحيد والإسلام . وهذا تأويل عبد العزيز الكنانى . وهو 
Lal‏ بعيد . إذ الوعيد على نفى الحكم بالمنزل . وهو يتناول تعطيل الحكم 
بجميعة Ay‏ + 
ومنهم : من تأولها على الحكم بمخالفة النص » تعمداً من غير جهل به 
ولا خطا فى التأويل . حكاه البغوى عن العلماء عموماً . 
ومنهم : من تأولها على fal‏ الكتاب . وهو قول تتادة والضحاك وغيرهما . 
وهو بعيد » وهو خلاف ظاهر اللفظ . فلا يصار إليه © . 


)1( رواه أحمد والحاكم عن أبى هريرة ( صحيح الجامع الصغير ) . 

(؟) متفق عليه عن جرير وعن ابن عمر > كما فى اللؤلؤ والمرجان )٤٤(‏ > (40) . 

٤٤ : المائدة‎ )۳( 

)6( انظر فى تفصيل ذلك فتوانا اللفصّلة فى كتابنا « فتاوى معاصرة » - الجزء الثانى 
- قتوى : الحكم بغير ما أنزل الله . 


114 


ومنهم : من جعله كفراً ينقل عن الله . 

والصحيح : أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين » ROW‏ والأكبر 
بحسب حال الحاكم . ob‏ إن اعتقد وجوب الحكم Spl be‏ الله فى هذه 
الواقعة » وعدل عنه عيصياناً » مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة » فهذا PS‏ 
أصغر . وإن اعتقد أنه غير واجب ٠»‏ وأنه مخيّر فيه - مع تيقنه أنه حكم الله - 
فهذا كفر أكبر . Oly‏ جهله وأخطأه : فهذا مخطىء . له حكم المخطئين . 

والقصد : أن المعاصى كلها من نوع الكفر الأصغر . فإنها ضد الشكر ء 
الذى هو العمل بالطاعة . فالسعى : إما شكر » وإما كفر > وإما ثالث . 
لا من هذا ولا من هذا .. والله أعلم 292 . 


aN 33 


© الشرك أكبر وأصغر : 

وكما أن الكفر فيه أكبر وأصغر » فكذلك الشرك فيه أكبر وأصغر . 

فالأكبر معروف وهو كما قال ابن القيم : أن يتخذ من دون الله ندأ » يحبه 
كما يحب الله » وهو الشرك الذى تضمن تسوية آلهة المشركين برب العالّمين . 
ولهذا قالوا لآلهتهم فى النار : > تالله إن HS‏ ضلال مين * إذ نسويكم 
i,‏ الا اا ااا 

وهذا الشرك لا يقبل المغفرة إلا بالتوبة منه » كما قال تعالى : 9 إن الله 
لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن iy‏ # 29 . 

وهذا لأنه إذا لم يعرف الجاهلية والشرك » وما gle‏ القرآن وذمّه : وقع فيه 
وأقره » ودعا إليه وصوبه وحسنه . وهو لا يعرف : أنه هو الذى كان عليه 


۳٣۳۷ - ۳۳٣/۱ : انظر مدارج السالكين‎ (\) 
tA: النساء‎ (۳) : AA - AV: الشعراء‎ (۲) 


\V- 


أهل الجاهلية » أو نظيره » أو شر منه » أو دونه فسن pe er eee‏ 
عن قلبه . ويعود المعروف منكراً » Silly‏ معروفا ‏ والبدعة Coty «Ee‏ 
بدعة . ويكفر الرجل بمحض الإيمان وتجريد التوحيد . ويبدع بتجريد متابعة 
الرسول BE‏ ومفارقة الأهواء والبدع . ومن له بصيرة وقلب حى يرى ذلك 
عياناً » والله المستعان . 

قال العلامة ابن القيم : 

« وأما الشرك الأصغر : فكيسير الرياء » والتصنع GU‏ والحلف بغير 
الله » كما ثبت عن النبى BE‏ أنه قال : ١‏ من حلف بغير الله فقد أشرك » ١‏ » 
وقول الرجل للرجل : ١‏ ما شاء الله وشئت شعت » » وه هذا من الله ومنك ٠١‏ 
و« أنا abl‏ وبك » » و« مالى إلا الله وأنت »4 » و« آنا متوكل على الله 
وعليك » » وه لولا أنت لم يكن كذا وكذا » . وقد يكون هذا شركاً أكبر » 
بحسب قائله ومقصده . وصح عن النبى BE‏ أنه قال لرجل قال له : ما شاء 
الله وشئت : « أجعلتنى لله ندا ؟ قل : ما شاء الله وحده ٠‏ . وهذا اللفظ 
أخف من غيره من الألفاظ . 

ومن أنواع الشرك : سجود المريد للشيخ . فإنه شرك من الساجد والمسجود له 

ele‏ حلق الرأس للشيخ فإ تعد gal‏ الله > رلا يد بلق 
الرأس إلا فى النْسّك لله خاصة . 

ومن أنواعه : التوبة للشيخ . فإنها شرك عظيم . فإن التوبة لا تكون 
إلا لله . كالصلاة » والصيام » والحج » والنسك . فهى خالص حق لله . 

وفى المسند : أن رسول الله BE‏ : « اتی بأسير › فقال : اللّهم إنى أتوب 
إليك » ولا أتوب إلى محمد » فقال رسول الله BE‏ : عرف GH‏ لأهله ٠‏ . 

فالتوبة عبادة لا تنبغى إلا لله . كالسجود والصيام . 

ومن أنواعه : النذر لغير الله » فإنه شرك » وهو أعظم من الحلف بغير الله » 


: رواه أحمد والترمذى و الحاكم عن ابن عمر : ( صحيح الجامع الصغير‎ )١( 
CARY 


1۷1 


فإذا كان « من حلف بغير الله فقد أشرك » ٠‏ فكيف من نذر لغير الله ؟ مع أن 
فى السنن من حديث عقبة بن عامر ae‏ صلى الله عليه وسلم : « النذر 
were‏ 

ومن أنواعه : الخوف من غير الله » والتوكل على غير الله » والعمل لغير 
الله » والإنابة والخضوع والذل لغير الله . وابتغاء الرزق من عند غيره » 
وحمد غيره على ما أعطى » والغنية بذلك عن حمده سبحانه » والذم 
والسخط على ما لم يقسمه ¢ ولم يجر به القدر » وإضافة نعمه إلى غيره › 
واعتقاد أن يكون فى الكون ما لا يشاؤه » 0 


oe a 
3 


« النفاق أكبر وأصغر : 
وإذا كان فى كل من الكفر والشرك أكبر وأصغر » فمثلهما النفاق فيه أكبر 

وأصغر أيضاً . 

Ayal القلرد»فن‎ eye cll gay ٠ taal Gla الاك هو‎ Glad 
الأسفل من النار » وهو : أن يبطن الكفر ويظهر الإسلام . وهو الذى كان‎ 
لعباده‎ ley » وحفل القرآن بهتك أستار أهله‎ > BE فى عهد النبى‎ 
المؤمنين أمورهم > ليكونوا منهم على حذر » وحتى يبتعد المؤمنون عن‎ 
. أخلاقهم ما استطاعوا‎ 

وأا الفاق ye Rel‏ کیو تناف تا وال وهو ای Bes‏ 
GEL‏ المنافقين » ويسلك سلوكهم » وإن كانت عقيدته سليمة . وهو 
ما حذرت منه الأحاديث الصحاح . 


مثل الحديث المتفق عليه : « أربع من كن فيه كان منافقا Lele‏ » ومن 
)١(‏ انظر مدارج السالكين : ٣٤٦ - ۳٤٤/١‏ 


1١7 


كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن 
خان » وإذا حدّث كذب » وإذا عاهد غدر ء وإذا خاصم فجر » ) . 


والحديث الآخر : « آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ٠‏ وإذا وعد 
أخلف » BL‏ اؤتمن خان » " . 

وفى رواية لمسلم : « وإن ple‏ وصلَّى وزعم أنه مسلم » " . 

وهذه الأحاديث وأمثالها التى جعلت الصحابة يخافون على أنفسهم 
النفاق » حتى قال الحسن : ما خافه إلا مؤمن » وما أمنه إلا منافق . 

وحتى كان عمر يقول لحذيفة الذى عرفه النبى Be‏ بالمنافقين : أتجدنى 

وكان عمر ey‏ من المنافق العليم . فقيل له : كيف يكون منافقاً 
وعليما ؟! قال : عليم اللسان 3 جاهل القلب 5 

وقال بعضهم : اللَّهم إنى أعوذ بك من خشوع النفاق . قيل : وما خشوع 
Glad‏ قال : أن يرى البدن خاشعاً والقلب ليس بخاشع ! © . 

ak 2 

«الكيباثئر: 

وبعد الكفر بدرجاته ومستوياته SU‏ المعاصى » وهی مرتبتان : PLS‏ 
وصغائر : والكبائر : ھی الذنوب الحسيمة al‏ 6 التى توجب لفاعلها 
غضب الله ولعنته واستحقاق نار جهنم : وقد توجب على صاحبها حداً فى 
الدنيا . 


)1( متفق عليه عن عبد الله بن عمرو : اللؤلؤ والمرجان (۴۷) . 

(۲) متفق عليه عن أبى هريرة : المصدر نفسه (۳۸) . 

)1( رواه مسلم عن أبى هريرة فى كتاب « الإيمان )١١١( » OAD ٩‏ . 
(5) مدارج السالكين : "0/8/١‏ 


\vY¥ 


وقد اختلف العلماء فى تحديدها اختلافاً كبيراً ٠‏ لعل أقربها : أنها كل 
معصية شرع الله لها حداً فى الدنيا » أو أوعد عليها فى الآخرة بوعيد شديد 
كدخول النار » أو الحرمان من الجنة » أو استحقاق غضب الله تعالى ولعنته . 
فهذا يدل على كبر المعصية . 

على أن النصوص قد ذكرت عدداً منها حددته بالتعيين مثل الموبقات 
السبع oY‏ وهى - بعد الشرك - : قتل التفس التى حرم الله إلا باحق » 
والسحر » وأكل الربا » وأكل مال اليتيم » وقذف المحصنات الغافلات 
المؤمنات » والتولى يوم الزحف ( يوم لقاء العدو فى المعركة ) > ومثلها : 
ما chee‏ به الأحاديث » من عقوق الوالدين » وقطع الرحم » وشهادة 
الزور » واليمين الغموس » وشرب الخمر » والزنى » وعمل قوم لوط » 
والانتحار » وقطع الطريق » والغصب ٠‏ والغلول » والرشوة » والنميمة . 

ومنها : ترك الفرائض الأساسية » مثل : ترك الصلاة » ومنع الزكاة » 
والإفطار بلا عذر فى نهار رمضان » والإصرار على ترك الحج لمن استطاع إليه 


04 


ومما أثبتته الأحاديث ol:‏ الكبائر ذائها تتفاوت . ولهذا صح فى الحديث : 
« ألا أنبئكم بأكبر الكبائر » ؟  M‏ وعدّد لهم بعد الشرك : عقوق الوالدين 
وشهادة الزور . 


وصح أيضاً : ١‏ إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه » . قالوا : وكيف 
OY)‏ وإليها يشير حديث أبى هريرة فى الصحيحين وغيرها : « اجتنبوا السبع الموبقات » 
( آى المهلكات ) - اللؤلؤ والمرجان (05) . 


(؟) وهو حديث أبى بكرة المتفق عليه - اللؤلؤ والمرجان )0%( . 


1١7 


a eT re ae a a a 
OY 


ويسبف أمه « 


ااه يها > حين سب الآخرين » مما أدى إلى الرد عليه بمثله » بل 
كال له الصاع صاعين » فقد سب أبا الآخر » فسب الآخر أباه ٠‏ وسب 
: 

لقد اعتبر الحديث الشريف التسبب فى جلب السب إلى الوالدين من أكبر 
الكبائر » ليس مجرد حرام » ولا مجرد كبيرة » فكيف بمن باشر والديه 
بالسب ؟ وكيف بمن باشرهما بالإيذاء والضرب ؟ وكيف بمن جعل حياتهما 
جحيم] لا يطاق بسبب الجفاء والعقوق ؟ 


وقد فرق الشرع بين المعصية التى يدفع إليها الضعف » والمعصية التى يدفع 
إليها البغى » فالأولى مثل الزنى ٠‏ والأخرى مثل الربا »> فجعل الربا أشد 
إثمآ عند الله تعالى » حتى إن القرآن لم يقل فى معصية ما قال فى الربا من قوله 
تعالى  :‏ ودروا ما بق من الربًا إن ¿ كنثم مؤمنين * ob‏ لم i pots (pled‏ 
بحرب من الله ورسوله ‏ 57 . 

ولعن الرسول الكريم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه » وقال : ١‏ 

ربا يأكله الرجل وهو يعلم » أشد من ستة وثلاثين زنية OW‏ وجعل 


الربا سبعين أو اثنين أو BH‏ وسبعين باباً » أدناها وأيسرها : أن ينكح الرجل 
أمه OO‏ 


)1( متفق عليه عن عبد الله بن عمرو - اللوّلة والمرجان )٥۷(‏ . 
(Y)‏ البقرة : ۲۷۸ - ۲۷۹ 1 
(۳) رواه أحمد والطبرانى عن عبد الله بن حنظلة » كما فى صحيح الجامع الصغير 
)°( . 


(5) رواه الطبرانى عن البراء 3 والحاكم عن ابن مسعود t‏ وابن ٠‏ ماجه عن أبى هريرة . 
كما فى صحيح الجامع الصغير (OEY) . (KONA) > )۳٣۳۷(‏ . 


\Vo 


© كبائر معاصى القلوب : 
وليست الكبائر مقصورة على الأعمال الظاهرة » كما قد يتوهم » بل كبائر 
معاصى القلوب أشد إثما » وأعظم خطراً . 
LSS‏ أن أعمال القلوب أعظم وأفضل من أعمال الجوارح فى الطاعات ٠‏ 
نجد أعمال القلوب فى جانب المعاصى أعظم وأبعد أثرآ » وأكبر خطراً . 
© معصية pal‏ ومعصية إبليس : 
وقد ذكر لنا القرآن أول معصيتين حدثتا بعد تلق pol‏ وإسكانه الجنة . 
إحداهما : معصية آدم وزوجه حين UST‏ من الشجرة التى نهاهما الله تعالى 
عنها » وهى معصية تتعلق بأعمال الجوارح الظاهرة » دفع إليها النسيان 
وضعف العزيمة . كما قال تعالى OGG  :‏ عهدنًا إلى آدم من قبل cet‏ 
ولم جد له عرّما 4 VO‏ . وقد استغل lil‏ اللعن ناا الاه وذاك 
الضعف ٠‏ فزين له ولزوجه الأكل من الشجرة » ودلاهما بغرور » وأكد 
تغريره بالايمان + حتى سفطا فى 'المخالفة .. 
ولكن سرعان ما استيقظ الإيمان المستكن فى آدم وزوجه › فعرفا مخالفتهما » ' 
وتابا إلى ربهما » وقبل الله توبتهما : # وعصى آدم ربه فَعَوئ ٭ ثم اجتباه 
ربه OB‏ عليه chy‏ 4 299 . 
١‏ تالا را Sof CNC‏ تن" لا KS OSE,‏ من 
الخاسرين » 9" . 


Bare 


(i) و‎ GF وص اس‎ FG ا ا سس ع سمه‎ Pen, ban 
. “4# إنه هو التواب الرحيم‎ ale فتلقئ آدم من ربه كلمات فتاب‎ # 


۱۲۲ ~ ۱۲۱ : ab )۲( ١١6 : ab )١( 
۳۷ : البقرة‎ (£) YY : الأعراف‎ )۳( 


1۷٦ 


والأخرى : معصية إبليس حين أمره الله - مع الملائكة - بالسجود 6 
ey Hes es‏ اذى عاق امريد eee‏ ل : # فسجد 
رو يركو 


الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أب أن يكون مع الساجدين * قال 
يا إبليس مالك الا تَكُونَ مح الساجدين * قال لم أن لاجد لبر Ge‏ 
من صلصال من LO‏ مسنون * قال فاخرج منها ULE‏ رجيم * وإن Hele‏ 
Ea‏ ّى يوم الدين 4 299 . 

هذه معصية إباء واستكبار عن أمر الله » كما جاء فى سورة البقرة : 
al A al SIRS >‏ کان ری 0 

ieee a e en ee: 

خلقته من طين * 9 . 

ل ane em‏ 
أسرع ما تاب منها . أما معصية إبليس فمعصية قلب باطنة » وتلك خطورتها 
التى انتهت به إلى سوء العاقبة » والعياذ بالله تعالى . 

ولا غرو أن جاء التحذير الشديد » والترهيب المتكرر > من معاصى 
القلوب » التى تعد من كبائر الذنوب » وموبقات الآثام . وكثيراً ما تكون 
هى الدافعة الأصلية لارتكاب كبائر المعاصى الظاهرة » من ترك المأمور › 
أو اقتراف المحظور 


@ مويقة الكبر : 

كما رأينا فى قصة إبليس مع آدم » كيف دفعه ١‏ الكبر » إلى رفض آمر الله 
تعالى » وقال : 8 لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من [a>‏ 
مسون © O‏ .> نا یر مله # (20 , 577 


١؟‎ : الأعراف‎ )۳( ٣٤ : البقرة‎ (Y) Yo- Ys : الحجر‎ (1) 
۷٦ : سورة ص‎ (0) YY : الحجر‎ (€) 


1۷¥ 
( ۱۲ - فقه الآأولويات ) 


ومن هنا ele‏ الترهيب الشديد من الكبر والتكبر واحتقار الغير . حتى 
قال صلى الله عليه وسلم : ولا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذَرة 


SO ea, 
العز إزاره 3 والكبرياء رداؤه ) الضمير‎ e وفى الحعديث الصحيح‎ 
OC له تحال‎ 

وفى حديث آخر : « بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم » 


Tete 


ص 


وقد ذم القرآن الكبر والمستكبرين فى آيات شتّى . وبين أن الكبر هو SU‏ 
منع الكثيرين من ole I‏ بالرسل وانتهى بهم الى جهنم : > وجحدوا بها 
eae‏ لقنم OC ie Ua‏ 


OR 8 || cyte | aan فيها‎ pee ae فادخلوا‎ } 


Og نه لا يحب الْمستَكبرِين‎ ٠ 
A كل قل كر جار چ‎ pines 


Spot 0‏ عن oil sli‏ يتَكبَرونَ فى الأرض بغير بر الحى Oe‏ 


C3 !د‎ 
HS 


ee 
Uy 





)1( رواه مسلم فى الإيمان عن ابن مسعود (VEY)‏ . 

(؟) رواه مسلم فى البر والصلة عن أبى سعيد وأبى هريرة معا ( ۰ ) وفی sl‏ الحديث 
محذوف. تقديره : قال الله تعالى : ١‏ فس ينازعنى عدبته " ٠‏ 

ضرف رواه مسلم عن أبى هريرة (TONE)‏ : 

)£( متفق عليه » واللفظ للبخارى : اللؤلو والمرجان (1759) . 

۲۳ : النحل‎ )۷( ۲۹ : pedi (1) ١5 : النمل‎ (0) 


١55 : الأعراف‎ (4) Yo : غافر‎ (A) 


\VA 


© الحسد والبغضاء 
وفى قصة ابنى آدم التى lead‏ القرآن علينا بالحق » نجد « الحسد » هو 
الدافع إلى قتل الأخ الخبيث لأخيه الطيب . 

ط واثل عَلَيهم نبا ابى آدم باحق إذ قربا قربانا قبل من أحدهما ولم 
(fs‏ من الأخر قال لأَفتلنّكَ قال إِنّمَا FE‏ الله من المتقين # oS‏ بسطت 
إلى دك لتقتتى ما آنا بباسط UY oth | iy‏ » إِنّى Set‏ الله رب 
الْعَالَمِينَ * إِنَى أريد أن igs‏ بإثمى ال oe‏ 


4" Sacre ° ور‎ 078 x د‎ 


وذلك re‏ الظّالمينَ * قوعت pool EB ts LEU‏ من 
الَْاسِرِينَ * eon UF “NS‏ فى الأرضِ sin AS x ie‏ 


أخخيه 6 قال 5 ويل wel‏ أن أكون Se‏ هذا الْعْرَاب saab‏ ا 


. ) # فأصبح م من التادمين‎ wal 
إذَا‎ rl اشر‎ sey ٠ من شر الخاد‎ LL وقد آم القرآن‎ 
eg ee 
يقار دلاخ ر ا د قير‎ 
كما وصف بالحسد اليهود فى قوله : # أم يحسدون الناس على ما اتاهم‎ 
. ©2974 الله من قضله‎ 


ر 


ie‏ الا عر ا ee‏ : و ود كثير كثير 
من Jal‏ لكاب لو يردونكم من بعد إيانكم كقاراً حسداً من عند أنفسهم 


تن Gan‏ كن let‏ ال # )( 8 
والرسول الكريم يجعل الحسد والبغضاء من ١‏ أدواء » الأمم وآمراضها 
الخطيرة 4 المؤثرة فى الدين أبلغ التأثير ١‏ يقول : DJ;‏ دب ٠‏ إليكم داء الأمم من 





)١(‏ المائدة : ۲۷ - ۳١‏ (۲) الفلق : ه 
)1( النساء : Of‏ )£( البقرة : 94 
\v4‏ 


قبلكم البغضاء والحسد ¢ والبغضاء هى الحالقة 3 لا أقول 3 حالقة الشعر ¢ 
١ 57‏ 
ولك حالف الد 


وفى حديث آخر : ١‏ لا يجتمع فى جوف عبد الإيمان والحسد » ° . 


وقال Yo:‏ يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا rT‏ 


2 
© الشح المطاع : 
ومن كبائر معاصى القلوب : المهلكات الثلاث » التى حذر منها الحديث 
الشريف : « ثلاث مهلكات : شح مطاع 3 وهوى متبع > وإعجاب المرء 
ees‏ 
وقد ورد فى ذم الشح جملة أحاديث منها : 
لا يجتمع Gl‏ والإيمان فى قلب عبد etl‏ : 


)1( رواه البزار عن الزبير بإسناد جيد كما قال المنذرى '( المنتقى : eC ) ٠١١١‏ 
والهيثمى ( المجمع : ۳/۸ )ء كما رواه الترمذى (YOVY)‏ » وقال : هذا حديث قد 
اختلفوا فى روايته . 

(۲) رواه النسائى : ٠» ١7/5‏ وابن حبان فى صحيحه عن أبى هريرة ( الموارد : 
۷ » ونسبه فى صحيح الجامع الصغير إلى أحمد والحاكم أيضا (7770) . 

(۳) رواه الطبرانى ورواته ثقات » كما قال المنذرى ( النتقى : ٠۷١١‏ ) » والهيثمى 
(الجمع : ۷۸/۸) . 

(OD‏ رواه الطبرانى فى الأوسط عن أنس وعن ابن عمر » وحسّنه فى صحيح الجامع 
الصغير (۳۰۳۰) » ONES)‏ 

)0( رواه عن ١‏ أبى هريرة ٩‏ أحمد : ۲/ ۳٤۲‏ » والبخارى فى الأدب المفرد CYAN)‏ © 
والنسائى : ١/5‏ ء والحاكم : ۷۲/۲ » وصححه ووافقه الذهبى » وابن حبان : 
الإحسان )770١1(‏ » وقال محققه الشيخ شعيب : صحيح لغيره . 


1۸۰ 


( » gS شر ما فى الرجل : شح هالع » وبجين‎ ١ 

« اتقوا الظلم . فإن الظلم ظلمات يوم القيامة » واتقوا الشح » فإن الشح 
أهلك من كان قبلكم : حملهم على أن سفكوا دماءهم » واستحلوا 
e‏ 

QSL]?‏ وک ا ye lle‏ کی ا ری ا 

فقطعوا » وأمرهم بالبخل فبخلوا » وأمرهم بالفجور ففجروا e‏ 

قال العلماء : الشح بخل مع حرص + فهو أبلغ فى النع من البخل ٠‏ 
فالبخل يستعمل فى all‏ بالمال » والشح فى كل ما بمنع النفس عن 
الاسترسال فيه » من يذل مال أو معروف أو ام الهالع : هو 
الذى يصيب صاحبه بالهلع » وهو أفحش الجزع . ومعناه أنه يجزع فى شحه 
أشد الجزع على استخراج الحق منه . قالوا : ولا يجتمع الشح مع معرفة الله 
أبداً » فإن المانع من GUY‏ والجود خوف الفقر » وهو جهل بالله » وعدم 
وثوقه بوعده وضمانه . ومن هنا نفى الحديث اجتماع الشح والإيمان فى قلب 
الإنسان . فكلاهما يطرد الآخر . 


ate 

لزيا 
0 
1 


© الهوى المتبع : 
ومن المهلكات التى ذكرها الحديث : الهوى 7 . وهو ما حذر منه 


القرآن فى مواضع شتى . وقال الله لداود : # ولا a‏ الهوئ has‏ عن 


oly) CY)‏ عن « أبى هريرة ) أحمد والبيهقى : ١7/4‏ ء وقال الحافظ العراقى فى 
تخريج الإحياء 3 إسناده جيد > وصححه الشيخ شعيب فى تخريج ابن حبان » 


gle سملم عن‎ lay (۲) . (V- 4) فى صحيح الجامع الصغير‎ JW, 
: والحاكم وصححه على شرط مسلم‎ « (114A) أبو داود‎ ٩ ابن عمر‎ ١ عن‎ oly) () 
1; وسكت عليه الذهبى . (4) سورة ص‎ » ۱۱/۱ 


\A\ 


سن عر امل 


وقال gilt‏ رسله  :‏ ولا تطع من GT‏ عن OSs‏ واتبع هواه 
کان أمره فرظ 4 

وقال  :‏ ومن أضل ممن ابع هواه بير هذى من الله * ٩‏ . 

وذم قوما فقال : 8 أولعك الَّذين طبع الله على قُلُوبهم (ee‏ 
أهواءهم 4 20 . oo‏ 

وبين القرآن أن اتباع الهوى يعمى ويصم › ويضل المرء على علم ؛ 
ويطمس على بصيرته » فلا یری ولا يسمع ولا يعى > CaS‏ من SEEN‏ 
Gy‏ هواه Lely‏ الله عَلَى ES ple‏ على سمعه وقلبه وجعل على بصره 
Sale‏ فمن يهديه من يعد الله 41" .. 

ولذا قال ابن عباس : شر إله عبد فى الأرض : الهوى ! 

| وجعل القرآن فى طليعة أسباب دخول الجنة : نهى النفس عن الهوى : 
ال IMS‏ 
امأو 6 : ١‏ 1 


الات الس 

وثالث المهلكات التى ذكرها الحديث : العجب » أو إعجاب المرء بنفسه . 
فإن المعجب بنفسه لا يرى عيوبها وإن كبرت » وينظر إلى مزاياها ومحاسنها 
من وراء « ميكروسكوب » » فيضخمها ويهول من شأنها . ۰ 

وقد ذكر القرآن كيف أدى الإعجاب بالمسلمين فى غزوة حنين إلى الهزيمة 





١5 : محمد‎ (1) 6٠0 : القصص‎ (Y) YA : الكهف‎ )١( 
٤١ - 5٠ : النازعات‎ (0) YY : الحائية‎ (£) 


\AY 


‘ و م 
حتى ثابوا إلى رشدهم 3 ورجعوا إلى ربهم : # لقد نصركم الله فى 
Poe,‏ 


مواطن كثيرة ویوم حنين إذ أعجبكم SES‏ لم تن عنكم شیا وضاقّت 


ماده كر سا Se 2 gg, fF Oo LP‏ اعم 


عليكُمٌ eM‏ ما رحبت نم ليت مدبرين * نم ES aS‏ على 


vee‏ ل ےت 


رسوله Jey‏ المؤمنين وأنزل Og. OS bse‏ 
وقال على كرم الله وجهه : سيئة تسوءك خير عند الله من حسنة تعجبك . 
أخذ هذا المعنى ابن عطاء وعبر عنه فى حكمه بقوله : ربما فتح الله لك 
سبباً فى الوصول : معصية أورثت ذلا FUSS‏ خير من طاعة أورثت Lave‏ 
واستكياراً . 


: الممقوت‎ cL Se 
ومن كبائر معاصى القلوب : الرياء » الذى يحبط العمل » ويسلبه القبول‎ 
. يكن ظاهره مزوقاً مزيناً للناس‎ Oly » عند الله‎ 
الله إلا‎ a5 Su وقد قال تعالى فى شأن المنافقين : #3 يرآءون اناس ولا‎ 
1 ™ € SUG 


وقال : > فويل للمصلين # الَّذِينَ هم عن صلاتهم ساهون * onl‏ 


۳ a -~ SS 9 8 
3 20h: pecs ae هم يراءون‎ 


وصور القرآن إنفاق المرائى بقوله : « feos li‏ صفوان عليه تراب 
فأصابه وابل 53 ul,‏ 4 ) . 
)١(‏ التوبة YY - Yo:‏ (۲) النساء : ۲ 


(۳) الماعون : £ - لا )£( البقرة : ٤‏ 


VAY 


وقد ذكرت الأحاديث أن الرياء ضرب من الشرك » فالمرائى لا يقصد بعمله 
وجه الله تعالى » بل وجوه GUI‏ ومحمدتهم ومرضاتهم . 

ولذا يقول تعالى فى الحديث القدسى : ١‏ أنا أغنى الأغنياء عن الشرك » 
فمن عمل عملاً أشرك فيه غيرى تركته وشريكه »4 . وفى رواية : ١‏ فأنا منه 
برئ » وهو للذى 'أشرك » 237 , 

ومن الأحاديث الشهيرة ما رواه مسلم من حديث أبى هريرة عن الثلاثة 
الذين set‏ بهم يوم القيامة فسحبوا على وجههم إلى الثار » أحدهم قاتل حتى 
استشهد » والثانى تعلم العلم وعلّمه وقرأ القرآن » والثالث Gat‏ ماله فى 
وجوه الخير » ولكن الله العليم LIL‏ والسرائر » كذبهم على رؤوس 
الأشهاد » وقال لكل منهم : كذبت » إنما فعلت ما فعلت ليقول الناس عنك 
كذا وكذا . فقد قيل ! 

إن التزوير من إنسان على alte‏ من شر الرذائل وأشنع الجرائم » فإذا كان 
التزوير من المخلوق على خالقه » فالجريمة أبشع وأشنع . وهذا هو عمل 
المرائى » يعمل لإرضاء الناس » وهو يريهم أنه يعمل لإرضاء رب الناس » 
Lis‏ وزوراً » فلا غرو أن يفضحه الله سبحانه يوم LS‏ السرائر » ويكبه على 
وجهه فى النار » ولا حول ولا قوة إلا بالله . 

x % 


© حب الدنيا وإرادتها : 


ومن كبائر معاصى القلوب : حب الدنيا وإرادتها وإيثارها على الآخرة » 
وهو رأس كل : خطيئة 5 والخطر هنا لیس فى امتلاك الدنيا 43 بل فى إرادتها 


)\( الرواية الأولى لمسلم فى wks‏ الزهد 2 والأخرى لابن ماجه C£Y-Y)‏ . قال 
المنذرى : ورواته ثقات ( المنتقى : ١‏ ) . وقال البوصيرى فى الزوائد : إسناده صحيح 
ريجاله ثقات ٠.‏ 


\AE 


والحرص عليها وعلى متاعها وزخثرفها وزينتها . وإذا اجتمعت الدنيا والآخرة 
آثر الأولى على الآخرة . وهذا هو سبب الهلاك والدمار فى الدارين 
ع - “en “ a ee‏ ےر © rr‏ م 0 
يقول تعالى فى شأن الآخرة : # فأما من (Gb‏ * ,3 الحياة الدنيا * 
ob‏ الجحيم هى الْمَأوَىْ ¢ 27 . 
# من کان يريد Casi bi‏ وريتتها pg Uy‏ أعمالهم فيها وهم فيها 
وم لماعي اس 


لا يحون Gull wits‏ ليس لهم فى الآخرة إلا Rey‏ 4 وحبط 
ما ضعو Ga‏ وباطل ما کانوا يعمو ۳ 


Ge 


> فاعض عن من تون عن O53‏ وكم ير إلا CN Bd‏ * ذلك 


ge‏ متك شل ا 
يد أُوتيثم من شىء GES‏ الْحياة الدنيًا وزيئهَا » Oy‏ عند الله حير 
۴ بق » Son ee‏ 9) . 


وفى الدنيا بين الحديث GUI‏ رواه أحمد وأبو داود عن ثوبان : سر الوهن 
الذى UAL Gow‏ برغم كثرة أعدادها » فقال  :‏ حب الدنيا وكراهية الموت » . 
% 2 
© حب الال والجاه والمختصب : 
و حب الدنيا يتمثل فى حب المال والثروة 6 وجب الحاه والمنزلة والشرف 34 
والحرص Lyle‏ حرصاً fou‏ صاحبه يتنازل عن dad‏ ومبادئه فى سبيل 





)1( النازعات : ۳۷ - ۳۹ (۲) هود : ١5-16‏ 
(۳) النجم : ۲۹ - ٣١‏ )£( القصص : 5١‏ 


\Ao 


« ما ذئبان جائعان أرسلا فى غنم بأقسد لها من حرص المرء على الال 
a Sagal‏ 

والحرص يحتاج إليه الإنسان 6 ولكن بقدر معلوم » فإذا لم يكن حرصه 
وثاق » وهبت رياحه » استنفرت ا > فتعدى القدر المحتاج إليه فأفسد . 
كما يفسد الذثبان الجائعان فى غنم أضاعها ربها . وذلك لاستدعاء هذا 
أطوم es Sapp Ml scaly plait)‏ اوقا قال dhs‏ جلف الدار 
Gea Sl‏ للَّذِينَ لا oS‏ ع 
eb‏ چ ) . 1 1 5 1 1 

ومن مظاهر حب الدنيا وإرادتها : الحرص على المناصب » والتكالب على 
الإمارة + والرغية فى الظهون + الى canned UU‏ الظهور.. 

3 أمته > وقال : « إنكم ستحرصون على الإمارة‎ BBE التي‎ axe رهب‎ Le gay 
OO » وإنها ستكون ندامة وحسرة يوم القيامة » فنعم المرضعة » وبنست الفاطمة‎ 

شبّه ما يحصل من نفع الولاية حال ملابستها بالرضاع ( على سبيل 
الاستعارة ) © وشبه بالفطام انقطاع ذلك عنها عند الانفصال عنها بعزل 
أو موت » فهى تدر على صاحبها بعض المنافع واللذات العاجلة ثم سرعان 
ما تنقطع عنه » وتبقى عليه الحسرة والتبعة » فلا ينبغى لعاقل أن يحرص على 
لذة تتبعها حسرات . 

ومن كبائر معاصى القلوب : اليأس والقنوط من رحمة الله ء» فقد قال 
تعالى على لسان نبيه يعقوب : $ ولا تيأسوا من روح الله ١‏ انه لا بيس 
من روح الله إلا لموم الْكَافرونَ 4 ©> . 

)١(‏ رواه عن 8 كعب بن مالك »© أحمد ٤٦١ . ٤٥1/۳:‏ » والترمذى فى 
الزهد > وقال : حسن صحيح (۲۳۷۷) . ونقل المناوى فى الفيض عن المنذرى أنه 
جود إسناده : ( 5557/06 ) )1( القصص : ۸۳ 


() رواه عن ١‏ آبى هريرة » البخارى والنسائى ( صحيح الجامع الصغير : 0 
)8( يوسف : AV‏ 


VAN 


وقال على لسان خليله إبراهيم : # قال ومن يقئط من رحمة ره إلا 
الضَالُونَ » () . 

ومن هذه الكبائر : الأمن من مكر الله سبحائه » فقد قال تعالى : « i abst‏ 
هاس 5 2 رور ل سر دس 5 هس در هماس و - 5 
مَك الله » فلا يأمن Se‏ الله إلا القَوم الْحَاسِرونَ 4 29 . 

ومنها : محبة أن تشيع القاحشة فى مجتمع المؤمنين » فقد قال تعالى : OLD‏ 
الَّذِينَ يحبون أن تشيم الفاحشة فى الَّذينَ آمنوأ لهم عذاب أليم فى الدب 
والآخرة » 29 . 

تلك هى بعض الكبائر الموبقات أو المهلكات الخاصة بمعاصى القلوب » 

والتى يغفل الكثيرون عنها ¢ مو OMG‏ أكبر همهم إلى الأعمال الظاهرة 4 
طاعات مطلوبة ¢ أو معاصى محذورة 5 وهذه المعاصى هى التى سماها الإمام 
الغزالى « المهلكات » » وخصص لها الربع الثالث من موسوعته « إحياء علوم 
الدين 4 . فما أجدر أهل الدين ودعاته أن يولوها من العناية ما أولاه لها 
الشرع 3 وأنه يوجهوا إليها العقول والضمائر ¢ وأن تكون محور التوعية 
والتربية والتثقيف . 


: صغائر المحرمات‎ e 

وبعد الكبائر تأتى صغائر المحرمات المقطوع بحرمتها . والشارع سماها 
Lad «‏ » > و محقّرات 0 

وهذه لا يكاد أحد يسلم من PUY‏ بها Lem‏ من الزمن 3 ولهذا تفترق عن 
الكبائر بأنها تكفرها الصلوات الخمس ‘ وصلاة الحمعة 3 وصيام رمضان 
وقيامه » كما جاء فى الحديث الصحيح Vt‏ الصلوات الخمس ¢ والجمعة إلى 
اة :4 وران إن وا مكتراك ا ينين إذا اكيت اکا 4 gt‏ 


(١)الحجر‏ : 5ه (۲) الأعراف : 494 
(۳) النور : ١9‏ )8( رواه مسلم عن أبى هريرة . 


` 1A 


وفى الصحيحين : « أرأيتم لو أن نهراً على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم 
خمس مرات ۰ فهل يبقى على بدنه من درنه شئ ؟ فذلك fre‏ الصلوات 
gree cea‏ الله به OD UL‏ 

وفى الصحيحين : « من ple‏ رمضان Gi]‏ واحتساباً غفر له ما تقدم من 
ذنبه » » « من قام رمضان Gi]‏ واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه » ° . 

بل ذكر القرآن الكريم أن مجرد اجتناب الكبائر يكفر السيئات الصغائر » 

فقال تعالى : # إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نکقر عنكم سيئاتكم 
٩ 4 59 Se,‏ . 

أما الكبائر فلا يكمّرها إلا التوبة النصوح 

وشأن الصغائر أن البشر عامة مبتلون بها » ولهذا حين وصف الله المحسئين 
والأخيار من عباده لم يصفهم إلا باجتناب كبائر الوثم والفواحش . 


a ۷ Po. 


يقول تعالى فى سورة الشورى : > وما عند الله خير وأبقى للذين 
vee nee‏ ۵ سے س ل م سے م ارو “ 
أمنوأ وعلى ربهم يتوكلون * والّذين يجتنبون SUS‏ الإثم والفَواحش Bly‏ 


ر ر يراه ةيةه ور 
اراق رر 


ويقول سبحانه فى سورة النجم : > Lay‏ فى السموات وما فى 
الأرض لیجزی ؛ الْذِينَ ve rae‏ عَمِلُوا ویجزی ih‏ احا nea‏ 
Mae‏ و 


لين يبون eels ply lS‏ إلا اللمم 6 إن رك واسع 
a val‏ € 00 1 


Ge (1)‏ عليه عن أبى هريرة : اللؤلؤ والمرجان (570) » والمنتقى من الترغيب 
والترهيب )0١45(‏ . 

)1( متفق عليه عن أبى هريرة : اللؤلؤ والمرجان ٠» (E10)‏ والمنتقى من الترغيب 
والترهيب (OVE)‏ » والمراد بالذنب هنا : الصغيرة لا الكبيرة . 

(*) النساء : الا () الشورى : 5” - /الا 0 النجم ون 


\AA 


فهذا هو وصف الذين أحسنوا » والذين لهم الحسنى ٠»‏ أنهم يجتنبون PLS‏ 
الإثم والفواخش ٠»‏ إلا اللمم . وقد روى عن جماعة من ALI‏ فى 
تفسير « اللمم © : أنه الإلمام بالذنب مرة ثم لا يعود إليه » وإن كان كبيراً . 

قال أبو صالح : سئلت عن قول الله : « اللمم » فقلت : هو الذى يلم 
بالذنب ثم لا يعاوده » فذكرت ذلك لابن عباس . فقال : لقد أعانك عليها 
ملك كريم . 


والجمهور على أن اللمم ما دون الكبائر 6 وهو أصح الروايتين عن 
ابن عباس كما فى صحيح البخارى عنه : ما رأيت أشبه باللمم ما قال 
أبو هريرة عن النبى BB‏ : « إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى » أدرك 
ذلك لا محالة » فزنى العين النظر » وزنى اللسان النطق ٠‏ والنفس تتمنى 
وتشتهى © والفرج يصدّق ذلك أو يكذبه » > ورواه مسلم » وفيه : ١‏ العينان 
زناهما النظر » والأذنان زناهما الاستماع » واللسان زناه الكلام » واليد زناها 
البطش » والرجل زناها الخطا » . 

قال الإمام ابن القيم : والصحيح قول الجمهور أن اللمم صغائر الذنوب › 
كالنظرة والغمزة والقبلة ونحو ذلك » هذا قول جمهور الصحابة ومن بعدهم . 
وهو قول col‏ هريرة وابن مسعود وابن عباس ومسروق والشعبى 6 ولا ينافى 
هذا قول أبى هريرة وابن عباس فى الرواية الأخرى : أنه يلم بالكبيرة ثم 
لا يعود إليها . فإن اللمم Le]‏ أنه يتناول هذا وهذا . ويكون على وجهين . 
أو أن أبا هريرة وابن عباس ألحقا من ارتكب الكبيرة مرة واحدة » ولم يصر 
عليها » بل حصلت منه فلتة فى عمره - باللمم » ورأيا أنها إما تتغلظ وتكبر 
وتعظم فى حق من تكررت منه مراراً عديدة . وهذا من فقه الصحابة رضى 
الله عنهم » وغور علومهم > ولا ريب أن الله يسامح عبده المرة والمرتين 


۱۸۹ 


والثلاث . وإنما يخاف العنت على من اتخذ الذنب عادته . وتكرر منه مراراً 
OY 5 as‏ 

على أن الشرع وإن سامح وخفف فى اللمم أو الصغائر › فقد حذر من 
الاستهانة بها » والإصرار والمواظبة عليها » فإن الصغير إذا أضيف إلى الصغير 
كبر » ثم إن الصغائر تجر إلى الكبائر » والكبائر تبر إلى الكفر » ومعظم النار 
من مستصغر الشرر . 

ولهذا روى سهل بن سعد عن النبى BE‏ : « إياكم ومحقّرات الذنوب . 
Leb‏ مثل محقّرات الذنوب » كمثل قوم نزلوا بطن واد > فجاء ذا بعود » 
وجاء ذا بعود » حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم > وإن محقرات الذنوب 
نتن det ge‏ بها oles‏ تولك OY‏ 

ورواه ابن مسعود بلفظ : « إياكم ومحقّرات الذنوب ٠»‏ فإنهن يجتمعن على 
الرجل حتى يهلكنه . ody‏ رسول الله BE‏ ضرب لهن مثلاً » كمثل قوم نزلوا 
أرض فلاة » فحضر صنيع القوم » فجعل الرجل ينطلق » فيجئ بالعود › 
والرجل يجىء بالعود . حتى جمعوا سواداً » واججوا نارآ © وأنضجوا 
امو mer‏ 





)١(‏ انظر : مدارج السالكين لابن القيم : ۳۹/۱ - ۳۱۸ . طبعة السنة المحمدية 
بتحقيق محمد حامد الفقى . 

(۲) قال الهيثمى فى المجمع (۱۰/ )١10‏ : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح © 
ورواه الطبراتى فى الثلاثة من طريقين . ورجال إحداهما رجال الصحيح ٠‏ غير 
عبد الوهاب بن الحكم وهو ثقة . وذكره فى صحيح الجامع الصغير (YVAN)‏ 6 وزاد 
نسبته إلى البيهقى فى الشعب والضياء . 

(۳) قال الهيثمى )۱۸۹/١٠١(‏ : رواه أحمد والطبرانى ورجالهما رجال الصحيح ٠‏ 
غير عمران القطان » وقد وثق . ونقل المناوى عن الحافظ العراقى أن إسناده جيد » 
وقال العلائی : حديث جيد على شرط الشيخين . وقال ابن حجر : سئده حسن 


(الفيض : #//178) . 


\4. 


وخلاصة التشبيه : أن العيدان الصغيرة المتفرقة حين اجتمعت . أججت 1G‏ 
ملتهبة » وكذلك تصنع الصغائر المحقرات من الذنوب . 
یری ذنبه كذباب وقع على أنفه » فقال به هكذا وهكذا 2١(‏ أى ذبة وطيره 
بحركة يده . 

وقد ذكر الإمام الغزالى فى « كتاب التوبة ١‏ من ١‏ الإحياء ١‏ جملة أمور 
تكبر الصغائر » وتزيد الكبائر كبراً » منها : استصغار الذنب . واستحقار 
المعصية © حتى قال بعض السلّف : إن الذنب الذى يخشى ألا يغفر هو الذى 
يقول صاحبه : ليت كل ذنب فعلته مثل هذا ! ومنها : المجاهرة والتبجح 
بها » ففى الصحيح : ١‏ كل أمتى معافى إلا المجاهرين » . 

وقد قال ابن القيم : وههنا أمر ينبغى التفطن له » وهو أن الكبيرة قد 
يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر . وقد يقترن 
بالصغيرة - من قلة اللحياء وعدم المبالاة 3 وترك الخوف 3 والاستهانة بها = 
ما يلحقها بالكبائر » بل يجعلها فى أعلى رتبها 29 . 

كما أن المعصية الواحدة يختلف إثمها باختلاف شخص مرتكبها وظروفه . 
فالزنى من العزب غيره من المحصن . ومن الشاب غيره من الشيخ ٠‏ والزنى 
بحليلة الجار أو ممن غاب زوجها فى الجهاد ٠‏ أو بمحرم له . أو فى نهار 
رمضان أو فى الخرم : غير الزنى فى الظروف المغايرة 5 وكل شئ له حسابه 
قال رحمه الله : 

« والممحرمات المقطوع بها مذكورة فى الكتاب والسنّة » كقوله تعالى : 

۳۲۸/۱ : البخارى . (؟) مدارج السالكين‎ olay )١( 


١4١ 


wr O95. رول‎ 


> قل تَعَالوا Up‏ ما حرم ربكم علَيكم ( yt‏ 5 به شيا وبالوالدين 
إحساناً 6 ولا Vi | pleas‏ من إملاق Vg‏ إلى آخر الآيات rtp ta‏ ¢ 


rae 


OY BD dls diy‏ حرم رب التواحش ما eb‏ منها وما بعلن 
والإنم AIG‏ بغير الحق وأن تشر نشركوأ | بالله ما لم یرل به سلطانا وآن 
روا على الله ما 39065 

وقد ذكر فى بعض الآيات المحرّمات المختصة بنوع من الأنواع كما ذكر 
المحرمات من المطاعم فى مواضع » منها قوله تعالى : « قل لا أجد فى 
تا اوس إل مرا Ue‏ أاعم يمه إلا أذ يون ميه أو دما توح 
OY‏ أو فقا أهل لبر الله يه € © » وقوله : 


hy ata Ge‏ صل 


Odd Bi ولحم الختزير وما أل به به‎ (uy EK chp 


وفى الآية الأخرى : # وما أ مل لير اله به 4 200 » وقوه e‏ 


عَلَيكُم Eh‏ والدم ولحم الخنزير وما ual‏ لعير الله به teal,‏ 


Bo oy‏ رو ست لإ سس ير re 8 Soe‏ سے صمل 


والموقوذة والمتردية Suet,‏ و eel “(sf‏ | إلا ما os 3 peice‏ على 
wai‏ وان بالا 4 7) , 





عاسم زمره فير ° a7 ae‏ 
ك OS‏ لآءة 
وذكر المحرّمات من المكاسب فى قوله : ¥ وأحل الله البيع وحرم 
SEU,‏ » ففيها ذكر كثير من المحرّمات » كقوله صلى الله عليه وسلم : 
)01 الأنعام : (Y) 6١‏ الأعراف : YY‏ (۳) الأنعام : © 
(5) البقرة : ١۷۳‏ )0( النحل : ١١6‏ )1( المائدة Yo:‏ 
0) النساء : (A) ۲٣‏ البقرة : 6 


14۲ 


« إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ٠‏ ° » وقوله : ١‏ إن الله إذا 
حرم Bet‏ حرم ثمنه » 257 » وقوله : ١‏ کل مسكر حرام » ۳ وقوله : ١‏ إن 
دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام mor‏ 

فما ورد التصريح بتحريه فى الكتاب والسّنّة » فهو محرّم . 

وقد يستفاد التحريم من ell‏ مع الوعيد والتشديد ؛ كما فى قوله عر وجل : 
Peace:‏ والميسر والأنصاب والأزلام | جسن من عمل الشيطان 
ps et‏ تفلحون te a‏ يريد cree]‏ أن يوقع بینکم ara‏ 
والبغضاءً فى poll‏ والميسر وَيصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة om‏ 


Oe ok أنتم‎ 


وأما النهى المجرد » فقد اختلف الناس : هل يستفاد منه التحريم أم لا ؟ 
وقد روى عن ابن عمر إنكار استفادة التحريم منه . قال ابن المبارك : أخبرنا 
سلام بن أبى مطيع » عن ابن أبى دخيلة » عن أبيه » قال : كنت عند ابن عمر 6 
فقال : نهى رسول الله BB‏ عن الزبيب والتمر - يعنى : أن WIA‏ فقال 
لی رجل من خلفى : ما قال ؟ فقلت : حرم رسول الله BB‏ الزبيب 
والتمر » فقال عبد الله بن عمر : كذبت » فقلت : ألم تقل : نهى 
رسول الله BE‏ عنه » فهو حرام ؟ فقال : أنت تشهد بذاك ؟ قال سلام : كأنه 
يقول : من نهى النبى BE‏ ما هو أدب OY‏ 


)١(‏ رواه من حديث « جابر © أحمد : ۳۲٤/۳‏ غ2 ۳۲۹ . KE‏ ۰ واليخارى 
۴ ) , و(95؟5) » ومسلم )۱٥۸۱(‏ » وأبو داود )۳٤۸٩(‏ » والترمذى (۱۲۹۷) © 
والنسائى : ۱۷۷/۷ ۰ ۳۰۹ ء وابن ماجه YY)‏ 

)1( رواه pf‏ داود )۳٤۸۸(‏ من حديث ابن عباس وإسناده صحيح . 

)1( رواه مسلم (۲۰۰۲۳) ۰ وأبو داود (۳۹۷۹) » والترمذی )۱۸٦٤(‏ © والنسائى : 
۸ من حديث ابن عمر . )£( تقدم تخريجه من حديث أبى بكرة . 

(0) المائدة : CD ٩۱ - ٩۰‏ ابن أبى دخيلة وأبوه لا يعرفان . 


1۹۳ 
١۳ (‏ - فقه الأولويات ) 


وقد ذكرنا فيما تقدم عن العلماء الورعين كأحمد ومالك توقٌّى إطلاق LI‏ 
الحرام على ما لم يتيقن تحريمه مما فيه نوع شبهة أو اختلاف . 

Sasa 1S > peels,‏ اميا ا كموي وال انو عون تفال 
لى مكحول : ما تقولون فى الفاكهة تلقى بين القوم فينتهبونها ؟ قلت : إن 
ذلك عندنا لمكروه » قال : حرام هى ! قلت : إن ذلك عندنا لمكروه » قال : 
حرام هى ! قال ابن عون : فاستجفينا ذلك من قول مكحول . 

وقال جعفر بن محمد : سمعت رجلاً يسأل القاسم بن محمد : الغناء 
أحرام هو ؟ فسكت عنه القاسم » ثم عاد » فسكت عنه » ثم عاد » فقال له : 
إن الحرام ما حرم فى القرآن ! أرأيت إذا أتى بالحق والباطل إلى الله » فى 
أيهما يكون الغناء ؟ فقال الرجل : فى الباطل » فقال : فأنت » فأفت نفسك . 

قال عبد الله ابن الإمام أحمد : سمعت أبى يقول : أما ما نهى النبى RE‏ 
فمنها أشياء حرام » مثل قوله : « نهى أن تنكح المرأة على عمّتها » أو على 
خالتها » (١؟‏ » فهذا حرام » ونهى عن جلود السباع ‏ » فهذا حرام » 
وذكر أشياء من نحو هذا » ومنها أشياء نهى عنها » فهى أدب ° . 


ate عاد‎ 
2 a 


)١(‏ رواه من حديث « أبى هريرة » البخارى )١١١9(‏ . و(١١١١)‏ > ومسلم 
VE A)‏ » وأبو داود )10 CN WV «(T+‏ والنسائى: ۰۹۷/۷ وابن ماجه (۱۹۲۹). 

)1( رواه أبو داود )٤۱۳۲(‏ » والترمذى (۱۷۷۰) © و(۱۷۷۱) © والنسائى : 
V/V‏ © والحاكم : ١4/1١‏ من طريق سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن أبى المليح 
عن أبيه أن النبى BE‏ نهى عن جلود السباع » قال الترمذى : ولا نعلم أحداً قال عن 
أبى المليح عن آبيه غير سعيد بن أبى عروبة » ثم رواه من طريق شعبة » عن يزيد 
الرشك ٠‏ عن أبى المليح ٠‏ عن النبى BB‏ مرسلاً » وقال : وهذا أصح . وانظر « شرح 
الستة ٩‏ للبغوى : ٠١١ - ٩4/۲‏ 

)1( جامع العلوم والحكم لابن رجب » بتحقيق شعيب الأرناؤوط ٠‏ وقد استفدنا من 
تخريجه للأحاديث : ١5١ - ٠١۷/۲‏ . طبعة الرسالة . 


1۹4 


© البدع الاعتقادية والعملية : 

ويلحق بالمعاصى هنا : ما عرف فى الشرع باسم « البدع » . و 
ما أحدثه الناس واخترعوه فى أمر الدين . سواء أكانت Ley‏ اعتقادية » وهى 
التى تسمى « بدع الأقوال » ٠‏ أم Te‏ عملية » وهى التى تسمى « بلع 
الأفعال » . 

وهى نوع من المحرمات يختلف عن المعاصى العادية ٠‏ فإن فاعلها يتقرب 
بها إلى الله تعالى © ويعتقد أنه cody‏ يطيع الله ويتعبد له › وهذا هو خطرها . 

. تكون 6 إما باعتقاد خلاف الحق » الذى بعث الله به رسوله‎ deadly 
وأنزل به كتابه . وهذه هى البدعة الاعتقادية أو القولية » ومنشؤها من القول‎ 
على الله بلا علم . وهذا من أعظم المحرمات » بل هو - كما يقول ابن القيم‎ 
حرم ربى الْمُواحش ش ما طهر‎ BD : أعظمها . كما قال الله تعالى‎ - 
تشرکوا أ بالله ما لم يرل به‎ oly والبغى بغير الحق‎ Mls منها وما بَطَن‎ 
OCS AG عَلَى الله ما لا‎ LS of Ga 

ويدخل فى هذا الباب تحريم ما أحل الله بغير بينة . كما قال تعالى : 
« قل aE‏ ما أنزل الله لَكُم من ررق فجعلتم من حرام وحلالا قل Ale‏ 
Sos‏ آم عَلَى الله ترون 4 ) . 

وإما أن تكون بالتعبد لله ان ا ر tras‏ المحدثة 
فى الدين » كما قال تعالى : « آم لهم شركاء شرعواً لهم من الدين 
ما لم of‏ به الله © 0 


die 


وفى الحديث : ١‏ إياكم ومحذثات الأمور » Ob‏ كل بدعة ضلالة » (© 


)1( الأعراف : (Y) YY‏ يونس : ٥٩‏ (۳) الشورى : ١‏ 
)٤(‏ رواه عن العرباض بن سارية : أحمد : ٠. ١١7 ١ ۱۲١/٤‏ وأبو داود CEVEV)‏ » 
وابن ماجه )٤٤( » )٤۳(‏ . والحاكم : 96/١‏ » وابن حبان . 


\4o 


Ua Libs Wal ead aa‏ لبس ata‏ ا 


والبدعتان - كما قال العلامة ابن القيم - متلازمتان » قل أن تنفك 
إحداهما عن الأخرى ٠.‏ كما قال بعضهم : تزوجت بدعة الأقوال ببدعة 
الأعمال » فاشتغل الزوجان بالعرس ٠»‏ فلم يفجأهم إلا وأولاد الزنى يعيشون 
فى بلاد الإسلام » تضج منهم العباد والبلاد إلى الله تعالى . 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة ١‏ 
فتولد بينها خسران الدنيا والآخرة . 

والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية ¢ لمناقضتها للدين » ولآن صاحبها 
لا يتوب منها » ولا يرجع عنها » بل يدعو الخلق إليها » وثضمنها اعتبار 
ما رده الله ورسوله » ورد ما اعتبره » وموالاة من عاداه » ومعاداة من والاه » 
وإثبات ما نفاه » ونفى ما أثبته 299 . 

على أن البدع ليست كلها فى مرتبة واحدة » فهناك بدع مغلظة » وبدع 
مخففة » وبدع متفق عليها » وبدع مختلف فيها . 

والبدع المغلظة : منها ما يصل بصاحبه إلى درجة الكفر » والعياذ بالله 
تعالى » مثل الفرق التى خرجت على أصول AW‏ » وانشقت من الأمة » مثل 
النصيرية والدروز » وغلاة الشيعة اتتا الباطنية وغيرهم من قال فيهم 
الإمام الغزالى : ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض . وقال شيخ 
الإسلام ابن تيمية : إنهم أشد كفراً من اليهود والنصارى « ولهذا لا تنكح 
نساؤهم ‏ ولا تؤكل ذبائحهم » على حين تؤكل ذبائح أهل الكتاب » وتنكح 
نساؤهم . 

وهناك بدع غليظة » ولكنها لا تصل بصاحبها إلى الكفر » وإنما تصل به 


)١(‏ أى 299 ade‏ = متفق عليه 3 رواه البخارى )14¥( ¢ ومسلم (1۷1۸A)‏ و 


145 


إلى الفسق & وهو Gud‏ اعتقاد لا فسق سلوك . فقد يكون هذا المبتدع من 
أطول الناس صلاة 6 وأكثرهم صياماً وتلاوة ٠‏ كما كان الخوارج J;‏ يحقر 
أحدكم صلاته إلى صلاتهم » وصيامه إلى صيامهم » وقراءته إلى قراءتهم » › 
ولكن افتهم ليست فى ضمائرهم » بل فى عقولهم وفى تحجرهم وجمودهم » 
حتى إنهم « ليقتلون أهل الإسلام » ويدعون أهل الأوثان » ! 

ومثل هؤلاء الخوارج كثير من الروافض والقدرية والمعتزلة وكثير من الجهمية 
الذين ليسوا غلاة فى التجهم 6 كما قال ابن القيم 2١‏ . 

وهناك بدع خفيفة أدى إليها the‏ فى الاجتهاد » أو التباس فى الاستدلال 6 
فهذه تقابل الصغائر فى باب المعاصى 5 

وهناك بدع مختلف فيها 2 أقرها قوم 2 وأنكرها آخرون » مثل التوسل 
بالنبى BB‏ « والصالحين من عباد الله » فهذه من مسائل العمل والفروع لا من 
مسائل العقيدة والأصول » كما قال الإمام حسن البنا بحق » وهو منقول عن 

ومثل ذلك : الالتزام فی العبادات : pel‏ فی البدعة أم لا ؟ 

فليست البدع كلها فى مستوى واحد ودرجة واحدة » وليس المبتدعون كلهم 
كذلك : بل هناك الداعية إلى البدعة » والتابع المبتدع فى نفسه ولا يدعو 
غيره . ولكل منهما حكمه . 


a 
2 


۾ الشبهات : 

وبعد صغائر المحرمات تأتى الشبهات » وهى ما لا يعلم حكمه كثير من 
الناس » ويشتبهون فى dle‏ أو تحريمه » فهذه ليست كالمحرمات المقطوع بها . 

)1( مدارج السالكين : 857/١‏ 


4۷ 


فمن كان من أهل الاجتهاد وأداه اجتهاده إلى رأى فى إباحتها أو تحريمها 
فعليه أن يلتزم به » ولا يسوغ له أن يتنازل عن اجتهاده من أجل خواطر 
الآخرين . فالله إنما يتعبد الناس باجتهاد أنفسهم إذا كانوا أهلاً لذلك . ولو 
كان اجتهادهم the‏ فهم معذورون فيه » بل مأجورون عليه أجراً واحداً . 

ومن كان من أهل التقليد وسعه أن يقلد من يثق به من العلماء » ولا حرج 
عليه فى ذلك ما دام قلبه مطمئناً إلى علم مقلده ودينه . 

ومن اضطرب عليه الأمر » ولم يستبن له الحق » كان الأمر شبهة فى حقه 
ينبغى أن يتقيها استبراء لدينه وعرضه كما جاء فى الحديث المتفق عليه : « إن 
الحلال بين » وإن الحرام بين » وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس »› 
فمن اتقى الشبهات فقد استبرآً لدينه وعرضه › ومن وقع فى الشبهات وقع فى 
الحرام » كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه » ٩"‏ . 

ريحت حار ادل وي لبر للحتي ليناد رياه قدا الها a‏ 
يقف على حقيقة حكمه منه . قال تعالى : 3 فاسالواً ‘pl‏ الذكر إن 
لك a)‏ 29 , 

وفى الحديث : ١‏ آلا سألوا إذ لم يعلموا ؟ فإنما شفاء العىّ السؤال » 299 . 

والناس فى موقفهم من الشبهات جد مختلفين ٠‏ نظراً لاختلاف أنظارهم 
من ناحية » ولاختلاف طبائعهم من ناحية » واخحتلاف مواقفهم من الورع 
وغيره . 

فهناك الموسوسون الذين يبحثون عن الشبهات لأدنى ملاسة حتى يجدوها » 
كالذين يشككون فى الذبائح فى بلاد الغرب لأوهى سبب » ويفترضون sual‏ 


. )1699( ومسلم‎ 5 6 o\) (oY) رواه عن النعمان بن بشير : البخارى‎ )١( 


bell )۲(‏ : ”57 
(۳) رواه pl‏ داود عن جابر ( صحيح الجامع الصغير : ٤۳١١‏ ) . 


4۸ 


قريباً » وشبه المستحيل Lely‏ » ويظلون يسألون حتى يضيقوا على أنفسهم 
ما وسع الله عر وجل . 

Pye الذي اموا لا الوا‎ at Gs تال يقزل‎ abi, 
gael iy سانا‎ et لعم شوك € 09 ولي‎ 

وفى الحديث GU‏ رواه البخارى عن عائشة أن النبى BE‏ سئل : إن قوماً 
Li gl,‏ باللحم لا ندرى أذكروا اسم الله عليه آم لا . قال : ١‏ سموا الله عليه 
وكلوا ٩‏ . 


أخحذ الإمام ابن حزم من هذا الحديث قاعدة : أن ما غاب عنا لا نسآل عنه . 


rue 


وقد روى أن عمر رضى الله عنه مر فى طريق فوقع عليه ماء من wee‏ 
Oy‏ معه رفيق » فقال هذا الرفيق : يا صاحب اليزاب ؛ ماؤك طاهر أم نجس 
؟ فقال عمر : يا صاحب الميزاب ؛ لا تخبرنا فقد نهينا عن التكلف . 

وقد صح عن النبى BE‏ : أنه شكى إليه الرجل Se‏ إليه أنه يجد الشئ 
فى الصلاة أو فى المسجد . فقال : « لا ينصرف حتى يسمع Bye‏ أو يجد 
tbe,‏ 

ومو olla det We‏ اف of:‏ ا lg‏ العف fom aly‏ 
بالأصل » ويطرح الشك » Ling‏ قطع لدابر الوسوسة . 

وقد أجاب الرسول الكريم دعوة يهودى ٠»‏ وأكل طعامه ولم يسأل : أهو 
حلال أم لا ؟ وهل آنيته طاهرة آم لا ؟ وكان هو وأصحابه يلبسون ويستعملون 
ما يجلب عليهم مما نسجه الكفار من الثياب والأوانى » وكانوا فى المغازى 
يقتسمون ما وقع لهم من الأوعية والثياب ويستعملونها » وصح عنهم أنهم 
VES ea Cae e a‏ 


٠١١ : المائدة‎ (1) 


144 


وفى مقابل من أجاز ذلك وجد من تشدد مستدلاً ما صح عن النبى BE‏ أنه 
سئل عن آنية آهل الكتاب » الذين يأكلون الخنزير » ويشربون pA‏ فقال : 
« إن لم تجدوا غيرها » فاغسلوها بالماء » ثم كلوا فيها » "© . 

وقد فسر الإمام أحمد الشبهة بأنها منزلة بين الحلال el tly‏ » يعنى SIH‏ 
المحض » والحرام المحض ٠‏ وقال : من اتقاها فقد استبرأ لدينه » وفسرها 
تارة باختلاط الحلال والحرام 

قال العلامة ابن رجب : ويتفرع على هذا معاملة من فى ماله حلال وحرام 
مختلط ¢ فإن كان أكثر ماله الحرام » فقال أحمد : ينبغى أن يجتنبه إلا أن 
يكون شيئاً يسيراً » أو VERS‏ يعرف » واختلف أصحابنا : هل هو مكروه 
أو محرم ؟ على وجهين . 

aly‏ كان أكثر ماله الحلال » جازت معاملته والآكل من ماله . وقد روى 
الحارث عن على أنه قال فى جوائز السلطان : لا باس بها » ما يعطيكم من 
الحلال أكثر ما يعطيكم من الحرام وكان اليم يعاملون 
المشركين وأهل الكتاب مع علمهم بأنهم لا يجتنبون الحرام كله 

وإن اشتبه تبه الأمر فهو شبهة » والورع تركه . قال سفيان : لا يعجبنى ذلك » 
وتركه أعجب إلى . 


وقال الزهرى ومكحول : لا بأس أن يؤكل منه ما لم يعرف أنه حرام بعينه » 
ob‏ لم ply‏ فى ماله حرام بعينه » ولكنه علم أن فيه شبهة » فلا بأس بالاكل 
منه » نص عليه أحمد فى رواية حنبل . 

وذهب إسحاق بن راهويه إلى ما روى عن ابن مسعود وسلمان وغيرهما 
من الرخصة ٠‏ وإلى ما روى عن الحسن وابن سيرين فى إباحة الأخذ مما 
يقضى من الربا والقمار » نقله عنه ابن منصور . 





. عن أبى ثعلبة الخشنى‎ )۱۳۹١( ومسلم‎ > )٥٤۷۸( متفق عليه : رواه البخارى‎ )١( 


¥. 


وقال الإمام أحمد فى JU‏ المشتبه حلاله بحرامه : إن كان المال كثيراً » 
أخرج منه قدر الحرام » وتصرّف فى الباقى » وإن كان المال قليلاً » 
اجتنبه كله » وهذا OY‏ القليل ذا تناول منه شيئاً » فإنه تبعد معه السلامة من 
الحرام بخلاف الكثير . ومر أصحابنا من حمل ذلك على الورع دون 
التتحريم » وأباح التصرف فى القليل والكثير بعد إخراج قدر الحرام منه › 
وهو قول الحنفية وغيرهم » وأخذ به قوم من أهل الورع منهم بشر الحافى . 

ورخص قوم من السلّف فى الأكل ممن ple‏ فى ماله حرام ما لم يعلم أنه 

من el dl‏ بعينه » كما تقدم عن مكحول والزهرى . وروى مثله عن الفضيل 
ابن عياض . 
| وروى فى ذلك آثار عن السآف » فصح عن ابن مسعود أنه سئل عمن له 
' جار يأكل الربا علانية ولا يتحرّج من مال خبيث يأخذه يدعوه إلى طعام » 
قال : أجيبوه » UB‏ المهنأ لكم والوزر عليه OY‏ وفى رواية أنه قال : لا أعلم 
له شيعا إلا خبيثا أو -حرامآ » فقال : أجيبوه . وقد صحح الإمام أحمد 
هذا عن ابن مسعود » ولكنه عارضه با روى عنه أنه قال : الإثم حواز 


Oo lat 
وبكل حال » فالأمور المشتبهة التى لا يتبين أنها حلال ولا حرام لكثير من‎ 


. رواه عبد الرزاق قى المصئف (5776) » (471/1) » وإستاده صحيح‎ )١( 

(۲) رواه الطبرانى فى الكبير )۸۷٠١ - AVEV)‏ » وذكره الهيثمى فى المجمع : 
0١‏ »ء وقال : رواه الطبرانى كله بأسانيد رجالها ثقات . 

والحوار : قال فى ١‏ النهاية » : هى الأمور التى تحز فى القلوب ٠‏ أى : تؤثر فيها 

كما يؤثر الحز فى الشئ » وهو ما يخطر فيها من أن تكون معاصى لفقد الطمأنينة 
إليها » وهی - بتشديد الزاى - جمع حاز > ورواه شمر : ١‏ الإثم حواز القلوب » 
بتشديد الواو » أى : يحوزها ويتملكها » ويغلب عليها » ويروى : ١‏ الإثم حزاز 
القلوب » Gulp‏ » الأولى مشددة » وهى فعال من الحز . 


الناس » كما أخبر به النبى BE‏ » قد يتبين لبعض الناس أنها حلال أو حرام » 

لا عنده من ذلك من مزيد علم » وكلام النبى, BE‏ يدل على أن هذه المشتبهات 

من الناس من يعلمها » وكثير منهم لا يعلمها » فدخل فيمن لا يعلمها نوعان : 
Leste‏ 2 شن Gigs‏ ها ald‏ عليه : 


والثانى : من يعتقدها على غير ما هى عليه » ودل كلامه على أن غير 
هؤلاء يعلمها » ومراده أنه يعلمها على ما هى عليه فى نفس الأمر من تحليل 
أو تحريم » وهذا من أظهر الأدلة على أن امصيب عند الله فى مسائل الحلال 
والحرام المشتبهة المختلف فيها واحد عند الله عر وجل » وغيره ليس بعالم 
بها » بمعنى أنه غير مصيب لحكم الله فيها فى نفس الأمر . وإن كان يعتقد فيها 
اعتقاداً يستند فيه إلى شبهة يظنها دليلاً » ويكون مأجوراً على اجتهاده ٠‏ 
ومغفوراً له خطؤه لعدم اعتماده . 

وقوله صلى الله عليه وسلم : « فمن اتقى الشبهات › فقد استبرأ لدينه 
وعرضه » ومن وقع فى الشبهات » وقع فى الحرام » قسم الناس فى الأمور 
المشتبهة إلى قسمين » وهذا إنما هو بالنسبة إلى من هى مشتبهة عليه »> وهو من 
INR‏ 

Lb‏ من كان We‏ بها » واتبع ما دله علمه عليها » فذلك قسم ثالث » لم 
يذكره لظهور حكمه » فإن هذا القسم أفضل الأقسام الثلاثة 3 لأنه علم حكم 
الله فى هذه الأمور المشتبهة على الناس » واتبع علمه فى ذلك . 

: من لم يعلم حكم الله فيها » فهو قسمان‎ Lily 

أحدهما : من يتقى هذه الشبهات » لاشتباهها عليه » فهذا قد استبرأ لدينه 
وعرضه . 


ومعنى » استبراً ) : طلب البراءة لدينه وعرضه من النقص والشين 1 


١ 


وفيه دليل على أن طلب البراءة للعرض بمدوح كطلب البراءة للدين » ولهذا 
ورد : « أن ما وقى به المرء عرضه » فهو صدقة » . 

القسم الثانى : من يقع فى الشبهات مع كونها مشتبهة عنده » فأما من أتى 
شيئاً نما يظنه الناس شبهة » لعلمه بأنه خلال فى نفس الأمر . فلا حرج عليه 
من الله فى ذلك ٠»‏ لكن إذا خشى من طعن الناس عليه بذلك » كان تركها 
حينئذ استبراء لغرضه » فيكون Las‏ » وهذا كما قال النبى he‏ لمن رآه واقفاً 
مع صفية : « إنها صفيّة بنت US‏ . وخرج أنس إلى الجمعة » فرأى 
الناس قد صلوا ورجعوا » فاستحيا . ودخل موضعاً لا oly‏ الناس فيه © 
وقال : « من لا يستحى من الناس ٠»‏ لا يستحى من الله » . 

وإن أتى ذللك لاعتقاده أنه حلال » Ll‏ باجتهاد سائغ 3 أو تقليد سائغ 6 
وكان Leases‏ فى اعتقاده » فحكمه حكم الذى قبله » فإن كان الاجتهاد ضعيفا » 
أو التقليد غير سائغ » وإنما حمل عليه مجرد اتباع الهوى . فحكمه حكم من 
أتاه مع اشتباهه عليه . 

والذى يأتى الشبهات مع اشتباهها عليه » فقد أخبر عنه النبى ي4 أنه وقع 
فى الحرام » وهذا يفسر بمعنيين : 

أحدهما : أنه يكون ارتكابه للشبهة - مع اعتقاده أنها شبهة - ذريعة إلى 
ارتكابه el Al‏ - الذى يعتقد أنه حرام - بالتدريج والتسامح . 

وفى رواية فى « الصحيحين » لهذا الحديث : « ومن اجترأ على ما يشك 
فيه من الإثم » أوشك أن يواقع ما استبان » ° . 


والمعنى الثانى : أن من أقدم على ما هو مشتبه عنده » لا Gok‏ أهو 





ols) (\)‏ البخارى (Y-Yo)‏ 3 ومسلم (¥\Vo)‏ ‘ وأبو داود (YEV-)‏ 0( وأحمد : 
٦‏ من حديث صفية . )1( هی رواية البخارى )1-01( فقط . 


ay 


حلال أو حرام 2( فإنه د يأمن أن يكون حراماً فى نفس الأمر 0 فيصادف 
الحرام وهو لا يدرى أنه حرام 

والله عر وجل حمى هذه المحرّمات » ومنع عباده من قربانها وسماها 
od glo‏ » وجعل من يرعى حول الحمى as lady‏ جديراً ob‏ يدخل الحمى 
ويرتع فيه 3 فكذلك من تعدى الحلال © ووقع فى الشبهات › ail‏ قد قارب 
الحرام غاية المقاربة » فما أخلقه ob‏ يخالط الحرام المحض ٠»‏ ويقع فيه » وفى 
هذا إشارة إلى أنه ينبغى التباعد عن المحرمات ٠»‏ وأن يجعل الإنسان بينه وبينها 
حاجزاً . 

وقد حرج الترمذى وابن ماجه من حديث عبد الله بن يزيد عن النبى BE‏ 
قال : « لا يبلغ العبد أن يكون من المتقین حتى يدع ما لا بأس به حذراً نما به 
بأس » 2١(‏ » وقال gf‏ الدرداء : تمام التقوى أن يتقى الله العبدٌ » حتى يتقيه 
من مثقال ذرة 2 وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال » خشية أن يكون حراماً » 
حجاباً بينه وبين الحرام . 

وقال الحسن : ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة 
الحرام . 

وقال الثورى : إنما سموا المتقين لأنهم اثّقوا ما لا يتقى " » وروى عن 
ابن عمر قال : إنى لأحب أن أدع بينى وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها : 

وقال ميمون بن مهران : « لا يسلم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين 
الحرام حاجزاً من الحلال » 29 . 


CY)‏ رواه الترمذى (t01)‏ » وابن (£Y\0) al‏ > وقال الترمذى : حسن غريب 
مع أن فى سنده عبد الله بن يزيد الدمشقى وهو ضعيف . 

)1( رواه أبو نعيم فى « الحلية » : ۷ من قول سفيان بن عبينة . 

oly) )۳(‏ أبو نعيم فى « الحلية » : 85/5 


۰4 


وقال سفيان بن عيينة VY‏ يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه 
وبين الحرام Fel‏ من الحلال » وحتى يدع الإثم وما تشابه منه ) . 

وهنا ينبغى أن يعامل كل إنسان فى حدود مرتبته » فمن الناس من لا ينكر 
عليه الوقوع فى الشبهات GY ٠»‏ غارق فى المحرمات وربما فى كبائرها ٠‏ 
والعياذ بالله . كما يجب أن تظل الشبهة فى رتبتها الشرعية » ولا نرفعها إلى 
رتبة الحرام الصريح أو المقطوع به . فإن من أخطر الأمور تذويب الحدود بين 
مراتب الأحكام الشرعية > مع ما far‏ الشارع بينها من فروق فى النتائج 
والآثار . 


© المككروهات : 

وفى أدنى مراتب المنهيات تأتى المكروهات » والمقصود بها : المكروهات 
التنزيهية » فمن المعلوم : أن هناك مكروهات تحريمية » ومكروهات تنزيهية › 
والمكروه التحريمى هو : ما كان إلى الحرام أقرب » والمكروه التنزيهى هو : 
ما كان إلى SMAI‏ أقرب » وهو المراد بكلمة oy SU‏ عند الإطلاق . 

وله أمثلة كثيرة معروفة ٠‏ ومن تتبع كتابأ مثل « رياض الصا حين » للإمام 
النووى رضى الله عنه وجد أمثلة كثيرة يذكرها للمكروهات » مثل كراهية 
الأكل متكئاً » وكراهية الشرب من قم القربة ونحوها .. وكراهة النفخ فى 
الشراب .. وكراهية الاستنجاء باليمين » ومس الفرج باليمين من غير عذر 
.. وكراهة المشى فى نعل واحدة .. وكراهية الخصومة فى المسجد ورفع 
الصوت فيه » وكراهة الاحتباء فى المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب .. 


۲۸۸/۷ : الحلية‎ )١( 


(۲) من جامع العلوم والحكم لابن رجب ۲۰۹/۱ ٠ 3٠١ ٠‏ طبعة الرسالة بتحقيق 
شعيب الأرناؤوط ٠‏ وقد استفدنا من تخريجه للأحاديث والآثار . 


وكراهة سب الحمى » وكراهة سب الديك ٠.‏ وكراهة التقعّر فى الكلام 
بالتشدق .. وكراهة قول الإنسان فى الدعاء : اللَّهم اغفر لى إن شعت . 
. وكراهة قول : ما شاء الله وشاء فلان .. وكراهة الحديث بعد العشاء الآخرة 
.. وكراهة الصلاة بحضرة الطعام .. وكراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام ١‏ 
أو ليلته بقيام من بين الليالى .. وكراهة رد الريحان لغير عذر .. إلخ . 

إن المكروه - كما يعرفه العلماء - هو ما كان فى تركه أجر » ولم يكن فى 
فعله وزر . 

فلا عقاب إذن على من ارتكب المكروه التنزيهى » إنما قد يعاتب إذا كان 
Ly‏ امن ale‏ على نكل Ups Vy SUS‏ ا کرو aa‏ 

لكن لا ينبغى أن ينكر مثل ذلك » فضلاً عن أن يشدد فى إنكاره . 

كما لا يجوز أن Jaa‏ الناس بمحاربة المكروهات » وهم واقعون فى 
صرائح المحرمات 1 


)4( 
الأولويات . 
فى محال الإصلاح 


تغيير الأنفس قبل تغيير الأنظمة 


ومن الأولويات المهمة فى مجال الإصلاح : العناية ببناء الفرد قبل بناء 
المجتمع 2 أو بتغيير الأنفس قبل تغيير الأنظمة والمؤسساتٍ 2 والأفضل أن 


رص م oa‏ 


نستخدم التعبير القرآنى وهو تغيبر ما بالأنفس : > إن الله لا يغير ما قوم 
حت يغَيرواً ما ما بأنفسهم ) » فهذا أساس كل إصلاح أو تغيير أو بناء 
اجتماعى : البداءة بالفرد » فهو أساس البناء كله » إذ لا أمل فى إقامة بناء 
سليم متين » إذا كانت لبناته واهية أو فاسدة . 

والإنسان الفرد هو اللبنة الأولى .فى جدار المجتمع » ولهذا كان كل جهد 
يبذل لتكوين الإنسان المسلم الحق وتربيته - تربية إسلامية كاملة - له الأولوية 
على ما سواه . لأنه مقدمة ضرورية لكل أنواع البناء والإصلاح » وهذا هو 
تغيير ما بالنفس . 

إن بناء الإنسان الفرد الصالح هو مهمة الأنبياء الأولى » ومهمة خلفاء 
الأنبياء وورثتهم من بعدهم . 

Ly‏ يُبنى الإنسان أول ما يبنى بالإيمان » أى بفرس العقيدة الصحيحة فى 
قلبه » التى تصحح له نظرته إلى العالّم وإلى الإنسان » وإلى الحياة وإلى رب 
العالّم » وبارئ الإنسان » وواهب الحياة » وتعرف الإنسان بمبدئه ومصيره 
ورسالته » وتجيبه عن الأسكلة المحيرة لمن لا دين له : من أنا ؟ ومن أين جئت ؟ 
وإلى أين أصير ؟ ولماذا وجدت ؟ وما الحياة وما الموت ؟ وماذا قبل الحياة ؟ 
وماذا بعد الموت ؟ وما رسالتى فى هذا الكوكب منذ عقلت حتى يدركنى 
الموت ؟ 





١ : الرعد‎ )١( 


١5 (‏ - فقه الأولويات ) 


الإيمان - ولا شئ غيره - هو الذى ينح الإنسان إجابات شافية عن هذه 
الأسئلة المصيرية الكبرى » ويجعل للحياة هدفاً ومعنى وقيمة . وبدون هذا 
الإيمان سيظل الإنسان هباءة تائهة » أو 25 تافهة » فى هذا الوجود » لا قيمة 
له من حيث الحجم أمام مجموعات هذا الكون الكبير » ولا من حيث العمر › 
أمام الأزمة الجيولوجية المتطاولة » والأزمنة المستقبيلة اللانهائية » ولا من حيث 
القدرة » أمام أحداث الطبيعة التى رآها تهدده » بالزلازل والبراكين والأعاصير 
والفيضانات التى تدمر وتقتل » والإنسان أمامها عاجز أشل اليدين » رغم 
ما يملك من علم وإرادة وتكنولوجيا متطورة . 

› هو طوق النجاة دائمآ » وبه يمكن تغيير الإنسان من داخله‎ ok 
فالإنسان لا يقاد كما تقاد الأنعام » ولا يصنّع كما تصتع‎ » abl وإصلاحه من‎ 
. الآلات من حديد أو نحاس أو معدن‎ 

Lil‏ يحرك من عقله وقلبه » يقنع فيقتنع › Sigs Cg‏ + ويرعب 
ويرهّب » فرعب ويرهّب . والإيمان هو الذى يحرك الإنسان ويوجهه ویولد 
فيه طاقات هائلة » لم تكن لتظهر بدونه »> بل هو ينشئه خلقا جديداً » بروح 
جديدة » وعقل جديد » وعزم جديد » وفلسفة جديدة . كما رأينا ذلك فى 
سحرة فرعون حين آمنوا برب موسى وهارون » وتحدوا جبروت فرعون › 
وقالوا له فى شموخ واستعلاء  :‏ قَاقض LH 26 GAG‏ تقضى هذه 
اله اليا 4 © . 1 1 8 

ورأيناه فى أصحاب رسول الله بيه » وقد نقلهم إيمانهم من الجاهلية إلى 
الإسلام : من عبادة الصنم » ورعاية الغنم > إلى رعاية الأمم > وقيادة 
البشرية إلى هداية الله » وإخراجها من الظلمات إلى النور . 

ولقد ظل النبى BE‏ ثلاثة عشر ble‏ فى مكة كل همه فيها وكل عمله - 
من التبليغ والدعوة - بناء الجيل الأول على معانى الإيمان . 


۷۲ : ab (1) 


11۰ 


تلك السنون كلها لم تنزل فيها تشريعات تنظم المجتمع وتضبط علاقاته 
الأسرية والاجتماعية » وتعاقب من ينحرف عن قوانينه . بل كان عمل القرآن › 
وعمل الرسول هو بناء هذا الإنسان وهذا الجيل من أصحابه » وتربيته ونكوينه » 
ليربى العالّم كله بعد ذلك . 

كانت دار الأرقم بن أبى الأرقم تقوم بدورها . وكان كتاب الله الذى يتنزل 
عليه منجماً حسب الوقائع > ليقرأه على الناس على مكث » ویشبت به فؤاده » 
وأفئدة الذين آمنوا معه » ويرد على أسئلة المشركين ويعقب على مواقفهم - 
يقوم بالدور الأكبر فى تربية الفئة المؤمنة » وحسن تسييرها » وترشيد 
سيرها . قال تعالى : } وفرانا فرقتاه لتقرأه على tn‏ على مكث TS,‏ 
تَنزِيلك € 217 » « وقال الّذينَ 1S‏ لولا ل عليه He Sh‏ وأحدة » 
cis‏ لنتبت به wy, Wot‏ ترتيلا i ot ob Ys‏ إلا Slee‏ 
OM ¢ Lead tool Galt‏ 

إن أهم ما ينبغى أن نشغل به اليوم إذا أردنا إصلاح حالنا : أن نبدأ البداية 
الصحيحة » وذلك ببناء الإنسان » ely‏ حقيقياً لا صورياً » نبنى عقله وروحه 
بعس حاتم oly‏ متوازناً لا طغيان فيه ولا إخسار ف فى الميزان » نبئيه Uae‏ 
بالثقافة » وروحياً بالعبادة » Laney‏ بالرياضة » وخخلقيا بالفضيلة » وعسكرياً 
بالخشونة » واجتماعيا بالمشاركة » وسياسياً بالتوعية » ونعده للدين وللدنيا 

معا » وليكون le‏ فى نفسه مصلحا لغيره » حتى ينجو من خر الدنيا 
eM‏ « الذى 053 al‏ فى fase‏ العصر  :‏ والعصر * إن الإنسان A‏ 
خسر * إلا الَّذِينَ آمنواً وعملواً الصالحات وتواضوا بالحق واوا 
بالصبّر 4 ٩‏ . 


ولا يتم ذلك إلا فى ضوء تصور كلى للوجود » وفلسفة واضحة للحياة › 


. سورة العصر كاملة‎ )۳( YY - ۳۲ : الإسراء : 1۰ (۲) الفرقان‎ CV) 


Y\\ 


ومشروع متكامل للحضارة » تؤمن به الأمة » وتربى أبناءها وبناتها على اليقين 
به » والعمل وفق حكمه » والسير على نهجه » تتعاون على ذلك كل 
المؤسسات : الجامع والجامعة » والكتاب والصحيفة » والتلقاز والإذاعة » فلا 
شرق مؤسسة فى حين OB‏ أخرى » ويبنى جهاز على حين يهدم آخر . 
ويصدق فينا قول الشاعر قدياً : 


وهل يبلغ البنيان يوماً تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم ؟! 


© التربية قبل الحهاد : 

وهذا ما جعل دعاة الإصلاح الأصلاء ينادون اليوم بوجوب تقديم التربية 
على الجهاد » والتكوين على التمكين . 

ونعنى بالتربية والتكوين : بناء الإنسان المؤمن » الذى يستطيع أن ينهض 
بعبء الدعوة » وتكاليف الرسالة » لا يبخل بمال » ولا يضن بنفس »© 
ولا يبالى با يصيبه فى سبيل الله . وهو فى الوقت نفسه نموذج عملى › 
تتجسد فيه قيّم دينه » وأخلاق دعوته . ففيه يرى الناس الإسلام Le‏ ملموساً . 

وبناء هذا الإنسان أو تربيته وتكوينه أمر مطلوب دائماً » ولكنه أشد ما يكون 
Ub‏ عندما يراد تأسيس دين جديد » أو il‏ جديدة ذات رسالة جديدة . 
وكذلك Late‏ يضعف دين ما » ويدرك الوهن أمته » ويحتاج الدين إلى تجديد » 
والأمة إلى إحياء » فلا مناص من البداية الضرورية للتجديد والإحياء 
والإصلاح » وهى تربية جيل جديد » te‏ طلائع الأمة المنشودة . 

هذا البئاء والتكوين للإنسان » فى صورة جيل مؤمن حقا » مؤهل لحمل 
راية الإصلاح والبعث › لا بد أن يسبق كل دعوة إلى الجهاد المسلح لتغيير 

ولهذا كانت مهمة القرآن المكى - طيلة ثلاثة عشر Tle‏ - العمل على بناء 


11۲ 


هذا OLY!‏ وتربية جيل الطلائع ٠»‏ تربية إيمانية أخلاقية عقلية متكاملة . 
وكان المثل الكامل لهذا الجيل هو الرسول  : HUE‏ لد كان کم فى رسول 


Be‏ ہے سرا 


الله أسوة حَسَنَة 4 ) . 
كانت مهمة القرآن فى العهد المكى ترسيخ أصول العقيدة » وأصول 

الفضائل ٠‏ ومكارم الأخلاق © وتأصيل منهج النظر السليم > والتفكير 
الرشيد » ومطاردة عقائد الحاهلية » وأصول رذائلها وآفاتها فى الفكر 
والسلوك » وربط الإنسان بربه ربطاً لا تنفصم عراه . 

يقول الله تعالى فى سورة المزمل » وهى من أوائل ما نزل من القرآن : 
jell GT GD‏ * فم J‏ إلا kad * SG‏ انقص منه ليلا * أو رد 

عليه ورتل القرآن bf SU‏ سنلقى Wile‏ قولا تُقيلاً * 27 . 

فهذه التربية العميقة فى مدرسة الليل > ومدرسة OL a‏ إنما هى تهيئة 
لتحمّل ١‏ القول الثقيل » الذى ينتظره » وما كان ثقله. إلا لثقل الأمانة التى يعبر 
عنها . 

وظلت آيات القرآن تتنزل على هذا المنهج » تغرس العقائد والمفاهيم » 
وتزرع القيم والفضائل ٠‏ وتطهر العقول والقلوب من رجس الجاهلية › 
وتربيها على معانى الإيمان وما يتطلبه من صبر ومصابرة » وثبات » وبذل فى 
نصرة الحق » ومجاهدة الباطل ٠»‏ وتنقية العقول من التقليد الأعمى للأجداد 
والآباء » أو للسادة والكبراء » قبل أن تنزل آية واحدة تأمر بالجهاد المسلح » 
والصراع الدامى مع أهل الشرك وعبدة الطاغوت . 

بل كانوا يجيئون إلى النبى BE‏ ما بين مضروب ومشجوج ومجروح › 
يشكون إليه ما أصابهم > مطالبين بحمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم » وحرباً 
pos‏ وعدن ee‏ : ولكن الى صل eel‏ كات يقول لهم 
ما حكاه القرآن : 8# كقواً أيديكم وأقيموأ الصّلامَ # 29 . 


۷ : ه (۳) النساء‎ - ١ : المزمل‎ )0( ۲١ : الآ حزاب‎ )١( 


1۳ 


ليس معنى هذا التهوين من شأن الحهاد » فهو ذروة سنام الإسلام » ولكن 
حديثنا عن الأولويات ٠»‏ والأولوية هنا للتربية والتكوين 

ومن حسن التربية : إعداد الأنفس للجهاد عندما بجی آوانه . كما فى 

> بے اه بير اس 

سورة المزمل : 9# علم أن سيكون منکم مرضي وآخرون يضربون فى 
الأرض يبون من fab‏ الله وآخروث يقاتُون فى سبيل الله 4 217 . 

على أن الجهاد المؤجل هو الحهاد المسلح فحسب » التهاد بالسيف 
والسئان » Li‏ الحهاد بالدعوة والبيان 34 أو الحهاد بالقرآن ¢ فهو مطلوب وقائم 
من أول يوم » وفى سورة الفرقان - وهى مكية - يقول تعالى لرسوله : 
ف قلا ld‏ الْكَافِينَ antes‏ به © جهادا كيرا 4 29 . 

ومثل ذلك جهاد الصبر والثبات واحتمال الأذى فى سبيل الدعوة إلى الله . 
وهو We‏ تومت به ay gen isl‏ الفتكوت وم اب wll‏ أن ر كرا أن 
CLL‏ وهم OY‏ * ولد كنا Gell‏ من AT ٠ tld‏ الله 
الْذِينَ صدكواأ ALG‏ الْكَاذِبينَ ) ... إلى أن قال : 8 C58 ae oy‏ 
يجاهد لنفسه gal U‏ 

والتربية التى نتحدث عنها تدخل فى هذا النوع وذلك من الجهاد . 

وقد ذكر الإمام ابن القيم فى الهدى النبوى ثلاث عشرة مرتبة من مراتب 
الحهاد ¢ منها أربع sly‏ فى جهاد النفس ¢ واثنتان فى جهاد الشيطان ¢ 
وثللاث فى جهاد أرياب الظلم والبدع والمنكرات ¢ وأربع فى جهاد الكفار 3 


يقول رحمه الله : « لما كان من أفضل الجهاد قول الحق مع شدة المعارض › 


. بالقرآن‎ «i )۲( ٠١ : المزمل‎ )١( 
» - ۲ : العدكبوت‎ (2) oY : الفرقان‎ )۳( 


14 


مثل أن تتكلم به عند من تخاف سطوته وأذاه » كان للرسل ~ صلوات الله 
عليهم وسلامه - من ذلك الحظ الأوفر » وكان لنبينا - صلوات الله وسلامه 
عليه - من ذلك أكمل الجهاد وأتمه ؛ . 

› كان جهاد أعداء الله فى الخارج فرعآ على جهاد العبد نفسه فى ذات الله‎ Uy 
المجاهد من جاهد نفسه فى طاعة الله » والمهاجر من‎ « : Be كما قال النبى‎ 
كان جهاد النفس مقدما على جهاد العدو فى‎ )١( » هجر ما نهى الله عنه‎ 
لتفعل ما أمرت به » وتترك‎ Vol الخارج » وأصلاً له » فإنه ما لم يجاهد نفسه‎ 
عنه » ويحاربها فى الله » لم يمكنه جهاد عدوه فى الخارج » فكيف‎ cig ما‎ 
جهاد عدوه والانتصاف منه » وعدوه الذى بين جنبيه قاهر له » متسلط‎ aXe 
» عليه » لم يجاهده . ولم يحاربه فى الله ؟ بل لا يمكنه الخروج إلى عدوه‎ 
. حتى يجاهد نفسه على الخروج‎ 

فهذان عدوان قد امتحن العبد بجهادهما » وبيئهما عدو ثالث » لا يمكنه 
جهادهما إلا بجهاده » وهو واقف بينهما يثبط العبد عن جهادهما > 
ويخذله » ويرجف به » ولا يزال يخيل له ما فى جهادهما من المشاق » وترك 
الحظوظ 6 وفوت اللذات » والمشتهيات » ولا يمكنه أن يجاهد ذينك العدوين 
إلا بجهاده » فكان جهاده هو الأصل لجهادهما » وهو الشيطان ‏ قال تعالى : 
Ol >‏ الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا  €‏ . والامر باتخاذه عدوا تنبيه 
على استفراغ الوسع فى محاربته ومجاهدته » كأنه عدو لا يفتر » ولا يقصر 
عن محاربة العبد على عدد الأنفاس . 

فهذه ثلاثة أعداء » أمر العبد بمحاربتها وجهادها » وقد Ub‏ بمحاربتها فى 
هذه الدار » :وسلطت عليه امتحانآ من الله وابتلاء . . وجعل بعضهم لبعض 
فتنة » ليبلو أخبارهم » ويمتحن من يتولاه ويتولى رسله » تمن يتولى الشيطان 
وحربة . 

)١(‏ رواه baal‏ :1 عن فضالة بن عبيد بلفظ : « المهاجر من هجر الخطايا 


11/1 : والحاكم‎ © ) ٤۸1١ : الإحسان‎ ( ole امن اين‎ € as 
٦ : bb )۲( . وصححه على شرط الشيخين » ووافقه الذهبى‎ 


وأمر المؤمنين أن يجاهدوا فيه حق جهاده » كما أمرهم أن يتقوه حق تقاته » 
وكما أن حق تقاته أن يطاع فلا يعصى » ويذكر فلا ينسى » ويشكر فلا يكفر » 
فحق جهاده أن يجاهد العبد نفسه ليسلم قلبه ولسانه وجوارحه لله » فيكون 
كله لله » وبالله » لا لنفسه co‏ ولا بنفسه » ويجاهد شيطانه بتكذيب وعده » 
ومعصية أمره » وارتكاب نهيه » فإنه يعد الأمانى ؛ وينى الغرور » ويعد الفقر ١‏ 
ويأمر بالفحشاء » وينهى عن التقى والهدى ٠»‏ والعفة والصبر » وأخلاق 
الإيمان كلها > فجاهده بتكذيب وعده » ومعصية ol‏ فينشاً له من هذين 
الجهادين قوة وسلطان وعدة » يجاهد بها أعداء الله فى الخارج بقلبه ولسانه 
ويده وماله » لتكون كلمة الله هى العليا . 

قال ابن القيم : إذا غرف هذا » فالجهاد أربع مراتب : جهاد النفس › 
وجهاد الشيطان » وجهاد الكفار » وجهاد المنافقين . 

فجهاد النفس أربع مراتب أيضاً : 

إحداها : أن يجاهدها على تعلم الهدى » ودين الحق الذى لا فلاح لها . 
ولا سعادة فى معاشها ومعادها إلا به » ومتى فاتها علمه » شقيت فى الدارين . 

الثانية : ‘ile died: ean le Taal‏ ‘ وإلا فمجرد العلم بلا 
عمل إن لم يضرها لم ينفعها . 

الثالثة : أن يجاهدها على الدعوة إليه » وتعليمه من لا يعلمه » Vig‏ كان 

من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات » ولا ينفعه علمه » 


ولا ينجيه من عذاب الله . 


الرابعة : أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله » وأذى 
الخلق » ويتحمل ذلك كله لله » فإذا استكمل هذه المراتب الأربع > ole‏ من 
الربانيين » OB‏ السلّف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانياً حتى 
يعرف الحق » ويعمل به » ويعلمه . فمن تلم وعمل وعلّم فذاك يدعى 
عظيماً فى ملكوت السماوات . 


۲1٦ 


alge Li,‏ الشيطان » فمرتبتان » إحداهما : جهاد على دفع ما يلقى إلى 
العبد من الشبهات والشكوك القادحة فى الإيمان . 

الثانية : جهاده 9 دفع ما يلقى إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات » 
فالجهاد الأول يكون بعدة اليقين » والثانى يكون بعدة الصير . قال تعالى : 
che»‏ منهم Eel Suis Dat‏ لما صبروأ ٠»‏ وكَاُوا GUL‏ ونون 4 ) , 
فأخبر أن إمامة الدين ٠»‏ إنما تنال بالصير واليقين » فالصبر يدفع الشهوات 
والإرادات الفاسدة » واليقين يدفع الشكوك والشبهات 1 

© والمال‎ » GLU, » جهاد الكفار والمنافقين › فأربع مراتب : بالقلب‎ LI, 
1 والنفس ¢ وجهاد الكفار أخص باليد 4 وجهاد المنافقين احص باللسان‎ 

وأما alge‏ أرباب الظلم » والبدع » والمنكرات » فثلاث مراتب > الأولى : 
باليد إذا قدر » فإن عجز 6 انتقل إلى اللسان © ob‏ عجز » جاهد ala‏ » 
فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد OY)‏ .» و« من مات ولم يغز » ولم يحدث 
الب Glo cole og pally‏ شقن من الاق كي 

ولا ريب أن المراتب الست الأولى داخلة كلها فى التربية المنشودة هنا 
فهى - فى الدرجة الأولى - جهاد للنفسر ¢ وجهاد للشيطان 8 


© لماذا كان للتربية الأولوية ؟ 
ولكن BU‏ كان للتربية الأولوية على الجهاد ؟ 
يمكننا أن نوضح هذا فى جملة نقاط أو أسباب : 


in 
ae 


)1( السجدة : ۲٤‏ 
(۲) انظر : زاد المعاد : dab » ١١ - ٠/٣۳‏ مؤسسة الرسالة ¢ بتحقيق شعيب الأرناژرط . 
(۳) رواه مسلم فى الإمارة VAN)‏ عن col‏ هريرة 5 


أولآ : أن الجهاد فى الإسلام ليس أى جهاد » ولكنه جهاد iy‏ خاصة » 
لغاية خاصة » فهو جهاد « فى سبيل الله » . وقد سئل النبى BE‏ عن الرجل 
يقاتل حمية ( عصبية لقومه ) » والرجل يقاتل ليرى مكانه ( ليذكر بالشجاعة ) 
والرجل يقاتل للمغنم : أيهم فى سبيل الله ؟ فقال  :‏ من قاتل لتكون كلمة 
الله هى العليا فهو سبيل الله » ٠‏ . 

وهذا النوع من التجرد من كل دافع دنيوى › لا ينشأ اعتباطاً » بل لا بد 
من تربية طويلة المدى » حتى يخلص ays‏ لله » ويخلصه الله لدينه . 

ثانياً : أن ثمرة الجهاد التى يتطلع إليها المجاهد المسلم فى الدنيا هى التمكين 
والنصر . وهذا التمكين لا يؤتى asi‏ إلا على أيدى مؤمنين صادقين © 
يستحقون التمكين » ويقومون بواجباته . وهم الذين ذكرهم الله بقوله : 
Opals >‏ اله من ينصره ١‏ إن الله لَقَوِى عزيز # * yall‏ إن ale‏ فى 
il‏ أقَاموأ الصلاة 5S TG‏ م بالمعروق oe yas‏ 

[Al‏ » 259 ., ¥ وعد الله الّذِينَ وام ورا الصالحات 


is. Pn Ga رو“‎ 0 ost. © عم هر‎ 


سدنهم فى الأرض Gah UE OS‏ من ROT gl‏ لهم دم 
Feat 8‏ 2 فير بر م 

اذى ارتضى لهم ول ا 

OG ee 

إن الذين Og Kay‏ وينتصرون قبل أن تنضجهم التربية 3 قد يفسدون أكثر 
ما يصلحون i‏ 

ثالثاً : إن ZL‏ الله ألا يتحقق هذا التمكين إلا بعد أن يصهر أهله فى بوتقة 
الابتلاء › وتصقلهم المحن والشدائد » ليبتلى الله ما فى صدورهم ¢ party‏ 
ا ewig este‏ روملا NE‏ 


oly) (1)‏ الحماعة ( أحمد وأصحاب الكتب الستة ) عن أبى sy‏ صحيح الجامع 
الصغير (Y) . CEN)‏ الحج : (Y) EV - 5١‏ النور : ه 
1۸ 


جرى به القدر على الأنبياء وأصحاب الدعوات فى كل العصور . وقد سئل 
الإمام الشافعى : أيهما أولى للمؤمن : أن يبتلى أو يمُكن ؟ فقال : وهل 
يكون تمكين إلا بعد ابتلاء ؟ إن الله ابتلى يوسف عليه السلام ثم مكن له بي 
كما قال تعالى : > وکذلك GUL K‏ الأرض Ge BS‏ حيث 
moe Ste‏ 

إن التمكين الذى يجئ سهل المأخذ » دانى القطوف ¢ يخشى أن يضيعه 
أهله » أو يفرطوا فى ثمراته . على عكس ما لو بذلوا فيه من أنفسهم 
وأموالهم وراحتهم » ومستهم البأساء والضراء والزلزلة حتى أتى نصر الله . 


18 


أولوية المعركة الفكرية 


ونما يجب لفت الأنظار إليه فى مجال الإصلاح : تقديم كل ما يتعلق 
بتقويم الفكر » وتصحيح التصور » وتصويب منهج النظر والعمل . فهذا بلا 
ريب هو الأساس المكين لكل إصلاح يرتجى . إذ من غير المعقول أن يستقيم 
العمل على منهج سليم » والفكر غير مستقيم . كما قال الشاعر : 
# متى يستقيم الظل والعود أعوج ؟ * 

فمن ساء تصوره لأمر ما › فالمتوقع أن يسوء سلوكه فى شأنه ٠‏ فإن 
السلوك أثر للتصور . حسناً أو قبحاً . 

ومن هنا كانت المعركة الفكرية - التى تعنى بتصحيح الأفكار المعوجة » 
والمفاهيم المغلوطة - لها الأولوية وحق التقديم على غيرها . وهو ضرب من 
« الجهاد الكبير » بالقرآن ٠‏ الذى ذكرته سورة الفرقان المكية » ومن الجهاد 
باللسان والبيان » الذى ذكره الحديث النبوى : « جاهدوا المشركين بأموالكم 
والفسكم والسعف OG‏ 

© المعركة الفكرية داخل الساحة الإسلامية : 

وللمعركة الفكرية مجالان أساسيان : 

الأول : خارج الساحة الإسلامية » مع الملاحدة والمنصرين والمستشرقين 
الذين يهاجمون الإسلام : عقيدة وشريعة » وتراثاً وحضارة » ويحاربون أى 
نهضة أو بعث على أساس الإسلام . 

: داود (5 +10( » والنسائی‎ gly ۰ ١9 » ۱۲۲/۳ : رواه عن « أنس » أحمد‎ )١( 
والحاكم : ۸۱/۲ ء‎ © ٤۷0۸/۱١ : والدارمى : ۲۱۳/۲ » وابن حبان‎ » ۷/٦ 


YY. 


والثانى : داخخل الساحة الإسلامية نفسها » لتصحيح الاتجاه فى فصائل 
العمل الإسلامى ٠»‏ وترشيد مسيرته » وتصويب حركته » حتى تسیر فى 
الطريق الصحيح للهدف الصحيح . وسنقصر الحديث عليه » فإن إصلاح 
الداحل هو الأساس » وله الأولوية . 
فما لا شك فيه أن لدينا تيارات عدة » منها : 
# التيار الخرافى : 
التيار أو التوجه الخرافى » الذى يقوم على أسس أو خصائص يتفرد بها › 
منها : 
( أ ) الخرافة فى الاعتقاد . 

(ب) والابتداع فى العبادة . 

(ج) والجمود فى الفكر . 

( د ) والتقليد فى الفقه . 

(ه) والسلبية فى السلوك . 

( و ) والمسايرة أو المداهنة فى السياسة . 

* 

#ه التيار الحرفى : 

dha,‏ التيار أو التوجه الحرفى » وهذا له - رغم تشدده فى أمر الدين 
ودفاعه عنه - خصائص غلبت على أكثر أتباعه تميزه أيضاً » منها : 

. الجدلية فى العقيدة‎ CT) 

(ب) الشكلية فى العبادة . 

(ج) الظاهرية فى الفقه . 

( د ) الحزئية فى الاهتمام . 

(ه) GEL‏ فى الروح . 

( و ) الخشونة فى الدعوة . 

( ز ) الضيق بالخلاف . 


۲١ 


# تيار الرفض والعنف : 

وهناك التوجه الذى يقوم على رفض المجتمع كله بجميع مؤمساته > وله - 
رغم تميز جل أفراده بالحماس والإخلاص - خصائصه أيضاً » منها : 

( أ ) الشدة والصرامة فى الالتزام بالدين . 

(ب) الاعتزاز بالذات اعتزازاً يؤدى إلى نزعة الاستعلاء على المجتمع . 

(ج) سوء الظن بالآخرين جميعاً . 

( د ) ضيق الأفق فى فهم الدين » وفهم الواقع » وفهم السنن الكونية 
والاجتماعية . 

(ه) استعجال الأشياء قبل أوانها . 

( و ) المسارعة إلى التكفير بغير تحفظ . 

( ز ) اتخاذ القوة سبيلاً إلى تحقيق الأهداف . 

ue 

# التيار الوسطى : 

وهناك التيار الوسطى » الذى يقوم على التوازن والوسطية فى فهم الدين 
والحياة والعمل لتمكين الدين » وله خصائص Lat‏ تميزه عن سواه » منها 
تأكيده وتركيزه على المبادئ التالية : 

)1( فقهه للدين فقها يتميز بالشمول والاتزان والعمق . 

(ب) فقهه لواقع الحياة دون تهوين ولا تهويل : واقع المسلمين » وواقع 


أعدائهم . 
(ج) فقه سان الله وقوانينه التى لا تتبدل » وخصوصا سنن الاجتماع 
البشرى . 


( د ) فقه مقاصد الشريعة وعدم الجمود على ظواهرها . 
(ه) ats‏ الأولويات » وهو مرتبط بفقه الموازنات.. 


۲۲ 


( و ) فقه الاختلاف وأدبه مع الفصائل الإسلامية الأخرى ( التعاون فى 
المتفق عليه والتسامح فى المختلف فيه ) . 

( ز ) الجمع بين السلّفية والتجديد ( أو بين الأصالة والمعاصرة ) . 

( ح ) الموازنة بين ثوابت الشرع ومتغيرات العصر . 

( ط ) الإيمان بأن التغيير الفكرى والنفسى AB,‏ أساس كل تغيير حضارى . 

( ى ) تقديم الإسلام مشروعا حضاريا متكاملاً » لبعث الأمة ٠‏ وإنقاذ 
البشرية من الفلسفات Goll‏ المعاصرة . 

( ك ) اتخاذ منهج التيسير فى الفتوى » والتبشير فى الدعوة . 

( ل ) إبراز القيم الاجتماعية والسياسية فى الإسلام > مثل : الحرية 
والكرامة والشورى والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان . 

( م ) الحوار بالحسنى مع الآخر » أى مع المخالفين من غير المسلمين » 
أو من المسلمين المغزوين عقلياً » والمهزومين روحياً . 

( ن ) اتخاذ الجهاد سبيلاً للدفاع عن حرمات المسلمين وديار الإسلام . 

وهذا هو التيار الذى نؤمن به » وندعو إليه » ونعتبر أنه هو المعبر الحقيقى 
عن الإسلام » كما أنزله الله فى كتابه » وكما هدى إليه رسوله فى ستته 
وسيرته » وكما فهمه وطبقه الراشدون المهديون من أصحابه » وكما فقهه 
التابعون لهم بإحسان من خير قرون هذه الأمة . 

© واجب تيار الوسطية : 

ولا مراء فى أن هذا التيار هو موطن الأمل » ومعقد الرجاء فى الغد › 
وعليه أن يبذل جهوداً مكثفة فى إبراز دعوته » وتربية أنصاره ١‏ وإقناع خصومه › 
والحوار مع معارضيه » والاجتهاد فى الإفلات من الشباك التى تنصب له 
لإيقاعه فيما لا يريد ولا يحب . 

Ley‏ أصبح معلوما OV‏ بالشواهد الوفيرة : أن القوى المعادية - فى الداخل 


۲Y 


والخارج - تخاف هذا التيار أكثر من ope‏ » بل تكرهه وتكن له العداء أكثر 
من التيارات الأخرى 5 

فقد كانوا من قبل يحذرون من تيارات التشدد والعنف . أما اليوم فقد 
ظهرت نغمة جديدة تقول : احذروا الإسلام المعتدل ! فهو أشد خطراً من 
غيره . إن التيارات الأخرى قصيرة العمر لن تدوم طويلاً . أما هذا فهو الذى 
يستمر ويدوم . واعتداله - فى زعمهم - ليس مأمونا . إنه يبدأ معتدلاً ثم 
يتطرف » OY‏ التطرف كامن فى الإسلام ذاته كما يقولون ! 

ومن هنا بدأوا يخوفون من خخطر الإسلام الزاحف » ويسمونه ‏ الخطر 
الأحضر )ا ويجعلون منه عدوا جديدا » jbl »« Jus‏ الأحمر « الذى رال 
بزوال الشيوعية من أوروبا كلها . وهو ما رد عليه المنصفون منهم مؤكدين أن 
الخطر الإسلامى وهم لا حقيقة . 

ولا بد لتيار الوسطية أن يواجه هؤلاء ويكشف تزييفهم » ويحاور المعتدلين 
من قومهم . 

كما لا بد له من مواجهة آخرين من فروخهم وتلاميذهم فى داخل دار 
الإسلام نفسها »> وممن يحملون أسماء المسلمين » ولكنهم يعادون بكل قوة 
المشروع المضارى للوسلام 2 ويقفون فى صف أعداء uN‏ ودينها . وهم 
الذين وصفهم الرسول الكريم فى حديث حذيفة المتفق عليه بأنهم : ١‏ دعاة 
على أبواب جهنم » من أجابهم إليها قذفوه فيها » قيل : صفهم لنا يا رسول 
الله» قال : « هم من جلدتنا » ويتكلمون بألسنتنا » ! 21 . 

لهذا Gals‏ ضرؤزة Non Ugly‏ الذين ينسدون فكز الآمة « ويضللوتها 
عن حقيقتها وعن أصالة هويتها » ويضعون لها السم الزعاف » فى العسل 


. ) متفق عليه عن حذيفة ( اللؤلؤ والمرجان‎ )١( 


23 


الحلو » والدسم المشتهى » ما يقرأ أو يسمع أو يشاهد ¢ فيعمل فى عقول 
أبناء الأأمة ما تعمل الأوبئة القتالة فى الأجسام . 

إن هؤلاء « المستغربين » من قومنا يحملون أفكار الاستعمار » بعد أن حمل 
الاستعمار عصاه ورحل عن ديارنا » والذين يتبنون أخبث مفاهيم المستشرقين 
والمنصرين > الذين لم يخلص أكثرهم لحضارتنا يومأ » ومن أخلص منهم لم 
يملك أدوات الفهم الصحيح لهذه الحضارة ومصادرها وتراثها » وأهمها BAU‏ 
وتذوقها . 

إن معركتنا الحقيقية فى داخل أرضنا يجب أن تكون مع هؤلاء ١‏ الغلاة » 
Lie‏ » من العلمانيين وبقايا الماركسيين ٠‏ الذين لبسوا اليوم لبوس الليبرالية 
الغربية » والذين جنّدوا أقلامهم وأسلحتهم كلها لشن الحرب على صحوة 
الإسلام > وانبعاثه الجديد » وتشويه دعوته > والتشويش على دعاته › 
واختراع مصطلحات جديدة لتنفير الناس منه » مثل « الإسلام السياسى © 
أو « الأصولية » » والإيقاع بينهم وبين الأنظمة الحاكمة » لاستنزاف قوى 
البلاد فى صراعات دامية لا تكاد تنتهى إلا لتبدأ من جديد » فى صورة أخرى © 
وباسم آخر . 

إن أى تحويل للمعركة عن هذا المسار » ومحاولة اختراع أعداء من 
الإسلاميين أنفسهم » تمن يخالفون بعض الناس فى فروع الفقه » أو حتى فى 
فروع العقيدة » أو فى أولويات العمل » أو فى المواقف من القضايا الحزئية 
المختلفة .. يعتبر غفلة شديدة عن حقيقة العدو الذى يتربص بالجميع الدوائر » 
ويريد أن يضرب بعضهم ببعض » وهو يتفرج عليهم » ثم يضربهم جميعا فى 
النهاية الضربة القاصمة . فمن فعل ذلك من الدعاة إلى الإسلام عن جهل 
فهى مصيبة » OY‏ الجهل بمثل هذه القضية خطر كبير » ومن فعل ذلك عن 
علم وقصد فهى مصيبة أعظم » وخطرها أكبر » لأنها تكون بمثابة الخيانة 
للإسلام وأمته وصحوته . ورحم الله الشاعر الذى قال : 


٠١ (‏ - فقه الأولويات ) 


إذا كنت لا تدرى فتلك مصيبة وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم ! 

وأعتقد أن على تيار الوسطية Lely‏ كبيراً »ء يجب أن يسعى إليه » ويحرص 
cate‏ ويجاهد من أجله . وهو العمل بصدق وإخلاص لتجميع الصف , 
الإسلامى - صف العاملين للإسلام - على الأصول التى لا ينبغى الخلاف 
عليها » أى على أركان العقيدة الستة : الإيمان dl‏ وملائكته وكتبه ورسله 
واليوم الآخر والقدر > وعلى الأركان العملية الخمسة : الشهادتين » وإقام 
الصلاة ٠‏ وإيتاء الزكاة »> وصوم رمضان › ee‏ البيت ٠.‏ وعلى أصول 
الفضائل وأمهات الأخحلاق . وعلى اجتناب أصول الرذائل والمحرمات ٠‏ 
وبخاصة الكبائر والمويقات . 

ويحسبنا اللقاء الإجمالى على هذه الكليات © ولا بأس أن نختلف فى 
الجزئيات والتفاصيل » لا بأس أن نختلف فى الفروع » ونختلف فى المواقف › 
ونختلف فى الاجتهادات » Ligh‏ اختلاف تقتضيه طبيعة الدين » وطبيعة البشرء 
وظبيعة الكو BLL,‏ + كنا قصلت ذلك فى كان Eee dual)‏ .بين 
الاختلاف المشروع والتفرق المأموم » . 

وقد ذكرت فى أكثر من كتاب لى : أنه لا مانع من أن تتعدد الجماعات 
العاملة للإسلام > ما دام تعددها تعدد تنوع وتخصص ۰ لا تعدد تضارب 
وتناقض » فتعدد التنوع يؤدى إلى مزيد من الإثراء والنماء » وتعدد التناقض 
إغا يؤدى إلى التآكل والفناء . 

لا بد من جهد يبذل لتجميع العاملين لخدمة الإسلام » ونُصرة دعوته » 
وتحكيم شريعته » وتوحيد أمته : جهد فكرى 6 وجهد عملى ٠»‏ لتقريب 
الشقّة» وزدع الثقة ٠‏ وغرس روح التسامح وحسن الظن ٠»‏ وتنقية الأنفس من 
آفات eal‏ والغرور واتهام الآخرين واحتقارهم . ۱ بحسب امرىء من 
الشر أن يحقر أخاه المسلم » ا . 

وفى رأيى أن هذا العمل من الأولويات المهمة والمقدمة فى الساحة الإسلامية 


ols) (\)‏ مسلم عن أبى هريرة 5 
YY‏ 


اليوم > وإذا لم acy‏ الإسلاميون bd‏ التمزق Gill‏ يعيشونه » فيسؤكلون 
cheer‏ ستفترسهم المخالب والأنياب الحادة للقوى المعادية للإسلام وأمته » 
سيضربون تياراً بعد تيار »> ومجموعة بعد مجموعة » حتى يقضى عليهم 
جميعاً . 


وإذا كنا لا نملك اليوم القدرة على تجميع SB‏ أمتنا الكبرى من المحيط 
إلى المحيط » فلنجتهد - على الأقل - فى تجميع قوى الفصائل الكبرى فى 
الصحوة الإسلامية » القابلة للحوار والتفاهم > وذلك بإزالة النتوءات » 
وتقليص التطرفات 3 وتقریب المفاهيم »> وتلسيق المواقف 0( والوقوف las‏ 
واحداً فى القضايا المصيرية 3 يتعاون الجميع فى Gell‏ عليه ٠.‏ ويتسامحون فى 
المختلف فيه » فهذا التفاهم والتعاون والتجمع : فريضة دينية »> وضرورة 
حيويةء فإذا لم تجمعنا الفكرة الواحدة » فلتجمعنا المحنة المشتركة . على نحو 
ما قال شوقى : 

! يك الجنس يا ابن الطلح فرقنا إن المصائب يجمعن المصايين‎ ob 

3 He 

© التطبيق القانونى للشريعة أم التربية والإعلام ؟ 
المتحمسون منهم - أعطوا Ube‏ كبرى لقضية ما أسموه ١‏ تطبيق الشريعة 
الإسلامية | يعنون wi‏ القانونى من الشريعة ¢ ولا سيما ف العقوبات : 
أى الحدود والقصاص والتعازير ٠.‏ 

وهذا الجانب جزء من الإسلام ولا ريب . ولا يجوز إغفاله أو الإعراض 


OY عنه‎ 


 نوناقلاو التشريع‎ ١ انظر : كتابنا « ملامح المجتمع المسلم الذى ننشده » » فصل‎ )١( 


ص ۱۵۷ - ۱۸۸ 


YYV 


ولكن المبالغة فى المطالبة به والحديث عنه « واعتباره رأس الأمر وعموده 
وذروة سنامه » كان له آثار سيئة على التفكير الإسلامى ؛ والعمل الإسلامى » 
وآثار «si‏ على أفكار الناس العاديين » واستغل ذلك خحصوم الإسلام 
وشريعته ودعوته . وطالا قلت : إن القوانين وحدها لا تصنع المجتمعات » 
ولا تبنى الأمم Lc‏ تصنع المجتمعات والأمم : التربية والثقافة » ثم تأتى 
القوانين سياجاً وحماية . 

فالواجب - إذن - أن نعطى هذه القضية حجمها الحقيقى من الفكر 
والعمل» وأن تعطى مساحات مناسبة للاشتغال والإعداد والمطالبة ب ١‏ تربية 
إسلامية متكاملة معاصرة » تتابع الطفل المسلم من سن الحضانة » وتستمر معه » 
حتى يتخرج فى الجامعة » مستخدمة المناهج الملائمة » والأساليب المشوقة › 
والوسائل السمعية والبصرية » والتكنولوجيا المتطورة » بما يحقق ضرورة الدين 
للحياة » ويؤكد كمال الإسلام وعدالة أحكامه » وإعجاز كتابه » وعظمة 
رسوله » وتوازن حضارته » وخلود أمته . 

وليست هذه التربية مطلوبة فى درس الدين أو التربية الإسلامية فحسب » 
بل هى مطلوبة » فى كل الدروس والمواد العلمية والأدبية » دون افتعال . 
فلتلتمس فى العلوم والمواد الاجتماعية tally‏ والأدب » وتُلتمس فى الأنشطة 
المدرسية » وفى الحو العام » حتى يساعد على تنشئة جيل مسلم مؤمن بالله 
معتز بدينه وأمته » متكامل النماء بروحه وعقله وجسمه ووجدانه » مخلص 
لربه » pale‏ لوطنه » متسامح مع غيره » عامل خير الإنسائية جمعاء . 

ولا بد من الوقوف فى وجه الفلسفات والمناهج المادية واللادينية المستوردة » 
الفارغة من روح الدين » والمناقضة لفلسفة الإسلام عن الله وعن الإنسان › 
وعن الحياة والعالّم » وعن الدين والدنيا . 

كما يجب أن تعطى مساحات أخرى مناسبة كذلك ¢ لقضية الإعلام 


YYA 


والثقافة » التى غدت من أشد المؤثرات فى حياتنا الفردية والاجتماعية › 
وأصبحت أدوات الإعلام هى التى تصنع العقول والميول والأذواق والاتجاهات 
فلا يجوز بحال من الأحوال أن تترك هذه فى أيدى من لا يؤمنون بالإسلام 
مرجعاً أعلى alt‏ الإنسان المسلم وحياة الجماعة المسلمة » فى التعامل والفكر 
والسلوك . 
ولا بد من العمل على محورين اثنين متكاملين : 
الأول : إعداد إعلاميين إسلاميين فى كل المجالات » وعلى كل المستويات » 
قادرين على أن بمثلوا الإسلام » ويثلوا العصر بإمكاناته الهائلة . 
وهنا نحتاج إلى من يكتب النص ٠‏ ومن يحوله إلى حوار ( سيناريو ) » 
ومن يخرجه ويمثله » ومن يصوره » ومن ينفذه . 
وهذه أمور ليست بالسهلة » وفيها عقبات شرعية وغير شرعية . يجب 
العمل على تذليلها » ولو بقبول المرحلية فيها » ووضع خطة محلدة الأهداف © 
ين الوسائل » معروفة المراحل » لاستكمال الناقص » وإتمام البناء ° . 
الثانى : محاولة كسب الإعلاميين والفنانين الحاليين » فلا شك أن فيهم من 
المسلمين المصلين الصائمين » ولكنهم - بحكم تربيتهم وثقافتهم - يحسبون أن 
عرف بعضهم شيثا من ذلك » ولكن العيشة التى يعيش فيها » والحياة النى 
تعودها 3 غلبت عليه 5 





)1( انظر : كتابنا « ملامح المجتمع المسلم الذى ننشده » » فصل ١‏ اللهو والفنون ؟ . 


۲۲۹ 


والواجب هنا بذل الجهد مع هؤلاء 3 حتى يتفقهوا فى دينهم 3 ويتوبوا إلى 
ربهم »> وينضموا إلى قافلة الداعين إلى الإسلام وفضائله . 
ولقد عرفت السنوات الأخيرة توبة عدد من الفئنانين » وعدد أكبر من 
الفنانات 2 ولكن أكثر هم اعتزلوا الفن وأهله 2 alé‏ بأنفسهم 3 وفراراً بدينهم . 
وأولى من ذلك أن يثبتوا فى هذا المعترك الصعب »> وهذا الميدان الشاق » 
وأن يقولوا ما قال عمر بن الخطاب بعد إسلامه : ١‏ والله لا يبقى مكان كنت 
أعلن فيه الجاهلية إلا أعلنت فيه الإسلام » . وهذا لا يكون إلا بالتعاون بين 


YY. 


C\+) 


فقه الأولويات 0 فى تراثنا 


فقه الأولويات .. فى تراثنا 

من Gb dle‏ ترات Gol GY ode‏ 6" وجه لاتا اهماما ity‏ 
الأولويات والتنبيه على الاختلال فيه » فى صور شتى متناثرة فى المصادر 
المختلفة » تذكر فى مناسباتها . 

« السائلون عن قتل المحرم الذباب ! 

ولعل من أوائل ما نرى فيه هذا الاهتمام » ما صح عن عبد الله بن عمر 
رضى الله Lager‏ » فيما رواه عنه ابن أبى نعيم » قال : جاء رجل إلى ابن عمر 
وأنا جالس » فسأله عن دم البعوض ! وفى رواية : « فسأله عن الحرم يقتل 
الذباب » ! فقال له : ممن أنت ؟ قال : من أهل العراق ٠»‏ قال : هاء 
انظروا إلى هذا ! يسأل عن دم البعوض » وقد قتلوا ابن رسول الله HME‏ !! 
وقد سمعت رسول الله HBB‏ يقول : « هما - يعنى الحسن والحسين - ريحانتى 
من الدنيا » . وفى الرواية الأخرى : « أهل العراق يسألون عن الذباب » وقد 
قتلوا ابن بنت رسول الله . . . » الحديث OY‏ 

قال الحافظ ابن حجر فى شرح الحديث فى فتح البارى : ١‏ أورد ابن عمر 
هذا متعجبا من حرص أهل العراق على السؤال عن الشئ اليسير » وتفريطهم 
فى att‏ الجليل 6 2 > وقال ابن بطال ١‏ يؤخ مرخ atl‏ أنه بنجب 
تقديم ما هو أوكد على المرء من أمر دينه » لإنكار ابن عمر على من سأله 
عن دم البعوض » مع تركه الاستغفار من الكبيرة التى ارتكبها بالإعانة على قتل 


)1( الحديث رواه أحمد بروايتيه (OVO)‏ » (0018) » وصححه الشيخ شاكر فى 
الموضعين ‘ وقد oly)‏ البخارى كذلك فى موضعين : فى المناقب (Vo)‏ « والآدب 
(؟) الفتح : 40/97 طبعة دار الفكر الصورة عن السلفية . 
ry‏ 


الحسين » فوبخه بذلك . وإنما خصه SUL‏ » لعظم قدر الحسين » ومكانه 
من النبى و » | . 
فليس المقصود الإنكار على شخص السائل بعينه » إنما المقصود الإنكار على 
اتجاه سائد لدى فئة من الناس » يدققون فى الأمور الصغيرة » ويشغلون 
أنفسهم والناس معهم بالتوافه » على حين يضيعون الأمور الكبار !! 
وما حدث لابن عمر حدث لابنه سالم » مع أهل العراق أيضاً ٠‏ فيبدو 
أنهم سألوه عن بعض صغائر الأمور . فى حين أنهم سقطوا فى عظائم الأمور »› 
من الاقتتال وسفك بعضهم دماء بعض . مع التحذير الشديد من ذلك فى 
الحديث المتفق عليه : ١‏ لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض » ! 
فقد روى مسلم فى كتاب Kal‏ عن سالم بن عبد الله أنه قال : يا آهل 
العراق ؛ ما أسألكم عن الصغيرة » وأركبكم للكبيرة ! سمعت أبى عبد الله 
ابن عمر يقول : سمعت رسول الله َة يقول : ١‏ إن الفتنة UF‏ من ههنا - 
وأومأ بيده نحو المشرق - من حيث يطلع قرنا الشيطان » ! وأنتم يضرب 
eae‏ )8 تعض يمار راكنا قال موسق الى قال ا ٠»‏ فقال الله je‏ وجل 
له  :‏ وقتلت نفسا فتجيتاك من العم BEE,‏ فتونا # 29 . 
SL Ley‏ فى فقه الأولويات فى تراثنا : هذه الرسالة النابضة التى رواها 
الحافظ ابن Sle‏ فى ترجمة عبد الله بن المبارك من طريق محمد بن إبراهيم 
ابن أبى سكينة » قال : أملى على عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس» 
وودعته للخروج » وأنشدها معى إلى الفضيل بن عياض فى سنة سبعين ومائة. 
وفى رواية : سنة سبع وسبعين ومائة : 
يا عابد الحرمين لو LS pail‏ لعلمت أنك فى العبادة تلعب 
مل كان يطعي و Wiech‏ كاسنا Sasori‏ 
أو كان يتعب خیله فى SL‏ فخيولنا يوم الصبيحة تتعب 
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب 
ولقد أتانا من مقال نشا قول صحيح صادق لا يكذب 


٤۰١ : ab )۲( EVI E 


YY 


لا يستوى غبار خيل الله فى أنف امرىء ودخان نار تلهب 
هذا كتاب الله ينطق بيننا ليس الشهيد بميت لا يكذب 

قال : فلقيت الفضيل ب بن عياض يكتابه فى المسجد الحرام ٠‏ فلما قرأه 
ذرفت عيتاه وقال : صدق أبو عيد الرحمن ونصحنى ! ثم قال : أنت من 
يكتب الحديث ؟ قال : قلت : نعم . قال : فاكتب هذا الحديث كراء 
منصور بن المعتمر عن Gl‏ صالح عن آبی هريرة : أن رجلاً قال : يا رسول 
لله ؛ ede‏ عملا آنال به ثواب المجاهدين فى سبيل الله ؟ فقال : « هل 
تستطيع أن تصلى فلا تفر » وتصوم فلا تفطر » ؟ فقال : يارسول الله ؛ أنا 
أضعف من أن أستطيع ذلك ٠‏ ثم قال النبى BE‏ 5 : « فوالذى نفسى بيده لو 
a5‏ ذلك ما بلغت المجاهدين فى سبيل الله ! أو ما علمت أن الفرس 
المجاهد GL‏ فى طوله. فيكتب له بذلك الحسنات ٠‏ . 

كو هذه القصة فى آحد ملتقيات الفكر الإسلامى SIAL‏ » فاعترض 
عليها أحد الدعاة الكبار ٠‏ وأنكر أن يكون لها fol‏ صحيح !! إذ كيف يسمى 
إبن ALU‏ العيادة فی الخرمين لعا 1S‏ 

والحق أن القصة صحيحة ؛ ذكرها ابن عساكر بسندها فى ترجمة عبد الله 
ابن المبارك ‘ ونشلها الحافظ ابن كثير ف تسوه افق ot‏ مون أل ع 
را 5 cee‏ الحافظ ad‏ في ترجمة ة ابن المبارك ا 
a‏ ابن aig beeen‏ كما أيد ذلك العابد الزاهد 
sha BU gle ade ga cad Le fal‏ 

وقد ذكرها شيخنا البهى الخولى فى abs‏ الرائد ١‏ تذكرة الدعاة » gle,‏ 
عليها بقوله : 


)1( انظر : تفسير ابن كثير طبعة عيسى الحلبى : 159/١‏ . 
(۲) انظر: : سير أعلام النبلاء : ۳۹٤/۸‏ 0 ۳۹۵ . 


Yo 


« كتب ابن المبارك هذا الكلام لصديقه « الفضيل » فى وقت لم يكن الجهاد 
فيه فرض عين > ومع هذا وصف عبادته Ugh‏ لعب » وهى عبادة تقع فى 
أشرف بقعة على ظهر الأرض ! ترى BL‏ يقول ابن المبارك لصديقه لو كان 
الجهاد فرض عين ؟! وماذا كان يقول عن العبادة لو أنها كانت فى غير 
eee‏ 

© الاختلاط عند الفساد أم العزلة ؟ 
والفساد : الانئتلاط بالمجتمع ومحاولة إصلاحه أم العزلة والنجاة بالنفس ؟ 

أما الصوفية .. ففضّل جمهورهم LEV‏ الثانى » وأما العلماء الربانيون 
المجاهدون Las‏ طريق الأنبياء » وهو المخالطة والمجاهدة والصبر على أذى 
الناس . 

روى ابن عمر عن النبى ١ : BE‏ المؤمن الذى يخالط الناس ويصبر على 

أذاهم خير من الذى لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم » 297 . 

ولالومام أبى حامد الغزالى كتاب فى 0 إحيائه « حول العزلة والخلطة 6 

ومنها : بحثهم حول الدنيا ومتاعها أيهما أولى بالنسبة لها : الدخول فى 
معمعتها 3 والمشى فى مناكبها ومزاحمة أهلها والاستمتاع بطيباتها مع الاتزام 


)1( انظر : تذكرة الدعاة ص YVY‏ 
CY)‏ رواه أحمد والبخارى فى الأدب المفرد » والترمذى » وابن ماجه كما فى oe‏ 


الجامع الصغير (VION)‏ 


حرفا 


آثر جمهور الصوفية الاختيار الثانى » لكن الربانيين المحققين من علماء الأمة 
آثروا الاختيار الأول » وهو الذى مضى عليه الأنبياء أمثال يوسف وداود 
وسليمان » وكبار الصحابة مثل عثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير 
وسعد وغيرهم . 

ورد العلامة أبو الفرج ابن الجوزى ( المتوفى سنة OAV‏ ه ) على الصوفية 
الذين ذموا المال بإطلاق » واعتبروه شراً وآفة » وأنكروا على من ملكه 
واكتسب الغنى ولو من حلال . واستدل ابن الجوزى فى كتابه النقدى 
الرائع « تلبيس إبليس » بالكتاب ES,‏ وهدى الصحابة » وقواعد الشريعة . 


st 


se at 
5 2 


« ترك المنهيات أم فعل الطاعات ؟ 

ومن ذلك re‏ 8 أيهما أولى Le pails‏ الله : ترك المناهى والمتحرماك 
أم فعل الأوامر والطاعات ؟ 

قال بعضهم : ترك المناهى أهم وأشد خطراً من فعل الأوامر » واستدلوا 
بالحديث الصحيح Gall‏ عليه » الذى ذكره النووى فى أربعينه » وشرحه 
ابن رجب فى جامعه » وهو : « إذا نهيتكم عن شئ » فاجتنبوه » وإذا 
أمرتكم بأمر » فأتوا منه ما استطعتم » 2١(‏ .. قالوا : هذا يؤخذ منه أن النهى 
أشد من الأمر › oY‏ النهى لم يرخص فى ارتكاب شئ منه » والأمر SB‏ 
بحسب الاستطاعة > وروی هذا عن الإمام أحمد . 

ويشبه هذا قول rear‏ ; أعمال البر يعملها البر والفاجر 34 وأما المعاصى 3 
فلا يتركها إلا صديق ٩‏ . 

)1( متفق عليه : رواه البخارى (۷۲۸۸) » ومسلم (۱۳۳۷) . 

(؟) رواه من قول سهل بن عبد الله التسترى : أبو نعيم فى « الحلية 4 : ١١١/٠١‏ 


YY 


وروی عن أبى هريرة أن النبى RE‏ قال له : « اتق المحارم » تكن أعبد 
الناس ١‏ . 

وقالت عائشة رضى الله عنها : « من سره أن يسبق الدائب المجتهد › 
LSE‏ عن ea will‏ لق 

وقال الحسن : ما عبّد العابدون بشئ أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه . 

والظاهر أن ما ورد من تفضيل ترك المحرمات على فعل الطاعات > Le}‏ 
أريد به على نوافل الطاعات » وإلا فجنس الأعمال الواجبات أفضل من 
خننن: ترك المحرمات . oY‏ الأعمال مقصودة لذاتها © والمحارم المطلوب 
عدمها . ولذلك لا تحتاج إلى نية » بخلاف الأعمال » ولذلك كان جنس 
ترك الأعمال قد يكون كفراً كترك التوحيد . وكترك أركان الإسلام أو بعضها . 
على ما سبق » بخلاف ارتكاب المنهيات فإنه لا يقتضى الكفر بنفسه ٠.‏ ويشهد 
لذلك قول ابن عمر : لر دائق حرام آفضل من ماثة ألف تنفق فى سبيل الله .. 

وعن بعض LI‏ قال : ترك Gib‏ مما يكره الله أحب إلى من خمسمائة 


- 


حجه . 


وقال ميمون بن مهران : ذكر الله باللسان حسن » وأفضل منه أنه يذكر الله 
العبد عند المعصية فيمسك عنها . 





pO)‏ قطعة من حديث uve /۲ : desl olay‏ والترمذى )0 (YY.‏ 3 واستغريه 
الترمذى . لكن له إسناد آخر يتقوى به عند ابن ماجه ٠ CENNVY)‏ والبيهقى فى الزهد 
CAVA)‏ © وأبى نعيم فى nee 2 PUO/\. 2 a adit d‏ البوصيرق فى مصباح 
الزجاجة ٠‏ . 

۰ وفى سئدم سويد بن سعيد ويوسف بن ميموث‎ ٠ (£40.-) رواه أبو يعلى‎ (Y) 
: منت‎ Gy 


YYA 


وقال ابن المبارك : oY‏ أرد درهما من شبهة أحب إلى من أن أتصدق Ble‏ 
ألف ومائة ألف . حتى بلغ ستمائة ألف . 

وقال عمر بن العزيز : ليست التقوى قيام الليل ٠‏ وصيام النهار ٠‏ 
والتخليط فيما بين ذلك . ولكن التقوى أداء ما افترض الله ٠‏ وترك ما حرم 
الله ٠‏ فإن كان مع ذلك عمل ٠»‏ فهو خير إلى خير » أو كما قال . 

وقال أيضاً : وددت أنى لا أصلى غير الصلوات الخمس سوى الوتر » وأن 
أودى الزكاة » ولا أتصدق بعدها بدرهم » diy‏ أصوم رمضان ولا أصوم بعده 
by‏ أبداً » وأن أحج حجة الإسلام ثم لا أحج bate‏ أبدأ » ثم أعمد إلى 
فضل قوتى » فأجعله فيما حرم الله على ٠‏ فأمسك عنه . 

وحاصل كلامهم يدل على أن اجتناب المحرمات - وإن قلّت - أفضل من 
الإكثار من نوافل الطاعات ٠‏ فإن ذاك فرض ء وهذا نفل . 

وقالت طائفة من المتأخرين : إنما قال صلى الله عليه وسلم : ١‏ إذا نهيتكم 
عن شئ فاجتنبوه » وإذا أمرتكم بأمر . فأتوا منه ما استطعتم ٠‏ لأن امتثال 
الأمر لا يحصل إلا بعمل © والعمل يتوقّف وجوده على شروط وأسباب » 
وبعضها قد لا يستطاع ٠‏ فلذلك قيده بالاستطاعة . كما قيد الله الأمر بالتقوى 
بالاستطاعة . قال تعالى : 8 فاتقوا الله ما استطّعتم  %‏ . وقال فى 
احج : ا وله على التاس حج الت من استطاع olf‏ سيل 4 29 . 

Li,‏ النهى : فالمطلوب عدمه . وذلك هو الأصل © والمقصود استمرار 
العدم الأصلى » وذلك ممكن > وليس فيه ما لا يستطاع » وهذا أيضاً فيه 
نظر » فإن الداعى إلى فعل المعاصى قد يكون قوياً . لا صبر معه للعبد على 
الامتناع عن فعل المعصية مع القدرة عليها > فيحتاج الكف عنها حينئذ إلى 


٩۷ : آل عمران‎ )۲( ١5 : التغاين‎ OV) 


۳۹ 


مجاهدة شديدة » Ley‏ كانت أشق على النفوس من مجرد مجاهدة النفس على 
فعل الطاعة » ولهذا يوجد Las‏ من يجتهد فيفعل الطاعات » ولا يقوى على 
ترك المحرمات . وقد سئل عمر عن قوم يشتهون المعصية ولا يعملون بها 3 
فقال : « أولئك قوم امتحن الله قلوبهم للتقوى » لهم مغفرة وأجر 
ظ0 ۽ 

وقال يزيد بن ميسرة : يقول الله فى بعض الكتب : « أيها الشاب التارك 
شهوته » البتذل شبابه لأجلى » أنت عندى كبعض ملائکتی OG‏ 

وقال : « ما أشد الشهوة فى الحسد » إنها مثل حريق الئار » وكيف ينجو 
ا 0 

والتحقيق فى هذا أن الله لا يكلف العباد من الأعمال ما لا طاقة لهم به » 
وقد أسقط عنهم كثيراً من الأعمال بمجرد المشقة رخصة عليهم » ورحمة 
لهم » وأما المناهى » فلم يعذر أحداً بارتكابها بقوة الداعى والشهوات » بل 
pails‏ تركها على كل حال » LL‏ أباح أن يتناول من المطاعم المحرمة عند 
الضرورة ما تبقى معه الحياة » لا لأجل التلذذ والشهوة » ومن هنا يعلم صحة 
ما قاله الإمام أحمد : إن النهى أشد من الأمر . وقد روى عن النبى BS‏ من 
حديث ثوبان وغيره أنه قال : « استقيموا ولن تحصلوا Oe‏ 

يعنى : لن تقدروا على الاستقامة كلها . 


)١(‏ رواه أحمد فى 7 الزهد ٠‏ كما فى ١‏ تفسير ابن كثير » : ۲٤۸/۷‏ » عن مجاهد 
عن عمر » ولم يسمع منه » فالخبر منقطع . ٠‏ 

(۲) رواه أبو نعيم فى « الحلية : 6/ ۲۳۷ (۳) « الحلية ٩‏ : 5517/0 

)£( حديث صحيح ء رواه أحمد : ۲۷٦/١‏ ء. لالالا © YAY‏ » والدارمى : 
۱ ۰ وابن ماجه (۲۷۷) من طريق سالم بن أبى الجعد عن ثوبان » وصححه 
الحاكم : ٠١١ /١‏ » ووافقه الذهبى . 

ورواه أحمد : ۲۸۲/۹١‏ »> والدارمى : ١18/١‏ من طريق الوليد بن مسلم : حدثا 
ابن ثوبان » حدثنى حسان بن عطية أن أبا كبشة السلولى » حدثه أنه سمع ثوبان يقول .... 


5 


ومن المباحث التى تدخل هنا فى فقه الموازنات أو فقه الأولويات : ما بحثه 


العلماء Lead‏ حول الإجابة عن هذا السؤال : آيهما Ladi‏ وآكثر آجرا : الغنى 


لک آم ain‏ 1 ¢ ۾ آل call ٠‏ الشاك آم ال 
مع الشكر آم الفقر مع الصبر ؟ وبعبارة آخرى : الغنى الشاكر أم الفقير 
الصابر ؟ 


تشاوتت ale VI‏ على السؤال ما بين مر جح ٠ Jo‏ ومرجح للآخر i‏ 
والذى يترجح لى من خلال التدبر فى النصوص والمقارنة بينها : أن wrt‏ 
مع الشكر هر الآولى ‘ والأفضل ۰ وليس هو ٠ cng Bele‏ كما قد يظن ‘ 
فقد قال تعالى  :‏ وقليل من Ra sale‏ 4 290 . 
وقال تعالى على لسان إبليس لعنه الله : 8 ولا تجد أكثرهم شاكرين 4 00 
وقد كان رسول الله =$ JL.‏ الله الغنى 2 ويتعوذ بالله من pall‏ : 
قال عليه الصلاة والسلام : ١‏ اللّهم إنى أسألك الهدى والتقى والعفاف 
والغنى OY‏ 
« اللّهم إنى أعوذ بك من الفقر » والقلة » والذلة » وأعوذ بك أن أظلم 
أو أظلّم 0 110 
wel »‏ إلى أعوذ بك من الفقر ‘ والكفر ٠.‏ والفسوق 6 والشقافق ٠‏ 
والنفاق » 0 . 


١۷ : سبأ : ۱۳ (۲) الأعراف‎ )١( 
. )1١۷١ : رواه مسلم والترمذى وابن ماجه عن ابن مسعود (صحيح الجامع الصغير‎ CY) 


)£( أبو داود والنسائى وابن ماجه والحاكم عن أبى هريرة (صحيح الجامع الصغير : 
(AV‏ . 


)0( الحاكم والبيهقى فى الدعاء عن أنس ( المصدر نفسه : ٠١۸١‏ ) . 


۲٤١ ) فقه الأولويات‎ - 1١ ( 


« اللّهم إنى أعوذ بك من الجوع » فإنه بئس الضجيع  »‏ . 
hs aes IG‏ الله فسن aa‏ لق الف Oe ad‏ 
وقال لعمرو : « يا عمرو ؛ نعم الال الصالح للمرء الصالح » " . 
ودل حديث : « ذهب أهل الدثور بالدرجات العلا ...»على أن الأغنياء 
إذا شكروا نعمة الله » وقاموا بحقها . كان لهم من فرص الطاعات ما ليس 
US es ced oS Wily «ob aa‏ انهل الله a see yeasts‏ 
وقد أثنى الله تعالى على عدد من رسله الأكرمين فوصفهم بفضيلة الشكر . 
مثل شيخ المرسلين نوح عليه السلام » حيث مدحه بقوله : 8 EL‏ كَانَ 
عبداً شکور © 200 . 
وإبراهيم ا ly els‏ الان + sede cae‏ يقوله Ps‏ شاكرا لأنعمة » 
WE‏ وداه Sy‏ صراط EE‏ چ ٩‏ . 0 
als,‏ وساد ف Meare‏ ج اعملوا آل اود كرا la poe‏ من 
عبادی الشكور » ) . 
وحكى عن سليمان أنه قال بعد أن سمع كلام النملة : # رب أوزعنى أن 


g 


انكر a‏ انْمَمْت على Je‏ واد . .. » © . 


gl (1)‏ داود والنسائى وابن ماجه عن أبى هريرة ( المصدر نفسه : ۱١۸۳‏ ) . 

© ات ون عو ميق الل ONT AE eel obs,‏ 

)1( رواه أحمد وصححه الحاكم وابن حبان عن عمرو بن العاص . 

(6) رواه الشيخان عن أبى هريرة : البخارى )۸٤۳(‏ و(1۳۲۹) © ومسلم (O40)‏ . 
)0( الإسراء : لا )1( النحل : ١7١‏ 

14 : fest (A) ١7 : سيأ‎ )۷( 


€۲ 


gee 2 


وحكى عن يوسف قوله : # رب BA‏ م من املك Zale,‏ من تأويل 
cob.‏ .6 


ی )۲( 
راي على تعاب tae‏ : # ووجدك Wolke‏ فأغنى 4 > ثم قال 
Oy sg‏ بنط Uh‏ 6215 


- Ga 


وامتن على أصحابه i Si ® : J‏ 51 3 ليل مستَضعقُون os‏ 


رر ال 


الأرض افون أن Saba‏ الاين واكم ولاك بتّصره ه ورزقكم من 





الات لَعَلّكُم تكو £ 0 , 
)١(‏ يوسف : ٠١١‏ . (؟)!الضحى : ۸ 
(۳) الضحى : ١١‏ (:) الأتفال : ٦‏ 


yey 


الإمام الغزالى وفقه الأولويات 


ومن العلماء الذين عنوا بفقه الأولويات » ونقدوا المجتمع المسلم بالتفريط 
فيه : الإمام الغزالى ١‏ وهذا ظاهر فى مو سو عته » إحياء علوم الدين (( 
يجدها قارته فى J‏ أرباعه « الاربعة 3 وفى كتبه الأربعين 3 ولكنه يجدها 
اود ما تكون فى كتابه « ذم الغرور » وهو العاشر من ربع المهلكات »© . 

435 ذكر أصنافاً من الذين آوبقهم الغرور 2 وهم لا يشعرون 3 

فذكر من هؤلاء أرياب العلم 6 وأرباب العبادة والعمل 3 وآرباب التصوف 2 
وأرباب الأموال » وآخرين من العوام ٠‏ وذكر فرق المغترين من كل صنف ء 
وكيف خدعتهم أنفسهم ¢ أو زينت لهم شياطينهم سوء أعمالهم 3 فرأوها 
الواجب الاتباع . 

وأكتفى هنا بذكر نموذجين من CSE‏ نقده القوى العميق البصير ء لنرى منه 
مقدار فقهه فى دين الله » وفهمه لدنيا الناس » وحرصه على إصلاحهم فى 
ظواهرهم وبواطنهم » وعنايته - رضى الله عنه - ata‏ الأولويات . 

© نموذج من الإخلال بالترتيب الشرعى للأعمال : 

النموذج الأول : من فرق المغترين من المتدينين من أهل العبادة والعمل 
يقول فيه : 

« فمنهم فرقة أهملوا الفرائض ٠‏ واشتغلوا بالفضائل والنوافل » وربا 

تعمقوا فى الفضائل at‏ خرجوا إلى العدوان والسرف 2 كالذى تغلب ade‏ 


Yee 


الوسوسة فى الوضوء فيبالغ فيه . ولا يرضى الماء المحكوم بطهارته في فتوى 
التشريع » ويقدر الاحتمالات البعيدة قريبة فى النجاسة . وإذا آل الآمر إلى 
لو 


أكل الحلال قدر الاحتمالات القريبة بعيدة ! وربا آكل الحرام المحض ٠‏ و 
انقلب هذا الاحتياط من الماء إلى الطعام لكان أشبه بسيرة الصحابة AB.‏ 
توضا عمر رضى الله عنه يماء فى جرة نصرانية ٠‏ مع ظهور احتمال النجاسة ٠‏ 


وكان - مع هذا - یدع Lgl‏ من SUL‏ » مخافة من الوقو ۳ , 


3 
وفرقة أخرى حرصت على النوافل ٠‏ ولم يعظم اعتدادها بالفرائض ٠‏ ترى 

أحدهم يفرح بصلاة الضحى © وبصلاة الليل » وأمثال هذه النوافل . 
ولا be‏ للفريضة لذة . ولا يشتد حرصه على المبادرة بها فى أول الوقت › 


~ 


فى اخرام » 


وينسى قوله صلى الله عليه وسلم lad‏ يرويه عن ربه : « ما تقرب المتقربون 
إلى بمثل أداء ما افترضت عليهم  »‏ . وترك الترتيب بين الخيرات من جملة 
الشرور . , 
بل قد يتعين فى الإنسان فرضان : أحدهما يفوت والآخر لا يفوت . 
أو فضلان » أحدهما يضيق وقته , والآخر يتسع وقته ٠‏ فإن لم يحفظ الترتيب 
فيه كان مغروراً . 
ونظائر ذلك أكثر من أن تحصى . Ob‏ المعصية ظاهرة 6 والطاعة ظاهرة › 
وإنما الغامض تقديم بعض الطاعات على بعض . كتقديم الفرائض كلها على 
النوافل © وتقديم فروض الأعيان على فروض الكفاية » وتقديم فرض كفاية 
لا قائم به على ما قام به غيره» وتقديم الأهم من فروض الأعيان على ما دونه 


)1( انظر كتابنا « الرسول والعلم ٠١‏ ص ۲۰ - ۲۳ . طبعة الرسالة ببيروت . 
والصحوة - القاهرة . 


(؟) أخرجه البخارى من حديث أبى هريرة بلفظ  :‏ ما تقرب إلى عبدى ١‏ . 


وتقديم ما يفوت على ما لا يفوت .> وهذا كما يجب تقديم حاجة الوالدة 
oer e‏ ترسوك لله a Ue E‏ 
قال : « أمك » » قال : ثم تمن ؟ قال E‏ 
« أمك » » قال : Gres‏ من ؟ قال : « أباك ٩‏ ء قال : ثم من ؟ قال : ١‏ أدناك 
فأدناك  »‏ » فينبغى أن يبدأ فى الصلة بالأقرب » فإن استويا فبالأحوج © 
ob‏ استويا فبالاتقى والأو رع : 

وكذلك من لا يفى ماله بنفقة الوالدين والحج » » فربما يحج » وهو 
مغرور » بل ينبغى أن يقدم حقهما على الحج » وهذا من تقديم فرض أهم 
على فرض هو دونه . 

وكذلك إذا كان على العبد ميعاد » ودخل وقت الجمعة LLG‏ تفوت » 
والاشتغال بالوفاء بالوعد « حينئذ » معصية » وإن كان هو طاعة فى نفسه . 
وكذلك قد تصيب ثوبه النجاسة » فيغلظ القول على أبؤيه وأهله بسبب 
ذلك » فالنجاسة محذورة » وإيذاؤهما محذور » والحذر من الإيذاء أهم من 
الحذر من النجاسة . 

وأمثلة تقابل المحذورات والطاعات لا تنحصر » ومن ترك الترتيب فى 
جميع ذلك فهو مغرور . وهذا غرور فى غاية الغموض ٠‏ لأن المغرور فيه فى 
طاعة » إلا أنه لا يفطن . لصيرورة الطاعة معصية » حيث ترك بها طاعة 
رعاش ا AO‏ 





)1( أخرجه الترمذى والحاكم وصححه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده . 
وهو فى الصحيحين بلفظ آخر من حديث أبى هريرة . 
(؟) الإحياء : ۳/ ٤٠٤ - ٤٠ ٠‏ ء طبعة دار المعرفة ببيروت . 


YE 


وهذا الذى ذكره الغزالى الفقيه فى غاية الأهمية » وما أحوج sles‏ الصحوة 
الإسلامية إلى فقهه ووعيه » Ulby‏ دعوت منذ مدة شباب الصحوة والجماعات 
الدينية إلى ما سميته « فقه مراتب الأعمال » » وإعطاء كل عمل سعره » 
الشرعى ٠»‏ ومكانه فى سلم المأمورات والمنهيات » ولم أكن قرأت ما كتبه 
الغزالى هنا بهذا العمق والوضوح » وعبر عنه بهذه الكلمة الناصعة : « ترك 
الترتيب بين الخيرات من جملة الشرور » . وسيأتى فى كلامه مزيد 
أمثلة . : 


aie 


© نموذج من إنفاق الأموال فى غير ما هو أولى بها : 
والنموذج الآخر : يتمثل فى بعض أرباب الأموال » والمغترون منهم فرق : 

( ففرقة منهم ) يحرصون على بناء المساجد والمدارس والرباطات والقناطر » 
وما يظهر للناس كافة » ويكتبون أساميهم بالآجر عليها » ليتخلد ذكرهم » 
ويبقى بعد الموت أثرهم » وهم يظنون أنهم قد استحقوا المغفرة بذلك » وقد 
اغتروا فيه من وجهين : 

- ااا : أنهم يبنونها من أموال اكتسبوها من الظلم والنهب والرشا 
والجهات المحظورة » فهم قد تعرضوا لسخط الله فى كسبها » وتعرضوا 
لسخطه فى إنفاقها . وكان الواجب عليهم الامتناع عن كسبها » فإذ قد عصوا 
الله بكسبها فالواجب عليهم التوبة والرجوع إلى الله » وردها إلى ملاكها › 
إما بأعيانها » وإما برد بدلها عند العجز » فإن عجزوا عن اللاك » كان 
الواجب ردها إلى الورثة ٠»‏ فإن لم يبق للمظلوم وارث » فالواجب صرفها 
إلى أهم المصالح » وربا يكون الأهم التفرقة على المساكين » وهم لا يفعلون 
ذلك » خيفة من أن لا يظهر ذلك للناس » فيبنون الأبنية بالاجر » وغرضهم 
من بنائها الرياء » وجلب الثناء > وحرصهم على بقائها › لبقاء أسمائهم 
الكتوبة فيها لإبقاء الخير . 


والوجه الثانى : أنهم يظنون بأنفسهم الإخلاص » وقصد الخير فى الإنفاق 
على الأبنية . ولو كلف واحد منهم أن ينفق ديناراً > ولا يكتب اسمه على 
الموضع الذى Gail‏ عليه ذلك » لم تسمح به نفسه » والله مطلع عليه كتب 
اسمه أو لم يكتب ٠»‏ ولولا أنه يريد به وجه الناس لا وجه الله لما افتقر إلى 
ذلك . 


© اشتغال الأغنياء بالعبادات البدنية : 

وفرقة Gel‏ من أرباب الأموال اشتغلوا بها يحفظون الأموال » ويمسكونها 
بحكم البخل » ثم يشتغلون بالعبادات البدنية التى لا يحتاج فيها إلى نفقة » 
كصيام النهار . وقيام الليل » وختم القرآن » وهم مغرورون . لأن البخل 
المهلك قد استولى على بواطنهم ٠‏ فهو يحتاج إلى قمعه بإخراج SW‏ فقد 
اشتغل بطلب فضائل هو مستغن عنها ! ومثاله مثال من دخل فى ثوبه حية › 
وقد أشرف على الهلاك ¢ وهو مشغول بطبخ السكنجبين ليسكن به الصفراء » 
ومن قتلته الحية متى يحتاج إلى السكنجبين ؟ 

ولذلك قيل لبشر : إن فلاناً الغنى كثير الصوم والصلاة ! فقال : المسكين 
ترك db‏ ودخل فى حال غيره ! وإنما حال هذا إطعام الطعام للجياع » 
والإنفاق على المساكين ١‏ فهذا أفضل له من تجويعه نفسه » ومن صلاته لنفسه › 
من جمعه للدنيا ومنعه للفقراء . 


© إنفاق المال فى حج التطوع : 

وما عاب الغزالى كذلك على المتدينين من أرباب الأموال : أنهم Ley‏ 
يحرصون على إنفاق الال فى الحج » فيحجون مرة بعد أخرى © وربما تركوا 
جيرانهم eke‏ ! 

فلذلك قال ابن مسعود : فى آخر الزمان يكثر الحاج بلا سبب » يهون 


Yea 


عليهم el‏ » ويبسط لهم فى الرزق » ويرجعون محرومين مسلوبين . يهوى 
بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار 3 وجاره مأسور على جنبه لا يواسيه ! 
وكأن ابن مسعود رضى الله عنه ينظر إلى زماننا هذا من وراء الغيب » 
وقال : قد عزمت على الج a aces il‏ : كم أعددت للتفقة ؟ 
فقال : ألفى درهم . 

قال بشر : فأى شئ تبتغى بحجك ؟ fag‏ أو اشتياقاً إلى البيت أو ابتغاء 
مرضاة الله ؟ قال : ابتغاء مرضاة الله . 

قال : ob‏ أصبت مرضة الله تعالى » وأنت فى منزلك وتنفق ألفى درهم © 
وتكون على يقين من مرضاة الله تعالى أتفعل ذلك © 

قال : نعم . 

قال : اذهب فأعطها عشرة أنفس : مديون يقضى دينه » وفقير يرم شعثه › 
ومعيل يغنى CULE‏ ومربى يتيم يفرحه » وإن قوی قلبك تعطيها واحداً فافعل ٠‏ 
فإن إدخالك لزور علي قلب: السام 2 وإغاثة اللَّهغان 2 وكشف الضر 2 
وإعانة الضعيف » أفضل من مائة حجة بعد حجة الإسلام ! قم فأخرجها كما 
أمرناك » وإلا فقل لنا ما فى قلبك ؟ 

فقال : یا آبا نصر سفرى أقوى فى قلبى . 

فتبسم بشر رحمه الله » وأقبل عليه » وقال له : المال إذا جمع من وسخ 
التجارات والشبهات » اقتضت النفس أن تقضى به iby‏ » فأظهرت الأعمال 
الصالحات » وقد آلى الله على نفسه أن لا يقبل إلا عمل المتقين ! AY‏ 


ا a‏ ۲ 
« ربا تقبل AL Be‏ أنت السميع الْعَلِيم © 7" . 
)١(‏ الإاحياء : ٤0۹/۳‏ ء وانظر : كتابنا « الإمام الغزالى بين مادحيه وناقديه ؛ 


. دار الوفاء‎ dade 3 ۹۳ -A\ vu? 
١١۷ : البقرة‎ )۲( 


3 


© علماء آخرون شاركوا فى فقه الأولويات : 
ومن معاصرى الغزالى : العلامة الراغب الأصفهانى ( ت 6507 ه ) وله 
كلمات مشرقة فى فقه الأولويات نقلنا شيا منها فى الاشتغال بالستن عن 
الفرائض» وقوله : من شغله الفرض عن الفضل (النفل) فهو معذور » ومن 
شغله النفل عن الفرض فهو مغرور . 

وبعده نجد الإمام النقّاد أبا الفرج ابن الجوزى ( ت 597 ه ) وله باع طويل 
فى نقد المجتمع وفئاته المختلفة » واختلال الأولويات عندها » وتلبيس الشيطان 
عليهم فى ذلك » وهذا نراه فى كتبه «٠‏ تلبيس إبليس © › و« صيد الخاطر » › 
واذم الهوى » وغيرها . وقد تنبه ابن الجوزى إلى جانب مهم له أثره فى 
الإخلال بالأولويات عند عموم الناس > وهو الأحاديث الواهية والموضوعة › 
فألّف كتابيه الكبيرين : « الموضوعات » » و ١‏ العلل المتناهية فى الأحاديث 
الواهية» . 

و بعده نجد سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام (ت 550 ه ) وله نظر 
ثاقب » وفكر صائب ٠»‏ فى فقه الموارنات »وفقه الأولويات 6 CAE‏ آثاره فى 
abs‏ الأصيل ‏ قواعد الأحكام فى مصالح الأنام ». وقد نقلنا عنه فى الفصل 
الثانى فقرات مضيئة تدل على المقصود . 

* د 

© ابن تيمية وفقه الأولويات : 

ومن أئمة الهدى الذين كان لهم قدم راسخة فى فقه الأولويات - وفقه 
الموازنات - شيخ الإسلام ابن تيمية ( ت VIA‏ ه) ومضى على دربه تلميذه 
المحقق الإمام ابن القيم ( ت ۷١١‏ ه ) رحمهما الله . 

وقد نقلت فى كتابى ١‏ أولويات الحركة الإسلامية ؛ فصلين من كتابات شيخ 
الإسلام» OME‏ فقهه وفكره فى هذا المجال » جعلتهما ملحقين فى آخر الكتاب. 

وللشيخ فى كتبه ورسائله وفتاويه ومواقفه : الكثير الطيب نما يحسن الاستشهاد به 
فيقنع ويشبع © لاتصاله qe‏ الهدى الإلهى > والهدى النبوى . ولكنى 


Yo 


أكتفى هنا بذكر نموذجين من كلام هذا الإمام » ففيهما ما يكفى ويغنى إن شاء 


الله 


2 اختلاف فضل العمل باختلاف الظروف : 

النموذج الأول : كنت ذكرت خلاصته فى كتابى ١‏ الصحوة الإسلامية بين 
الجحود والتطرف © وهو يتعلق باختلاف فضل العمل باختلاف الأحوال 
والملابسات » ومراعاة تأليف القلوب . 

يقول رحمه الله بعد بحث ومناقشة : 

« فالعمل الواحد يكون فعله مستحباً تارة > وتركه تارة » باعتبار ما يترجح 
من مصلحة فعله وتركه » بحسب الأدلة الشرعية » والمسلم قد يترك المستحب إذا 
كان فى abd‏ فساد راجح على مصلحته » كما ترك النبى BE‏ بناء البيت على 
قواعد إبراهيم » وقال لعائشة : « لولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية لنقضت 
الكعبة » ولألصقتها بالأرض ولجعلت لها بابين » DL‏ يدخل الناس منه » وباباً 
يخرجون منه ٠‏ والحديث فى الصحيحين . فترك النبى َيل هذا الأمر الذى كان 
عنده أفضل الأمرين للمعارض الراجح » وهو حدثان عهد قريش بالإسلام لما فى 
ذلك من التنفير لهم » فكانت المفسدة راجحة على المصلحة . 

ولذلك استحب الأئمة أحمد وغيره أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل » إذا كان 
فيه تأليف المأمومين » مثل أن يكون عنده فصل الوتر أفضل » بأن play‏ فى 
الشفع » ثم يصلى ركعة الوتر » وهو يؤم قوما لا يرون إلا وصل الوتر » BB‏ 
لم يمكنه أن يتقدم إلى الأفضل كانت المصلحة الحاصلة بموافقته لهم بوصل الوتر 
أرجح من مصلحة فصله » مع كراهتهم للصلاة خلفه » وكذلك لو كان ثمن يرى 
المخافتة بالبسملة أفضل » أو الجهر بها » وكان المأمومون على خلاف رأيه › 
ففعل المفضول عنده لمصلحة الموافقة والتأليف التى هى راجحة على مصلحة تلك 
الفضيلة كان جائزاً حسناً . 

وكذلك لو فعل خلاف الأفضل لأجل بيان LLM‏ وتعليمها لمن لم يعلمها كان 


Yo) 


Le‏ » مثل أن يجهر بالاستفتاح أو التعوذ أو البسملة ليعرف الناس أن فعل 
ذلك حسن مشروع فى الصلاة » كما ثبت فى الصحيح أن عمر بن الخطاب 
جهر بالاستفتاح > فكان يكبّر ويقول : « سبحانك اللّهم وبحمدك ٠‏ وتبارك 
اسمك » وتعالى جدك » ولا إله غيرك » . قال الأسود بن يزيد ؛ صليت خلف 
عجر IST‏ مزه OIE > BDL Cee‏ بكار oly 6 AUS Uy ob‏ متيل sb‏ 
صحيحه . ولهذا شاع هذا الاستفتاح حتى عمل به أكثر الناس 6 وكذلك كان 
ابن عمر وابن عباس يجهران بالاستعاذة > وكان غير واحد من الصحابة يجهر 
ال ue king‏ اه اوو الذي ett Oa Y‏ بها س ASI,‏ قاذ العام 
الناس أن قراءتها فى الصلاة EL‏ » كما ثبت فى الصحيح أن ابن عباس صلى 
على جنازة فقرأ بأم القرآن toe‏ در قر ذفنق ,ولف لتعلم انان E‏ 
وذلك أن الناس فى صلاة الجنازة على قولين : 

منهم من لا یری فيها قراءة بحال » كما قاله كثير من ALIN‏ . وهو مذهب 
امم ity‏ 

ومنهم من يرى القراءة فيها ستة » كقول الشافعى » وأحمد لحديث ابن عباس 
en‏ 

ثم من هؤلاء من يقول : القراءة فيها واجبة كالصلاة . 

ومنهم من يقول : بل هى سئة مستحبة » ليست واجبة » وهذا أعدل الأقوال 
الثلاثة ؛ CII ob‏ فعلوا هذا » وهذا » وكان كلا الفعلين مشهوراً بينهم › 
كانوا يصلون على الحنازة بقراءة وغير قراءة » كما كانوا يصلون تارة بالجهر 
بالبسملة » وتارة بغير جهر بها » وتارة باستفتاح وتارة بغير استفتاح ٠‏ وتارة برفع 
اليدين فى المواطن الثلاثة » وتارة بغير رفع اليدين » ety‏ نلوك سمو 
وتارة تسليمة واحدة » وتارة يقرأون de‏ الإمام بالسر » وتازة لا. يقرأون » وتارة 
يكبّرون على الجنازة أربعاً » وتارة خمساً » وتارة سبعآ كان فيهم من يفعل هذا 
وفيهم من يفعل هذا . كل هذا ثابت عن الصحابة . 


o 


كما ثبت عنهم أن منهم من كان يرجم فى الأذان » ومنهم من لم يُرجّع فيه. 

ومنهم من كان يوتر الإقامة » ومنهم من كان يشفعها . وكلاهما ثابت عن 
النبى صلى الله عليه وسلم . 

فهذه الأمور وإن كان آحدها آرجح من الآخرء فمن فعل المرجوح فقد فعل 
جائزاً . وقد يكون فعل المرجوح آرجح للمصلحة الراجحة » كما يكون ترك 
الراجح أرجح آحياناً لمصلحة راجحة . 

وهذا واقع فى عامة الأعمال . Ob‏ العمل الذى هو فى جنسه أفضل . قد 
يكون فى مواطن غيره أفضل منه . كما أن جنس الصلاة أفضل من جنس القراءة 
وجنس القراءة آأفضل من جنس الذكر . وجنس الذكر أفضل من جنس الدعاء ١‏ 
لم الفا ae‏ ال رال ی ا BUN‏ و Lea AA‏ نيا 
فى تلك الأوقات 6 وكذلك القراءة فى الركوع والسجود منهى عنها ٠‏ والذكر 
هناك أفضل منها » والدعاء فى آخخر الصلاة بعد التشهد أفضل من الذكرء وقد 
كرد الل التعتول ait‏ يحمت JL‏ الخ ان + Sd‏ عاجرا عن 
الأفضل . أو لكون محبته ورغبته واهتمامه وانتفاعه بالمفضول أكثر ٠١‏ فيكون 
أفضل. فى حقه للا يقترن به من مزيد عمله وحبه وإرادته وانتفاعه؛ كما أن المريض 
ينتفع بالدواء الذى يشتهيه ما لا ينتفع با لا يشتهيه » وإن كان جنس ذلك أفضل . 

ومن هذا الباب صار الذكر لبعض الناس فى بعض الأوقات خيراً من القراءة » 
Sel ally‏ عه gb‏ يعون oye Laat TIN‏ العلا ا AUS‏ وان 
انتفاعه به » لا لأنه فى جنسه أفضل . 

وهذا الباب ١‏ باب تفضيل بعض الأعمال على بعض »© إن لم يعرف فيه 
التفصيل » وأن ذلك قد يتنوع بتنوع الأحوال فى كثير من الأعمال . وإلا وقع 
فيها اضطراب كثير . فإن فى الناس من إذا اعتقد استحباب فعل ورجحانه يحافظ 
عليه ما لا يحافظ على الواجبات » حتى يخرج به الأمر إلى الهوى والتعصب 
والحمية الجاهلية » كما تجده فيمن يختار بعض هذه الأمور فيراها شعاراً لمأهبه . 


Yor 


ومنهم من إذا رأى ترك ذلك هو الأفضل » يحافظ أيضا على هذا الترك أعظم 
من محافظته على ترك المحرمات » حتى يخرج به الأمر إلى اتباع الهوى والحمية 
الجاهلية 3 كما تجله فيمن يرى الترك شعاراً لمذهبه ‘ وأمثال ذلك ¢ وهذا كله 
حطأ . 


والواجب أن يعطى كل ذى Go‏ حقه » ويوسع ما وسعه الله ورسوله ٠‏ ويؤلف 
ما ألف الله بينه ورسوله » ويراعى فى ذلك ما يحبه الله ورسوله من المصالح 
الشرعية » والمقاصد الشرعية » ويعلم أن خير الكلام كلام الله »وخير الهدى 
هدى محمد BE‏ » وأن الله بعثه رحمة للعلمين ٠‏ بعثه بسعادة الدنيا والآخرة » 
فى كل yl‏ من الأمور » وأن يكون مع الإنسان من'التفصيل ما يحفظ به هذا 
الإجمال » وإلا فكثير من الناس يعتقد هذا مجملاً » ويدعه عند التفصيل : 
Sy‏ ». وإما ظلما a‏ وإما انباعا للهوى. ce.‏ فال الله أن يهدينا الصراط 
المستقيم » صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء 
والصالحين oy‏ أولئك رفيقا » OY‏ 

وفى ضوء هذا الفقه كانت فتوى الإمام حسن البنا رحمه الله » حين سأله 
المختلفون فى صلاة التراويح : أتُصلّى عشرين كما فى الحرمين وغيرهما » وهو 
المشهور عن المذاهب الأربعة » أم تصلّى ثمانية » كما يصر على ذلك بعض 
دعاة السلّفية ؟ وكاد fal‏ القرية الذين سألوا الشيخ البنا يقتتلون من أجل هذه 
القضية . 

ols,‏ فقه الشيخ أن التراويح Zoe‏ وأن اتحاد المسلمين فريضة » فكيف نضيع 
فريضة من أجل ستة ؟! وأنهم لو صلَّوا فى بيوتهم دون أن يتعادوا ويتشاجروا » 
لكان خيراً لهم وأقوم . 


ale 
sie 


)1( مجموع فتاوى شيخ الإسلام : ١14-198 / ۲٤‏ 


504 


# تعارض الحسنات والسيئات : 
الإسلامية ؛ تحت عنوان ٠:‏ فصل جامع فى تعارض الحسنات والسيئات » . 
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية من فصل فى تعارض الحسنات والسيئات : 

‘ ل‎ : ee oe J 
ae Es 
وترك‎ ٠ وسيئة لا يمكن التفريق بينهما : بل فعل الحسنة مستلزم لوقوع السيئة‎ 
. السيئة مستلزم لترك الحسنة » فيرجح الأرجح من منفعة الحسنة ومضرة السيئة‎ 

فالأول : كالواجب والمستحب . وكفرض العين » وفرض الكفاية مثل تقديم 
قضاء الدين المطالّب به على صدقة التطوع . 

والثانى : كتقديم نفقة الأهل على نفقة الجهاد الذى لم يتعين » وتقديم نفقة 
الوالدين عليه » كما فى الحديث الصحيح : أى العمل أفضل ؟ قال : ١‏ الصلاة 
على مواقيتها » قلت : ثم أى ؟ قال : ١‏ ثم بر الوالدين » » قلت : ثم أى ؟ 

« ثم الجهاد فى سبيل الله ٠‏ » وتقديم الجهاد على الحج كما فى الكتاب 

والستة > متعين على متعين ومستحب على مستحب » وتقديم قراءة القرآن على 
الذكر إذ استويا فى عمل القلب واللسان » وتقديم الصلاة عليهما إذا شاركتهما 
فى عمل القلب 43 وإلا فقد یتر جح الذكر بالفهم والوجل على القراءة التى 
لاتجاور الحناجر ( وهذا باب واسع 5 

والثالث . SRS‏ م المرأة المهاجرة لسفر الهجرة ة بلا محرم على كانه بدار 
ار كما فحلت ام كلتم الى أنزل الله فيها آية الامتحان : > cell GIG‏ 
آمئوا BY‏ جاءكم المؤمئات مهاجرات Oe goal‏ 


٠١ : الممتحنة‎ )١( 


Too 


وكذلك فى « باب الجهاد » وإن كان قتل من لم يقاتل من النساء والصبيان 
وغيرهم حراماً i‏ > فمتى احتيج إلى قتال قد يعمهم مثل : الرمى بالمنجنيق والتبييت 
بالليل جار ذلك + كنا EH cle‏ فى ضار الطائف ورهيهم Geel‏ 6 
وفى أهل الدار من المشركين يبيتون » وهو هو دفع لفساد الفتنة أيضاً بقتل من لا 
وكذلك « مسألة التترس » التى ذكرها الفقهاء . ob‏ الجهاد هو دفع فتنة 
الكفرء فيحصل فيها من المضرة ما هو دونها » ولهذا اتفق الفقهاء على أنه متى 
لم يمكن دفع الضرر عن المسلمين إلا بما يفضى ( إلى ) قتل أولئك المتترس بهم 
le‏ الله spall Gite oJ oly‏ الك الم يكل إلا عا pts‏ إلى كتلهم فب 
قولان . 

وأما الرابع : فمثل أكل الميتة عند المخمصة › فإن الأكل حسنة واجبة لا يمكن 
إلا بهذه السيئة ومصلحتها راجحة » وعكسه الدواء الخبيث » فإن مضرته راجحة 
Ge‏ ی اننا ا الداع ane‏ ا و ا a gs Yo‏ 
وكذلك شرت" J ely jot‏ 

فتبين أن السيئة تُحتمل فى موضعين : دفع ما هو أسوأ منها » إذا لم تدفع 
إلا بها » وتحصل بما هو أنفع من تركها إذا لم تحصل إلا بها . والحسنة تترك فى 
موضعين : إذا كانت مفوتة لما هو أحسن منها » أو مستلزمة لسيئة تزيد مضرتها 
على منفعة الحسئة . هذا فيما يتعلق بالموازنات الدينية . 

Ul,‏ سقوط الواجب Seal‏ فى الدنيا » وإباحة المحرم لحاجة الدنيا » كسقوط 
الصيام لأجل السفر » وسقوط محظورات الإحرام وأركان الصلاة لأجل المرض. 
فهذا باب آخر يدخل فى سعة الدين ورفع الحرج الذى قد تختلف فيه الشرائع › 
بخلاف OUI‏ الأول of‏ جسه ما لا يكن اختلاف الشرائع فيه وإن اختلفت فى 
أعيانه » بل ذلك ثابت فى العقل » كما يقال : ليس العاقل الذى يعلم الخير من 
الشر » وإنما العاقل الذى يعلم خير الخيرين وشر الشرين » وينشد : 


Yor 


إن اللبيب إذا بدا مسن جسمه مرضان مختلفان داوى الأخطرا 


ولهذا استقر فى عقول الناس أنه عند الجدب يكون نزول المطر لهم رحمة » 
وإن كان يتقوى با ينبته أقوام على ظلمهم » لكن عدمه أشد ضرراً عليهم » 
ويرجحون وجود السلطان مع ظلمه على عدم السلطان ٠‏ كما قال بعض العقلاء: 
ستون سئة من سلطان ظالم خير من ليلة واحدة بلا سلطان . 

ثم السلطان يؤاخذ على ما يفعله من العدوان ويفرط فيه من الحقوق مع 

التمكن .لكن أقول هنا : إذا كان المتولى OULU‏ العام أو بعض فروعه كالإمارة 
والولاية والقضاء ونحو ذلك ¢ إذا كان لا aXe‏ أداء واجباته وترك محرماته › 
ولكن يتعمد ذلك ما لا يفعله غيره قصداً وقدرة » جازت له الولاية » وربا 
وجبت ! وذلك OY‏ الولاية إذا كانت من الواجبات التى يجب تحصيل مصالحها » 
من جهاد العدو » وقسم الفىء ٠‏ وإقامة الحدود » وأمن السبيل 6 كان فعلها 
Lely‏ » فإذا كان ذلك مستلزما لتولية بعض من لا يستحق » وأخذ بعض ما لا 
يحل » وإعطاء بعض من لا ينبغى ولا يمكنه ترك ذلك » صار هذا من باب ما 
لا يتم الواجب أو المستحب إلا به » فيكون واجباً أو مستحبآ إذا كانت مفسدته 
دون مصلحة ذلك الواجب أو المستحب بل لو كانت الولاية غير واجبة وهى 
مشتملة على ظلم » ومن تولاها أقام الظلم حتى تولاها شخص قصده بذلك 
تخفيف الظلم فيها »ودفع أكثره باحتمال أيسره » كان ذلك حسنا مع هذه A‏ 
وكان فعله لما يفعله من السيئة بئية دفع ما هو أشد منها جيداً . 

وهذا باب يختلف باختلاف النيات والمغاصد ٠‏ فمن طلب مله ظالم قادر 

وألزمه ‏ مالا » فتوسط رجل بينهما ليدفع عن المظلوم كثرة الظلم 6 daly‏ منه 
وأعطى الظالم مع اختياره أن لا يظلم » ودفعه ذلك لو أمكن » كان محسنا ؛ 
ولو توسط إعانة للظالم كان مسيئاً . 


) فقه الأولوبات‎ - VV) 


وإنما الغالب فى هذه الأشياء فساد النية والعمل » أما النية فبقصده السلطان 
والال » وأما العمل فبفعل المحرّمات وبترك الواجبات ٠‏ لا لأجل التعارض ولا 
لقصد الأنفع والأصلح . 

ثم الولاية وإن كانت جائزة أو مستحبة أو واجبة » فقد يكون فى حق الرجل 
المعين غيرها أوجب ع أو أحب © فيقدّم حيئثذ خير الخيرين وجوباً تارة» 
واستحباباً أخرى . 


ومن هذا الباب تولى يوسف الصديق على خزائن الأرض » لملك مصر » بل 
ومسألته أن يجعله على خزائن asp espe I‏ كدارا كما كانه E‏ 
ahaa‏ ا زلم فى شك مما جاءكم به 4 


- )\( ل ل ل ل 2 


ay‏ وقال تعالى عنه : يا صاجيى السجن lle‏ متفرقون 
خير أم الله الواحد a “gill‏ ما o Seas‏ دونه إلا اسيا iG Ue gaze‏ 
١‏ ") . ومعلوم أنه مع كفرهم لا بد أن يكون لهم عادة وستة 
فى قبض الأموال وصرفها على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته » ولا 
تكون تلك جارية على EL‏ الأنبياء وعدلهم » ولم يكن يوسف يمكنه أن يفعل 
كل ما يريد وهو ما يراه من دين الله فان القوم لم يستجيبوا له » لکن فعل 
الممكن من العدل والإحسان ونال بالسلطان من إكرام المؤمنين من أهل بيته ما لم 
يكن يمكن أن يناله بدون ذلك ¢ وهذا كله داخل فى قوله تعالى : > (gas‏ الله 
ما استطعتم Og‏ 
فإذا ازدحم واجبان لا يمكن جمعهما فقدّم أوكدهما » لم يكن الآخر فى هذه 
الحال واجباً » ولم يكن تاركه لأجل فعل الأوكد تارك واجب فى الحقيقة . 


(۱) غافر Yh:‏ (۲) یوسف : ۳۹. () التغابن : 1 


YOA 


وكذلك إذا اجتمع محرمان لا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما لم يكن 
فعل الأدنى فى هذه الحال محرماً فى الحقيقة » Oly‏ سمى ذلك ترك واجب » 
وسمى هذا فعل محرم باعتبار الإطلاق لم يضر ٠»‏ ويقال فى مثل هذا : ترك 
الواجب لعذر وفعل pall‏ للمصلحة الراجحة . أو للضرورة ٠‏ أو لدفع ما هو 
اشر 

وهذا باب التعارض باب واسع جدأ > لا سيما فى الأزمنة والأمكنة التى 
نقصت فيها آثار النبوة وخلافة النبوة » فإن هذه المسائل تكثر فيها » وكلما ازداد 
النقص ازدادت هذه المسائل . ووجود ذلك من أسباب الفتنة بين الأمة » فإنه إذا 
اختلطت الحسنات بالسيئات وقع الاشتباه والتلازم » فأقوام قد ينظرون إلى 
الحسنات فيرجحون هذا الجانب وإن تضمن سيئات عظيمة » وأقوام قد ينظرون 
إلى السيئات فيرجحون الجانب الآخر وإن ترك حسنات عظيمة » والمتوسطون 
الذين ينظرون الأمرين . 

فينبغى للعالم أن يتدبر أنواع هذه المسائل » وقد يكون الواجب فى بعضها - 
كما بينته فيما تقدم - العفو عند الأمر والنهى فى بعض الأشياء لا التحليل 
والإسقاط . مثل أن يكون فى أمره بطاعة فعل لمعصية أكبر منها » فيترك الأمر بها 
Lee‏ لوقوع تلك المعصية › مثل أن ترفع مذنباً إلى ذى سلطان ظالم فيعتدى 
عليه فى العقوبة ما يكون أعظم ضرراً من ذنبه » ومثل أن يكون فى نهيه عن 
بعض المنكرات ترك لمعروف هو أعظم منفعة من ترك المنكرات » فيسكت عن 
النهى خوفآ أن يستلزم ترك ما أمر الله به ورسوله مما هو عنده أعظم من مجرد 
ترك ذلك Os‏ 


0۹ 


C\\) 


فقه الأولويات ۴ 
فى دعوات المصلحين فى العصر الحديث 


فقه الأولويات فى دعوات المصلحين 
فى العصر الحديث 


من نظر إلى سير الدعاة والمصلحين فى العصر الحديث » يجد - من 
الناحية العملية - أن كلا منهم عنى بجانب معين فى مجال الدعوة والإصلاح ع 
وقدمه على غيره » ووجه إليه جل فكره وجهده » بناء على ما فهمه من حقائق 
PLY‏ من ناحية » وعلى ما يراه من نقص وقصور فى هذا الجانب فى الحياة 
الإسلامية » وحاجة الأمة إلى إحيائه وإعلائه وتبنيه . 

© الإمام ابن عبد الوهاب : 

فالإمام محمد بن عبد الوهاب فى الجزيرة العربية كانت الأولوية عنده 
للعقيدة » لحماية حمى التوحيد من الشركيات والخرافيات التى لوثت نبعه » 
وكدرت صفاءه » ily‏ فى ذلك كتبه ورسائله » وقام بحملاته الدعوية 


7] ali 
a. 3 


© الزعيم محمد أحمد المهدى : 

والزعيم محمد أحمد المهدى فى السودان كانت الأولوية عنده للجهاد › 
وتربية الاتباع على الخشونة والتجرد » ومقاومة الاستعمار البريطانى وأتباعه . 

2 ue 

© السيد/جمال الدين : 

والسيد جمال الدين الأفغانى كانت الأولوية عنده لإيقاظ الأمة » وتهييجها 
على الاستعمار » Gil‏ يمثل The‏ على دينها ودنياها » وإشعارها بأنها أمة 
واحدة تشترك فى القبلة » وفى العقيدة » وفى التوجه » وفى المصير . وقد 


yur 


تجلى ذلك فى مسيرته وسيرته وفى مجلة « العروة الوثقى » التى كان يصدرها 
هو وتلميذه وصديقه الشيخ محمد عبده . 
© الإمام محمد عبده : 

والإمام محمد عبده » اهتم بتحرير العقل المسلم من أسر التقليد » وربطه 
بالمنابع الإسلامية الصافية » كما قال هو عن نفسه وأهدافه : « وارتفع صوتى 
بالدعوة إلى أمرين عظيمين : الأول تحرير الفكر من قيد التقليد » وفهم الدين 
على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف » والرجوع فى كسب معارفه إلى 
ينابيعها الأولى » واعتباره من ضمن موازين العقل البشرى التى وضعها الله 
لترد من شططه » وتقلل من خلطه وخبطه » لتتم رحمة الله فى حفظ نظام 
العالّم الإنسانى > وأنه على هذا الوجه يعد صديقا للعلم » باعثاً على البحث 
فى أسرار الكون » داعياً إلى احترام الحقائق الثابتة » مطالباً بالتعويل عليها فى 
أدب النفس وإصلاح العمل » كل هذا أعده أمراً واحداً » وقد خالفت فى 
الدعوة إليه رأى الفئتين العظيمتين اللتين يتركب منهما جسم الأمة : طلاب 
علوم الدين ومن على شاكلتهم » وطلاب فنون هذا العصر ومن هو فى 
ناحيتهم - أما الأمر الثانى فهو إصلاح أساليب اللغة العربية . 

وهناك pl‏ آخر كنت من دعاته والناس جميعاً فى عمى عله وبعد عن 
تعقله» ولكنه هو الركن الذى تقوم عليه حياتهم الاجتماعية » وما أصابهم 
الوهن والضعف والذل إلا بخلو مجتمعهم منه » وذلك هو التمييز بين 
ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب » وما للشعب من حق العدالة على 
الحكومة .. أن الحاكم وإن وجبت طاعته هو من البشر الذين يخطئون 
وتغلبهم شهواتهم » وأنه لا يرده عن خطئه ولا يوقف طغيان شهوته إلا نصح 
الأمة له بالقول وبالفعل . جهرنا بهذا القول والاستبداد فى عنفوانه » 


14 


والظلم قابض على صوانه » ويد الظالم من حديد » والناس كلهم عبيد له 
أى عبيد » OY)‏ 


© الإمام حسن البنا : 


والإمام الشهيد حسن البنا عنى - أول ما عنى - بتصحيح فهم الإسلام لدى 
المسلمين » وإعادة ما حذف منه على أيدى المتغربين والعلمانيين » فقد أرادوه 
عقيدة بلا شريعة » وديناً بلا دولة » وحقاً بلا قوة » وسلاما - أو استسلاما - 
بلا جهاد » وأراده هو - كما أراده شارعه - عقيدة وشريعة » وديئاً ودولة » 
Ges‏ وقوة » وسلاماً وجهاداً » ومصحفاً وسيفاً . وبذل جهداً كبيراً ليبين 
للناس : أن السياسة جزء من الإسلام » وأن الحرية فريضة من فرائضه » كما 
وجه عنايته وجهوده لتكوين جيل مسلم جديد ربانى الغاية » إسلامى الوجهة » 
محمدى الأسوة » جيل يفهم الإسلام فهمآ دقيقاً » ويؤمن به إيماناً عميقاً › 
ويترابط عليه ترابطاً وثيقاً » ويعمل به فى نفسه » ثم يعمل ويجاهد لتوجيه 
النهضة إليه » وصبغ الحياة به . وفى سبيل هذه الغاية يريد أن يجمع ولا يفرق ١‏ 
oly‏ يوحد ولا يشتت » ولهذا لا يثير الموضوعات التى من شأنها أن تمزق 
الصف » وتفرق الكلمة » وتقسم الناس شيعا وأحزاباً » وحسبه أن يجتمع 
الناس على الأساسيات والأصول الكلية للإسلام . 

وقد حكى فى مذكراته موقفاً فيه عبرة يدل على وعيه المبكر - وهو فى أول 


lu العشرينات من عمره - بقضية الوحدة وضرورة تجميع أبناء الأمة على‎ ١ 
. العقائد والشرائع والأخلاق » وتجنب الخلافات الفرعية التى لا تنتهى‎ 





)١(‏ محمد رشيد رضا 2 تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبيده & الحزء الأول 
ص VY - ١١‏ » مطبعة المئار » القاهرة سنة ١91١‏ 


11 


فقد كانت هناك زاوية ) مسجد صغير ( يلقى فيها الأستاذ دروسه » وفيها 
يقول : ١‏ كانت هذه الزاوية الثانية هى الزاوية التى بناها الاج مصطفى تقرباً 
إلى الله تبارك وتعالى » وفيها اجتمع هذا النفر من طلاب العلم يتدارسون 
آيات الله والحكمة فى أخوة وصفاء تام . 

ولم Gat‏ وقت طويل حتى ذاع نبأ هذا الدرس » الذى كان يستغرق ما بين 
المغرب والعشاء » وبعده يخرج إلى درس القهاوى حتى قصد إليه كثير من 
الناس ومنهم هواة الخلاف وأحلاس الجدل وبقايا الفتنة الأولى . 

وفى إحدى الليالى شعرت بروح غريبة » روح تحفز وفرقة » ورأيت 
المستمعين قد تيز بعضهم من بعض » حتى فى الأماكن » ولم AST‏ أبدأ حتى 
فوجئت بسؤال : ما رأى الأستاذ فى مسألة التوسل ؟ فقلت له : ١‏ يا أخى ؛ 
أظنك لا تريد of‏ تسألنى عن هذه المسألة وحدها » ولكنك تريد أن تسألنى 
كذلك فى الصلاة والسلام بعد الأذان » وفى قراءة سورة الكهف يوم الجمعة » 
وفى لفظ السيادة للرسول BB‏ فى التشهد » وفى أبوى النبى «RE‏ وأين 
مقرهما ؟ وفى قراءة القرآن وهل يصل ثوابها إلى الميت أو لا يصل ؟ وفى 
هذه الحلقات التى يقيمها أهل الطرق وهل هى معصية أو قربة إلى الله » ؟ 
وأحذت أسرد له مسائل الخلاف جميعاً التى كانت مثار فتنة سابقة وخلاف 
.شديد فيما بينهم » فاستغرب الرجل ٠»‏ وقال : نعم أريد الجواب على هذا 
كله ! : 

فقلت له : يا أخى ؛ إنى لست بعالم » ولكنى رجل مدرس مدنى أحفظ 
بعض الآيات » وبعض الأحاديث النبوية الشريفة وبعض الأحكام الدينية من 
المطالعة فى الكتب » وأتطوع بتدريسها للناس . فإذا حرجت بى عن هذا 
النطاق فقد أحرجتنى » ومن قال لا ool‏ فقد أفتى ٠»‏ فإذا أعجبك ما أقول © 
ورأيت فيه خيراً » فاسمع مشكوراً > وإذا أردت التوسع فى المعرفة » فسل 


17 


غيرى من العلماء والفضلاء المختصين » فهم يستطيعون إفتاءك فيما تريد › 
وأما أنا فهذا مبلغ علمى » ولا يكلف الله Ladi‏ إلا وسعها » فأخذ الرجل بهذا 
اقول "ولع يعد جرا »الث ع بوذا ارتل الا 
وارتاح الحاضرون أو معظمهم إلى هذا التخلص . 

ولكنى لم أرد أن تضيع الفرصة فالتفت إليهم وقلت لهم : ١‏ يا إخوانى ؛ 
أنا أعلم LEE‏ أن هذا الأخ السائل » وأن الكثير من حضراتكم » ما كان يريد 
من وراء هذا السؤال إلا أن يعرف هذا المدرس الجديد من أى حزب هو ؟ أمن 
حزب الشيخ موسى أو من حزب الشيخ عبد السميع ؟! وهذه المعرفة لا تفيدكم 
شيئاً » وقد قضيتم فى جو الفتنة ثمانى سنوات وفيها الكفاية . وهذه المسائل 
اختلف فيها المسلمون مئات السنين ولا زالوا مختلفين والله تبارك وتعالى يرضى 
منا GAL‏ والوحدة ويكره Le‏ الخلاف والفرقة » فأرجو أن تعاهدوا الله أن 
تدعوا هذه الأمور الآن وتجتهدوا فى أن نتعلم أصول الدين وقواعده » ونعمل 
بأخلاقه وفضائله العامة وإرشاداته المجمع عليها » ونؤدى الفرائض والسنن 
وندع التكلف والتعمق » حتى تصفو النفوس ٠»‏ ويكون غرضنا جميعاً معرفة 
الحق لا مجرد الانتصار للرأى » وحينئذ نتدارس هذه الشؤون كلها معأ فى ظل 
الحب والثقة والوحدة والإخلاص › وأرجو أن تتقبلوا منى هذا الرأى ويكون 
عهداً فيما Leg‏ على ذلك » . وقد كان » ولم نخرج من الدرس إلا ونحن 
متعاهدون على أن تكون وجهتنا التعاون وخدمة الإسلام الحنيف › والعمل له 
يدا واحدة » وطرح معانى GLI‏ » واحتفاظ کل aly‏ فيها حتى يقضى الله 
أمراً كان مفعولاً . 

واستمر درس الزاوية بعد ذلك بعيداً عن الحو الخلافى فعلاً بتوفيق الله » 
وتخيرت بعد ذلك فى كل موضوع معنى من معانى الأخوة بين الؤمنين » 
أجعله موضوع الحديث أولا GY‏ الإخاء فى النفوس ٠»‏ كما أختار معنى 
من معانى الخلافیات > التى لم تكن محل جدل بينهم والتى هى موضع 


Yu 


احترام الجميع وتقدير الجميع » أطرقه وأتخذ are‏ مثلاً لتسامح السلّف الصالح 
رضوان الله عليه » ولوجوب التسامح واحترام الآراء الخلافية فيما بيننا . 

وأذكر أننى ضربت لهم مثلاً عمليآ فقلت لهم : أيكم حنفى المذهب ؟ 
فجاءنى أحدهم فقلت : وأيكم شافعى المذهب ؟ فتقدم آخر » فقلت لهم : 
سأصلى LLY‏ بهذين الأخوين فكيف تصنع فى قراءة الفاتحة أيها الحنفى ؟ فقال : 
أسكت ولا أقرأ » فقلت : وأنت أيها الشافعى ما تصنع ؟ فقال : أقرأ ولا بد . 
فقلت : وإذا انتهينا من الصلاة فما رأيك أيها الشافعى فى صلاة أحيك الحنفى ؟ 
فقال : باطلة . لأنه لم يقرأ WI‏ وهى ركن من أركان الصلاة » فقلت : 
وما رأيك أنت أيها الحنفى فى عمل أخيك الشافعى ؟ فقال : لقد أتى بمكروه 
تحريماً » ob‏ قراءة الفاتحة للمأموم مكروهة تحريماً . فقلت : هل ينكر أحدكما 
على الآخر ؟ فقالا : لا » فقلت للمجتمعين : هل تنكرون على أحدهما ؟ 
فقالوا : لا » فقلت : « يا سبحان الله ! يسعكم السكوت فى مثل هذا وهو 
أمر بطلان الصلاة أو صحتها ولا يسعكم أن تتسامحوا مع المصلى إذا قال فى 
التشهد : اللّهم صل على محمد » أو اللَّهم صل على سيدنا محمد » 
وتجعلون من ذلك خلافآ تقوم له الدنيا وتقعد » » وكان لهذا الأسلوب أثره 
فأخذوا يعيدون النظر فى موقف بعضهم من بعض © وعلموا أن دين الله أوسع 
وأيسر من أن يتحكم فيه عقل فرد أو جماعة » وإنما مرد كل شئ إلى الله 
ورسوله وجماعة المسلمين وإمامهم « of‏ كان لهم جماعة وإمام 0 

# #  F#% 

: الإمام المودودى‎ ٠ 

والإمام أبو الأعلى المودودى كانت الأولوية عنده لمحاربة ١‏ الجاهلية ) 
الحديثة » ورد الناس إلى الدين والعبادة بمعناها الشامل » والخضوع ل « حاكمية 
لله ؛ وحده » ورفض حاكمية المخلوقين › أيا كانت منزلتهم أو وظيفتهم › 





)\( مذكرات الدعوة والداعية ص o ٥۸‏ 


TVA 


مفكرين أو قادة سياسيين » وإنشاء ثقافة إسلامية متميزة » ترفض فكر الغرب 
فى المدنية والاقتصاد والسياسة وحياة الفرد والأسرة والمجتمع > وتتخذ منهاجاً 
خاصاً فى الانقلاب أو التغيير » وظهر له فى ذلك كتب ورسائل جمة ء 
عبرت عن فلسفته فى الدعوة إلى الإسلام وتجديده » وقامت جماعته على 


تبنيها ونشرها . 
# # 
© الشهيد سيد قطب : 


والشهيد سيد قطب كانت الأولوية عنده للعقيدة قبل النظام » ولتحقيق 
١‏ حاكمية الله ؛ فى الأرض » وهو ما كرره وأكده غاية التأكيد فى كتبه الأخيرة 
وبخاصة ١‏ الظلال » » وقد زعم بعض الناس أن فكرة ١‏ الحاكمية » فكرة 
مودودية قطبية ! وهذا جهل وغلط » فهذا Lal‏ اتفق عليه الأصوليون وصرّحوا 
به فى مبحث ١‏ الحكم » من علم ١‏ أصول الفقه » : أن الحاكم هو الله » لا حاكم 


كما عنى الشهيد رحمه الله بتصحيح ١‏ التصور الاعتقادى » للإسلام › 
إذ لا Xe‏ أن يصلح عمل ناشئ عن تصور فاسد أو سقيم » فمتى يستقيم 
الظل والعود أعوج ؟ 

ومن ذلك : رفض الجاهلية المعاصرة فى كل مجالاتها : فى العقيدة 
أو الفكر أو السلوك » فى حياة الفرد أو الأسرة أو المجتمع ٠‏ واعتبار كل 
المجتمعات القائمة فى أقطار العالّم - ومنها الأقطار الإسلامية - مجتمعات 
جاهلية » لأنها ترفض حاكمية الله » وهو يعنى الحاكمية التى يرجع إليها فى 





١١5 الأئعام :؛‎ )١( 


تحديد الشرائع والقوانين » ووضع القيم والموازين » أو الضوابط والمفاهيم » 
التى على أساسها تسير الحياة والمجتمع . فكل تحكيم لغير الله فى تلك 
الشؤون إنما هو اغتصاب Gt‏ الله تعالى فى التشريع add‏ 

هذا الأمر الكلى يجب أن يكون له الأولوية على غيره » وأن pis‏ على كل 
الجزئيات والفرعيات التى يتحمس لها بعض الطيبيين من المسلمين » مثل النهى 
عن جزئيات المنكرات » مع الغفلة عن المنكر الأكبر » الذى أسس عليه 
المجتمع . 

وأود أن أنقل هنا نصا من تفسير « الظلال » يعلق به على ما ذكره القرآن 


2 sa) “ 


عن بنى إسرائيل : > كَانُوأ لا يتتاهون عن منکر فعلوه ‘ لبنس ما igs‏ 
bolas‏ 4 2 + يقول رمه الله : 

« إن الجهد الأصيل ٠‏ والتضحيات النبيلة يجب أن تتجه أولا إلى إقامة 
المجتمع الخير .. والمجتمع الخيّر هو الذى يقوم على منهج الله .. قبل أن 
ينصرف الجهد والبذل والتضحية إلى إصلاحات جزئية » شخصية وفردية » 
عن طريق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر . 

إنه لا جدوى من المحاولات الجزئية حين يفسد المجتمع كله » وحين تطغى 
الجاهلية » وحين يقوم المجتمع على غير منهج الله » وحين يتخذ له شريعة غير 
شريعة الله . فينبغى عندئذ fag of‏ المحاولة من الأساس ٠‏ وأن تنبت من 


الجذور » وأن يكون الجهد والجهاد لتقرير سلطان الله فى الأرض .. وحين 
يستقر هذا السلطان يصبح الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر شيئاً يرتكن إلى 
أساس . 

uw 


وهذا يحتاج إلى OK]‏ » وإلى إدراك لحقيقة هذا OY!‏ ومجاله فى نظام 
الحياة . فالإيمان على هذا المستوى هو الذى يجعل الاعتماد كله على الله ¢ 


۷۹ : المائدة‎ )١( 


YV. 


والثقة كلها بنصرته للخير - مهما طال الطريق - واحتساب الأجر عنده » فلا 
ينتظر من ينهض لهذه المهمة جزاء فى هذه الأرض ٠‏ ولا تقديراً من المجتمع 
الضال . ولا نصرة من fal‏ الجاهلية فى أى مكان ! 

إن كل النصوص القرآنية والنبوية التى ورد فيها الأمر بالمعروف والنهى عن 
المتكر كانت تتحدث عن واجب المسلم فى مجتمع مسلم » مجتمع يعترف 
ابتداء بسلطان الله » ويتحاكم إلى شريعته » مهما وجد فيه من طغيان الحكم © 
فى بعض الأحيان » ومن شيوع الإثم فى بعض الأحيان .. وهكذا نجد فى 
قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : « أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام 
جائر » .. فهو ١‏ إمام ؟ ولا يكون LL]‏ حتى Gre‏ ابتداء بسلطان الله ؛ 
وبتحكيم شريعته . فالذى لا Ge‏ شريعة الله لا يقال له : « إمام » إنما 
يقول عنه الله سبحانه : 8 ومن ّم يَحْكُم بما أنرل الله ESE‏ هم 
الْكَافرُونَ * 27 . 

فأما المجتمعات الجاهلية التى لا تتحاكم إلى شريعة الله » فال منكر الأكبر فيها 
والأهم > هو المنكر الذى تنبع منه كل المنكرات .. هو رفض ألوهية الله 
برفض شريعته للحياة .. وهذا المنكر الكبير الأساسى الجذرى هو الذى يجب 
أن يتجه إليه الإنكار » قبل الدخول فى المنكرات الجزئية » التى هى تبع لهذا 
المنكر الأكبر » وفرع عنه » وعرض له .. 

إنه لا جدوى من ضياع الجهد .. جهد الخيرين الصالحين من الناس . 
فی مقاومة المنكرات الجزئية » الناشئة بطبيعتها من المنكر الأول .. منكر الجرأة 
على الله وادعاء خصائص الألوهية » ورفض ألوهية الله » برفض شريعته 
للحياة .. لا جدوى من ضياع الجهد فى مقاومة منكرات هى مقتضيات ذلك 
المنكر الأول وثمراته النكدة بلا جدال . 





٤٤ : المائدة‎ )١( 


YV\ 


على أنه إلام نحاكم الناس فى أمر ما يرتكبونه من منكرات ؟ بأى ميزان 
نزن أعمالهم لنقول لهم : إن هذا منكر فاجتنبوه ؟ أنت تقول : إن هذا منكر » 
فيطلع عليك عشرة من هنا ومن هناك يقولون لك : كلا ! ليس هذا مئكراً . 
لقد كان مفكرأ فى الزمان الخالى ! والدنيا « تتطور » » والمجتمع ١‏ يتقدم ٠‏ » 
وتختلف الاعتبارات ! 

فلا بد إذن من ميزان ثابت نرجع إليه بالأعمال » ولا بد من قيم معترف بها 
نقيس إلبها المعروف والمنكر » فمن أين نستمد هذه القيم ؟ ومن أين نأتى بهذا 
الميزان ؟ 

من تقديرات الناس وعرفهم وأهوائهم وشهواتهم - وهى متقلبة لا تثبت 

فلا بد ابتداء من إقامة الميزان .. ولا بد أن يكون هذا الميزان ثابتاً لا يتأرجح 
مع الأهواء . 

هذا الميزان الثابت هو ميزان الله . 

فماذا إذا كان المجتمع لا يعترف - ابتداء - بسلطان الله ؟ ماذا إذا كان 
لا يتحاكم إلى شريعة الله ؟ بل ماذا إذا كان يسخر ويهزأ ويستنكر وينكل بمن 
يدعوه إلى منهج الله ؟ 

ألا يكون جهداً ضائعا » Bey‏ هارلاً ‏ أن تقوم فى مثل هذا المجتمع لتأمر 
بالمعروف وتنهى عن المنكر » فى جزئيات وجانبيات من شئون الحياة » تختلف 
عليها الموازين والقيم » وتتعارض فيها الآراء والأهواء ؟! 

إنه لا بد من الإتفاق مبدئياً على حكم » وعلى ميزان » وعلى سلطان » 
وعلى جهة يرجع إليها المختلفون فى الآراء والأهواء , 

لا بد من الأمر با معروف الأكبر وهو الاعتراف بسلطان الله ومنهجه للحياة . 
والنهى عن المنكر الأكبر وهو رفض ألوهية الله برفض شريعته للحياة .. وبعد 


۷۲ 


إقامة الأساس يمكن أن يقام البنيان ! فلتوفر الجهود المبعثرة إذن » ولتحشد كلها 
فى جبهة واحدة 4 لإقامة الأساس الذى عليه وحذده يقام البئيان ! 

وإن الإنسان ليرثى أحياناً ويعجب لأناس طيبين » ينفقون جهدهم فى « الأمر 
بالمعروف والنهى عن المنكر » فى الفروع ؛ بينما الأصل GU‏ تقوم عليه حياة 
المجتمع المسلم ‘ ويقوم عليه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ١‏ مقطوع ! 

فما غناء أن تنهى الناس عن أكل الحرام مثلاً فى مجتمع يقوم اقتصاده كله 
على الربا » فيستحيل ماله كله حراماً ؛ ولا يملك فرد فيه أن يأكل من حلال 
.. لأن نظامه الاجتماعى والاقتصادى كله لا يقوم على شريعة الله . لأنه 
ابتداء يرفض ألوهية الله برفض شريعته للحياة ؟! 

وما غناء أن تنهى الناس عن الفسق مثلاً فى مجتمع قانونه لا يعتبر الزنا 
جريمة - إلا فى حالة الإكراه - ولا يعاقب حتى فى حالة ol SW‏ بشريعة الله 
. . لأنه ابتداء يرفض ألوهية الله برفض شريعته للحياة ؟! 
الجمر » ولا يعاقب إلا على حالة السكر البين فى الطريق العام . وحتى هذه 
لا يعاقب فيها بحد Yad » dil‏ يعترف ابتداء بحاكمية اللّه ؟! 
الله » ولا يعبد فيه الله » إنما هو يتخذ أربابآً من دونه » ينزلون له شريعته 
gil‏ 45 ¢ ونظامه وأوضاعه 6 وقيمه وموازينه ¢ والساب والمسبوب كلاهما 
ليس فى دين الله » إنما هما وأهل مجتمعهما Lb‏ فى دين من ينزلون لهم 
الشرائع والقوانين » ويضعون لهم القيم والموازين ؟! 

ما غئاء الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى مثل هذه الأحوال ؟ ما غناء 
النهى عن هذه الكبائر - فضلاً عن أن يكون النهى عن الصغائر - والكبيرة 
الكبرى لا نهى عنها . . كبيرة الكفر بالله » برفض منهجه للحياة ؟! 


( ۱۸ - فقه الأولويات ) YY‏ 


إن الأمر أكبر وأوسع Geely‏ » ما ينفق فيه هؤلاء « الطيبون ٠‏ جهدهم 
وطاقتهم واهتمامهم .. إنه - فى هذه المرحلة - ليس أمر تتبع الفرعيات - 
مهما تكن ضخمة حتى ولو كانت هى حدود الله . فحدود الله تقوم ابتداء 
على الاعتراف بحاكمية الله دون سواه » فإذا لم يصبح هذا الاعتراف حقيقة 
Lily‏ » تتمثل فى اعتبار شريعة الله هى المصدر الوحيد للتشريع » واعتبار 
ربوبية الله وقوامته هى المصدر الوحيد للسلطة .. فكل جهد فى الفروع 
ضائع » وكل محاولة فى الفروع عبث .. والمنكر الأكبر Gol‏ بالجهد 
والمحاولة من سائر المنكرات » ° . 

ا 

: محمد المبارك‎ Swe 

وممن تنبه إلى فقه الأولويات من رجال الإصلاح والتجديد : المفكر 
الإسلامى السورى المعروف الأستاذ محمد مبارك رحمه الله » فقد تحدث عن 
جانب مهم من هذا الأمر حديثا عميقا » فى كتابه « الفكر الإسلامى الحديث 
فى مواجهة الأفكار الغربية » » وهو فى الواقع مجموع أبحاث أو محاضرات 
كتبها أو ألقاها فى مناسبات مختلفة . 

فى هذا الكتاب تحدث عن « ضبط النسب فى الإسلام » » وأنا أنقل 
ما كتبه بنصه لأهميته : 

« وإلى جانب خاصة الوحدة فى نظام الإسلام خاصة أخرى لا تقل عنها 
ti:‏ وهى ضبط النسب بين جوانب الحياة وقيمها » فالمال واللذة والعمل 
والعقل Bally‏ والقوة والعبادة والقرابة والقومية والإنسانية قيم من قيم الحياة › 
والإسلام جعل لكل منها موضعاً فى نظام الحياة ونسبة محدودة لا تتجاورها » 
حتى لا تطغى قيمة على قيمة . 


. طبعة دار الشروق‎ » 90١ - 454 فى ظلال القرآن - تفسير الحزء السادس ص‎ )١( 


Vé 


وإن من التشويه للإسلام تبديل هذه النسب بحيث تزاد عن حدها أو تنقتص 
بالنسبة إلى غيرها » كما حدث فعلاً فى بعض العصور الأخيرة » فإن تغيير 
النسب فى نظام الحياة كتغير النسب فى التصوير الهزلى » الذى يعطى من 
الإنسان المعالم والمشابه » ولكن على وجه هزلى ساخر » وكتغيير النسب فى 
أجزاء الدواء » فقد يؤدى إلى إفساده » party‏ صفاته وخصائصه » وربا 
انقلب إلى dole‏ ضارة أو سامة . 

فلو جعلنا الحياة مئة جزء لوجدنا أن الإسلام خص العبادة منها بأجزاء » 
وكذلك الإنفاق والكسب »> والجهاد » والتمتع بالملذات المشروعة لكل منها 
LS I ala a Gel‏ ناا لوا رركا ا ارح 
العبادة » وانتقصنا من حظ الال كسباً أو إنفاقاً » وغالينا فى الملذات أو 
ألغيناهاء لخرجئا من ذلك بنظام يخالف فى حقيقته وفى روحه نظام الإسلام » 
وأخللنا بالتوازن الذى أقامه بين قيم الحياة وجوانبها . 

فالمسلم الكامل فى بعض العصور الأخيرة هو المنصرف إلى العبادة بمعناها 
الضيق لا يشتغل بسواها » المعتكف فى محرابه لا يبارحه » الملتزم لأذكاره 
وأوراده . إن هذه الصورة لا تشبه مطلقاً الصورة التى كان عليها الرسول 
الكريم صلوات الله عليه وأصحابه المقتدون به » فلئن كانت العبادة جزءاً 
أساسياً فى حياتهم » of‏ الجهاد كان WL‏ لصفحاتهما » الجهاد فى سبيل 
تحرير المجتمع من العقائد الفاسدة » وترسيخ العقائد الصحيحة » وتحريره من 
ظلم الظالمين » واستبداد المستبدين » لحماية المستضعفين » وإقامة العدل بين 
الناس . وكذلك تكون حياة المسلم المنشغل بالجهاد والإصلاح الاجتماعى 
ناقصة مشوهة بالقياس إلى الصورة الإسلامية الكاملة إذا كانت خالية من 
العبادة ضعيفة الصلة BL‏ . 

وقد انتبه فقهاؤنا المتقدمون إلى هذه الفكرة فكرة النسب » فجعلوا ما يطلب 
من المسلم من الفرائض وغيرها متفاوتة فى قوة طلبها » كما جعلوا الممنوعات 


Vo 


ترك المجاهد المرابط فى صف الجهاد OY pha SON‏ 
وشرب الحمر أو أكل لحم الخنزير ¢ مع أن كلا الأمرين حرام : وتشير آيات 
وأحاديث كثيرة إلى هذه الفكرة كقوله تعالى : # أجعلتم سقاية الاج 
Ske,‏ الْمَنْجد الْحَرام كَمَنْ آم بالله GG‏ الآخر ES‏ فى سبيل 
الله » لا BS‏ عند الله 4 219 . وكقول الرسول IE‏ حين سئل ما يعدل 
الجهاد فى سبيل الله ؟ وأعادوا عليه مرتين أو ثلاث وهو يقول : « لا تستطيعونه “ 
ثم قال : « مثل المجاهد فى سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بايات الله 
لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع الجاهد» ‏ . 

وفى الصحاح : قيل : يا رسول الله ؛ أى الناس أفضل ؟ قال : ١‏ مؤمن 
مجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله ۲ » قيل : ثم من ؟ قال : « رجل فى 
GLA oye Gand‏ کے الله gulag‏ ای ow‏ ر 
الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين رنية » ° . فالربا وهو من أنواع 
الظلم المالى أشد حرمة من الزنى . 

ولو حاولنا أن نجمع أمثال هذه الأحاديث التى تقدر القيم بعضها بالنسبة 
إلى بعض لخرجنا منها بنسب رياضية بين قيم الحياة » كقوله عليه الصلاة 
والسلام : « يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة > C0‏ 8 وقوله : 


« فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم » 29 » وقوله : « فقيه واحد 
أشد على الشيطان من آلف عابد ٤‏ ^ . 





)١(‏ يشير الأستاذ إلى ما سماه الحديث Gall‏ عليه : ١‏ التولى يوم الزحف ١‏ وهو من 
السبع الموبقات . (۲) التوبة : Gare (1) ١9‏ عليه . 

Gare (£)‏ عليه . )0( » (5)ء (V)‏ تقدم تخريجها فيما مضى . 

. رواه ابن ماجه والترمذى وقال : هذا غريب لا نعرفه إلا عن الوليد بن مسلم‎ (A) 
وقال ابن الجوزى فى « العلل » : لا يصح » وقال العراقى : إسناده ضعيف > وقال‎ 
. الألبانى : ضعيف » الجامع الصغير : موضوع‎ 


1/1 


رمن هنا يتبين خطأ من يصرفون همهم إلى أمر قد يكون فى ذاته مطلوباً 
أو Ee‏ فى الإسلام » ولكن فى مقابلة أمر أخطر منه بكثير » فالبلاد 
الإسلامية مبتلاة فى هذا العصر بخطرين عظيمين هما : الاستعمار ALY,‏ » 
أى الاستيلاء على الأرض والاستيلاء على العقيدة » أى إتلاف ثرواتها المادية 
والمعنوية وسلبها . ولو تم الاستيلاء على البلاد وتهديم العقيدة واستمر » لما 
أمكن إقامة شعائر الدين » ولا القيام بأوامره » وتطبيق أحكامه . ولذلك فإن 
صرف أذهان الناس إلى قضايا أخرى وجعلها محور النضال الإسلامى إلهاء 
عن أهم القضايا الأساسية التى هى الاستيلاء على البلاد الإسلامية أو السيطرة 
عليها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ٠‏ وتهديم العقيدة الإسلامية بشتى 
الأساليب ٠‏ ونشر الأفكار والمذاهب الإلحادية على اختلاف صورها . فهل 
يجوز فى مثل هذه الحال تقسيم المسلمين إلى من يقولون بأن التراويح ثمانية 
ومن يقولون بأنها عشرون ؟! وإلى القائلين بتكرار الجماعة أو عدمها ؟ 
أو احتدام معركة الع والبدعة فى أمور لا تمس العقيدة ؟! 

آنا لك اقول أن the, yy ode toed Y‏ علا كيل dail‏ إن فب 
التنبيه حينما يكون الأمر ماساً بالعقيدة » ويحسن التنبيه إلى الطريقة الصحيحة 
فى العبادات ؛ oY‏ العبادات توقيفية فلا زيادة ولا نقصان فيها عما أمر به النبى 
صلوات الله عليه أو فعله . ومع ذلك فإذا كان ذلك يحدث فتنة أو يحدث 
خصومة وعداوة بين فئتين من المسلمين وجب ترك ذلك لا يترتب عليه من 
منكر أعظم Wy‏ ينشأ عنه من تقسيم المسلمين إلى فئات متعددة فى ظروف 
وأحوال لا يجوز فيها تفتيت القوى » ولا الاشتغال إلا بالقضايا الأساسية 
Og ss‏ 


)1( الفكر الإسلامى الحديث ص 560 - 54 » طبعة دار الفكر . 


ه الشيخ الغزالى : 

ممن عنى بفقه الأولويات نظراً وفكراً وشرحا : الداعية الكبير الشيخ 
محمد الغزالى حفظه الله ورعاه » فقد أولى هذا الأمر عناية فائقة فى كتبه » 
ولا سيما الأخيرة منها » وذلك لا لمسه وعائاه فى رحلته الدعوية من أناس 
ينتمون إلى الإسلام » وإلى الدعوة » ولكنهم قلبوا شجرة الإسلام » فجعلوا 
جذوعها الأصلية فروعاً خفيفة » وجعلوا فروعها أوراقاً تعبث بها الرياج » فى 
حين جعلوا الأوراق هى الجذوع » التى ينبغى أن يتوجه إليها كلى الفكر › 
وكل الاهتمام » وكل العمل . 

وأكتفى فى هذا المقام ob‏ أنقل نصا عن الشيخ يبين مبلغ فهمه ووعيه بفقه 
الأولويات » وعنايته بترسيخه ٠‏ وإنشاء النظرة الشمولية والمتوازنة للإسلام » 
والتى تعطى كل شئ حقه » وتنزله منزلته . يقول شيخنا سدده الله فى بحثه 
عن أسباب انهيار الحضارة الإسلامية » وتخلف الأمة الإسلامية » بعد أن 
كانت الأمة الأولى » وتحت عنوان ‏ التصوير الجزئى للإسلام » فى كتابه 
« الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر »© : 

« الان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة > هل هذه الشعب مركوم 
بعضها فوق البعض كيفما Gal‏ ؟ هل هى كسلع اشتراها شخص من السوق 
ثم وضعها فى حقيبته كيفما تيسر ؟ لا .. إنها شعب متفاوتة الخطر والقيمة 
ولكل منها وضع عتيد فى الصورة الجامعة لا يعدوه . 

والشبكة التى تكون Cb‏ الإيمان كلها تشبه الخارطة الموضوعة للجهاز 

العامل فى إحدى الوزارات أو إحدى المؤسسات » هناك مديرون » وهناك 
مساعدون » وهناك فعلة » وهناك مراقبون » وبين هذه وتلك علاقات مرسومة 
ونظم إرسال واستقبال وتنفيذ وإنتاج . . 


إن شعب الإيمان التى تعد بالعشرات تشبه السيارة المنطلقة لها هيكل 


YVA 


وإطارات وقيادة ووقود وكوابح ومصابيح وكراسى وغير ذلك ء وكل منها له 
وظيفته وقيمته . 
ومنل wi‏ الثقافة الإسلامية والإيمان أركان ونوافل ‘ وأصول وفروع 3 

والذى يحدث عند بعض الناس أن جزءاً ما من الإسلام يمتد على حساب 
بقية الأجزاء كما تمتد الأورام الخبيئة على حساب بقية الخلايا فيهلك الجسم كله . 

وقد كان الخوارج أول من أصيب بهذا القصور العقلى أو بهذا الخلل الفقهى 
قاتلوا Le‏ أو يتبرأ من التحكيم ¢ وقاتلوا عمر بن عبد العزيز أو يلعن آباءه 
علوك id‏ 

وسيطرة فكرة معينة على الإنسان بحيث تملا فراغه النفسى كله » ولا تدع 
is‏ لمعان أخرى شئ لا يستساغ . 

لقينى رجل من المعروفين بالطيبة وسألنى هل تؤمن بكرامات الشيخ فلان ٠‏ 
قلت : لم أقرأ سيرة هذا الشيخ قال : إليك LES‏ يشرح سيرته .. ثم لقينى 
بعد فترة وسألنى ما رأيك ؟ قلت : نسيت أن أقرأ الكتاب » قال : كيف ؟- 
بانفعال - قلت : الأمر غير مهم .. إذا مت وأنا لا أعرف صاحبك فإن 
الله غير سائلى عنه وعن كراماته » فانطلق يشيع عنى أنى مارق لا أومن 
بالكرامات !! 

وقابلنى آخر يقول : ما رأيك فى الموسيقى ؟ فأجبت : إن كانت عسكرية 
تثير الحماس والتضحية فلا بأس » al,‏ كانت عاطفية تثير النشاط أو الرقة فلا 
بأس .. سانسن ind‏ فانطلق يشيع عنى أنى متحلل 
أسمع الحرام ! 

كلا الشخصين آمن تو دي ال تلمع لوو AAW gla‏ 
والأوضاع إليه وحده . 


وهذا « التورم » الذى يصيب جانباً دينياً معيناً هو السر وراء فقهاء لهم 
فكر ثاقب » وليست لهم قلوب العابدين » ومتصوفين لهم مشاعر ملتاعة » 
وليست لهم عقول الفقهاء : 

وهو السر وراء eee‏ يحفظون النصوص » ولا يضعونها مواضعها ولا 
يجيدون الاستنباط منها . 

وأصحاب رأى يلمحون المصلحة co‏ ولا يحسئون مساندتها بالنص المحفوظ . 

وهو السر وراء حكام يعملون - حسب المواصفات y yall‏ 8 = رعاة 
للجماهير » وباعهم فى تقوى الله قصير » وعامة يعكفون على العبادات 
الفردية » فإذا بلغ الأمر النصح والزجر Vy‏ والنهى والتعرض لغضب 
الحكام لاذوا بالصمت الطويل ! 
الطاعات الواردة > ومع ذلك لا يعون من حكمتها شا »> ولا يستفيدون منها 


وو 


. Ge 

الصلاة تورث النظام والنظافة ¢ وهم فوضى شعثون 
فى أثناء المناسك وبعدها فساة سيئون : 

إن الدعوة الإسلامية تحصد الشوك من أناس قليلى الفقه » كثيرى النشاط » 
ينطلقون بعقولهم الكليلة » فيسيئون ولا يحسنون . 

ماذا يفيده الإسلام من شبان يغشون المجتمعات الأوروبية والأمريكية » 

يلبسون جلاليب بيضاء ¢ ويجلسون على الأرض 3 ليتناولوا الطعام بأيديهم ثم 
يلعقون أطراف أصابعهم » وهذا - فى نظرهم - هدى الرسول فى الأكل » 
والسنة التى يبدءون - من عندها - عرض الإسلام على الغربيين ؟ 

هل هذه آداب الإسلام فى الطعام ؟ 


YA: 


وعندما يرى الأوربيون Dey‏ يبغى الشرب فيتناول الكأس ٠»‏ ثم يقعد - 
وكان واقفآ - ليتبم “coal‏ فى الشرب » فهل هذا المنظر الغريب هو الذى 
يغرى بدخول الإسلام ؟ 

لاذا جسم التوافه على نحو يصد عن سبيل الله » ويبرز الإسلام به وكأنه 
دين دميم الوجه ؟ 

ثم إن الدعوة إلى الإسلام لا يقبل فيها عرض القضايا الخلافية مهما كانت 
مهمة عند أصحابها » والأكل على الأرض أو بالأيدى مسألة عادية وليست 
dole‏ » ومن السماجة عرض الإسلام من خلالها . ووضع النقاب على وجه 
المرأة أمر تناوله SEM‏ والرد » ولا يسوغ بحال تقديمه عند عرض دين الله على 
عباد الله . 

وتدبر هذا الحديث GU‏ رواه البخارى فى أسلوب عرض الرسالة 
الإسلامية كما أحكمه رب العزة » عن يوسف بن ماهك قال : إنى عند 
عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها إذ جاءها عراقى فقال : أى الكفن خير ؟ 
قالت : ويحك ! وما يضرك ؟ قال : يا أم المؤمنين أرينى مصحفك ! قالت : 
لم ؟ قال : لعلى أؤلف القرآن عليه » فإنه يقرأ غير مؤلف . قالت : 
وما يضرك أيه قرأت قبله ؟ إنما نزل أول ما نزل منه : سورة من المفصل فيها 
ذكر الحنة والنار » حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الجلال والحرام » ولو 
نزل أول شئ : لا تشربوا الخمر » لقالوا : لا ندع الخمر أبداً » ولو نزل : 
لاتزنوا › لقالوا : لا ندع الزنا أبداً » لقد نزل بمكة على محمد BB‏ وإنى 
لجارية الب :. #2 بل الساعة موعدهم والساعة LA‏ وم # (21 , 
وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا one‏ قال : فأتحرجت له المصحف 
فأملت عليه ( أى السورة ) . 


"٤١1 : القمر‎ )١( 


YAN 


لكن LUT‏ يشتغلون بالدعوة لا فقه لهم ولا دراية » يسيئون إلى هذا الدين 
ولا يحسنون » وفيهم من THE‏ قصوره بالاستعلاء ولز الآخرين 

وقد تطور هذا القصور فرأيت بين أشباه المتعلمين ناسا يتصورون الإسلام 
يحد من جهاته الأربع بلحية فى وجه الرجل ٠‏ ونقاب على وجه المرأة » 
ورفض للتصوير ولو على ورقة » ورفض للغناء والموسيقى ولو فى مناسبات 
شريفة وبكلمات لطيفة ! 

ENTS Vy spl ني انان‎ E NS 
is i عون‎ | eye atlas ب وال نظا أمنهابيا ذرره الدية‎ Ways 
)1( » محدودة » يعتبر القتال من أجلها قضاء على الإسلام وتمزيقا لأمته‎ 


1 


وهذه الدراسة عن فقه الأولويات : تأصيل وتكميل وتفصيل لا دعا إليه 
هؤلاء المصلحون الأعلام > أرجو أن تسد ثغرة فى الفكر الإسلامى المعاصر . 
والحمد لله Vol‏ وآخراً . 

> لا تواخدنًا إن نّسينًا أو أخطأنا 3 tay‏ نا ولا تحمل Ge‏ إصراً LS‏ 


ce Fle سے‎ 


eh og 5لا‎ ee ee 


(1) من كتاب ١‏ الدعوة الإسلامية ٠‏ ص 1۸ - ۷١‏ (۲) البقرة : 5 


A1 


YAY 


۲۷ 


۲۹ 


۳١ 
¥\ 
٤ 
Ye 
Yo 
۳٢ 


و عام م edene‏ 


nma‏ م ما وداه 6م 


يذ" ول a aa Sar A ee‏ ميو ايز ارهد ان يا 


إخلال المتديئين اليوم بفقه الأولويات و ع أ ب Prey ae ea‏ 
١‏ - ارتباط فقه الأولويات بأنواع أخرى من الفقه 00 


عاقاء د هاعد هد مد مد هام و enc‏ 


mano oO‏ تاعمد مد مام 


sek alee ea Ors وبعض‎ 


Bole‏ فقه الأولويات aaa‏ الموازنات 
الموازنة بين المصالح بعضها وبعض 
الموازنة بين المفاسد أو المضار بعضها 


الموازنة بين المصالح والمفاسد عند التعارض ENTER‏ 


كيف نعرف المصالح والمفاسد ... 


علاقة فقه الأولويات بفقه المقاصد . 


علاقة فقه الأولويات بفقه النصوص 


r4 
00 


ov 


1۲ 
1٤ 
VW 
14 
۷۱ 


رف 


كلا 
A\‏ 
AY‏ 


۸۹ 


۹۲ 
۹٤ 


۹0 


۴ - أولوية الكيف على الكم es‏ ا 
٤‏ - الأولويات .. فى مجال العلم والفكر 5500 
أولوية العلم على العمل A ace os cera‏ 
العلم شرط فى كل عمل wold‏ (سياسى أو عسكرى أو قضائی). 


أولوية الاجتهاد على التقليد 95 12560 
أولوية الدراسة والتخطيط لأمور الدنيا Uae eae‏ 
الأولويات فى الآراء الفقهية ES‏ 
abil ow Ge tl‏ والظي OS OS‏ 
ه - الأولويات . . فى مجال الفتوى والدعوة OEY‏ 
أولوية التخفيف والتيسير على التشديد والتعسير ل 
الاعتراف بالضرورات الطارئة E SS‏ 


تغيير الفتوى بتغير الزمان والمكان eee eee ee‏ 


مراعاة م التدرج a e e‏ م اج فر نود تسردو لاجو امت واه 


YAS 


الأولويات .. فى مجال العمل Wa, esse‏ 
أولوية العمل الدائم على العمل المنقطع Ys es‏ 
أولوية العمل المتعدى النفع على القاصر E Sas‏ 
أولوية العمل الأطول نفعاً والأبقى أثراً N Mec‏ 
أولوية العمل فى زمن ES. SAS GA‏ 
أولوية عمل القلب على عمل الجوارح MY ea‏ 
اختلاف الأفضلء باختلاف الزمان والمكان والحال PIA a E‏ 
أفضل الأعمال الدنيوية MAAS Gee‏ 
أفضل العبادات و E SR‏ 
۷ - الأولويات .. فى مجال المأمورات VINE. Ea‏ 
أولوية الأصول على الفروع Sere ees‏ ا الا 
أولوية الفرائض على السنن والنوافل م WE‏ 
التساهل فى الستن والمستحبات EE rer SA‏ 
the‏ الاشتغال بالسان عن الفرائض DIEM} ase atoute rats E‏ 
كلمات منيرة للإمام الراغب EAS Dee‏ 
أولوية فرض العين على فرض الكفاية WN: Slee‏ 
فروض LUNI‏ تتفاوت EN SSSR‏ 
ازل فرق" di Ge le stall‏ الد NEV. eet ch cette‏ 
أولوية حقوق الجماعة على حقوق الأفراد EO eas‏ 
أولوية الولاء للجماعة والأمة على القبيلة والفرد NERS ai‏ 


YAO 


غرس روح الجماعة فى أفراد الأمة aE‏ 
A‏ ارات فى dle‏ المتهناث n‏ 


كفر الإلحاد والححود N OTE‏ 


التفريق بين الأكبر والأصغر من الكفر والشرك والنفاق . . 
الكفر أكبر وأصغر 0 E E‏ 
كلام الإمام ابن القيم E re eee‏ 
الشرك أكبر وأصغر ولوس سج كط ee‏ اما ف Sie‏ 


موبقة الكبر e E a eT‏ ذو تح ا أل ee nt a‏ 6 اد لو ان لوك ود أن 


YA‘ 


حب الال وال جاه والمنصب NAG: eed a‏ 
صغائر المحرّمات كا 
البدع الاعتقادية والعملية Sect wha Gala‏ اد AO‏ 
الشبهات ones‏ ا ا WAV.‏ 
المكروهات EE LESER‏ 
4 - الأولويات .. فى مجال الإصلاح E eae ee‏ 
تغيير الأنفس قبل تغييز الأنظمة E. aS RE:‏ 
التربية قبل الجهاد E SM ROOD‏ 
لماذا كان للتربية الأولوية ؟ FW GAO‏ 
أولوية المعركة الفكرية N ESR EE‏ 
المعركة الفكرية fols‏ الساحة الإسلامية بخ او E‏ 
التيار الخرافى CASES ees‏ ا 
التيار الحرفى NN AEDS a eels‏ 
تيار الرفض والعنف E AREER‏ 
التيار الوسطى WIS” OLD ED‏ 
واجب تيار الوسطية WS Na‏ 
التطبيق القانونى للشريعة أم التربية والإعلام ؟ NT a‏ 
٠‏ - فقه الأولويات . . فى تراثنا ام واي EE‏ 
السائلون عن قتل المحرم الذباب ! Ot” sabes ehcrnnsee oatees‏ 
الاختلاط عند الفساد أم العزلة ؟ Wk al‏ 
ترك المنهيات fab of‏ الطاعات ؟ 1 E e‏ 
الغنى مع الشكر أم الفقر مع الصبر ؟ EE EEE‏ 


YAV 


51 
yy 
yy 
1Y 
٤ 
10 
YUA 
18 
Yvé 
YVA 
YAY 


الإمام الغزالى وفقه الأولويات OEE Manatees‏ 
نموذج من الإخلال بالترتيب الشرعى للأعمال eee‏ 
نموذج من إنفاق الأموال فى غير ما هو أولى بها Ns‏ 
اشتغال الأغنياء بالعبادات البدنية EES‏ 


إنفاق الال فی حح التطوع APE DSSS PASS‏ 
علماء آخرون شاركوا فى فقه الأولويات : ee ere‏ 


الإمام ابن عبد الوهاب 3 ود اك ووو وه ee‏ 
الزعيم محمد أحمد المهدى و وك nn‏ 
السيد/ جمال الدين الأفغانى OO‏ رما cern ae‏ ار 
الإمام محمد عبده eA SSeS x‏ 
الإمام حسن البنا ا ا ا 00 
الإمام المودودى نزام a‏ اويح لا Aa‏ 
الشهيد سيد قطب ES E vk OB, ahcoan aes‏ 
الأستاذ محمد المبارك cee Tre ree‏ منت كاه ساب ا 


الشيخ الغزالى AS‏ باس ا 


محتويات الكتاب a e‏ لعا ae a‏ ا اين 





Mo / 5١417 : رقم الايداع‎ 
1.5.8.11 : 977 - 225 - 068 - 3 


- قضايا معاصرة على بساط البحث . 

- الاجتهاد قى dy A‏ الإسلامية 

- المنتقى من الترغيب والترهيب 

«جزآن . 

- الصحوة الإسلامية-وهموم الوطن 
العربى والإسلامى .. 

- الفتوى بين الانضباط والتسيب . 

- من أجل صحوة راشدة . 

- الدين فى عصر العلم 5 

- فوائد البنوك هى الربا الخرام : 

- كيف نتعامل مع السنة F‏ 

- الصحوة الإسلامية بين الاختلاف 

- تيسير الفقه . . « فقه الصيام» . 

= لقاءات ومحاورات درل قضايا 
الاسلام والعصر . 

- المدخحل لدراسة السنة الشوية. 

- يوسف الصديق «مسرحي شعرية». 

- قطوف دانية من الكتاب والسنة . 

BLA -‏ العربية الإسلامية بين الأصالة 
والمعاصرة . 

- المسلمون قادمون 9 ديوان شعر 6 7 

- محاضرات الدكتور القرضاوى . 


نتشده . 
- دور القيم والأخلاق فى الاقجصاد 
الإسلامى * 


- السنة مصدر للمعى فة والحضارة . 

- خطب الشيخ القرضاوى (جا) . 

-- دروس فى التفسير 9 تفسير سورة 
الرعد؟ . 

- فى فقه الأولويات « دراسة جديدة 
فى ضوء القرآن والسئة 6 

- الإسلام . . حضارة الغد 


LY -‏ الإسلامية .. حقيقة لاوهم. 


كتب للمؤلف 

# إسلاميات عامة : 

- الخلال والحرام فى الإسلام . 

- الإعان والحياة . 

pated -‏ العامة للإسلام . 

- العبادة فى الإسلام . 

- ثقافة الداعية . 

- فقه الزكاة « جرآن ٩‏ . 

- مذكلة الفقر وكيف عالجها 
الإسلام. 

- بيع المرابحة للآمر بالشراء » كما 
تجريه المصارف الإسلامية 

- غير المسلمين فى المجتمع 
الإسلامى . 

- التربية الإسلامية ومدرسة حسن 
البنا . 

- رسالة الأزهر بين . . الأمس واليوم 
والغد . 

- جيل pall‏ المنشود . 

- ساء مؤمتات . 

- ظاهرة الغلو فى التكفير . 

= الناس والحق . 

- درس النكبة الثانية : لاذا انهزمنا 
وكيف ننتصر ؟ . 

- عالم وطاغبة I‏ مسرحية > 

- مدتحل لدراسة الشريعة الإسلامية. 

- الفقه الإسلامى بين الأصالة 
والتجديد ٠.‏ 

- عوامل السعة والمرونة فى الشريعة 
الإسلامية . 

- الوقت فى حياة المسلم . 

- أين الخلل ؟ 

- الرسول والعلم 

- نفحات ولفحات ١‏ ديوان شعر » . 

- الإسلام والعلمانية وجهآ لوجه 

- فتاوى معاصرة « -جزآن 4 

- شريعة الإسلام ٠.‏ 

- الصحوة الإسلامية بين الححود 
والتطرف . 


& سلسلة نحو وحدة فكرية 
للعاملين للإسلام : 

. شمول الإسلام‎ )١( 

(؟) المرجعية العليا فى الإسلام . . 
للقرآن والسنة . 

(۳) موقف الإسلام من الإلهام 
والكشف والرؤى » ومن التمائم 
والكهانة والرقى . 

at‏ سلسلة حتمية الحل الإسلامى: 

( الحلول المستوردة وكيف جنت 
على أمتنا 

() الحل الإسلامى فريضة وضرورة 

)1( بيئات الحل الإسلامى وشبهات 
العلمانيين والمتغريين 

(4) أولويات BAL‏ الإسلامية فى 
المرحلة القادمة . 

# سلسلة فقه السلوك فى ضوء 
القرآن والسنة « فى الطريق إلى 
الله » 

)1( الحياة الربانية والعلم . 

)1( النية والإخلاص . 

0 التوكل . 

* سلسلة عقائد الإسلام : 

. وجود الله‎ )١( 

(۲) حقيقة التوحيد . 

* سلسلة فى التفسير الموضوعى 
للقرآن الكريم : 

)١(‏ الصبر . . فى القرآن 

)1( العقل والعلم .. فى القرآن 


الكريم 
a‏ سلسلة رسائل ترشيد الصحوة : 
)١(‏ الدين فى عصر العلم . 
0 الاسلام . . رالفن . 
' - النقاب للمرآة .. بين القول ببدعيته 
.. والقول بو جوبه 


؛ - مركز المرأة فى LL‏ الإسلامية 

ه - فتاوى المرأة المسلمة 

“ - جرية الردة .. وعقوية المرتد 
.. مى Of Alle oe‏ والسنئة